التوتر بين إسلام آباد وكابول بسبب جماعة طالبان
- المتحدث باسم وزارة الدفاع الأفغانية يُلقي باللوم على القوات الباكستانية في إطلاق النار والقتال في منطقة سبين بولداك
- رفض كابول التزحزح عن عودة نشطاء جماعة طالبان باكستان سبب في تدهور العلاقات بين إسلام أباد وكابول
من الأمثلة غير المُستقرة على تدهور العلاقات بين أفغانستان وباكستان، هو الصراع الذي تشعله جماعة طالبان والذي يزداد سوءًا حتى الآن.
وإلى ذلك، يتم النظر إلى طالبان على أنها البديل الذي تقوم به وكالة الاستخبارات الباكستانية للسيطرة على أفغانستان، وقد أعطوا باكستان الكثير من “العمق الاستراتيجي”، ومع ذلك، فقد أصبحوا الآن مثالًا رئيسيًا على رد الفعل الاستراتيجي.
وفي الأسبوع الماضي، قُتل 7 مدنيين باكستانيين و9 أفغان في اشتباك حدودي عند معبر سبين بولداك-شامان Spin Boldak-Chaman في إقليم بلوشستان Balochistan بجنوب غرب باكستان، عندما أطلقت القوات الأفغانية قذائف داخل الأراضي الباكستانية، لترد نظيرتها الباكستانية بقذائف الهاون.
ووقع اشتباك آخر في وقت مبكر من يوم 13 نوفمبر / تشرين الثاني قُتل خلاله أحد حرس الحدود الباكستاني وأصيب أكثر من 10 آخرين، مما أدى إلى إغلاق الحدود الباكستانية الأفغانية.
وفي تغريدةٍ له، ألقى المتحدث باسم وزارة الدفاع الأفغانية باللوم على القوات الباكستانية في إطلاق النار والقتال في منطقة سبين بولداك Spin Boldak بأفغانستان، وأردف: “إمارة أفغانستان الإسلامية تعتقد أن الحوار هو أفضل طريقة لحل أي مشكلة وأن الإجراءات السلبية ليست في مصلحة أي من الجانبين.
هذا واستدعت باكستان – في ردة فعل – القائم بالأعمال الأفغاني في إسلام أباد يوم الجمعة، وقدمت احتجاجًا شديدًا على الأحداث الأخيرة لـ “إطلاق نار غير مُبرر عبر الحدود”، من قبلِ قواتِ طالبان الأفغانية في منطقة سبين بولداك-شامان.
الهجوم على السفارة الباكستانية
وفي الـ 2 من ديسمبر الجاري، تعرضت السفارة الباكستانية في كابول لهجوم في محاولة لاغتيال رئيس بعثة السفارة.
وفي الـ 4 من ديسمبر أعلن تنظيم داعش الإرهابي مسؤوليته عن الهجوم، في رسالة نشرتها إحدى قنوات الاتصال التابعة للتنظيم المتشدد عبر تلغرام. وقالت خلاله إن الهجوم الذي كان موجهاً للسفير وحراسه في باحة السفارة، نفذه اثنان من تنظيم داعش باستخدام بنادق قنص.
ما الذي يُسبب الاحتكاك؟
تزعم الأوساط السياسية أن رفض كابول التزحزح عن عودة نشطاء جماعة طالبان باكستان (TTP) الذين يقاتلون القوات الباكستانية عبر الحدود، سبب في أن تصل العلاقات بين إسلام أباد وكابول إلى أدنى مستوياتها على الإطلاق، وفي هذا الصدد أكدوا أن التطورات الجديدة تُسهم في تأزم الوضع أكثر.
لكن تقارير إعلامية تقول إن مقتل أيمن الظواهري في كابول كان بمثابة ضربة كبيرة لجهود طالبان في النأي بنفسها عن القاعدة.
وتزعم طالبان بأن تكون صادقة في كلمتها، لكن شبكة حقاني داخل طالبان تفرض استراتيجيتها، ولا يبدو أن أحدًا بإمكانه إيقافها، وهم يزعمون أن شبكة حقاني هي العائق الرئيسي أمام طالبان لعلاقات طبيعية مع جيرانها وتلقي مساعدات دولية منظمة يحتاجها الشعب الأفغاني بشدة.
وفي تصريحاتٍ خاصة لـ “أخبار الآن”، قال منصور خان محسود المدير التنفيذي لمركز أبحاث المناطق القبلية الخاضعة للإدارة الاتحادية ومقره إسلام آباد (FRC) – وهو مركز أبحاث مستقل -، قال إن طالبان تقاتل المنظمات الإرهابية التي كانت تعارضها على مدى السنوات القليلة الماضية وتشكل تهديدًا لسلطتهم في أفغانستان، مضيفًا: “لكنهم في الغالب لا يتخذون إجراءات ضد تلك الجماعات التي لها تفاعل وثيق مع شبكة حقاني”.
وأكد: “طالبان ومسلحي البلوش وداعش يتسببون حاليًا في أكبر ضررٍ لباكستان، وهم متورطون في هجمات على أفراد الأمن الباكستانيين والمنشآت الرسمية في إقليمي خيبر باختونخوا Khyber Pakhtunkhwa وبلوشستان Baluchistan، واستمرار العمليات الإرهابية لطالبان يزيد الوضع سوءًا بينها وبين باكستان”.
