مملكة الكبتاغون في الجنوب السوري.. شبح إيران العابر للحدود
توجت إيران كأول عاصمة لزراعة وتجارة المخدرات في العالم، والسوق الأكبر لتصدير صفقات الموت العابرة للدول، فشكلت المنافذ الحدودية العراقية والسورية بوابتها لغزو البلدان العربية والغربية والأفريقية واغراقها بالمخدرات فتربعت على مملكة “الكبتاغون” المخدر الأكثر رواجاً عالمياً بعد أن حولت سوريا لمزارع زراعة الأفيون والخشخاش وتهريبها إلى الأردن ومصر ولبنان ودول الخليج عبر عناصر حزب الله اللبناني ذراعها النافذة في سوريا ولبنان بحسب مراقبين وخبراء للشأن الداخلي السوري والعراقي.
وخلال حديثه الخاص لأخبار الآن قال “طارق جاسم” الناطق الرسمي للمجلس الوطني لقوى الثورة الاحوازية: “إن إيران استغلت الأزمة السورية ودخول البلاد في حالة الفوضى وتفشي دور الميليشيات و الجهات الأجنبية على الجغرافية السورية فاستخدمت النموذج اللاتيني المعروف في مُثلث الجريمة بين الأرجنتين والبرازيل والباراغواي وطبقت هذا من خلال إخراج منطقة جنوب سوريا من سلطة النظام ونشرت فيه ميليشياتها الطائفية المرتبطة بالعراق لتخلق محور يبدأ من لبنان حيث سيطرة حزب الله مروراً بسوريا وانتهاء بالعراق و بدأت تلك الجماعات إيجاد هذا المحور على الحدود الشمالية الأردنية حيث وجود بيئة خصبة وسهولة السيطرة على السكان الفقراء هناك كونها منطقة صحراوية تسهل عملية التهريب بكل الاتجاهات ومنها إلى الدول الخليجية”.
خارطة مصانع المخدرات
ووفقاً لمدير المرصد السوري لحقوق الإنسان “رامي عبد الرحمن” فإن الميليشيات الإيرانية المتمثلة بحزب الله اللبناني والعراقي والحشد الشعبي العراقي والحرس الثوري الإيراني مستمرة في اغراق المجتمع السوري بأنواع جديدة من المخدرات مستغلة حالة الفوضى والانفلات الأمني الذي يسود مناطق النظام السوري لتروج ماسماه “الكريستال ميث” المعروف بالاتش بوز الإيراني بعد تصنيعه والذي يدخل كمادة أولية إلى سوريا عبر العراق قادماً من إيران بالتعاون مع شبكة من الضباط والمتنفذين لدى السلطة الحاكمة في دمشق.
وفي تفاصيل تصريحه لأخبار الآن كشف مدير المرصد السوري لحقوق الانسان أن سعر الغرام الواحد من “الاتش بوز الإيراني” الذي يعتبر الأخطر بين أنواع المخدرات يباع بعشرين دولاراً.
فيما خلصت دراسة تحليلية لمركز الجسور للدراسات نشرت في بداية العام الجاري وجود 50 مركزاً لإنتاج وتصنيع المخدرات في سوريا تتوزع على امتداد الخارطة السورية منها 13 مصنعاً لإنتاج “الكريستال ميث” و14 معملاً لتصنيع جبوب الكبتاغون، إضافة إلى ٢٣ مركزاً ومزرعة لزراعة “القنب الهندي”.
وقالت الدراسة أن ميليشيات حزب الله تمتلك ثمانية مصانع تتوزع في القلمون الغربي، وقارة ورنكوس وعسال الورد، ودير عطية بريف دمشق.
