مؤسسة السحاب تعيد النشر من موقع مافا وتؤكد الأثر الإيراني في فكر سيف العدل
مساء الأحد 12مارس، نشرت مؤسسة السحاب، الذراع الإعلامية لقيادة تنظيم القاعدة، مقالاً بعنوان: “الرمز بين الدين والإنسان” كتبه حازم المدني. فمن هو “حازم المدني” بحيث تنشر له السحاب وتقدم له بإعلان “قريباً“ يجوب مجموعات أنصار تنظيم القاعدة؟ لاحقاً، نشرت السحاب المقال في الموقع الرسمي للمؤسسة.
المدني
“المدني” اسم لم يعد غريباً هذه الأيام بعد أن كشف الصحفي في أخبار الآن، عاصم الصبري، اللثام عن أن سيف العدل، القيادي الأشهر اليوم في تنظيم القاعدة، أرسل ابناً له إلى اليمن ليعمل قريباً من زعيم التنظيم هناك خالد باطرفي. وكشف الصبري عن أن قلة قليلة في تنظيم قاعدة اليمن يعرفون الشاب بلقب ”ابن المدني.“ كما أن “إبراهيم المدني” هو أحد الأسماء التي يُعرف بها سيف العدل بحسب بيان المكافآت من أجل العدالة التابع للخارجية الأمريكية.
وبالفعل، يبدو أن حازم المدني الذي تنشر له السحاب هو سيف العدل نفسه، الذي يعيش في إيران حراً طليقاً بحسب ما نقل القيادي خالد العاروري أبو القسام الأردني في أكتوبر 2017.
سيف العدل وقياديون آخرون مع عائلاتهم قبلوا عرضاً من إيران للجوء إليها بعد دخول أمريكا أفغانستان في 2001، وأُطلق سراح سيف العدل في صفقة تبادل أسرى بين إيران وقاعدة اليمن في 2015، لكن سيف فضل البقاء في إيران. وبهذا سيف العدل يمثل شوكة إيرانية في حلق القاعدة وأنصارها.
المدني وعابر سبيل
قادنا البحث عن المدني إلى مقال يحمل ذات عنوان مقال السحاب، ”الرمز بين الدين والإنسان،“ ولكنه منشور في موقع ”مافا“ الإيراني الذي يديره صهر سيف العدل، والد زوجته مصطفى حامد أبو الوليد، هو أيضاً يعيش في إيران في حرية مطلقة. أبو الوليد كان ممن لجأ إلى إيران إبان غزو أفغانستان. غادر طهران في 2011 إلى مصر ولكنه عاد في 2016. منذ ذلك الوقت وهو يُبشر بتكرار تجربة ثورة الخميني في الرقعة الإسلامية.
مقال مافا منشور في تاريخ 21 أكتوبر 2022 تحت اسم ”عابر سبيل.“ ونحن نعلم الآن أن عابر سبيل هو اسم مُستعار اختاره أبو الوليد لصهره سيف عندما نشر له أول مرة في ديسمبر 2010 سلسلة رسائل ينتقد فيها تنظيم القاعدة، علمًا بأن تفاصيل هذه الرسائل موجودة في الجزء الثاني من سلسلة متلازمة طهران على أخبار الآن.
أبو الوليد قدّم لكاتب تلك الرسائل بأنه ”عضو قديم في تنظيم القاعدة، ليس من مؤسسي التنظيم ولكنه يعتبر أهم من تولى مسؤوليات تنفيذية في مجالات التدريب وإدارة المعسكرات والأمن والعمل العسكري بشكل عام … قام بدور بارز في الصومال .. أيضاً في معركة قندهار الأخيرة عام 2001… (أصبح) أقدم وأهم شخصيات الصف الميداني الأول (بعد قتل أبي عبيدة البنشيري وأبي حفص المصري.“ هذه كلها أعمال وصفات تُحسب لسيف العدل.
ما بين المدني وعابر سبيل
عند مقارنة النسختين: نسخة السحاب ونسخة مافا، نجد مفارقات لافتة. أولاً، خلت نسخة السحاب من الهوامش التي تشير إلى أعمال سابقة لعابر سبيل فيما يبدو أنه محاولة لتقديم المقال على أنه ”جديد.“
ثانياً، أضيفت إلى نسخة السحاب فقرات أخيرة تبدو غريبة عن النص. فحوى هذه الفقرات باختصار هو أن الكوارث ”عقوبة ربانية“ أوقعها ”استمرار الحال على ما هو عليه، أو بقاء العالم أسيراً بين يدي قادة الطغيان والجشع والأنانية.
