ابن الدكتورة التي قتلت باشتباكات السودان يروي لأخبار الآن عن صدمته بخبر وفاة والدته
قتلت الدكتور السودانية نجوى حمد بسبب قذيفة سقطت على منزلها جراء الاقتتال الدائر بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع حيث تعيش الخرطوم وعدد من المدن السودانية أوضاعا مأسوية مع تزايد عدد القتلى والمصابين وسط المدنيين، وتعرض عدد من المنازل لقصف بالذخائر والمتفجرات جراء الاقتتال الذي تسبب في حالة هلع لدى لمواطنين وانقطاع شبه كامل لخدمات الكهرباء والمياه في أجزاء واسعة من العاصمة الخرطوم.
أخبار الآن تواصلت مع ابن الدكتورة نجوى حمد، خالد عثمان الذي يعيش حالياً في الولايات المتحدة وروى لنا تفاصيل ما حدث.
السؤال الأول: حضرتك ابن الدكتورة نجوى التي اصيبت بطلق ناري للأسف في الخرطوم ودفعت حياتها الثمن.. أنت موجود بأمريكا الآن أخبرنا أكثر عن التفاصيل وما الذي جرى؟
صحيح أنا في أمريكا الحمد لله، على صباح يوم الأحد الموافق 16 أبريل تلقيت خبر من أخي نور الدين أن والدتي توفيت وانتقلت إلى رحمة المولى بسبب قذيفة سقطت على منزلنا في الخرطوم والقذيفة اخترقت النوافذ وضربت والدتي ومن ثم توفيت.
السؤال الثاني: نعلم أن الموضوع صعب عليك جداً.. أخبرنا خالد أي نوع من الأشخاص كانت أمك كيف ستتذكرها؟
أمي هم ملاك ما شاء الله عليها، وهي شخصية طيبة جداً لم أكن أعلم أن الكثير من الأشخاص يحبون أمي حتى دخلت على تويتر وقرأت تعلقيات الناس، كما أن اتحاد الأطباء المركزيين كاتبين نعي أليم عن والداتي، ورأيت عدد من الأشخاص والزملاء والتلاميذ والنواب والأخصائيين وحتى الأصحاب والأصدقاء، و حتى من المرضى يعزون فيه في وفاة أمي التي كانت تحب وظيفتها جداً ولم يحصل أن ترفض شخص لم يستطيع سداد مبلغ الكشف، وهي أخصائية عيون متخصصة بالجلوكوما.
السؤال الثالث: خالد أنت كيف تلقيت هذا الخبر يعني من الذي أخبرك وماذا كانت ردة فعلك؟
بصراحة الخبر كان مفاجئ جداً بالنسبة لي أنا أخر لحظة تحدثت مع أمي كانت قبل أربعٍ وعشرين ساعة من خبر الوفاة، وذلك بسبب تواجدي في أمريكا وفرق التوقيت وصعوبة التواصل بشكل يومي بسبب فرق التوقيت والعمل والأوضاع في السودان والانترنت الذي يفصل طول الوقت والكهرباء التي تنقطع بشكل متكرر.
عندما علمت بالخبر كنت قد عدت من صلاة التراويح بتوقيت أمريكا و خمسة ونصف صباحاً بتوقيت السودان وعند دخول المنزل رأيت رسالة صوتية من أمي عبر الواتس أب وهي تتقول لي أسمع أصوات القذائف والإنفجارات كانهم في منطقة حرب وليس العاصمة أو مدينة وبعد ساعة من هذا التسجيل فتحت “الواتس أب” ومن ثم وجدت رسالة من أخي “نور الدين” يقول أن أمي أصيبت بقذيفة، في البداية لم أصدق ما قاله أخي وكنت أعتقد إنها مزحة وحاولت الإتصال به ولكن لم يجيـب علي إتصالي ومن ثم بعد رابع إتصال جاوبني وكان صوته يرجف ويتمتم وقال لي “أمي أمي توفيت” وفي هذه اللحظة أنا لم اتمالك نفسي بدأت بالبكاء والصراخ واضرب الجدار لم أصدق ماسمعت.
