تقرير جديد لباحثي الأمن السيبراني يبيّن أدلّة على وجود برامج تجسّس صينية في التطبيقات بلغة الإيغور، يمكنها تتبع موقع وحصاد بيانات تلك الأقلية التي تعيش في الصين وخارجها. ويفيد تقرير شركة الأمن السيبراني “لووكاوت” (Lookout Threat Lab)، بأنّه منذ العام 2018، تمّ اكتشاف إصابة العديد من تطبيقات أندرويد بلغة الإيغور، بسلالتين من برامج التجسّس المرتبطة بمجموعات المتسلّلين الصينية المدعومة من الدولة.
- يقول الباحثون إنّ العديد من التطبيقات قد أصيب بسلسلتين من برامج التجسّس المرتبطة بالصين
- تلك البرامج تشمل قواميس وتطبيقات دينية وخرائط وحتى إصدارات مقرصنة من تطبيق “واتساب”
- يمكّن برنامج التجسس المتسللين من جمع معلومات عن المستخدم وكا ما يقوم به من اتصالات وصور وغير ذلك
ويدّعي باحثو لووكاوت أنّ العديد من التطبيقات قد أصيب بسلسلتين من برامج التجسّس المرتبطة بالصين، وهي تشمل قواميس وتطبيقات دينية وخرائط، وحتّى إصدارات مقرصنة من تطبيق واتساب (WhatsApp) متوفّرة في متاجر الطرف الثالث أو مشتركة على قنوات بلغة الإيغور على تطبيق تليغرام (Telegram). ويمكّن برنامج التجسس المتسلّلين من جمع معلومات عن المستخدم، الموقع، وجهات الاتصال، سجلات المكالمات، الرسائل النصيـة، التقاط الصور وتسجيل المكالمات.
في ذلك السياق، شرح الناشط الإيغوري عبد الوالي أيوب (Abduweli Ayup) لـ”أخبار الآن” تفاصيل تلك التطبيقات وكيف يمكن أن تكشف معلومات شخصية، فقال: “تلك التطبيقات يمكنها أن مكان تواجدك ورقم حسابك المصرفي وأبحاثك على الإنترنت. في الحقيقة يمكنها أن تفصح عن أي معلومة تختص بك مثل أي رحلة تقوم بها وعن حياتك وعادات التسوق لديك والكتب التي تقرأها بالعادة وآرائك السياسية وأي معلومة يمكنهم الحصول عليها عن طريق تلك التطبيقات لأنّه إن كانت هذه الأخيرة موجودة في جهازك المحمول فذلك يعني أنك تعيش مع جاسوس خفيّ يتجسس عليك”.
“لا يمكن للإيغور أن يتفادوا تلك التطبيقات”
وتابع: “يستحيل على الإيغور أن يتفادوا تلك التطبيقات لأن إحداها تتعلق بنظام إدخال البيانات لدى الإيغور مثل أبجدية الإيغور التي تستعملها لتحميل تطبيق معين على هاتفك المحمول والتي تحتاج إليها في حياتك اليومية وتطبيق ثانٍ هو كناية عن تطبيق خاص بالقرآن لترجمة الآيات القرآنية كتابةً وشفهياً. وأيضاً التطبيقات التي تتعلق بتعلّم اللغة العربية ونسخ اللغة الإيغورية وترجمتها وتقديم ترجمة صوتية لها”.
وأوضح أيوب أنّ تلك التطبيقات إختيرت بطريقة حكيمة وفعّالة للغاية لأنّه ما من مواطن إيغوري يمكنه أن يستغني عنها قائلاً: “تلك التطبيقات ترتبط بكل واحد منا وهي مفيدة لكل مواطن إيغوري في الشتات. بالإضافة إلى ذلك إن كنت تمتلك هاتفاً محمولاً، ستحتاج إلى تحميل تطبيق لإرسال الرسائل النصية لأنها تساعدك على كتابة الرسالة باللغة الإيغورية لكن ذلك التطبيق هو فيروس. ثم إن أديت الصلاة 5 مرات، فإنّ وجهة الصلاة والآيات القرآنية وتأويلها وتفسيرها فيروس أيضاً. حتى عندما تقوم بعملية شراء معينة، هناك تطبيق يدعى “بازار” ومعناه “السوق” باللغة الإنجليزية وهو فيروس كذلك ويمكنه مراقبة كل ما تشتريه وتبيعه ونوع الزبائن الذين تتواصل معهم”. وعلّق بالقول: “عندما عرفت كل تلك المعلومات، أصبت بالصدمة لأنها تشمل كل أبعاد حياة الإيغور في الشتات مما يسمح بجمع أي معلومة عن أي مواطن إيغوري في الشتات”.
“يعيش إيغور الخارج محاولات للمراقبة عبر الحدود والإكراه”
لسنوات، شاركت الصين في مراقبة جماعية للإيغور في شينجيانغ، حيث أنشأت منصة مراقبة على مستوى المقاطعة تجمع البيانات الشخصية للإيغور من هواتفهم وتتتبع تحركاتهم من خلال التعرف على الوجه وتمّ فرض عقوبات على العديد من شركات المراقبة والكاميرات الصينية من قبل الولايات المتحدة لتواطؤها المزعوم في انتهاكات حقوق الإنسان.
