خالد باطرفي يواصل استعطافه للقبائل اليمنية
جاء اعتراف زعيم القاعدة في اليمن خالد باطرفي، بصعوبة موقف التنظيم خلال الإصدار الأخير للتنظيم قبل أيام ليلقي الضوء على أزمة التنظيم في الجنوب الذي يقاتل “بأقل الإمكانيات” على حد تعبير باطرفي في أول ظهور له منذ أكثر من عام، حيث هاجم المجلس الرئاسي وقوات التحالف العربي وقوات المجلس الانتقالي الجنوبي، بعد الهزائم المدوية التي تلقاها على أيدي هذه القوات والتي حاول مواجهتها عبر حملة أسماها “سهام الحق”، والتمس باطرفي دعم حملته ومناصرتها من السكان المحليين خلال أزمته الراهنة.
ورغم انتقاد باطرفي للحوثي لأنه لم يهاجم المصالح الأمريكية والإسرائيلية على عكس شعاراته المعادية لهما، فإن القاعدة أيضًا لم تشن أي هجمات على الحوثيين في محافظة البيضاء منذ أكثر من عام مضى رغم شعاراتها المعادية لهم.
عصر الانشقاق.. الجزء الأول
وعقب أيام من ظهور باطرفي، بث التنظيم عبر ذراعه الدعائي “الملاحم” إصداراً مرئياً يظهر فيه أحد عناصره في المياه متوعداً الولايات المتحدة، في تطور يعكس إصرار التنظيم على اتباع منهج قتال العدو البعيد على حساب العدو الحوثي القريب، وسط أزمة مالية خانقة يمر بها التنظيم انعكست سلبا على تماسكه الداخلي وفاعليته العملياتية.
ويؤكد عاصم الصبري، مراسل أخبار الآن في اليمن، أن استيلاء التنظيم على البنوك اليمنية في مدينة المكلا عام 2015 خلق حالة من التراخي والفساد بين قيادات وعناصر القاعدة بسبب الرخاء المالي الذي أفسد التنظيم مما أثار انتقادات المرجعيات الأيديولوجية والشرعية في التنظيم، بينما أدى حرمان الكثيرين لاحقًا من أي مخصصات مالية إلى إثارة غضبهم ونقمتهم ورفضهم القيام بعمليات جديدة، وبالتالي حاول باطرفي الحصول على الأموال بأي طريقة سواء من خلال خطف الرهائن أو عرض خدماته وتحويل أتباعه إلى مرتزقة.
وأشار الصبري إلى أن انحسار تنظيم القاعدة في جنوب اليمن في عدة مناطق يؤكد أن إصرار القيادة العامة للتنظيم في اليمن على تبني سياسة شرعية جديدة لا تضع بعين الاعتبار موقف المجتمعات التي تقبلت التنظيم، ووفرت له حواضن آمنة له، فشل فشلاً ذريعاً؛ فما قام به التنظيم في العام المنصرم، من عمليات اختطاف لموظفي الأمم المتحدة ومهاجمة قوات الجيش والأمن التي ينتمي أفرادها إلى تلك القبائل التي قدمت الكثير للقاعدة، أدى إلى عزوف الشباب عن النفير إلى القاعدة، كما أن علاقة التنظيم بالقبائل تدهورت بشكل كبير، فلأول مرة تفشل قيادة القاعدة في اليمن في الحفاظ على علاقتها مع القبائل، وهذا ما ترجم على الأرض من خلال دعم القبائل للقوات المشتركة في عملياتها ضد التنظيم في شبوة وأبين.
وتابع الصبري أن قادة التنظيم لم يدركوا ذلك إلا في الوقت الضائع، وما إصدارات التنظيم المتتالية، والتي وجهت للقبائل اليمنية، إلا محاولة لإصلاح الأخطاء، متسائلا: فهل تصلح الخطابات والبيانات ما أفشلته العمليات التي على الأرض؟ لا أعتقد ذلك، ويبدو أن عام 2023 سيكون الأشد قسوة على القاعدة عسكرياً والأكثر خطورة على مستقبله تنظيمياً في جنوب اليمن.