أنا والدي الدكتور عصام نور الدين حاول إنقاذها من خلال الإسعافات الأولية لكن للأسف الضربة كانت قاتلة ولم يستطيع إنقاذها وفي تلك اللحظة كنت أريد السفر لكن المطارات في السودان مغلقة لكن ذهبت للمطار في تلك اللحظة التي تلقيت فيها خبر وفاة أمي وسافرت من ولاية أوهايو حتى أستطيع إنتظار الطيارة القادمة ولكي أستطيع السفر للخرطوم لكن للأسف لم أستطيع ومن ثم جلست مع عمتي هنا وبعض من أقاربي وكان خبر صادم جداً لي.
السؤال الرابع: أخر اتصال بينك وبين والدتك هل شعرت بالخوف عليها؟ هل طلبت منها أن تختبئ أن تنتبه على نفسها؟ ما الحديث الذي دار بينك وبينها؟
أمي طول الوقت لا تفكر بنفسها كانت والداتي تحدثني في أخر مكالمة عن قريبة لنا في المشفى ودائما تفكر بالغير وأمي لم تخف على نفسها وأخر حديث لها معي كانت تتناقش على إجراءات الفيزا وأوراق السفر والجرين كارد”.
السؤال الخامس: هل علمتم من ضرب هذا القذيفة نتحدث عن قذيفة ضُربت على أحياء سكنية ضرب عشوائي في منطقة سكن هل تحملون المسؤولية لأحد؟ هل من الممكن في يوما ما أن تحققوا لها العدالة؟
لم أعلم من المسؤول لكن أنا كل الذي أعلمه من الأخبار التي اتابعها عن الحرب الحاصلة في السودان هي بين طرفي نزاع القوات النظامية في البلاد, ولم أتخيل أن يكون الذي أطلق القذيفة مدني, فكل يوم نسمع عن هذه الحرب بين الطرفين وإطلاق الرصاص والقذائف والصواريخ في منتصف الخرطوم والمدن السودانية، فأنا أتوقع أنه أحد من طرفي النزاع في السودان هو الذي أطلق القذيفة التي أصابات منزلنا وقتلت أمي، ولأسباب أمنية لعائلتي لا أستطيع لوم أحد وخوفاً عليهم من الإنتقام.
السؤال السادس: والداتك لها عشرين سنة دكتورة بالخرطوم ..هل فكرت بالهجرة خارج البلاد حتى تعيش بأمان واستقرار؟
والداتي رفضت تماماً أن تترك السودان وتغادره ولها مايقرب عشرين سنة في نفس مشفى العيون في الخرطوم وتُـحب مرضاها بشكل كبير ورفضت فكرة أن تعمل خارج السودان كانت تريد أن تنفع بلدها وأهلها وأولاد بلدها.
السؤال السابع: هل استطعتم دفنها بسبب القتال الدائر الآن في السودان؟
هذا الجزء كان هو الأصعب و أصعب موقف يمر به والدي أنه وسط المعركة كان من الصعب أن تصل سيارة الإسعاف ولم نستطيع نقل والدتي بسيارة الإسعاف للمشفى بل بسيارتنا الخاصة بمساعدة شخص من أقاربنا ولكن لم نستطع إستخراج شهادة وفاة بسبب الظروف الحالية لكن الحمدلله أستطعنا نقلها إلى المقبرة ودفنها في منتصف الحرب.
السؤال الثامن: كم هو صعب عليك أنت وأخيك بالغربة أنكم لاتستطيعون التواجد في السودان لكي تحضروا الدفن؟
شعور صعب جداً أن لا تستطيع أن تذهب إلى بلدك وتشارك بدفن أمك إحساس أنك مخنوق ولا تستطيع التنفس وهذه أمي التي من المفترض أن اكون معها في دفنها موقف صعب جداً علي وعلى أخي بالتأكيد.
السؤال التاسع: خالد كيف تريد أن يتذكر الشعب السوداني والداتك؟
أمي شهيدة هي شهيدة بإذن الله. أطلب من الشعب السوداني أن يتذكرها بروحها البشوشة وأن يدعو لها، وأمي بحياتها لم تظلم أحد وأريد من الشعب السوداني أن يتذكر والدتي بأنها الدكتورة التي تخاف عليهم وتُـحبهم والحمدلله على كل حال ونسأل الله أن يحاسب من كان المسؤول عن ما حصل لوالداتي.