انهيار معنويات مقاتلي داعش.. وأفرع القاعدة تكافح من أجل البقاء
- بالأسماء.. الكشف عن قادة داعش في العراق وليبيا والساحل الإفريقي
- سيف العدل تولى إمارة تنظيم القاعدة دون إعلان رسمي بسبب وجوده في إيران
- تنظيمي داعش والقاعدة يتعاون ببراجماتية مع جماعة الحوثي
- تقرير أممي: القبض على جمعة البغدادي في تركيا خلال 2022
- ولاية الصومال تمول داعش بعملات رقمية تُقدر بـ25 ألف دولار شهريًا
قدر تقرير حديث صادر عن لجنة تابعة لمجلس الأمن الدولي أن أعداد عناصر تنظيم داعش في سوريا والعراق انخفضت بصورة ملحوظة، خلال الفترة الماضية، لتتراوح ما بين 5 و7 آلاف فرد من بينهم 2000 أو 3000 عنصر في سوريا وحدها، بعد أن كانت تُقدر بنحو 10 آلاف مقاتل في الربع الثاني من عام 2022، كما تقلصت الاحتياطات المالية للتنظيم وأصبحت تتراوح ما بين 25 و50 مليون دولار بعدما كانت تُقدر بنحو 100 مليون دولار في فبراير/ شباط 2021.
وذكر التقرير الحادي والثلاثين لفريق الدعم التحليلي ورصد الجزاءات المعني بتنظيمي داعش والقاعدة أن تنظيم داعش المركزي يعيش ظروفًا صعبة في ظل استمرار استنزاف قيادته ومقاتليه في سوريا والعراق، مضيفًا أن الروح المعنوية لأفراد داعش انخفضت فيما يحاول التنظيم المركزي أن يُعزز شبكاته عن طريق الأفرع أو الولايات الخارجية في إفريقيا وأفغانستان.
سيف العدل تولى إمارة تنظيم القاعدة دون إعلان رسمي بسبب وجوده في إيران
وأشار التقرير إلى أن تنظيم داعش خسر خليفته السابق أبو الحسن الهاشمي (نور الراوي) الذي قُتل في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، بعد 8 أشهر فقط من توليه منصبه في فبراير/ شباط 2022، وعلى الجهة الأخرى أصبح سيف العدل (محمد صلاح الدين زيدان) أميرًا فعليًا لتنظيم القاعدة بلا منازع، على حد وصف التقرير، لكن “القاعدة” لم يُعلن توليه منصبه بسبب تكتم جماعة طالبان، الحليفة له، على مقتل أيمن الظواهري، أمير القاعدة السابق، في العاصمة الأفغانية كابل في ضربة أمريكية نُفذت أواخر يوليو/ تموز من العام المنصرم، وإقامة سيف العدل في إيران.
وقيم التقرير التهديد الذي يشكله تنظيمي داعش والقاعدة بأنه ما زال تهديدًا مرتفعًا في مناطق الصراع، متابعًا أن التنظيمين يتنافسان على الموارد والنفوذ ويسعيان إلى التمدد في مناطق ودول جديدة خارج معاقل نشاطهما الحالية.
داعش والقاعدة وخسارة القادة
وقال التقرير إن هوية الزعيم الحالي لداعش “أبو الحسين الحسيني القرشي” ليست معلومة حتى الآن، كما أن سلفه أبو الحسن الهاشمي لا تتوافر عنه معلومات كثيرة فهو عرف باسم عبد الرحمن العراقي وسيف بغداد (اسمه الحقيقي نور مطني الرواي)، مضيفًا أن العديد من أفرع داعش سارعت إلى إعلان بيعتها للخليفة الجديد للتنظيم عقب الإعلان عنه، أواخر نوفمبر/ تشرين الثاني 2022، دون معرفة محددة لهويته أو صفاته إذ لم يُعرف عنه سوى أنه قيادي عراقي في التنظيم، وتوقع التقرير أن يواصل “الحسيني” السير على استراتيجية سلفه أبو الحسن الهاشمي.
ونقل التقرير عن إحدى الدول الأعضاء بمجلس الأمن زعمها أنه جرى القبض على جمعة عواد البدري، شقيق خليفة التنظيم الأسبق أبو بكر البغدادي، من قبل أجهزة الأمن التركي في توقيت متزامن مع القبض على حجي زيد العراقي (بشار غزال الصميدعي) بمدينة إسطنبول التركية في شهر مايو/ آيار 2022، نافية أن يكون أي منهما الزعيم السابق لداعش كما روجت تقارير إعلامية.
وأعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، في سبتمبر/ أيلول الماضي، القبض على حجي زيد العراقي، بشار غزال الصميدعي، أحد أبرز قادة داعش وعضو مجلس شورى التنظيم في مداهمة بمدينة إسطنبول، وذلك بعد نحو 4 أشهر على إعلان مصادر إعلامية منها وكالة بلومبرج القبض على قيادي داعشي بارز في إسطنبول، وهو ما تبين، بعد الإعلان الرئاسي التركي، أنه حجي زيد.
ومن داعش إلى القاعدة، أردف فريق الدعم التحليلي ورصد الجزاءات أن سيف العدل محمد صلاح زيدان تولى منصب الأمير الفعلي للقياد المركزية لتنظيم القاعدة، موضحًا أن أسباب عدم الإعلان عن إمارته ترجع بالأساس لوجوده في إيران وهو ما يطرح تساؤلات شرعية وعملياتية صعبة على قيادة التنظيم ويطعن في شرعية تولي سيف العدل إمارة التنظيم، علاوة على أن تنظيم القاعدة لا يرغب في إحراج جماعة طالبان بتأكيده مقتل “الظواهري” في بيت مملوك لشبكة حقاني، إحدى مكونات طالبان والمرتبطة بالقاعدة، بالعاصمة الأفغانية كابل.
مناورة التنظيمات الجهادية لتلافي عمليات مكافحة الإرهاب
وأكد التقرير الصادر عن مجلس الأمن الدولي أن داعش يعاني من خسائر قيادية كبيرة في سوريا والعراق، ففضلًا عن خسارته خليفته السابق أبو الحسن الهاشمي، خسر واليه على سوريا ماهر العقال، ونائبه أبو هاشم الأموي، في يوليو/ تموز، وأكتوبر/ تشرين الأول 2022، على التوالي.
وعمل داعش، بحسب التقرير، على إبعاد قيادته عن المناطق التي تشهد عمليات مكافحة الإرهاب ونقلهم إلى مناطق بجنوب سوريا ولا سيما في درعا، كما أنه يحتفظ بمخابئ لقادته ومقاتليه غرب نهر الفرات.
ويقدر التقرير الصادر، بتاريخ 13 فبراير/ شباط 2023، عدد عناصر داعش بأنه يتراوح ما بين 5000 إلى 7000 نصفهم من المقاتلين الذين ينتشرون في العراق وسوريا، مبينًا أن التنظيم ينشر خلاياه المؤلفة من 15: 30 عنصر في أنحاء مناطق نشاطه، ويتبع تكتيكات حرب العصابات في مهاجمة خصومه، حيث تتركز عمليات التنظيم في محافظات دير الزور، وحمص، وصولًا إلى حماة والرقة والحسكة، وأيضًا مناطق البادية السورية الموصوفة بأنها أحد أهم معاقل التنظيم حيث يقوم فيها بتدريب مقاتليه وإعادة تجميع شتاته.
وكان وكيل الأمين العام للأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب، فلاديمير فورونكوف، قدر في أغسطس/ آب 2022، أن عدد مقاتلي داعش في سوريا والعراق يصل إلى 10 آلاف، واصفًا التنظيم بأنه يشكل تهديدا للأمن الإقليمي والعالمي رغم هزيمته وانهيار خلافته المكانية.
ويملك التنظيم شبكات دعم لوجيستي في دولة مجاورة لسوريا من ناحية الشمال، وله عدد من المضافات المخصصة لاستقبال المقاتلين وإيوائهم وهذه المضافات تُدار بواسطة نساء لا يعرفن، في الغالب، الهوية الحقيقية للمقاتلين والعناصر الذين يستضيفونهم.
وفي العراق، تنشط خلايا داعش في المناطق الجبلية الريفية على الحدود العراقية السورية، كما تتركز عملياته في منطقتين إحدهما مسرح عمليات والأخرى مسرح للدعم اللوجيستي، فالأول يضم محافظات ومناطق كركوك وديالى وصلاح الدين وشمال بغداد، أم المناطق اللوجيسيتية للتنظيم فتقع بالأساس في محافظتي الأنبار ونينوى وخصوصًا مدينة الموصل، مركز المحافظة الأخيرة.