تحدث الإيغور الذين يعيشون في الخارج عن محاولات للمراقبة عبر الحدود والإكراه من الشرطة الصينية في شينجيانغ. وقال ليو بينغيو، المتحدث باسم السفارة الصينية في واشنطن: “نحن نعارض التخمينات الجامحة والافتراءات الخبيثة ضدّ الصين”، مضيفاً أنّ الدولة تعارض جميع أشكال الهجمات الإلكترونية”. وقال التقرير إنّ نماذج التطبيقات المصابة تعود إلى عام 2018 فصاعداً، وتمّ إكتشاف الغالبية العظمى من التطبيقات المصابة بسلالة واحدة من برامج التجسس في النصف الثاني من ذلك العام”.
وكتب باحثو لوك آوت: “على الرغم من الضغط الدولي المتزايد، من المرجح أن تستمر الجهات الفاعلة في التهديد الصيني التي تعمل نيابة عن الدولة الصينية في توزيع برامج المراقبة التي تستهدف مستخدمي الأجهزة المحمولة الإيغور والمسلمين من خلال منصات الإتصالات بلغة الإيغور”.
وتحدث أيوب عن تجربته الشخصية في تعرضه شخصياً للقرصنة: “لقد تعرض هاتفي المحمول للقرصنة 3 مرات ولم أعرف السبب الحقيقي وراء ما حصل ولكن بعد أن اطلعت على التقرير أدركت ما حصل لهاتفي المحمول 3 مرات أي أنّه منذ العام 2015 عندما استخدمت تلك التطبيقات على هاتفي لأنني كنت أملكها كلها. تعرض هاتفي للقرصنة 3 مرات ولم أعرف لماذا تمّ توقيف بعض أصدقائي في الصين. ثم بعد قراءة ذلك التقرير، علمت السبب وعرفت كيف عرفوا بهم وكيف راقبوهم وكيف اعتقلوا أصدقاء لي لم أتحدث إليهم قط، أصدقاء يعيشون في الصين وتمّ اعتقالهم لأن أرقام هواتفهم مسجلة على هاتفي. وعندما كنت في الصين، قمت بتسجيل أرقامهم على هاتفي وعندما قمت بتحميل تلك التطبيقات، علمت الحكومة بسرعة بهم وقامت باعتقالهم”.
عندما يتمّ تنزيل التطبيقات واستعمالها تبدأ بمهامها
ومن جهته يقول الباحث الإيغوري عبد الشكور عبد الرشيد (Abdul Shakur Abdul Rashid) لـ “أخبار الآن“: “التطبيقات التي تحتوي على تلك الفيروسات متواجدة على الإنترنت أو في متاجر التطبيقات، وعند تنزيل التطبيقات وإستعمالها تقوم بما صُممت للقيام به، مثلاً هناك تطبيق عن كيفية قراءة القرآن ,أو تعلُم اللغة العربية أو عن الراديو أو التطبيق الخاص بالمواقع ونظام تحديد المواقع العالمي، حتى أنّ بعض التطبيقات تساعدك في إدخال لغة الإيغور على نظام الأندرويد الموجود في جوالك الخاص، إذن هناك تطبيقات معقدة جداً، التطبيقات تُنفذ الهدف الذي صُممت لأجله لكن بعض الفيروسات قد أُدخلت على تلك التطبيقات ووفقًا للبحث الذي أجري على لووك أوت فإنّ إكتشافها أمر معقد جداً، كيف تعمل تلك البرمجيات يقومون بإستبدال بعض الملفات في تلك التطبيقات التي تكون قد سبق وأُدخل عليها الفيروسات ويجمعون معلومات عنك من خلال هاتفك المحمول”.
وتابع: “نحتاج الى أسس قضائية لتلك الإنتهاكات كما نحتاج الى محام، وإذا استطاع إيجاد أسس جيدة لإتهام تلك الشركات المتورطة في عمليات القرصنة هذه، وما إذا كانت لديهم مصالح تجارية خارج الصين عندها ربما سنتمكن من إيجاد طريقة لإتخاذ إجراءات قانونية بحق تلك الشركات و تجميد أصولها و مصادرها، أما على الصعيد الدبلوماسي فيجب أن نوضح للمجتمع الدولي ما تقوم به مجموعات القرصنة الصينية من جمع للمعلومات بطريقة غير قانونية وعلاقتها بالدولة الصينية فيما يخص ذلك الموضوع”.
دولة المراقبة
تجدر الإشارة أنّه تمّ توثيق أجهزة المراقبة الجماعية في الصين واستهدافها للإيغور بشكل جيد في السنوات القليلة الماضية وتمّ وضع العديد من شركات المراقبة والكاميرات الصينية على قائمة الكيانات الأمريكية لتواطؤها في انتهاكات حقوق الإنسان. تقدمت بعض تلك الشركات بطلب للحصول على براءات اختراع أو طورت أو خططت لتطوير ميزات تسمح لها باكتشاف أو إعداد التنبيهات عند اكتشاف شخص من الإيغور.
وكتب باحثو لوك آوت: “على الرغم من الضغط الدولي المتزايد، فمن المرجح أن تستمر الجهات الفاعلة في التهديد الصيني التي تعمل نيابة عن الدولة الصينية، في توزيع برامج المراقبة التي تستهدف مستخدمي الأجهزة المحمولة الإيغور والمسلمين، من خلال منصّات الاتصالات بلغة الإيغور”.
شاهدوا أيضاً: ملفات شرطة شينجيانغ.. التسريب الكبير الذي فضح الصين وأحرج الأمم المتحدة