لم يعرف يوماً “ركابي حسن” صاحب الأربعين عاماً، أنّ العودة إلى وطنه سيكون أمراً صعباً، وأنّ أعباء الغربة ستتضاعف عليه، فالحنين لموطنه لم يكن همّه الوحيد، بل أيضاً تأمين خروج أفراد أسرته وسط نيران الحرب.
- أكثر من 100 ألف نازح سوداني عبروا الحدود باتجاه الدول المجاورة منذ اندلاع الحرب في 15 أبريل الماضي
- عائلة “ركابي” واحدة من مئات الآف الأسر السودانية التي دفعتهم شرارة الحرب للنزوح والخروج من موطنهم
- بعض السودانيين الذين هربوا من الحرب تركوا أوراقهم خلفهم وبعضهم لا يملك جواز سفر
- حرب السودان تبدد أمنيات تراود السودانيين، لكن حلمهم في العودة لم يمت، فهل يتحقق ذلك قريباً؟
بملامح سمراء اعتلاها القلق والخوف، يتذكر “ركابي” بداية مجيئه لمصر، تحديداً منذ ثلاثة أشهر لدراسة التصوير والمونتاج سعياً وراء شغفه وحلمه في أن يصبح مصوّراً معروفاً يشار إليه بالبنان، وذلك قبل أن تندلع شرارة الحرب في بلده السودان، فيقرر أن يترك حلمه خلف ظهره ويصبح كلّ همّه هو توفير سبل الحماية والتأمين لأسرته التي مازالت عالقة في منطقة المهندسين بالسودان.
تفاصيل عملية النزوح
“وضعي مختلف عن الناس، فوالدي رجل كبير فى السن وبحاجة ماسة للرعاية الصحية، وفور اندلاع تلك الحرب الملعونة اتصلت بشقيقتي وطلبت منها الإسراع بالتحرّك والتعاون لتسهيل خروج أفراد الأسرة من السودان خوفاً عليهم “.. بتلك الكلمات بدأ “ركابي” حديثه لـ“أخبار الآن“ سارداً تفاصيل رحلة خروج والديه من بين براثن النيران، خصوصاً أنّ محل سكنهم يقع في محيط منطقة عسكرية في العاصمة الخرطوم… كان تتوالى عليها الضربات على مدار الساعة.
يقول: “نظراً لصعوبة توفير العلاج الخاص بوالدي، كان قرار الخروج هو الحل الأمثل، ورغم العناء والصعوبات تمكّنت شقيقتي من تأمين خروج أفراد الأسرة، وأجرت اتصالاتها بسكان الحي الذين كانوا قد اتخذوا أيضا قرار الرحيل مبكراً، و استأجروا جميعاً سيارة للغرض”.
يضيف “ركابي”: “كان الحظ حليفنا لأنّنا اتخذنا قرار الخروج مبكراً على عكس بعض الأسر السودانية التى مازالت عالقة فى الطريق. ووفقاً لرواية الوالدين الخاصة برحلة الخروج وصولاً لمصر، فقد بدأت بمنطقة المهندسين مروراً بمنطقة دنقلا ومنها إلى ميناء أركين وصولاً إلى أسوان عند الحدود المصرية، وما شابها من مناطق ارتكاز “أكمنة” لقوات الدعم السريع .
حرب السودان ونزوح مئات الآلاف
أكثر من 100 ألف نازح سوداني عبروا الحدود باتجاه الدول المجاورة منذ اندلاع الحرب في 15 أبريل الماضي بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، وفقاً لأحدث التقارير الصادرة عن الأمم المتحدة، وتتمّ عملية النزوح عبر طرق وممرات يستغرق التنقل بينها ساعات وأحياناً أيّاماً متواصلة، تبدأ من الخرطوم مروراً بمنطقة دنقلا وصولاً إلى ميناء أركين ومنه إلى أسوان داخل الحدود المصرية.
وعلى الرغم من نجاح رحلة نزوح والدي “ركابي”، إلّا أنّ اتصالاته لم تنقطع ببقية الأهل والأصدقاء الذين مازالوا عالقين فى الطريق ويواجهون صعوبات كثيرة فى الخروج من موطنهم إلى دول الجوار للاحتماء فيها.. “هناك أناس خرجوا من دون جوازات سفر، ولا نعرف كيفية التعامل معهم من قبل سلطات البلد المضيف، فهل سيتمّ على سبيل المثال إنشاء مخيمات خاصة بهم وتصنيفهم كلاجئين أم لا؟ هكذا تساءل “ركابي” بصوت يخالطه الحزن على الوضع الذي صار إليه بلده. ويختم حديثه لـ”أخبار الآن“: “للأسف الشديد الشعب السوداني لا يستحق ما يحدث معه، أو أن يكون نازحاً أو لاجئاً يوماً ما”.
شاهدوا أيضاً: لم شمل عائلة سورية في أبوظبي بعد إجلائهم من السودان