ويتولى أبو خديجة العراقي، عبد الله مكي مصلح الرفيعي، منصب والي العراق خلفًا لأبو ياسر العيساوي الذي قُتل في يناير/ كانون الثاني 2021، بغارة عراقية على وادي الشاي في جنوب كركوك.
عبد الله مكي الرفيعي- والي داعش على العراق
ووجه “الرفيعي” خلايا داعش في العراق بتقليل الظهور والعمل تجنب الهجمات والحملات التي تشنها القوات العراقية مع التركيز على إعادة بناء شبكات التنظيم والتعافي من الخسائر التي تلقاها، على مدار الفترات الماضية، حسبما ذكر تقرير فريق الدعم التحليلي.
ووفقًا للمعلومات المتوافرة، من مصادر عشائرية بجانب بيانات وزارة الداخلية العراقية، عن أبو خديجة العراقي فإنه انتمى لتنظيم داعش، خلال فترة مراهقته، وجرى القبض عليه وإيداعه بسجن تسفيرات تكريت، شمال العاصمة العراقية بغداد، قبل أن يفر منه مع 116 من المنتمين للتنظيم عام 2012، بعد هجوم للتنظيم على السجن، كما تولى العراقي منصبًا قياديًا بفرقة القادسية التي كانت ضمن “جيش الخلافة المركزي” التابع لداعش، إبان فترة الخلافة المكانية، والتي نشطت في محافظة صلاح الدين العراقية، واختير لتولى منصب والي العراق بعد مقتل أبو ياسر العيساوي قبل عامين.
ويركز تنظيم داعش في العراق على الهجمات التقليدية منخفضة التكلفة التي تشمل تفجير العبوات الناسفة وشن هجمات مسلحة من وقت لآخر ضد القوات العراقية.
وعلى صعيد التنظيمات المرتبطة بتنظيم القاعدة، نقل تنظيم حراس الدين، الفرع السوري للقاعدة بقيادة أبو همام السوري الذي يُعتقد أنه صهر سيف العدل، جل وجوده إلى مناطق خفض التصعيد في جنوب إدلب وشمال اللاذقية، ويتلقى التنظيم تعليمات مباشرة من سيف العدل- بحسب تقرير فريق الدعم التحليلي- ويطمح إلى شن هجمات ضد الغرب انطلاقًا من إستراتيجية القاعدة التي تُركز على العدو البعيد لكنه يواجه مشكلات في التمويل خاصةً في ظل الحملات التي أطلقتها هيئة تحرير الشام (النصرة سابقًا) ضده.
وتتباين التقديرات التي قدمتها الدول الأعضاء بمجلس الأمن لأعداد مقاتلي تنظيم حراس الدين ما بين 300/ 500، و1500/ 2000 مقاتل، لكن الواضح أن التنظيم يعاني بشكل حاد من نقص المقاتلين والكوادر، وهو ما يعني أن عدد مقاتليه قد يكون أقل من التقديرات التي قدمتها الدول المختلفة.
فيما قُدرت أعداد مقاتلي هيئة تحرير الشام، التي تسيطر على مدينة إدلب ومناطق أخرى بشمال غرب سوريا، ما بين 7 و10 آلاف مقاتل، وتحصل الهيئة على تمويل سخي عن طريق الضرائب التي تفرضها على السكان في مناطق سيطرتها وتجارتها في السلع، والتبرعات التي تجمعها عبر الإنترنت والحملات المحلية، وعمليات الابتزاز، علاوة على أنها تُتاجر في البترول وتحصل على نحو مليون ونصف دولار شهريًا من تلك التجارة التي تمثل الهيئة فيها شركة تدعى “وتد للبترول”.
وتتحالف الهيئة مع تنظيمات ومجموعات جهادية أخرى أبرزها كتيبة التوحيد والجهاد، التي غيرت اسمها إلى لواء أبو عبيدة، عقب إدارجها على قائمة الكيانات المرتبطة بداعش والقاعدة في مجلس الأمن الدولي في مارس/ آذار 2022، وتتكون تلك الكتيبة من 800 مقاتل.
تعاون بين القاعدة وداعش وجماعة الحوثي
وعلى صعيد متصل، أكد تقرير فريق الدعم التحليلي بمجلس الأمن الدولي أن تنظيم القاعدة يعيش على وقع خلافات داخلية ويواجه ضغوطًا قوية بفعل استمرار عمليات مكافحة الإرهاب التي تستهدفه، مضيفًا أن تقييم حجم التنظيم بدقة يظل أمرًا صعبًا لكن التقديرات تُشير إلى أنه يضم نحو 1000 مقاتل، فيما ادعت تقارير أخرى أن عدد مقاتليه يتراوح ما بين 2500 و3000 مقاتل.