وأضاف خان: “سبب آخر للخلاف هو السياج الذي يبلغ طوله 2640 كيلومترًا (1640 ميلًا) من الحدود المليئة بالثغرات مع أفغانستان.. لم ترغب جماعة طالبان في إقامة سياج على طول الحدود وحاولت عدة مرات هدم السياج الذي أقامته قوات الحدود الباكستانية”.
نهج طالبان مع الإرهابيين
أشارت تقارير إعلامية إلى أن مقتل أيمن الظواهري في كابول كان بمثابة ضربة كبيرة لجهود طالبان في النأي بنفسها عن القاعدة.
ولا يصدق المجتمع الدولي طالبان عندما يقولون إن أفغانستان لم تعد ملاذاً للإرهابيين. وذلك لأن طالبان لم تسمح فقط للمسلحين الأجانب بالاختباء في أفغانستان، بل أعطتهم أيضًا حصانة حتى يتمكنوا من مهاجمة الدول المجاورة من أفغانستان.
مقتل الظواهري
سلط مقتل زعيم القاعدة أيمن الظواهري بواسطة طائرة أمريكية بدون طيار في يوليو من العام الجاري، الضوء على فشل جماعة طالبان في الوفاء باتفاق الدوحة الموقع في وقت سابق في عام 2020.
وتعهدت طالبان بأنها ستوقف “المنظمات أو الأفراد الإرهابيين الأجانب” مثل القاعدة وداعش عن تشكيل تهديدات للولايات المتحدة وحلفائها ودول أخرى”.
ومع ذلك، فإن مقتل أيمن الظواهري في منزل قريب لوزير الداخلية سراج الدين حقاني في حي شيربور الراقي بكابول أظهر مدى قرب طالبان وشبكة حقاني من المنظمات الإرهابية التي حددتها الأمم المتحدة.
وكشف وجود الظواهري في منزل أحد أفراد الأسرة الممتدة من قيادة طالبان عن النوايا الحقيقية لشبكة حقاني.
وردًا على ذلك، صوتت الولايات المتحدة ضد تمديد استثناء من قيود السفر لعمليات صنع السلام لثلاثة عشر عضوا من طالبان في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة في أغسطس من هذا العام.
هذا وأخبر أندرو كوريبكو، المُحلل الجيوسياسي الأمريكي المقيم في موسكو “أخبار الآن”، أن الضربة الأمريكية بطائرة بدون طيار ضد زعيم القاعدة في كابول في أوائل أغسطس كانت على الأرجح بتسهيل من باكستان، وأدى التطور إلى تفاقم معضلتهم الأمنية وساهم في الاشتباكات الحدودية الأخيرة.
وأضاف: “ومع ذلك، فإن TTP هي الآن التهديد الأكثر إلحاحًا للاستقرار الإقليمي، النابع من أفغانستان. وذلك لأن دعم طالبان غير الرسمي يدفع بمعضلتها الأمنية مع باكستان إلى أبعاد أزمة، كما أثبتت الاشتباكات الحدودية الأخيرة و TTP.
وأكد أنه لا يوجد أيضًا إنكار للحسابات الاستراتيجية الميكافيلية المتأصلة في دعم طالبان لتلك المجموعة بسبب مخاوفهم الموثوقة من أن العلاقات الباكستانية المستعادة إلى حد كبير مع الولايات المتحدة ستكون في نهاية المطاف على حسابهم.
ويشعر “القادة الحقيقيون لأفغانستان” بالقلق من أن إسلام أباد ستسمح للولايات المتحدة بالقيام بمزيد من الضربات بطائرات بدون طيار مقابل المساعدة أو طرق أخرى لتخفيف الضغط.
شبكة حقاني
تعتبر شبكة حقاني، التي يُعتقد أنها العقبة الحقيقية في تطبيع علاقات طالبان مع المجتمع الدولي، أكثر الجماعات المتمردة خطورة وتقدمًا من الناحية التكنولوجية في أفغانستان، وقد استهدفت القوات الأمريكية وقوات التحالف والقوات الأفغانية.
وتم تشكيل الشبكة من قبل جلال الدين حقاني Jalaluddin Haqqani، – أحد أمراء الحرب الأفغان البارزين – وقائد المتمردين خلال الحرب ضد السوفييت.
وتُعد تلك الجماعة هي الأكثر رعبًا، حيث تمتلك أصولًا هائلة في باكستان وأفغاننستان. وكان جلال الدين عضوًا في فصيل الحزب المتطرف تحت قيادة قائد المجاهدين المعروف يونس خالص.
وخلال الحرب الأفغانية في الثمانينيات، عُرف عنه أنه أحد أقرب مستشاري أسامة بن لادن وصديق مقرب.
وعندما حكمت طالبان أفغانستان في أواسط وأواخر التسعينيات، انضم جلال الدين معهم في النهاية وشغل منصب وزير شؤون القبائل والحدود.
وخلال هجوم استمر يومًا كاملاً في كابول في سبتمبر من العام 2011، طاردت عائلة حقاني السفارة الأمريكية ومقر إيساف والقصر الرئاسي الأفغاني ومقر مديرية الأمن الوطنية الأفغانية.
وبعد وفاة جلال الدين حقاني، بات سراج الدين حقاني يشرف على العمليات اليومية للتنظيم.