ومن جانبه أكد “علي العلي” اسم مستعار لضابط منشق من الفرقة الرابعة في الجيش النظامي التابع لدمشق لأخبار الآن صحة ما ورد في الدراسة وقال: “عبر شبكة واسعة من السماسرة والوكلاء المحليين التابعين لأجهزة النظام وخاصة الفرقة الرابعة والأمن العسكري، وبالتعاون مع حزب الله وتحت إدارة الحرس الثوري الإيراني بدأت مصانع المخدرات تلتهم سوريا بعد أزمتها مباشرة خاصة في أرياف دمشق والمحافظات التي تسيطر عليها إيران وصولاً إلى درعا بهدف تحقيق مكاسب اقتصادية وأخرى سياسية من خلال نشرها ميليشيات بالقرب من الحدود الأردنية لتكون على مقربة من إسرائيل، لذا أنشأت قاعدة لها في درعا كما تسعى نشر عناصرها على حدود الجولان السوري في محاولة منها تهريب شحنات المخدرات إلى إسرائيل”.
علي العلي بيّن أن غالبية عمليات القصف الإسرائيلي التي تطال مناطق ومراكز مختلفة في سوريا بعضها عسكرية تهدف بالأساس لتدمير مصانع المخدرات التي تديرها إيران وبالتالي تمنع إسرائيل تسللها لمناطقها إضافة لتدميرها مقرات الأسلحة التابعة للميليشيات الإيرانية والتي وصلت لمطار دمشق الدولي.
مصانع المخدرات في دير الزور والبوكمال
تنتشر مصانع الكبتاغون في محافظات تسيطر عليها إيران في دير الزور والبوكمال والسويداء، وتستغل أرياف البادية السورية وأراضي المهاجرين وأملاك الدولة بزراعتها للحشيش المعروف بالقنب الهندي أو “مخدر الكيف” حسبما أفاد “رامي عبدالرحمن” مدير المرصد السوري الذي أحصى لأخبار الآن مصانع المخدرات في دير الزور , البوكمال وقال: “ثلاثة معامل تقع في أطراف مدينة دير الزور، واحدة منها في منطقة الخانات وأخرى في حي الزهور، ومعمل بالقرب من بحيرة عفرة بحي القصور، ومصنعان أحدهما في شارع بورسعيد قرب كلية الهندسة الكهربائية والميكانيكية والثانية بجانب حديقة المعلمين فيما افتتحت الميلشيات الإيرانية معملين للمخدرات في البوكمال أحدهما يقع في شارع الفيلات والاخر في منطقة الحزام.
السويداء مركز تصنيع وتهريب المخدرات
انتشار المخدرات وترويجها بين الطلبة والشباب بات الهاجس المؤرق لآهالي السويداء وسعيهم وقف زحفها باتجاه مدينتهم وريفها في جبل الدروز، كما يوضح سمير عزام منسق تجمع السوريين العلمانيين الديمقراطيين فرع السويداء وتطرق في حواره الخاص لأخبار الآن إلى محاولات إيران الحثيثة وحزب الله اللبناني بمساندة من النظام جعل السويداء ممراً ومركزاً آمناً لتصنيع وتعليب وتهريب مخدرات كبتاغون إلى الأردن ودول الخليج العربي ومصر وكشف لأخبار الآن أن إيران والنظام السوري شكلوا العام الماضي شبكة من أبناء محافظة السويداء يعملون كعصابات تنفذ عمليات الخطف وسرقة السيارات وتروج للمخدرات ووحدوهم في مجموعة أطلقوا عليها اسم مجموعة الفجر التي يديرها راجي فلحوط السيء السيط وقال: “زودت إيران المدعو فلحوط وبتنسيق مع رئيس المخابرات العامة “كفاح الملحم” بمنشأة لتصنيع وتعليب حبوب الكبتاغون تقع في المربع الأمني في بلدة عتيل 4 كم شمال مدينة السويداء، بعد أن دعمته مادياً وسلحت عناصره، فانتشرت مقرات مجموعته وحواجزهم الثابتة والطيارة في كل أرجاء المحافظة بغطاء من جهاز المخابرات العسكرية التي سمحت للفجر برفع شارات المخابرات العسكرية على حواجزها لفرض هيمنتها الأمنية والعسكرية على أبناء المدينة وريفها وشكلوا مراكز اعتقال و تعذيب ونشطوا على نحو أكبر في أعمال الخطف والقتل والسطو وتشكيل شبكات لبيع المواد المخدرة داخل المحافظة وتهريبها إلى الأردن عبر الحدود البرية المشتركة الممتدة حوالي 100 كم”.