وتنتشر شبكات التنظيم في محافظات شبوة وحضرموت وأبين ومأرب وله خلايا نائمة في ساحل حضرموت وعدن ولحج، فيما أشار تقرير مجلس الأمن الدولي إلى أن زعيمه الحالي خالد باطرفي يفتقر إلى الكفاءة والقدرة على توفير الموارد المالية واللوجستية اللازمة للتنظيم.
ويعتمد التنظيم على نمط عمل لامركزي بسبب الصعوبات التي يواجهها، ويتعاون مع جماعة الشباب الصومالية والشبكات المرتبطة بها في عمليات تهريب المقاتلين والسلاح بين اليمن والصومال، ويعمل على تمويل نفسه عن طريق الخطف والفدية والسطو على المصارف وشركات الصرافة ، والقيام بتهريب البترول والسلاح، كما يتعاون بشكل براجماتي مع جماعة الحوثي، وكذلك يفعل ما تبقى من تنظيم داعش في اليمن الذي ضعف بصورة ملحوظة خلال السنوات الأخيرة.
واسترسل تقرير فريق الدعم التحليلي أن ولاية اليمن، فرع داعش المحلي، ليس له زعيم حاليا ويعاني من خلافات داخلية كبيرة، ويبلغ عدد مقاتليه 250 مقاتل فقط معظمهم من المنشقين عن القاعدة في اليمن، فيما يتولى أبو بلال الحربي، ناصر محمد عوض الغيداني، منصب المسؤول الشرعي له، ويشغل عبد العزيز الشدري منصب المسؤول الإعلامي له.
داعش يسعى لتعويض خسائره عن طريق الأفرع الإفريقية
إلى ذلك، كشف التقرير أن الفرع المحلي لداعش في الصومال المعروف بـ”ولاية الصومال“، والذي يدير مكتب “الكرار” أحد المكاتب الخارجية للتنظيم بإمارة عبد القادر مؤمن، يعمل بمثابة مركز تحويل مالي لداعش ويقدم دعمًا ماليًا شهريًا لتنظيم داعش المركزي في سوريا والعراق، وفي خراسان (أفغانستان)، بواقع 25 ألف دولار يتم تحويلها عن طريق العملات الرقمية، في حين يجمع الفرع الصومالي إيرادات مالية تُقدر بـ100 ألف دولار شهريًا من ابتزاز العاملين في النقل البحري وفرض الضرائب والمكوث غير المشروعة على السكان المحليين في مناطق نشاطه ببونتلاند الصومالية.
ولجأ داعش إلى حيل مبتكرة لتمويل نفسه بالعملات الرقمية ومنها استخدام العملات الأقل شهرة والتي تحظى بخصوصية عالية مثل عملة”Tether” التي يستخدمها في عمليات التحويل التي تزيد عن 100 ألف دولار، كما حصل في إحدى التحويلات لفرعه في أفغانستان، وصرف نقاط ألعاب الفيديو بعملات ورقية، وجمع التبرعات عبر الإنترنت.
أما جماعة الشباب الصومالية، فتجمع ما بين 100و150 مليون دولار سنويًا من الضرائب التي تفرضها على الصوماليين، وتُنفق 25 % منها على مشتريات السلاح، كما يُقدر أعداد مقاتليها ما بين 7 و12 ألف مقاتل، بيد أنها تواجه حاليًا حملة عسكرية قوية من قبل الحكومة الصومالية.
وفي موزمبيق، تراجعت جماعة أهل السنة والجماعة، التي بايعت داعش وباتت تُطلق على نفسها “ولاية موزمبيق”، بعد تدخل قوات تجمع التنمية للجنوب الإفريقي “ساداك” ضدها، وانخفض عدد مقاتليها إلى 280 مقاتل بعدما كان قد وصل إلى 2500 مقاتل، في وقت سابق.
وتمكنت القوات الموزمبيقية وقوات ساداك من الاستيلاء على قاعدة كاتوبا في بلدة ماكوميا في المنطقة الشمالية الواقعة على بعد 230 كيلومترا عن عاصمة إقليم كابو ديلجاو “بيمبا” (شمال البلاد)، وقتلت زعيم الفرع الموزمبيقي لداعش “الشيخ أساني”، وهو مواطن تنزاني، ليتولى أبو ياسر حسن، المسؤول الشرعي للتنظيم الإمارة خلفًا له، فيما يشغل “ماتشودي عمر” منصب قائد العمليات لداعش في موزمبيق.
