باطرفي يحاول تهدئة الانتقادات الداخلية نتيجة تقاربه مع إيران
اضطر زعيم تنظيم القاعدة في اليمن خالد باطرفي الى الظهور الاعلامي بكلمة مرئية، يهاجم فيها إيران ووكلائها في اليمن؛ وذلك لتهدئة حالة الغضب المتفاقمة داخل التنظيم، بعد أن بدل التنظيم موقفه من مليشيات الحوثي من العداء إلى التخادم.
وقد علمنا من مصادر خاصة في التنظيم لا نستطيع أن نكشف عن صفتهم حفاظاً على حياتهم أن قيادياً شاباً مقرباً من سيف العدل، القيادي الاقوى في تنظيم القاعدة و المقيم في ايران، وصل اليمن منذ سنوات قادماً من إيران، وتبوأ موقعاً تنظيمياً خاصاً قريباً من باطرفي. بناء على طلب مصادرنا، لا نستطيع أن نكشف عن اسم هذا القيادي؛ واكتفوا بالقول إنه مصري. هذه المصادر استنتجت أن ما يقوله زعيم قاعدة اليمن في الإعلام ضد إيران لابد أن يكون مكتوباً في طهران.
وبحسب المصادر، فإن ثمة قناة اتصال مباشر بين خالد باطرفي وسيف العدل، يتم عبرها تبادل الرسائل بشكل مستمر، والمسؤول عن هذه القناة هو القيادي المصري الشاب المقرب من سيف العدل.
ولم يكن يتوقع زعيم القاعدة خالد باطرفي، بأن قراره بإيقاف العمليات العسكرية ضد مليشيات الحوثي سيكون له تداعيات سلبية عاصفة على التماسك الداخلي للتنظيم ، وأنه سوف يهز علاقة القاعدة بالقبائل اليمنية، لا سيما في محافظتي مأرب و البيضاء.
لكن تسرب التوجه الاستراتيجي الجديد لباطرفي – والمهادن للحوثيين – إلى وسائل الإعلام، ولاسيما عبر سلسلة التقارير التي نشرتها “أخبار الآن”، ساهم في إثارة التحفظات و التساؤلات داخل صفوف التنظيم، وهو ما أكده احد اكبر قيادات القاعدة في جزيرة العرب.
باطرفي وسيل من الرسائل الإعلامية
وأضاف المصدر الجهادي: “تدفق التقارير الاعلامية عزز من حيرة عدد كبير من قيادات وعناصر القاعدة، ودفعهم للتساؤل عن سياسة التنظيم الحالية وحقيقة التواطئ مع إيران، وارث قادة قاعدة اليمن، ناصر الوحيشي، وحارث النضاري و الانسي”.
وأشار المصدر إلى أن الاعتراضات الداخلية لسياسة باطرفي، تزامنت أيضًا مع وصل عشرات الرسائل من شيوخ القبائل يطالبون فيها قيادة التنظيم بشرح الأسباب التي وراء إيقاف الهجمات في مناطق سيطرة مليشيات الحوثي، مقابل إصرار التنظيم على استهداف المحافظات المحررة.
وقال القيادي الجهادي أن “زعيم التنظيم لا يظهر أبدًا في إصدار مرئي، إلا لسبب جلل، وما وصل له التنظيم اليوم، جعل من باطرفي يشعر بخطورة الوضع، ليخرج بهذا الخطاب، رغم ان الخطاب لم يكن بحجم الأزمة التي يعيشها التنظيم، لكنه حاول من خلاله التأكيد على عداء القاعدة، لإيران ومليشيات الحوثي كي يدفع عن نفسه تهمة التقارب معهم”.
لكن أهداف باطرفي من الخطاب لا يبدو وأنها قد تحققت، فقد تحدث قيادي ميداني آخر في تنظيم القاعدة معلقاً عن الخطاب: “هناك حقيقة واحدة أن التنظيم انحرف ولم يعد يرى بإن الحوثيين اعداء، وهذا الخطاب لن يغير هذا الواقع الذي نعيشه منذ أصبح أبو المقداد، أميرنا”.
كلام القيادي الغاضب أكدته المعلومات الواردة من مصادر خاصة في التنظيم، والتي أفادت أن زعيم التنظيم، لم يكن ليظهر بهذا الخطاب، إلا بعد حصوله على موافقة من سيف العدل القيادي الاقوى في تنظيم القاعدة و المقيم في ايران.
وعند سؤاله عن موافقة سيف العدل عن خطاب باطرفي، أكد القيادي الجهادي في قاعدة اليمن لـ”أخبار الآن” صحة ذلك، مضيفًا أن باطرفي لن يظهر بأي حديث ضد إيران إلا بعد الموافقة من العدل المتواجد في طهران وذلك عن طريق نقطة الوصول بينهم.
ولكن حتى لو كان هناك قائد خاص مكرسًا لهذه الاتصالات ليقوم بدور همزة الوصل بين قيادة القاعدة في جزيرة العرب وسيف العدل، فهذا لا يؤكد أن قيادات التنظيم يتحدثون بالفعل إلى سيف العدل نفسه، ولا توجد وسيلة تؤكد لهم أن الشخص على الجانب الأخر من الاتصال هو نفسه سيف العدل. وحتى في حال إن كانوا يتواصلون مع شخصه بالفعل، فالأخير ليس حرًا في قراراته التي يتخذها والأوامر التي يصدرها لقادة أفرع التنظيم، ولكنه تحت سيطرة الإيرانيين وينفذ أجندتهم الخاصة.
وفي المحصلة بات واضحاً أن النهج الذي يعمل به باطرفي، تصيبه انتكاسات متتالية، فلا استطاع الحفاظ على علاقته مع القبائل اليمنية، ولا حافظ على التنظيم، ومع كل هذه الانتكاسات يصر زعيم قاعدة اليمن على الاستمرار بنفس النهج المعمول به، والذي سيفقد التنظيم ما تبقى له من إرث بين عناصره، وقادته، وبعد أن اعتاد على اتخاذ القرارات الخاطئة، ثم النوم على الحرير، يبدو أن باطرفي قد ينقلب في لحظة ليستيقظ وهو على شوك.