تنظيم داعش لم يعلق حتى الآن على مقتل أبو الحسين القرشي
في 30 أبريل أعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أن المخابرات التركية قضت على الزعيم الحالي لتنظيم داعش الإرهابي “أبو الحسين الحسيني القرشي“.
أفادت مصادر محلية وأمنية في سوريا أن العملية تم بالقرب من بلدة جنديرس شمال سوريا، وهي منطقة خاضعة لسيطرة فصائل المعارضة المدعومة من تركيا.
وعلى الرغم من إن تنظيم داعش لم يؤكد حتى الآن مقتل زعيمه، إلا أن الصمت الذي أعقب مثل هذا الحدث ليس مفاجئاً، حيث يحتاج التنظيم إلى وقت لنقل الأخبار إلى مناصريه وأنصاره واختيار قائد جديد.
في حالة تأكيد مقتل أبو الحسين القرشي، سيوجه ذلك ضربة كبيرة إلى داعش، نظراً لأن القرشي لم ينجح في إيصال ولو حتى رسالة واحدة منذ تعيينه في نوفمبر الماضي.
جاء هذا التطور بعد أسبوعين من إعلان التحالف الدولي ضد تنظيم داعش عن تقلُّص هجمات الجماعات الإرهابية في سوريا والعراق هذا العام.
وبحسب الأمريكي “ماثيو ماكفارلين”، القائد الأعلى للتحالف، فإنه منذ بداية هذا العام في العراق وحتى الأسبوع الأول من أبريل: “شهدنا انخفاضاً بنسبة 68% في الهجمات مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي” وتابع: “في سوريا، سجلنا انخفاضاً بنسبة 55% خلال نفس الفترة”.
مقتل القرشي يثير العديد من التساؤلات حول مستقبل التنظيم
وأثار مقتل زعيم تنظيم داعش موخراً وتصريحات التحالف الدولي تساؤلات حول الوضع الحالي للتنظيم الإرهابي وتغيير استراتيجياته والمسارات المستقبلية له.
يمكن أن يُعزى الانخفاض في هجمات التنظيم في كل من سوريا والعراق إلى عدة عوامل أهمها القضاء على كبار المسؤولين الذين يمتلكون الخبرة العسكرية والأمنية. بالإضافة إلى خسارة 4 من “الخلفاء” منذ أكتوبر 2019، فقد عانى داعش أيضاً من خسارة عدد من كبار المسؤولين عن تخطيط عملياته العسكرية وتسهيلها ودعمها، مما أدى إلى استنزاف مجموعة خبراء التنظيم.
على مدى الأشهر الستة الماضية، قام التحالف الدولي بأسر وقتل عدد من الخبراء العسكريين والأمنيين الرئيسيين داخل المجموعة، بما في ذلك:
الاسم | الرتبة | الخبرة | العملية | المنطقة | التاريخ |
عبدالله حامد مصلح المداد | قيادي متوسط | تخطيط وتسهيل العمليات والتوظيف في المنطقة | إلقاء القبض | غير معروف | 18 يناير 2023 |
حسام حامد المصلح | قيادي متوسط | اللوجستيات والتشغيل | إلقاء القبض | شمال شرق سوريا | 21 يناير 2023 |
إبراهيم القحطاني | قيادي متوسط | تخطيط هجمات على مراكز الاعتقال | قتل | شمال شرق سوريا | 10 فبراير 2023 |
حمزة الحمصي | قيادي متوسط | الإشراف على شبكة الجماعة في شرق سوريا | قتل | دير الزور | 17 فبراير 2023 |
أبو سارة العراقي/عبد الرؤوف المهاجر | قيادي كبير | المسؤول عن عمليات الجماعة في سوريا | قتل | شمال سوريا | فبراير |
خالد عيد أحمد الجبوري | قيادي كبير | التخطيط لهجمات في أوروبا وتطوير هيكل قيادة الجماعة | قتل | غير معروف | 3 أبريل |
حذيفة اليمني | قيادي متوسط | تسهيل | إلقاء القبض | شرق سوريا | 8 أبريل |
عبدالهادي محمد الحجي علي | قيادي كبير | التخطيط العملياتي لهجمات في الشرق الأوسط وأوروبا | قتل | شمال سوريا | 17 أبريل |
وتعتمد عمليات تنظيم داعش على أربعة عناصر رئيسية هي: المساحة الجغرافية للعمل، والأسلحة، ومقاتلون من رتب منخفضة مكلفون بتنفيذ الهجمات، وشخصيات بارزة. وتشمل الفئة الأخيرة الخلفاء الذين يؤكدون شرعية التنظيم ويحددون رؤيته ويرفعون معنويات المقاتلين، فضلاً عن الاستراتيجيين الذين يخططون لعمليات إرهابية. وعدم وجود أي من هذه المكونات يحد بشكل كبير من قدرة التنظيم على تنفيذ عمليات مؤثرة.