سهام الحق وسهام الباطل
وكان تنظيم القاعدة في اليمن قد أعلن في سبتمبر الماضي إطلاق حملة “سهام الحق” لقتال القوات الجنوبية التابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي وقوات التحالف العربي لدعم الشرعية في المحافظات المحررة كأبين وشبوة وحضرموت والمهرة، ونشر التنظيم نشيدًا جديدًا اسمه “قم للنفير” يحمل تحريضًا لقتال القوات الجنوبية في أبين، وحث أنصاره على القتال بعد الهزائم التي تعرض لها على يد حملة “سهام الشرق” التي أطلقتها القوات اليمنية لتطهير محافظات الجنوب من الإرهاب، وفي يناير الجاري أعلنت قوات الحزام الأمني إطلاق المرحلة الثانية من عملية “سهام الشرق” في محافظة أبين لاستكمال تأمين المحافظة وحمايتها من القاعدة.
ويواجه التنظيم ورطة كبيرة بعد خسارة حواضنه الشعبية وفقدان أهم معاقله في جنوب البلاد، وانفضاض الأتباع عنه بعد ما سببته قيادة خالد باطرفي من كوارث اتضح بعدها لقطاع كبير من عناصر التنظيم عبثية المشهد وضياع البوصلة سواء لدى تنظيم القاعدة المركزي الذي يواجه فراغًا في القيادة، أو لدى فرع تنظيم القاعدة في جزيرة العرب الذي يتزعمه باطرفي.
ويؤكد أحمد سلطان، الباحث فى شؤون الحركات الإسلامية والإرهاب، أن القاعدة ركزت على تجنيد الجنوبيين في صفوفها؛ فبالرغم من أن التنظيم يضم شماليين وجنوبيين لكن خلال السنوات الماضية حدث انزياح تجاه الجنوب نتيجة وجود ما تبقى من معاقل التنظيم في محافظات الجنوب، ومحاولة التنظيم تعزيز وجوده في تلك المناطق عن طريق استقطاب المقاتلين الجنوبيين.
وتابع سلطان أنه في ظل قتال القوات الجنوبية ضد جماعة الحوثي والتركيز على الصراع الدائر داخل اليمن، كان خالد باطرفي يتبنى استراتيجية الجهاد العالمي أو الجهاد المعولم، ويركز على استهداف الولايات المتحدة الأمريكية وما إلى ذلك تنفيذا لاستراتيجية تنظيم القاعدة المركزي وبالتالي أصبح تصور باطرفي للمعركة منصبًا على خارج اليمن بينما ركز الجنوبيون على الداخل ووقعت خلافات داخل التنظيم على تبني هذه الاستراتيجية ما بين مؤيد لقتال العدو القريب أي الحوثي، وما بين مؤيد لقتال العدو البعيد أي الأمريكان وحلفائهم، وحسم خالد باطرفي هذا الأمر بالتركيز على العدو البعيد رغم أن التنظيم على أرض الواقع يتلقى ضربات من أعدائه القريبين سواء كانت القوات الجنوبية أو الحوثيين، فبالتالي أدرك عناصر القاعدة الجنوبيون أن استراتيجية القاعدة بشكل عام وتوجه باطرفي بشكل خاص لا يخدم القضية اليمنية وإنما يركز على خدمة مصالح التنظيم المركزي وهذا أثار الخلافات داخل القاعدة.
ولاءات باطرفي السرية
شكّلت ولاءات باطرفي الحقيقية لغزًا حقيقيًا ليس بالنسبة لعموم اليمنيين فحسب بل حتى لأتباع التنظيم وقادته الذين وجدوا أنفسهم عاجزين عن فهم ما يحدث، فالخطاب الدعائي القاعدي يهاجم الحوثي والشيعة لكن الحقائق الميدانية تقول عكس ذلك، ووجد الجنوبيون أنفسهم غرباء عن هذا التنظيم الذي يسيطر عليه باطرفي وإبراهيم البنا وكلاهما جاء من خارج البلاد، لكنهم تمكنوا من كسب ولاء القبائل وتجنيد أبنائها في معركة هم الخاسرين فيها أيًا كانت نتيجتها، فلا يقاتلون فيها إلا عناصر الجيش اليمني إخوانهم في الدم والعقيدة، وفي نفس الوقت يفسحون الطرق أمام ميليشيات الحوثي الشيعية التي كانوا يهاجمونها كلاميًا ليل نهار دون أن يُترجم ذلك إلى فعل حقيقي.
