ماذا تريد روسيا من تونس؟
قال محمد رجايبية، المسؤول باتحاد الفلاحة التونسي، إنه يتوقع موسم حبوب “كارثياً”، بتراجع نحو 75% في المحصول بسبب الجفاف الحاد.
المسؤول باتحاد الفلاحة أضاف أنه يتوقع أن يتم تجميع ما بين 200 ألف طن و250 ألف طن هذا الموسم مقابل 750 ألف طن تم تجميعها العام الماضي.
من جهته، قال السفير الأمريكي في تونس، جوي هود، إن الغزو الروسي لأوكرانيا أثّر سلباً على الاقتصاد التونسي، مؤكداً أن بلاده تنوي إرسال بواخر قمح إلى تونس، في محاولة لقطع الطريق على روسيا، التي تسعى لتعزيز نفوذها في القارة الإفريقية.
وأوضح السفير: “عدّلنا من مساعداتنا الموجهة لتونس، وسيتم تخصيص جزء كبير لتخفيف آثار الغزو، وخلال الفترة القادمة سنرسل بواخر محملة بالقمح إلى تونس”.
وقال جوي: “ستواصل الولايات المتحدة دعم القوات الأمنية التونسية التي نجحت في محاربة الإرهاب، ولكن الأولوية الآن هي لدعم الاقتصاد باعتباره القطاع الأكثر تأثّراً بالأزمة”.
وكشف هود عن برنامج أمريكي بقيمة 60 مليون دولار سيركز على “تسريع الإصلاحات في تونس وخلق تكنولوجيات ذات فاعلية ملائمة لتغير المناخ، وخاصة أن تونس من أكثر الدول تأثّراً بالتغيّر المناخي”، مضيفاً أنه تم إطلاق برنامج بقيمة 7 ملايين دولار لصالح 9000 من الفلاحين والبحارة بهدف توفير تقنيات وتكنولوجيات ملائمة للتغير المناخي وزيادة الإنتاج.
ويأتي ذلك بعد أيام من تأكيد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أن بلاده مستعدة لنقل الحبوب والأسمدة للدول الإفريقية مجاناً.
ماذا تريد روسيا من تونس؟
على غرار الصين تحاول روسيا استقطاب الدول الإفريقية بعد عداوتها مع الدول الغربية، فمن جهة تسعى موسكو لحشد داعمين لها مما يعزز موقفها في حربها على أوكرانيا ويخفف من وطأة العقوبات الدولية عليها.
وتطمح روسيا لبسط نفوذها على كامل القارة الإفريقية، من أجل استغلال ثرواتها الباطنية كما هو الحال في مالي وبوركينا فاسو وغينيا وإثيوبيا والسودان وغيرها من بلدان إفريقيا الوسطى.
اتجهت أنظار روسيا إلى شمال إفريقيا، حيث تقع تونس، البلد المتضرر من تداعيات الغزو الروسي على أوكرانيا، فدُمّر اقتصاديا وشتت اجتماعيا، لتأتي روسيا من بعد الصين لتستنزفه أكثر.
تحاول موسكو كسب النفوذ في إفريقيا دون الاستثمار فيها، وهي إستراتيجية لا يمكن أن تكتسب زخمًا إلا إذا رأى بعض القادة الأفارقة في روسيا وسيلة لإثبات قبضتهم على السلطة بغض النظر عن الإرادة الشعبية.
إن نهج روسيا غير المتكافئ في اكتساب النفوذ في إفريقيا ملحوظ أيضًا في أن هذه “الشراكات” مع القادة الفرديين الذين تدعمهم موسكو وليس مع الشعوب.
سيطرة الدب الروسي على القارة السمراء
لم تتوقف مساعي روسيا في تعزيز تواجدها في أفريقيا على الجانب العسكري بل سعت إلى بيع التكنولوجيا النووية لعدد من البلدان الأفريقية مثل زامبيا ورواندا وإثيوبيا ونيجيريا حيث تبنى موسكو محطات للطاقة النووية.
روسيا مصدر أقل من 1% للاستثمار الأجنبي المباشر في إفريقيا. وبالتالي، من الناحية الموضوعية، فإن روسيا لا تجلب إلا القليل للقارة.
وفي السنوات الأخيرة أقامت روسيا علاقات مع العديد من الدول الأفريقية كان الدافع وراء ذلك عوامل جيوسياسية واقتصادية، حيث تسعى موسكو إلى تعزيز وجودها في المنطقة.
نتيجة لذلك ازداد تسليم الأسلحة الروسية للجيوش الأفريقية بشكل كبير حيث زادت صادراتها من الأسلحة إلى إفريقيا بنسبة 23 بالمائة خلال السنوات الأربع الماضية مقارنة بفترة السنوات الأربع السابقة.
وتضاف هذه الأزمة إلى أزمة المياه التي تشهدها تونس من موجة جفاف خطيرة مستمرة منذ 4 سنوات، مما يهدد البلاد بالعطش، وهو ما دفع مسؤولين في وزارة الزراعة للقول إن الوزارة قد تشرع بقطع المياه ليلاً في الصيف؛ لترشيد الاستهلاك في ظل شح مخزونات المياه، وهو ما أثر بشكل كبير على الإنتاج الزراعي.