مرفأ بيروت عاد إلى الواجهة في الذكر الثانية على إنفجاره والشكوك تزداد
في الذكرى الثانية لانفجار مرفأ بيروت، أي في الرابع من أغسطس العام 2022، انهارت أقسام من صوامع القمح الشهيرة في المرفأ، والتي كانت بدورها قد حمت أجزاء واسعة من العاصمة اللبنانية يوم انفجرت نيترات الأمونيوم التي كانت موجودة في أحد عنابر المرفأ.
عدادَّ الضحايا الذي تخطى عتبة الـ200 مازال يرتفع إلى اليوم، وقد خلأّف الانفجار وراءه آلاف الجرحى، وبقي جزء من صوامع القمح ليكون الشاهد على ثالت أكبر انفجار غير نووي في العالم.
انهيار 4 من صوامع حبوب القمح في الذكرى الثانية على الانفجار لم يمر مرور الكرام، بل حمل العديد من التساؤلات ليس فقط بسبب التوقيت أو لأن صومعتين انهارتا قبل بضعة أيّام من الذكرى بفعل حريق استمر لـ3 أسابيع، ولكن أيضاً بسبب مجريات التحقيق العدلي الذي يُعرقل في لبنان بفعل التجاذبات السياسية. فهل سقطت إهراءات مرفأ بيروت أم أُسقطت؟
هل سقطت إهراءات مرفأ بيروت أم أُسقطت؟
يقول أحد موظفي إهراءات مرفأ بيروت المتقاعدين، إبراهيم صليبي الذي عمل في الاهراءات منذ ثمانينيّات القرن المنصرم، في حديث لـ”أخبارالآن“، إنّه “في العادة يتواجد على سطح إهراءات مرفأ بيروت قاعدة مضادة للطائرات، كما يوجد في كل دول العالم على سطوح الإهراءات، لذلك أقول إنْ أردتم تجويع شعب دمّروا إهراءات القمح لديه”.
الناشط البيئي بول أبي راشد كشف بدوره لـ”أخبار الآن” أنّه “في شهر يناير من العام 2021 وُقّع عقد بين الدولة الفرنسية وشركة تُدعى Russi Group لدراسة محتويات مكان الإنفجار، وكانت قيمة العقد تبلغ 800 ألف يورو. وبحسب أبي راشد، وبعدما درست الشركة الوضع، كان هناك عقد جديد لمعالجة 30 ألف طن من الحبوب، وفي أيلول 2021 صرح مسؤول عن شركة Russi Group أنَّهم سحبوا 30 ألف طن من الإهراءات. ليسأل أبو راشد في السياق: “كيف حصل كلّ ذلك ومن ثمّ أتت النيران والإنهيارات؟”
“أخبار الآن” توجّهت إلى وزير الإقتصاد والتجارة في حكومة تصريف الأعمال اللبنانية أمين سلام، للسؤال عن تلك التفاصيل التي تثير الريبة وتجعل من الشخص يتأكد أنَّ ثمَّة محاولات لطمس الحقيقة”. وقد قال: “لم نصل إلى نتيجة لاستخراج الحبوب من الصوامع الجنوبية التي مازالت صامدة، وأنا قلت بداية أنَّه يجب إبقاء جزء من الإهراءات كمعلم لكن كان هناك قرار لهدم الإهراءات قبل هبوط الجزء الشمالي علماً أنّني طلبت التريّث في ذلك القرار احتراماً لمشاعر أهالي الشهداء”. وأضاف: “من وزارتي مات 9 أشخاص بسبب الانفجار”.
وأضاف سلام: “تسلّمنا كتاباً من وزير العدل موقّعاً من المحقق العدلي، يقول فيه إنَّه لا داعي لإبقاء الإهراءات لأنَّنا أصبحنا في مرحلة متقدمة من التحقيق، وبالتالي الشق القانوني موجود، أمّا في الشق الفني، يقول الفنيون إنَّ الإهراءات كانت آيلة للسقوط في شباط 2022، والدليل أنَّ الاهراءات عادت وسقطت بالتالي الركنين تحققا، وبالتالي أوصينا مجلس الوزراء بهدم الاهراءات وقد تمّ أخذ القرار من مجلس الوزراء بالهدم وإقامة نصب تذكاري”.
كلام سلام ذلك لم يمنع الأهالي من انتقاد إدارة الحكومة اللبنانية للملف، وقد قال إيلي حصروتي لـ”أخبار الآن” وهو أحد أهالي ضحايا المرفأ، إنّ كلّ الأبحاث وتصريحات أهل الاختصاص تؤكّد أنَّ الدولة اللبنانية كانت قادرة على حماية الإهراءات، والإمعان بعدم أخذ تلك الخطوات يحمّلها المسؤولية، فهي قد أقدمت على ذلك عن سابق تصوّر وتصميم”.
الباحث والخبير الاقتصادي محمود جباعي، قال في سياق مُتصل لـ”أخبار الآن“: “يكفي أن نقول إنَّ مرفأ بيروت كانت يرتبط تجارياً مع 100مرفأ حول العالم، وكان صلة وصل بين الشرق والغرب، ومن الواضح أنَّ الحكومة اللبنانية أرادت القضاء على ما تبقّى من القمح والاهراءات لكنّ السؤال الأبرز: ما الخطة الموضوعة من قبل الحكومة لتنطلق الحكومة بإعادة إعمار المرفأ وإنشاء إهراءات جديدة لتأمين كميات من القمح”؟
قاضي التحقيق في انفجار المرفأ طارق البيطار قد جُمّد عمله بسبب الاتهامات التي طالته من قبل حزب الله، وهو كان قد تعرّض لتهديد من قبل وفيق صفا أحد كبار مسؤولي حزب الله خلال قيامه بعمله واستدعائه للسياسيين في معرض التحقيق.
وفي السياق يقول ويليام نون: “نحن نتهم حزب الله بعرقلة التحقيق لأنَّ ذلك ليس سرّاً، فنصرالله نفسه يقول ذلك في مقابلاته ويشرح أنَّه يتهم التحقيق العدلي بكونه مُسيَّس وموجه”. ويضيف: “نتهم حزب الله بالتعرض للتحقيق، وبحسب معلوماتنا فإنّ نيترات الأمونيوم كانت تذهب لحليفه النظام السوري، لذلك هو لا يريد للتحقيق أن يستمر، وطريقة تعاطي حزب الله مع التحقيق توحي لنا أنَّ له علاقة بالانفجار”.
وتوجهت “أخبار الآن” إلى وزير الأشغال علي حمية، الذي أسماه حزب الله لتولي تلك الوزارة والمُتهم من قبل ويليام نون بالتعامل الفوقي مع أهالي الضحايا، فقال: “نحن عقدنا العزم على إعادة الإعمار في منطقة الانفجار، وثمّة مساحة خاصة محجوزة لتأسيس مبنى الإهراءات تبلغ 25 ألف مترا مربعا”.
ورفض حمية الاتهامات التي طالته، معتبراً أنَّ الحكومة أخذت القرار الصحيح بعيداً من السياسة. بدوره أشار وزير الإقتصاد أنَّ الحكومة سوف تبني إهراءات في 3 مواقع مختلفة. في بيروت وطرابلس والبقاع اللبناني، معتبراً أنّ تلك هي استراتيجيتها.
وتبقى الشكوك قائمة حول سقوط الإهراءات والحماسة المفرطة من قبل الحكومة اللبنانية لقلب مسرح الجريمة.