فالتركيبة السكانية في الجنوب ترفض الحوثي بحكم كون غالبية السكان من أهل السنة الشوافع؛ فلجأت الميليشيات الإيرانية لاختراق المجتمع عن طريق تنظيم القاعدة واتخاذ وجودها ذريعة للدخول إلى بعض المناطق بحجة محاربة الإرهاب، وسُقط في أيدي أبناء الجنوب حين وجدوا أنفسهم يواجهون عدوين في آن واحد هما الحوثي والقاعدة؛ فقد جندت القاعدة الكثير من أبنائهم لمحاربة الحوثي لكنها لم تفعل بل العكس هو ما كان يحدث تماما حين كانت تحين ساعة المواجهة فيظهر الطابور الخامس على حقيقته.
وتعد قصة قرية الخثلة الفقراء بمأرب مثالا صارخًا على ذلك؛ فمع اندلاع المواجهات العسكرية بين الجيش اليمني وجماعة الحوثي في مديرية الجوبة في بداية 2020، ظل عناصر القاعدة في بيوتهم ولم يواجهوا الحوثيين، ومع سيطرة الحوثي على المديرية خرج أتباع القاعدة وواجهوا الجيش! ثم تم تسليم قرية الخثلة وعددٍ من القرى المجاورة لها في مديرية الجوبة، لجماعة الحوثي دون أي مواجهات، ما يشير إلى وجود تنسيق بين تنظيم القاعدة وجماعة الحوثي.
وكانت ميليشيات الحوثي أعلنت عن معلومات بشأن وجود تنظيم القاعدة في مأرب، ونشروا معلومات عن بعض عناصره مثل منصر مبخوت الفقير الذي ورد اسمه في تقرير للحوثيين في أكتوبر 2021، ذكر أنه كان يستضيف قيادات القاعدة وعلى رأسهم باطرفي في منزله، وتم استهداف المنزل وقتل الفقير بعد ذلك، إلا أن هذه الواقعة تركت عددا من علامات الاستفهام؛ فإذا كان الحوثي يحارب إرهاب تنظيم القاعدة كما يزعم، فلماذا لم يمس هذا المكان الذي يمتلك معلومات تفصيلية عنه وقد أتيحت له الفرصة لتوجيه ضربة قاصمة للقاعدة مع وجود أهم قيادات التنظيم في منزل منصر الفقير، ولكن الرجل قُتِلَ بمفرده في غارة جوية.
وكذلك أتى إعلان تنظيم القاعدة في جزيرة العرب عن مقتل منصر مبخوت الفقير وشقيقه سالمين ليضفي المصداقية على اتهامات الحوثي، وكأن الجهاز الإعلامي للقاعدة يخدم الحوثي بشكل يبدو أنه يتم بحسن نية، لكن في الحقيقة لا يمكن تجاهل كل الشواهد على التعاون الكبير بين الطرفين، وربما جاء الإعلان الحوثي عن الفقير لاستخدامه ككبش فداء لإخفاء التعاون مع القاعدة.
فرغم أن العديد من قادة التنظيم وعناصره يتحركون في مناطق سيطرة الحوثي ومنهم باطرفي نفسه، لكن الميليشيات الإيرانية لم تكشف عنه ولم تبح بمكان وجوده كما فعلت مع الفقير مثلا، مما يوحي بأن الحوثي يستهدف قادة معينين داخل التنظيم ممن لا يعجبه وجودهم ويريد التخلص منهم، ويبدو أن باطرفي ليس من هؤلاء بل معارضيه ومناوئيه.