فقدان شخصيات الخبراء مثل أبو سارة العراقي، وخالد عيد أحمد الجبوري، وعبد الهادي محمود الحاج علي، المسؤولين عن إدارة وتخطيط وتسهيل هجمات التنظيم، يمكن أن يعيق قدرة داعش على تنسيق العمليات الفعالة، مثل عملية الهروب من السجن في فبراير من العام السابق.
مع خسارة داعش لعشرات من كبار الشخصيات، أصبح القيام بعمليات صغيرة ومحدودة خياره الوحيد. وهذا يفسر تقييم اللواء ماكفارلين لهجمات داعش في عام 2023 عندما قال إن “الهجمات المنسوبة إلى مقاتلي داعش هذا العام كانت صغيرة نسبياً تضم فردًا إلى عدد قليل من الأفراد”، وأضاف أن التنظيم “فشل في تنسيق أي شيء أكثر أهمية خلال العام الماضي”.
قد يعود التراجع في أنشطة داعش أيضاً إلى حاجة التنظيم إلى إعادة بناء شبكاته والتعافي من الخسائر الكبيرة في الأراضي والقادة. تاريخياً، أظهر كل من داعش والجماعات الإرهابية الأخرى مثل القاعدة قدرة ملحوظة على التكيف تحت الضغط.
وعلى وجه الخصوص في عام 2017، بعد تحمل عامين من القصف المكثف من التحالف الدولي، حوّل تنظيم داعش عملياته من الحرب التقليدية حيث سيطر على الفضاء الجغرافي إلى تكتيكات حرب العصابات التي تعتمد على مناورات الكر والفر. قد يكون الانخفاض الأخير في رؤية داعش مؤشراً على أن التنظيم بصدد إعادة تجميع وإعادة تنظيم شبكاته للتعافي من الخسائر السابقة.
في حين أن تصريح الجنرال ماكفارلين حول انخفاض هجمات تنظيم داعش في سوريا والعراق يقدم بعض الطمأنينة، إلا أنه يجب أن يُقابل بتفاؤل حذِر.
وقدّر تقرير لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، نشر في فبراير من هذا العام، أن داعش لا يزال لديه 5000 إلى 7000 عضو ومؤيد في جميع أنحاء العراق وسوريا المجاورة، نصفهم تقريباً من المقاتلين.
على الرغم من صعوبة التحقق من هذه الأرقام إلا أنها توفر نظرة ثاقبة للموارد البشرية للتنظيم وقدراته المحتملة. على عكس الحروب التقليدية، لا يحتاج داعش إلى عدد كبير من المقاتلين لزعزعة الاستقرار الإقليمي. في ظل ظروف معينة، يمكن لعدد محدود من الخلايا جيدة التنظيم والتدريب هزيمة قوات الدولة والسيطرة على المناطق.
ووفقاً لعمر عاشور، أستاذ الدراسات الأمنية والعسكرية، خلال معركة الموصل الأولى في عام 2014 تمكنت مجموعتان فقط من 500 مقاتل من داعش من التسلل إلى المدينة، التي كان من المفترض أن يدافع عنها 30 ألف من أفراد الشرطة الاتحادية والجيش العراقي. يؤكد هذا المثال أنه حتى مع وجود عدد محدود من المقاتلين، يمكن أن تنفذ داعش عمليات كبيرة وأن تشكل تهديداً كبيراً للاستقرار الإقليمي في ظل ظروف محددة.
مجال آخر مثير للقلق هو أكثر من 50000 شخص، معظمهم من النساء والأطفال يقيمون في الهول. غالبيتهم من عائلات مقاتلي داعش. في حين أن جزءاً صغيراً فقط من الأفراد يحافظون على ولائهم لفكر داعش ويؤمنون بعودة التنظيم، إلا أن الظروف المعيشية القاسية التي يواجهها سكان الهول ،إلى جانب سوء إدارة المخيم والسياسات التمييزية التي تنفذها قوات سوريا الديمقراطية، تؤدي إلى ظهور العديد من المظالم التي كثيراً ما تجد نفسها تتم معالجتها من قبل داعش. دون إيجاد حل دائم للمخيم، تظل احتمالية تجنيد داعش لعناصر محلية كبيرة.
في حين أن القضاء على شخصيات بارزة من “الخلفاء” والاستراتيجيين في داعش يضعف قدرة التنظيم ويقوض الروح المعنوية لمقاتليه، فلا ينبغي اعتباره علامة قاطعة على زوال التنظيم. من المؤكد أن مثل هذه العمليات المستهدفة ضد أعضاء رفيعي المستوى لها تأثير كبير على الهيكل التنظيمي لداعش وقدراته التخطيطية. ومع ذلك، من المرجح أن يتم تعيين قادة جدد لملء الفراغ الذي تركه أسلافهم.