وأشار المسؤول الدرزي أن فصائل حماية السويداء المكونة من أبناء المنطقة اشتبكت مع مجموعة الفجر بمشاركة 3000 عنصر ,وسيطروا على مراكز المجموعة ومقراتها والمربع الأمني لرئيس عصابة الفجر وحطموا مصنع تصنيع المخدرات وحرقوا شحنات الكبتاغون التي كانت معلبة ومجهزة لتهريبها إلى الأردن في أواخر شهر تموز الماضي.
الأردن وحرب الكبتاغون
لم يوقف التقارب الذي حدث بين عمان ودمشق عمليات تهريب شحنات الموت إلى الأردن طوال العام الجاري، فقد رصدت السلطات الأردنية تصاعداً كبيراً في حركة تهريب المخدرات على امتداد حدودها مع سوريا على مسافة 375 كم سواء من إربد شمالاً أو من مركز حدود جابر الذي يقابله معبر نصيب من الطرف السوري.
ووفق رؤية العميد المتقاعد من المخابرات الأردنية ومدير مركز شُرُفات لدراسات وبحوث العولمة والإرهاب الدكتور “سعود الشرفات” تحتاج المملكة الأردنية الهاشمية لحلول جذرية على الصعيدين الأمني والاجتماعي والاقتصادي والثقافي لضبط حدودها ومنع دخول عقاقير الموت إلى أراضيها وتهديد أمنها.
وبين “الشرفات” في حديثه لأخبار الآن أن عمليات التدفق الهائلة للعقاقير القاتلة من أنواع الكريستال والكبتاغون والأفيون، وغيرها وضع الأجهزة الأمنية الأردنية أمام مسؤولية وتحدي كبيرين لتأمين حدودها ومنع تسلل المخدرات إليها ومنها لأوربا ودول الخليج ومصر لاسيما وهي في حالة تأهب مستمرة لصد هجمات الميليشيات الإيرانية التي تشتبك معها على الحدود.
الدكتور سعود تحدث عن أحكام نظام دمشق وحلفائه الإيرانيين وحزب الله قبضتهم الأمنية في سوريا والتي باتت مملكة إنتاج وتصدير المخدرات في العالم وبالتالي جني موارد مالية ضخمة من تجارتها وصلت في عام 2020 إلى 3.46 مليار دولار أمريكي.
وأشار العميد الأردني المتقاعد إلى تورط رموز الحكم في دمشق ومليشيات حزب الله وإيران في ترويج و تجارة المخدرات على المستوى الإقليمي بحسب معلومات حصل عليها من مصادر خاصة.
ونقل الشرفات عن مسؤولين أمنين أردنيين قولهم أن كبار قادات جيش حكومة دمشق متورطون في التعاون مع مهربي المخدرات وتسهيل عبورها للحدود.
وحول إجراءات حكومة بلاده لضبط الحدود قال الدكتور سعود الشرفات أن تساهل الجانب السوري مع شبكات التهريب لازال مستمراً رغم تحذيرات واتهام الملك “عبد الله الثاني” مباشرةُ للنظامين السوري والإيراني الوقوف ورائهما لزعزعة الأمن الداخلي للمملكة ودول الجوار خاصة إسرائيل والسعودية ولبنان، إلا أن ذلك لم يغير شيئاً فاتجهت الأردن إلى تكثيف دورياتها على الحدود وصعدت من لهجتها التحذيرية لدمشق لوقفها وشددت الرقابة على الحدود.
ودعا العميد السابق في المخابرات الأردنية سعود شرفات حكومة الأردن إلى زيادة تعاونها وتنسيقها مع الجانب الأمريكي في ملف حماية الحدود، وتكثيف ضغطها على إيران واختتم حديثه مع أخبار الآن بالقول: “على واشنطن دعم الأردن في محاربة المخدرات عبر تزويدها بالمعدات من مركبات ضخمة ومتطورة وشبكات توزيع كاميرات وأجهزة مراقبة الحدود الصحراوية على مدار الساعة خاصة بعد تطوير مهربي المخدرات لأساليب التهريب واستخدامهم مسيرات دروان “.