ولم يحدث ذلك مع منصر الفقير فقط بل قادة آخرين مثل المسؤول العسكري للقاعدة في مأرب، أكرم القليسي المكنى بأويس الصنعاني، وبشير أحمد قايد العمراني المكنى بأبي بكر الإبي، القيادي بمأرب أيضًا، وغيرهم الذين نشر ما يُعرف ب”جهاز الأمن والمخابرات” التابع للحوثيين معلومات عن أماكن وجودهم في مارس 2021.
وعلى العكس من ذلك، تولول وسائل إعلام الميليشيا الإيرانية عند قتل قادة القاعدة المتهمين بالعمل معها؛ ففي 2020 عندما نجح الجيش اليمني في تصفية القيادي القاعدي، محسن سبيعيان، و 7 آخرين معه، والقبض على بقية الخلية بعد اشتباكات عنيفة، أعلن الناطق الرسمي باسم الجيش اليمني، العميد عبده مجلي، أن الخلية كانت على اتصال وثيق بجماعة الحوثي، في حين شنت وسائل إعلام الميليشيات الحوثية حملة واسعة للتنديد بمقتل سبيعيان، ووصفت ذلك بأنها مجزرة مروعة بحق قبائل مأرب، مما يعكس حجم ألم الميليشيات من فقدانه، فقادة القاعدة في اليمن ليسوا سواء لدى الحوثي، وهذا الأمر لا يمكن إخفاؤه بل يمكن ملاحظته من خلال متابعة الأبواق الإعلامية للميليشيا.
عصر الانشقاق.. الجزء الثاني
وقد أدرك الشبوانيون والجنوبيون بصفة عامة أن الجهاد المفترض للقاعدة لا يسير في الوجهة الصحيحة، مما أوقع تذمرًا في صفوف التنظيم، ويقف سعد عاطف العولقي، أمير التنظيم في شبوة، في مقدمة هؤلاء الغاضبين، بعدما اشتهر عنه أنه يرى وجود توجه عدائي ضد أبناء شبوة داخل التنظيم، خاصة بعد قطع خالد باطرفي الموارد المالية عنهم، وهزائمه أمام قوات النخبة الشبوانية، فضلا عن ضعف التواصل والتنسيق مع القيادة.
ومع تأزم الأوضاع في شبوة لجأ باطرفي لسعد عاطف العولقي طالبا منه تهدئة الأوضاع دون أن يقدم له شيئًا بحجة العجز المالي الشديد للتنظيم، وهو ما فُسر بأنه قد يكون محاولة من باطرفي لإحراق شخصية العولقي داخل حاضنته الاجتماعية استباقا لأي دعوات لانتخابه زعيمًا للتنظيم بعد فشل باطرفي، كما أن الأمور تأزمت بين أنصار الرجلين عقب اغتيال القيادي صالح عبولان العام الماضي؛ فاتهم قيادييَن مقربَين من سعد عاطف قياديَين آخرين مقربين لباطرفي بخيانة عبولان والمساعدة في الكشف عن مكانه لإزاحته عن طريقهما، وأثار ذلك خلافات داخل التنظيم.
ووسط هذه الخلافات جاء تسليم باطرفي مواقع التنظيم للحوثيين في عدد من المناطق ليؤكد بما لا يدع مجالا للشك أن التنظيم لا يمكن الاعتماد عليه في مواجهة الحوثي، ويضع علامات استفهام أمام حدود هذا التخادم بين الطرفين بعد فتح باطرفي أبواب الجنوب أمام الحوثيين.
من جهته أكد العقيد ركن يحيى علي أبو حاتم، مستشار وزير الدفاع اليمني، أن التوصيف الدقيق لهذه العلاقة بين التنظيمين أنها حالة تخادم ومصالح مشتركة وبرعاية إيرانية بلا شك، والجميع يعرف أن إيران ترعى كل الجماعات الإرهابية من ضمنها جماعة القاعدة وداعش رغم الاختلاف الفكري لكن هناك دعم لا محدود لتنظيم القاعدة من قبل إيران.