“ نسخة مافا تنتهي بـ“ وعلى الرغم من فهم وعلم الإنسان بعواقب أعماله؛ إلا أنه إذا تعلم لم يدرك مراد ربه و إذا استغنى طغى.“ تبدو هذه الفقرات محاولة لترسيخ فكر قاعدي يدعى إلى التجييش والحشد؛ فالخلاص من هذه ”الأوبئة“ لا يكون إلا بتبني أفكار القاعدة والعمل على تنفيذها. بمعنى أن مسؤولية إنقاذ الكون يقع على كاهل هؤلاء.
المقال هو دعوة للالتفاف حول قائد ”رمز“ له صفات تفوق البشرية؛ يكتسبها من الدين فيصبح ”الدين“ هو الرمز.
ثالثاً، بالرغم من هذا، تبدو نسخة السحاب محبوكة أكثر من حيث اللغة. فثمة كلمات مفتاحية مفقودة في جملة أو اثنتين في نسخة مافا، أو كُتبت خطأ. فمثلاً: ”والأهم نقاط الالتقاء مع المحيطات“ الواردة في نسخة السحاب كُتبت ”والأهم نقاء الالتقاء مع المحيطات.“
رابعاً، ربما الأهم هو إقحام القاعدة في نسخة السحاب؛ إذ خلت نسخة مافا من أي ذكر لتنظيم القاعدة. هنا، يتحدث الكاتب عن ”التغيير“ وكيف يجب أن يكون ”شمولياً“ وكيف أن ”الشعب (كان) عبقرياً عندما أطلق شعار [الشعب يريد إسقاط النظام]، وكيف أن “بعض الأنظمة تقف خلفها قوى إقليمية وعالمية، ولا بد من وضعهم ضمن قائمة الأعداء في استراتيجية التغيير”.
هذا آخر ما جاء في الفقرة المعنية في نسخة مافا، أما في نسخة السحاب، فقد استطرد الكاتب ليقول: “ومن هنا نرى عبقرية القاعدة التي غدت طليعة الأمة في العمل على إسقاط النظام العالمي”.
أحلام وردية
لماذا تعيد السحاب نشر مقال من موقع مافا الإيراني، وتلبسه حلّة جديدة من قبيل تسمية الكاتب ”حازم المدني“ بدلا من ”عابر سبيل“ خاصة بعد أن كشفت أخبار الآن عن اسم المدني وقربه من سيف العدل؟
لماذا تنشر السحاب من موقع مافا الإيراني؟، الذي يديره رجل معروف بخلافه العلني مع تنظيم القاعدة ومع أسامة بن لادن شخصياً.
في العام 2009، كتب أبو الوليد رسالة إلى مجلس شورى القاعدة ينصح فيها أسامة بن لادن بحل التنظيم ويقول فيها إن “الأخ أسامة بن لادن مُدان بمخالفة صريح أوامر الملا عمر، وأقدم على فعل أدى إلى إشعال حرب ضروس”.
ماذا يريد مسؤولو السحاب أن يقولوا؟ هل يريدون تبييض صفحة سيف العدل من الأثر الإيراني في مقدمة إعلان الرجل خلفاً للظواهري؟ يأتي هذا في وقت ما انفك فيه أنصار القاعدة ينفون الأثر الإيراني بل ويستهزئون بمن يتحدث في هذه المسألة خاصة عندما نسلط الضوء على سلوك التنظيم في اليمن الذي بات يخدم الحوثيين المدعومين إيرانياً. فلماذا يتوافق إعلام القاعدة الرسمي مع إعلام إيراني خالص معادٍ للقاعدة؟
مطلع العام، كتب أحد أشد المناصرين للقاعدة منشوراً يصف فيه بـ “الأحلام الوردية” تقاريرنا عن أن “القاعدة أصبحت تابعة لإيران”؛ ويقول: “من يعيش منكم ويطول عمره، سيشاهد في عام 2050 في نفس (الـ) قنوات … أن تنظيم القاعدة في طريقه للزوال وهو يشهد انشقاقات وصراعات داخلية والتنظيم بايع إيران ويوجد على موقع مافا كذا وكذا وأنا أقولكم خليكم على موقع مافا واشبعوا منه”.
فيبدو أن العام 2050 بات أقرب مما نظن.