وبحسب تقرير فريق الدعم التحليلي فإن ولاية موزمبيق (جماعة أهل السنة والجماعة، لا تتلقى توجيهات عملياتية مباشرة من قيادة داعش المركزية في سوريا والعراق، لكن التنظيم المركزي يدعي أنها فرع تابع له.
ولفت التقرير إلى أن الفرع الموزمبيقي لديه الإمكانيات لتصنيع العبوات الناسفة واستخدامها بصورة واسعة لكنه لم يتمكن من ذلك لعدم وجود كوادر مدربة، مضيفًا أن داعش ربما يسعى لنقل بعد الكوادر للدولة الإفريقية لتدريب أنصاره هناك على تصنيع واستخدام المتفجرات والعبوات الناسفة.
وفي وسط إفريقيا، أدت العمليات التي تشنها قوات الكونغو الديمقراطية المدعومة بقوات أوغندية إلى تشظى جماعة القوات الديمقراطية المتحالفة، التي يُسميها داعش بولاية وسط إفريقيا، إلى مجموعات أصغر، تحت قيادة سيكا بالوكو، أمير الجماعة الذي بايع داعش في عام 2016.
استغلال الصراعات الإثنية
وعلى نفس الجهة، انخفضت الهجمات التي يشنها فرع داعش في الساحل الإفريقي “ولاية الساحل”/ منذ 2021، بصورة ملحوظة لكن التنظيم سعى في 2022 إلى تكثيف هجماته منذ تولي “أبو الصحراوي”، إمارة التنظيم، خلفًا لأبي الوليد عدنان الصحراوي الذي قُتل في العام قبل الماضي.
واستغل تنظيم داعش وغريمه التقليدي في الساحل الإفريقي “جماعة نصرة الإسلام والمسلمين” التوترات الإثنية في الساحل من أجل تعبئة وتجنيد مقاتلين جدد، ويمارس داعش التجنيد في أوساط قبيلة الفولاني، فيما تجند الجماعة المرتبطة بتنظيم القاعدة مقاتلين من الطوارق والعرب والفولاني وتركز على استهداف داعش والقضاء عليه.
تقويض أفرع داعش والقاعدة في الشمال الإفريقي
فيما تلقت أفرع داعش في شمال إفريقيا ضربات قوية، فالفرع الليبي، ولاية ليبيا، يعاني بشدة بفعل الضربات التي تلقاها في مناطق الجنوب الليبي من قبل قوات مكافحة الإرهاب، ويقوده هذا الفرع حاليا “عبد السلام درك الله” الذي غير إستراتيجية انتشار التنظيم في الجنوب الليبي وقسم مقاتليه إلى 6 خلايا رئيسية كل منها يتكون من 30 إلى 40 مقاتل معظمهم من المقاتلين الأجانب القادمين من دول السودان، وغانا، وكينيا، والنيجر، ونيجيريا، في ما بقي “جيش الصحراء” الذي تشكل من قرابة 1400 مقاتل إثر هزيمة داعش في سرت الليبية عام 2016 تحت قيادة عبد العزيز مهوز الجمل، وهو مرتبط بقيادة داعش.
أما فرع القاعدة في ليبيا فيحاول البقاء داخل البلاد عن طريق إنشاء علاقات نسب ومصاهرة مع القبائل الليبية ويركز وجوده على مناطق جنوب ليبيا خصوصا بلدتي أوباري وغات الذين يجمع فرع القاعدة الليبي مقاتليه حولهما تحت إشراف وتنسيق “أبو طلحة الطرغي”، المسؤول الأمني للتنظيم، وكنان طرغي، والموريتاني محمد سيدي عمر.
ونجحت جهود مكافحة الإرهاب في تقويض الفرع المحلي لداعش في شبه جزيرة سيناء وتقليص وجوده فيها، فيما سعى داعش للانتقال إلى منطقتي الشمال الشرقي والشمال الغربي من شبه الجزيرة المصرية، محاولًا إيجاد طريق للتسلل إلى جبال جنوب سيناء، لكنه فشل في ذلك.
