وثائق داعشية تكشف: توجيهات أبو سارة العراقي حولت التنظيم لـ”عصابة لصوص”
- تسريبات وتقارير تُثبت انخراط داعش في عمليات سلب المدنيين
أعلنت قوات سوريا الديمقراطية أنها ألقت القبض على قيادي داعشي عمل في مجال التخطيط العملياتي والدعم اللوجيستي للتنظيم، خلال عملية أمنية تمت بدعم ومراقبة جوية من التحالف الدولي، في بلدة “جديد بكارة”، الواقعة في ريف دير الزور الشرقي، مضيفة أن القيادي الداعشي عمل في نقل الأسلحة والعبوات الناسفة والذخيرة والأموال إلى خلايا التنظيم في منطقة دير الزور وشمال وشرق سوريا، كما نشط في رسم خطط الهجمات للخلايا التي يقودها.
وأتت العملية التي نفذتها قوات سوريا الديمقراطية، في وقت سابق، بعد ساعات معدودة من عملية أخرى نفذتها قوات تابعة للقيادة المركزية الأمريكية بقرية السويدة التابعة لناحية غندورة في ريف جرابلس، شمالي سوريا، والتي أدت إلى مقتل 3 من كوادر داعش من بينهم عبد الهادي محمود الحاج، أحد مسؤولي التخطيط لهجمات داعش في الشرق الأوسط وأوروبا، وإبراهيم المعن (إبراهيم شيخ موسى)، الأمني العام لداعش في سوريا ونائب والي الشام.
وتسببت حملة الاستهداف المكثفة لقادة داعش البارزين إلى تقويض فاعلية قيادته العليا، مما جعل القيادة المركزية للتنظيم غير قادرة على إدارة الأفرع الخارجية وإمدادها بالتمويل والدعم اللازم، حسبما تكشف وثائق وتسريبات من داخل داعش.
فوفقًا لتقرير مطول سُرب من أرشيف داعش ويتناول العمليات في الكونغو الديمقراطية، التي يُسميها داعش بولاية وسط إفريقيا، فإن المجموعات المرتبطة بداعش هناك تُركز على عمليات السلب والنهب لتمويل نفسها، وتقوم باستهداف السكان المحليين في القرى والمدن الصغيرة، وقطع الطرق أمام القوافل التجارية لسلبها.
ويعد التقرير واحدًا من تقارير الأداء العملياتي التي ترفعها أفرع داعش أو ولايته إلى الإدارة العامة للولايات، التي عُرفت سابقًا باسم إدارة الولايات البعيدة، بناءً على توجيه وتكليف من أبي سارة العراقي/ عبد الرؤوف المهاجر، أمير الإدارة العامة للولايات الذي قُتل في فبراير/ شباط الماضي، وتُقدم تلك التقارير إحاطة بالعمليات والأوضاع التي تمر بها كل ولاية داعشية.
توجيهات أبو سارة العراقي
ويتكون التقرير الذي نشرته قناة “فضح عُباد البغدادي والهاشمي” من 43 صفحة، ويتضمن حصرًا لما يسميه التنظيم “الغنائم والفيء” كما تذكر عدد من العمليات التي نفذها فرع داعش في وسط إفريقيا (الكونغو الديمقراطية)، بين عامي 2021، و2022.
ويتحدث التقرير بصورة مفصلة عن كل ما سلبه أتباع التنظيم في وسط إفريقيا، بدءً من أكياس الفول والبقوليات وغيرها من المنتجات الغذائية، مرورًا بالأسلحة الخفيفة والذخائر التي اغتنمها داعش في المعارك، وانتهاءً بالأطفال والنساء والفتيات الصغيرات التي أسرهن داعش وحولهن إلى سبايا، حسبما ينص التقرير.
ويلفت التقرير المسرب من أرشيف تنظيم داعش إلى حالة الضعف العملياتي التي يُعاني منها داعش في وسط إفريقيا، إذ يذكر والي ولاية غرب إفريقيا والذي حمل التقرير ختمه وتوقيعه أن التنظيم اضطر إلى إلغاء بعض العمليات بسبب عدم قدرته على التصدي للهجمات المضادة التي تشنها القوات الكونغولية وحليفتها الأوغندية.