وتابع مستشار وزير الدفاع اليمني، في تصريحاته لـ”أخبار الآن” أنه فيما يخص التخادم بين القاعدة وتنظيم جماعة الحوثي فقد كانت القاعدة في السنوات الأخيرة تتلقى ضربات موجعة وانحسرت بشكل كبير جدا، وقد كان أغلب قيادات هذا التنظيم داخل السجون اليمنية قبل انقلاب ميليشيات الحوثي على الدولة وتمردها، لكن اليوم هناك تخادم ما بين الجماعتين ومصالح مشتركة، فمصلحة تنظيم القاعدة هو خروج القيادات الذين أطلقتهم جماعة الحوثي من السجون اليمنية وأعادوا تجميع صفوف التنظيم، وأيضا الدعم اللوجستي الذي يتلقاه التنظيم من قبل جماعة الحوثي وتأمين طرق الإمداد والإخلاء والدعم للتنظيم.
وأردف أن التنظيم يتواجد في محافظة البيضاء التي تسيطر عليها جماعة الحوثي ويقوم بالتحرك باتجاه المحافظات المحررة وخصوصا باتجاه محافظة أبين ومحافظة شبوة المتاخمة لمحافظة البيضاء، وتلك هي مصلحة تنظيم القاعدة من قِبَل جماعة الحوثي، وأيضا الجماعة من مصلحتها تفعيل دور القاعدة في المناطق المحررة وإظهارها أنها غير آمنة وأن الحكومة الشرعية والجيش اليمني غير قادر على تأمين المناطق المحررة، وأيضا تصفية القيادات اليمنية التابعة للحكومة الشرعية.
وأوضح العقيد الركن أن الإخلال بالوضع الأمني في المناطق المحررة من قبل تنظيم القاعدة سينعكس سلبا على الوضع السياسي والوضع الاقتصادي؛ فبالنسبة للوضع السياسي فلا يمكن أن تتواجد الدولة ومؤسساتها والسفارات والمنظمات الدولية ومقراتها داخل عدن وفي المناطق المحررة إذا لم تكن آمنة، وبالنسبة للوضع الاقتصادي فلا يمكن أن يتطور أو يتحسن أو أن تتواجد رؤوس الأموال والشركات الاقتصادية في المناطق المحررة ما لم تكن آمنة وبالتالي هذا يخل بتوازن الحكومة الشرعية وهذا ما تسعى له الميليشيات الحوثية وبالتالي تدعم تنظيم القاعدة دعمًا لا محدود في هذا الجانب.
وأكد مستشار وزير الدفاع اليمني أن تنظيم القاعدة أصبح اليوم ورقة من أوراق جماعة الحوثي وذراع طولى له، وخصوصًا أن تنظيم القاعدة يعتمد في عملياته على الكر والفر والكمائن كما وقع في أبين، وقد رأينا وشاهدنا الألغام والعبوات التي يزرعها التنظيم داخل محافظة أبين، وكلها من الألغام والأسلحة التي تستخدمها جماعة الحوثي.
ويؤكد العميد الركن ثابت حسين صالح، نائب رئيس المركز الوطني للدراسات الاستراتيجية، أن تنظيم القاعدة لم يقاتل الحوثيين بل تهاونوا ثم تخادموا معهم ووجهوا كل جهودهم الحربية والإعلامية لمعاداة التحالف العربي والمجلس الانتقالي الجنوبي واعتبروا الأخير عدوهم رقم واحد، وأقنعوا أنصارهم أن الانتقالي هو العدو لأنه يسعى إلى استعادة دولة الجنوب.
وأضاف نائب رئيس المركز الوطني للدراسات الاستراتيجية في تصريحاته ل”أخبار الآن” أنه يمكن سرد بعض الأمثلة التي تؤكد التخادم بين القاعدة والحوثيين، مشيرًا إلى أن استيلاء القاعدة على محافظة أبين وعلى ساحل حضرموت عام ٢٠١٥ تم بمساعدة الحوثيين، كما نفذت القاعدة العديد من العمليات الإرهابية ضد قادة جنوبيين ومعسكرات جنوبية لصالح الحوثيين، ناهيك عن التعاون بالاستخبارات والمعلومات بينهما.