وألمح تقرير فريق الدعم التحليلي بمجلس الأمن الدولي إلى أن تراجع النشاط الإرهابي وفقدان داعش سيناء لقدرته يُعزى إلى تنفيذ مصر برامج استثمار وتنمية في شبه جزيرة سيناء، واهتمامها بإنشاء بنية تحتية فيها، وهو ما أدى إلى حرمان فرع داعش من بيئة مواتية للنمو والتمدد.
انتقال مقاتلين أجانب إلى أفغانستان
كما أشار التقرير إلى نشاط تنظيم داعش في أفغانستان “ولاية خراسان” مقدرًا أن عدد مقاتليه يتراوح ما بين 1000و3000 آلاف مقاتل منهم 200 من دول وسط آسيا، ويتواجد أغلب هؤلاء المقاتلين في الولايات الشرقية (ننجرهار، وكونر، ونورستان الشرقية)، فضلًا عن وجود خلية كبيرة للتنظيم في العاصمة كابل، ويركز الفرع الداعشي هناك على استهداف جماعة طالبان بشكل رئيسي.
وبدأ تنظيم داعش في أفغانستان العمل على تهريب المواد المخدرة، حتى يتمكن من جمع الإيرادات اللازمة لاستمراره في العمل، وهو ما يُعد تطورًا لافتًا للتنظيم في جنوب آسيا.
وذكر التقرير أن داعش يُكثف، حاليا، دعايته المنشورة باللغات الطاجيكية والأوزبكية لاستقطاب مقاتلين من تلك البلدان، بعد انضمام “رشيدوف الأوزبكي” للجناح الإعلامي له وإشرافه على مجلة “صوت خراسان”، و”رشيدوف” مواطن أوزبكي كان يعمل في فنلندا وجرى تجنيده عبر الإنترنت قبل انتقاله إلى أفغانستان.
ويبدو أن عدد من المقاتلين الأجانب وجدوا في أفغانستان ملاذًا آمنًا بعد الانسحاب الأمريكي، إذ عاد قائد عمليات تنظيم القاعدة “أبو إخلاص المصري” إلى النشاط في كونر ونورستان، عقب إطلاق سراحه من سجنه الذي ظل فيه منذ عام 2010، وحتى إطلاق سراحه قبل نحو عامين.
وأعاد “المصري” تنشيط كتيبة “عمر الفاروق” وهي إحدى الوحدات الخاصة التي تولى قيادتها قبل اعتقاله في أفغانستان، فيما حافظ تنظيم القاعدة على علاقة وثيقة بجماعة طالبان، إذ تحظى مجموعات التنظيم ولا سيما فرعه الهندي “القاعدة في شبه القارة الهندية” بوجود في أفغانستان، في الوقت الراهن.
تآكل الاحتياطي المالي لداعش
وأوضح تقرير فريق الدعم التحليلي بمجلس الأمن الدولي أن الاحتياطات المالية لتنظيم داعش آخذة في النضوب، إذ تتراوح حاليا ما بين 25 و50 مليون دولار، وهذا يعني أنها تراجعت بأكثر من 250 مليون دولار في أقل من 3 سنوات، ففي منتصف 2020، قدر فريق الدعم التحليلي تلك الاحتياطات بـ100 إلى 300 مليون دولار، وفي التقرير الذي صدر في فبراير 2022 قُدرت تلك الاحتياطات بـ100 مليون دولار.
وتساعد الاحتياطات المالية داعش في عمليات التجنيد والدعاية وأيضًا تساعد في إطلاق سجنائه المحتجزين بالسجون ومخيمات الاحتجاز، فيما تمثل الكفالات والرواتب الشهرية التي يدفعها التنظيم لمقاتليه وعائلات سجنائه وقتلاه العبء الأكبر على ميزانية التنظيم، حاليا، في ظل تراجع الإيرادات المالية للتنظيم.
ويجمع التنظيم أمواله بطرق متنوعة منها الابتزاز والنهب والتبرعات والزكاة وعمليات الخطف والفدية، وسرقة الماشية، وفرض الضرائب على مهربي المخدرات في بعض مناطق نشاطه، فيما لفتت إحدى الدول الأعضاء بمجلس الأمن إلى أن التنظيم شرع في الاتجار بالمخدرات وتحديدًا “الكبتاغون”، وعمد إلى غسيل أمواله عن طريق استثمارها في مشروعات تجارية مثل الفنادق والعقارات بسوريا والعراق، حسبما أورد تقرير فريق الدعم التحليلي الأخير.