ويؤكد والي ولاية غرب إفريقيا الداعشية أن بعض العمليات التي يشنها التنظيم لا يحصل منها على غنائم، وفق تعبيره، كما أنه لا يتمكن في بعض الأحيان من الاستيلاء على الدراجات النارية والمركبات بسبب عدم سيطرته على الطرق وخشيته من أن يتم استهدافها.
ويُشير التحليل الجغرافي لنطاق العمليات التي تضمنها تقرير ولاية وسط إفريقيا إلى أن غالبية الهجمات التي شنها التنظيم وقعت في إقليم إيتوري بشمال شرق جمهورية الكونغو، وخصوصًا قرب مدينة كوماندا والقرى المحيطة بها.
وبدورها، قالت قناة “فضح عُباد البغدادي والهاشمي” إن التقرير المسرب يؤكد أن داعش يُجبر ولاياته وأفرعه الخارجية على تمويل نفسها عن طريق عمليات القتل والتهجير والسلب وقطع الطرق، بعد إفلاس التنظيم المركزي.
تنظيم داعش للخطف والنهب
وفي الحقيقة، فإن التقرير المسرب من أرشيف داعش عن العمليات في وسط إفريقيا يحمل عدد من الدلالات الهامة ويبرهن أن تنظيم داعش أصبح يُركز على عمليات السلب والنهب لتمويل نفسه في ظل تآكل احتياطاته المالية وتراجع قدرته على جني الأموال.
وأصدر أبو سارة العراقي/ عبد الرؤوف المهاجر، قبل مقتله، تعميمًا يُعرف بتعميم التجربة الاقتصادية أو ملف العمل الاقتصادي والذي تم إرساله إلى جميع مكاتب داعش الخارجية السبعة المرتبطة بالإدارة العامة للولايات، وينص على زيادة عمليات السلب والنهب والخطف من أجل الفدية وغيرها من الأنشطة غير المشروعة التي يمول التنظيم بها نفسه.
وخلال عام 2021، أصدر أبو سارة العراقي أمرًا برفع النسبة المئوية لمقاتلي داعش العاملين في ملف السلب والنهب، المسمى بملف التجربة الاقتصادية، من 1: 2% لتحفيز عناصر داعش على زيادة أنشطتهم في السرقة والسلب، كما أصدر، لاحقًا، أمرًا بزيادة نسبة أمراء المكاتب الخارجية والولاة والكوادر العاملين في الملف الاقتصادي من أجل حثهم على زيادة جهودهم في هذا الصدد.
وتُلمح التقارير والمعلومات المسربة من داعش إلى أن التنظيم يعتمد على مجموعة من العصابات وقطاع الطرق الذين يتولون سلب أموال المدنيين والضغط عليهم لتمويل أنشطة التنظيم.
قصة خطف نجل رجل أعمال يمني
وفي نفس السياق، أوضحت صورًا التقطت لمحادثة جرت بين أحد عناصر التنظيم ورجل الأعمال الحضرمي عبدالله أبو بكر العدني الجنيد الشهير بـ”الماهر” أن عناصر التنظيم اختطفوا نجل الأخير، وساوموه على دفع فدية مالية مقابل الإفراج عنه، وهو ما تم، في مارس/ آذار الماضي، أي بعد حوالي 275 يوم على اختطاف نجل رجل الأعمال والبالغ من العمر 15 عامًا فقط.
وتبين المحادثة التي أجراها أحد كوادر العمل الاقتصادي في فرع داعش باليمن أن كوادر داعش يحاولون إخفاء انتمائهم للتنظيم تطبيقًا لتوجيهات أبو سارة العراقي/ عبد الرؤوف المهاجر الواردة في تعميم التجربة الاقتصادية، والتي يُكلف فيها عناصر داعش بالعمل على زيادة موارده عن طريق العمليات غير المشروعة لكن دون لفت الأنظار للتنظيم حتى لا تتضرر صورته إذا انكشف أنه يعتمد على السلب والنهب وعمليات الخطف والفدية وقطع الطرق وغيرها.