داعش يَسِتشهد بـ”أبو حمزة القرشي” دون الكشف عن كواليس مقتله
العدد الجديد من صحيفة النبأ تجنب أي إشارة لمصير أبو سارة العراقي، أمير الإدارة العامة للولايات، وأبو خديجة العراقي والي العراق بداعش، والذين قُتلا في فبراير الماضي
أعاد تنظيم داعش نشر مقتطفات من كلمة صوتية قديمة للمتحدث الرسمي السابق أبو حمزة القرشي (المهاجر)، الذي قُتل على الأرجح في نوفمبر/ تشرين الثاني 2021، دون الإشارة إلى كواليس مقتله أو أي معلومات عنه لتبقى هويته الحقيقية وتفاصيل ما جرى له مجهولة لأتباع وأنصار التنظيم.
ونشرت صحيفة النبأ الأسبوعية (عدد 381)، الصادرة عن ديوان الإعلام المركزي والناطقة بلسان داعش، جزءًا من كلمة سابقة لـ”أبو حمزة القرشي”، في الصفحة الأخيرة من الصحيفة تحت عنوان: “وصايا للمجاهدين 4″، وركزت تلك الوصايا على حث جنود التنظيم على عدم الخوض في المناقشات الجانبية أو فتح باب التخمينات والظن بشأن التنظيم وأوضاعه الحالية، محاولة تصوير البقاء في التنظيم بأنه “نعمة كبيرة” يجب على عناصره شكرها، وفق تعبير أسبوعية النبأ.
وتجنبت الصحيفة ذكر أي تفاصيل عن أبو حمزة القرشي، والذي عمل قبل مقتله في مؤسسة الحياة للإنتاج الإعلامي المسؤولة عن الإصدارات باللغات الأجنبية التي تصدر عن التنظيم وكان معلقًا صوتيًا في بعض الإصدارات قبل أن يتولى منصب المتحدث الرسمي ويشغل منصب نائب ووزير خليفة داعش (الأسبق) أبو إبراهيم القرشي/ حجي عبد الله قرداش.
وأعلن داعش، رسميًا، مقتل أبو حمزة القرشي في مارس/ آذار 2022، عبر كلمة صوتية نشرتها مؤسسة الفرقان الإعلامية التابعة لديوان الإعلام المركزي للمتحدث الإعلامي الجديد (الحالي) أبو عمر المهاجر، والذي أكد مقتل أبو إبراهيم القرشي، وأبو حمزة القرشي، في توقيت لم يحدده، مكتفيًا بالقول إنهما قُتلا في الأيام التي سبقت نشر كلمته الصوتية، وهو ما أوحى بأنهما قُتلا معًا في الهجوم الأمريكي على مقر اختباء أبو إبراهيم القرشي بمدينة أطمة السورية على الحدود مع تركيا.
وعلى الجهة الأخرى، أعلن منشقون عن داعش ومصادر مطلعة على شؤون التنظيمات الجهادية أن أبو حمزة القرشي قُتل في غارة على مدينة جرابلس السورية، في نوفمبر/ تشرين الثاني 2021، لكن التنظيم تكتم على هذا الخبر، حتى اضطر للاعتراف به في مارس/ آذار 2022، عندما أُجبر على الاعتراف بمقتله خليفته (الأسبق) أبو إبراهيم القرشي، بعد إعلان الولايات المتحدة الأمريكية عن استهدافه في أطمة السورية.
محاولة جديدة لاستغلال زلزال تركيا وسوريا
وفي سياق متصل، حاول داعش من جديد استغلال الزلزال الذي ضرب مناطق بجنوب تركيا وشمال سوريا، في فبراير/ شباط الماضي، وذلك عبر مقال افتتاحي نشرته أسبوعية النبأ بعنوان: “أهل الشام وخذلان العالم”، ألمح فيه إلى أن تأخر وصول المساعدات الإنسانية للمتضررين من الزلزال في شمال سوريا، ووصولها في نفس الفترة إلى تركيا ومناطق سيطرة النظام السوري.
وزعم داعش أن تأخر وصول المساعدات الإنسانية لشمال سوريا مرتبط بعدم وجود تهديد إرهابي، وكذلك بهزيمة تنظيم داعش الذي أجمعت دول “مجموعة أصدقاء سوريا” وغيرها على محاربته والقضاء عليه، كما هاجم النظام التركي ووصفه بأنه تجاهل شمال سوريا لأنه ليس مؤثرًا في الانتخابات المرتقبة في تركيا، وفق قول صحيفة النبأ.