أين تذهب أموال القاعدة؟
ويبقى تساؤل مُلح هنا؛ ألا وهو: أين تذهب أموال القاعدة إذا لم يعطها بطرفي للشبوانيين والجنوبيين الآخرين؟، وما يدعو إلى هذا التساؤل أن التنظيم استطاع الوصول خلال السنوات الماضية إلى السيطرة على أموال كثيرة، وراكمَ ثروات كبيرة في خزائنه خاصةً بعد استيلائه على المكلا الساحلية في محافظة حضرموت جنوبي شرق اليمن عام 2015، فعاش التنظيم مرحلة رخاء مالي غير مسبوق بالإضافة إلى تحكمه بإيرادات ميناء الحاويات في محافظة عدن.
لكن بعد مقتل القائد المؤسس ناصر الوحيشي عام 2015 أيضًا تم توجيه الاتهام إلى عدد من القيادات بنهب مبالغ طائلة من أموال التنظيم واستحواذهم على أموال البنوك في مدينة المكلا، وسط حالة من تفشي الفساد بين قيادات وعناصر التنظيم القاعدة، مما تسبب في انتقادات من المسؤولين الشرعيين في التنظيم.
وبحسب تقارير فإن جزءا من تلك الأموال ذهب إلى سيف العدل، أبرز قادة التنظيم المركزي، المقيم في إيران، وتم توزيع بعض المبالغ أيضًا على أفرع القاعدة وأنصارها في الخارج.
وفي وقت لاحق أعدم التنظيم مسؤوله المالي أبو تراب السوداني بعد محاكمته بالاختلاس والتجسس، ويُقال على نطاق واسع إن هذه الواقعة منحت غطاء للآخرين الذين ستروا اختلاساتهم بعد أن نُسبت السرقات المالية للسوداني وباء بإثمها جميعًا أمام الناس وحده بينما نجا باطرفي ومقربوه من تلك التهم.
وبرزت اتهامات من داخل التنظيم لباطرفي وحاشيته بالإثراء من أموال الجماعة وحرمان الأعضاء العاديين منها، وأن قراراته التقشفية لا تعكس بالضرورة إفلاس التنظيم الذي ما زال بحوزة قيادته أموال كثيرة فبعض إيرادات المكلا تم الاحتفاظ بها، وبعضها نجح القيادي أبو اسامه الدياني في جمعه من حضرموت من بعض المتعاونين الذين حفظوها لديهم كأمانات، وظل معظم أبناء التنظيم في الجنوب اليمني يعانون الحرمان والظروف الصعبة ولا يعلمون عن تلك الأموال شيئًا.
كيف تحول باطرفي إلى المنبوذ الأول من الجنوبيين في قاعدة اليمن؟ أعرف القصة من تقاريرنا الحصرية:
- لماذ لا تريد أي قرية يمنية أن تكون مثل “الخثلة الفقراء”؟ وما علاقة باطرفي بالقصة؟ التفاصيل من هنا.
- كيف تحولت محافظة شبوة إلى نقطة ضعف تنظيم القاعدة في اليمن؟
- لمعرفة تفاصيل أكثر عن الاختلاسات المالية داخل تنظيم القاعدة باليمن يمكن قراءة هذا التقرير.
- باطرفي أشعل الصراع داخل قاعدة اليمن وزادت شرارة الانقسامات في ٢٠٢٢.
- هل يضحي باطرفي بقادة القاعدة البارزين من أجل عيون الحوثي؟
- لماذا يخشى باطرفي اليمنيين ويحيط نفسه بالأجانب في قاعدة اليمن؟
- كيف أكد مقتل عمار الصنعاني الشكوك حول علاقة “باطرفي” بـ”الحوثيين”؟
- التقارب مع الحوثي.. هكذا يهرب تنظيم القاعدة من أزماته.