إصدار جديد للقاعدة.. هل يتلاعب التنظيم بأنصاره بالخلط بين سيف العدل ونجله؟
القاعدة ينشر إصدارًا جديدًا.. ما علاقته بمكان سيف العدل ونجله خالد؟
نشرت مؤسسة السحاب، الذراع الإعلامية لتنظيم القاعدة، إصدارًا (مطبوعًا) جديدًا، لسيف العدل، محمد صلاح الدين زيدان، الذي يُعتقد أنه الأمير الفعلي لتنظيم القاعدة في الوقت الحالي.
وحمل الإصدار الجديد عنوان: “الرمز بين الدين والإنسان” وجاء مذيلًا بتوقيع “حازم المدني” الذي لم تورد مؤسسة وصفًا له، بيد أن هذا الإصدار سبق ونشره موقع “مافا السياسي” الذي يُديره مصطفى حامد، أبو الوليد المصري، صهر سيف العدل، باسم “عابر سبيل” وهو الاسم الحركي الثاني لسيف العدل والذي يستخدمه عادةً في نشر المقالات والرسائل المختلفة عبر موقع صهره.
ولم يتضمن الإصدار الجديد الذي نشرته مؤسسة السحاب، مساء الأحد، أي جديد يختلف عن ما سبق نشره عبر الموقع الذي يديره مصطفى حامد، أبو الوليد المصري، وهو ما يعني أن الجناح الإعلامي للقاعدة أضحى يعمل بصورة متناغمة مع “حامد”، وهو ما ظهر في عدد من المناسبات السابقة منها بيان تنظيم القاعدة الذي هاجم فيه بطولة كأس العالم 2022 بقطر، وبيان انتقاد قمة جدة للتنمية والأمن في يوليو/ تموز 2022.
اعتراف بوجود سيف العدل في إيران
ونشرت “أخبار الآن”، منذ عدة أشهر، عرضًا وتحليلًا لرسالة سيف العدل المعنونة بـ”الرمز بين الدين والإنسان”، وهي الرسالة التي نُشرت في أعقاب مقتل أمير القاعدة الراحل أيمن الظواهري في إغارة أمريكية على مقر إقامته بالعاصمة الأفغانية كابل، في 31 يوليو/ تموز الماضي.
واعترف “سيف العدل”، ضمنيًا، في الرسالة بأنه يُقيم في إيران، معللًا إقامته فيها بالضرورة وعدم القدرة على مغادرتها في ظل وجود أسرته بداخلها، وأن حليفه الإيراني لا يسمح له بمغادرة أراضيه إلا إلى القبر، وفق قوله، كما روج سيف العدل لنفسه في تلك الرسالة معتبرًا أنه اكتسب رمزيته من مشاركته في المعارك جنبًا إلى جنب مع مقاتلي تنظيم القاعدة، بينما غيره من القادة لم يكتسب نفس خبرته ورمزيته ووصفهم بأنهم “رموز من الدرجة الثانية”.
وأشارت رسالة سيف العدل إلى وجود انقسامات في قيادة القاعدة العليا، في مرحلة ما بعد أيمن الظواهري، ووجود تنافس على من يتولى منصب أمير القاعدة، ولا سيما في ظل وجوده وعدد آخر من كبار قادة القاعدة في إيران، محاولًا تبرير إقامته فيها بأنها من قبيل العلاقة مع الحلفاء والتي تختلف عن العلاقة مع الأصدقاء، معيدًا تكرار عبارته الشهيرة “الحليف يتحالف معك ويتحالف عليك”، والتي سبق أن استخدمها في كتابيه السابقين السابقة: “الصراع و رياح التغيير الجزء الأول (الصراع .. الفكر .. التنظيم) ، وقراءة حرة في كتاب 33 استراتيجية للحرب”.
“ابن المدني” وألاعيب “القاعدة” للخلط بين سيف العدل ونجله
على نفس الصعيد، ألمحت مؤسسة السحاب عبر عملية إعادة نشر رسالة سيف العدل الأخيرة، بصورة ضمنية، إلى وجود خالد نجل سيف العدل في اليمن، إذ أن المؤسسة نشرت الرسالة الأخيرة باسم “خالد المدني”.
فوفقًا لمصادر قيادية بتنظيم القاعدة في اليمن فإن خالد نجل سيف العدل ينشط باسم حركي هو “ابن المدني”، موضحةً أن خالد سيف العدل وصل إلى اليمن في 2016، ويتولى مسؤولية التنسيق والاتصال بين الفرع اليمني للقاعدة والقيادة العامة للتنظيم “قاعدة خراسان”.
وربما كانت مؤسسة السحاب تحاول التمويه وخلط الأوراق عبر نشر الرسالة الجديدة باسم خالد المدني، حتى تعتقد الدوائر المهتمة بالتنظيم أن كاتبها هو نجل سيف العدل وليس سيف العدل نفسه، رغم أن هذه الرسالة سبق نشرها بالاسم الحركي “عابر سبيل” وهو اسم معروف أن “سيف العدل” يستخدمه بنفسه.
ومن الجدير بالذكر أن سيف العدل استخدم لقب “المدني” في بداية انضمامه لتنظيم القاعدة أواخر ثمانينيات القرن الماضي، وعُرف وقتها باسم “إبراهيم المدني”، وذلك وفقًا لشهادات ومصادر متطابقة، منها ما أورده الصحفي كميل الطويل في كتابه “القاعدة وأخواتها: قصة الجهاديين العرب”، عن القيادات المصرية بتنظيم القاعدة، وأكدته مراسلات ووثائق التنظيم الصادرة في نفس الفترة.
ويبدو أن سيف العدل عاد لاستخدام لقبه القديم “المدني”، مرة أخرى، من أجل الترويج لنفسه على أنه من قادة القاعدة القدامى، رغم أن صهره مصطفى حامد، أبو الوليد المصري، أكد في مقدمة كتابها تعليقًا على رسائل سيف العدل الخمسة التي أرسلها لموقع”مافا”، في 2010، أن الأخير لم يكن من مؤسسي تنظيم القاعدة وإنما انضم للتنظيم بعد إنشائه وصار واحدًا من القيادات البارزة به.
وكذلك، أقر أبو محمد المصري، عبد الله أحمد عبد الله، نائب أمير القاعدة ورفيق سيف العدل سابقًا في كتابه “عمليات 11 سبتمبر بين الحقيقة والتشكيك” بأن سيف العدل، محمد صلاح الدين زيدان، لم يكن من مؤسسي تنظيم القاعدة وإنما وصل إلى أفغانستان عام 1989، والتحق بمجموعة الملا جميل الرحمن في كونر الأفغانية (أقصى شرق البلاد)، ولكنه لم يستمر معهم طويلًا وانضم إلى تنظيم القاعدة في نفس العام، وتزوج من ابنة مصطفى حامد، عام 1990.
وكانت لجنة رصد الجزاءات المعنية بملف داعش والقاعدة في مجلس الأمن الدولي قالت في تقريرها الصادر في فبراير/ شباط 2023 إن سيف العدل أصبح الأمير الفعلي لتنظيم القاعدة بلا منازع، لكن التنظيم لم يعلن لاعتبارات منها وجوده في إيران، وأيضًا لعدم الرغبة في إحراج حركة طالبان الأفغانية بتأكيد مقتل أيمن الظواهري، أمير التنظيم السابق، في كابل.