ولم يفت التنظيم أن يدعو أهالي وسكان الشمال السوري للانضمام إليه، معتبرًا أن القتال مع التنظيم هو الطريق الوحيد لإعادة حقوق المتضررين في شمال سوريا وغيرهم، وفق قوله.
ويسعى التنظيم إلى الاستفادة من الزلزال لإعادة تقديم نفسه للسوريين، محاولا اجتذاب وتجنيد مقاتلين جدد، لا سيما مع الضربات الأخيرة التي تلقاها التنظيم وخسارته عدد كبير من قادته وكوادره، وتراجع معدلات التجنيد في مناطق نشاطه التقليدية بسوريا والعراق.
ومن اللافت أن تنظيم داعش لم يُظهر تضامنًا حقيقيًا مع المتضررين من الزلزال في تركيا وسوريا، بل اعتبر أن الزلزال عقاب إلهي وابتلاء رباني، وفق تعبير صحيفة النبأ في عددها الصادر عقب الزلزال مباشرة (377)، وهو ما يدلل على أن التنظيم يتعامل ببراجماتية مع الكارثة التي ضربت جنوب تركيا وشمال سوريا، ويسعى لتوظيفها لتعويض تراجعه وكسب الزخم من جديد.
عودة الهجمات لأفغانستان
إلى ذلك، قالت صحيفة النبأ إن فرع داعش في أفغانستان”ولاية خراسان” نفذت هجمات ضد جماعة طالبان، خلال الأسبوع الماضي، وقتلت 7 عناصر من الجماعة بينهم قيادي إداري بولاية هيرات غربي أفغانستان.
وأضافت الصحيفة أن أحد انغماسيّ التنظيم هاجم سيارة تقل قيادي بجماعة طالبان وتمكن من قتله والعودة إلى مخبأه مرة أخرى، فيما نشرت وكالة أعماق، الذراع الإخبارية لداعش، مساء أمس، مقطعًا مرئيًا يُظهر عملية الاغتيال التي وقعت في هيرات.
وكانت عمليات التنظيم في أفغانستان توقفت منذ منتصف ديسمبر/ كانون الثاني 2022، وذلك بفعل حملة الملاحقة التي تشنها جماعة طالبان ضد ولاية خراسان، والتي أدت لمقتل واعتقال العشرات من مقاتليها.
ومن أفغانستان إلى باكستان، أشارت صحيفة النبأ إلى الهجوم الذي نفذه أحد انتحاريّ التنظيم ضد حافلة للشرطة الباكستانية في بلدة سيبي، بمنطقة بلوشتسان، وأسفر عن مقتل عدد من أفراد الشرطة كانوا في طريق العودة من تأمين احتفالية محلية ببلوشستان.
وطرأ ارتفاع طفيف على هجمات داعش، خلال الأسبوع الماضي، 19 هجومًا في 8 دول، مقارنة بـ16 هجومًا في الأسبوع الذي سبقه، واحتلت العراق ساحة العمليات المركزية إذ شهدت 5 هجمات من أصل 19 هجومًا، وتلتها غرب إفريقيا التي شهدت 5 هجمات أيضًا، بينما حلت أفغانستان في ذيل القائمة بهجوم واحد فقط.
وما زال المعدل الحالي للهجمات هو الأقل في السنوات الماضية، وتؤكد إحصائيات العمليات التي تنشرها صحيفة النبأ ووكالة أعماق أن هجمات داعش تراجعت، خلال العام الماضي، بنسبة الربع تقريبًا، في ما تراجعت الهجمات في العراق، ساحة العمليات المركزية للتنظيم، بنسبة 57%، وهو التراجع الأكبر في تاريخ التنظيم.
ومن الجدير بالذكر أن العدد الجديد من صحيفة النبأ تجنب أي ذكر لمقتل أبو سارة العراقي/ عبد الرؤوف المهاجر، علي سلمان جاسم محمد الجبوري، أمير الإدارة العامة للولايات بداعش (إدارة الولايات البعيدة سابقًا) والموصوف بأنه الرجل الأول في التنظيم، والذي قُتل في 24 فبراير/ شباط 2023 في غارة للتحالف الدولي، أو لمقتل أبو خديجة العراقي عبد الله مكي الرفيعي، والي ولاية العراق وأمير مكتب بلاد الرافدين بداعش، والذي قُتل في عملية لجهاز مكافحة الإرهاب العراقي بالتعاون مع المخابرات الوطنية العراقية بوادي حوران في صحراء الأنبار، في فبراير الماضي.