جزيرة جربة.. قصة تعايش عمرها قرون
في جزيرة اعتادت التعايش الديني والحضاري -وهي جزيرة جربة قبالة الساحل التونسي- قتل 5 أشخاص بينهم ثلاثة عناصر أمنية، وأصيب 9 أشخاص بينهم 5 عناصر أمنية في هجوم إرهابي بمحيط كنيس الغريبة اليهودي بجزيرة جربة جنوب تونس، وفق حصيلة أعلنت عنها وزارة الداخلية.
وزارة الداخلية قالت إن حارسًا في مركز بحري قريب قتل بالرصاص زميلاً له قبل أن يتجه نحو الكنيس ويفتح النار بشكل عشوائي، مما أسفر عن إصابة خمسة من ضباط الأمن وأربعة زوار. مؤكدةً أن الحارس قُتل أثناء تبادل لإطلاق النار مع الشرطة التونسية.
وأضافت أن أحد القتيلين فرنسي والآخر تونسي.
وتشهد جزيرة جربة حالياً موسم الحجّ السنوي لليهود إلى الكنيس الموجود هناك، وسط إجراءات أمنية مشددة.
جربة التونسية.. قصة تعايش نادرة
وكانت قد أنتجت “أخبار الآن”، فيلمًا وثائقيًا يحكي قصة التعايش النادرة في الجزيرة التونسية، حيث أُنتج الشريط الوثائقي بمحتوى حقيقي وصُوّر بطريقة جديدة، حيث سلّط الضوء على قصة تعايش نادرة في العالم العربي تحتضنها جزيرة جربة التونسيّة، منذ قديم الزمان.
في هذه الجزيرة، الواقعة جنوب تونس، يؤذن المؤذن لصلاة الفجر، بينما تؤدي صلاة أخرى في معبد الغريبة اليهودي في الحارة الكبيرة في حومة السوق، حيث يعيش نحو 1200 يهودي.
معبد الغريبة يحمل الكثير من القصص الجميلة التي جسّدت التعايش الديني، وهو أقدم معبد تاريخي في أفريقيا ويعد رمزًا لجزيرة جربة التونسيّة.
ولهذا المعبد طابع هندسي معماري مأخوذ من الموروث االأندلسي.
وقال وجدي برجي، أحد سكان جزيرة جربة: “جزيرة الأحلام كما يطلق عليها العامة، هي من بين الجزر التي يكثر في الاختلاف، وجعلت الجميع يعيش في تسامح وتعايش طبيعي”.
وأضاف: “الاختلاف موجود دائمًا بين الناس، لكن أرى التقارب في الكثير من الأشياء في الأمور اليومية القديمة والجديدة، مثل السوق، وتحضير الحفلات، والأكلات. الكثير من الأكلات نتقاسمها، وهناك طبعا بعض الأكلات لا نتقاسمها، مثل الأكلات المرتبطة بالطقوس، لكن أغلبية الأشياء التي تجذب الانتباه هي حب الحياة الذي يجمعنا مع اليهود”.
من ناحيته قال بيريز كوهين، مسؤول في معبد الغربية: “سُميت الغريبة لأنها من قبل لم تكن على شكل بناء، كانت غابة، حيث بنيت الغريبة، وسموها هكذا لأنها شيء غريب في وسط الغابة، ويوجد فيها معالم، كتب توراة للصلاة، ويوجد فيها التاريخ”.
وقال خدير حنية، مسؤول في معبد الغربية: “نحن نعمل مع بعضنا، وأحيانًا يأتي عربي تونسي يقول سوف أشتري من يهودي أحسن، لأنه يثدم النصيحة، ونحن هنا أخوة، هنا في معبد الغربية عمال مسلمون عرب، ومتعايشون معنا وعائلاتهم أيضًا، ونحن كلنا أخوة”.
بينما دعا بيريز الطرابلسي في الفيلم الوثائقي الذي أنتجته قناة “الآن” قبل فترة: “أدعو الله أن يكمل التسامح والصداقة هذه، وأن يطيل عمرنا، وأن يكمل حياتنا مع بعض”.
وأكد أنه لا يوجد فرق بين اليهود والعرب، خاصة وأنهم يتعايشون ويعملون مع بعض منذ زمن، وليس هذا فحسب، بل يتزاورون. مضيفًا: “أنا شخصيًا لديّ 3 أعمال مع العرب وليس لدي فرق في التعامل”.
ويغطي تاريخ اليهود في تونس ما يقارب من 2600 سنة، واستقروا في الهدادة حيث كان يعيش اليهود والعرب مع بعضهم البعض، بعد ذلك انتقل اليهود إلى جربة لعدة أعوام، وحينها بنوا مكانًا صغيرا للصلاة، وبعدها بـ250 عاما بنوا “الغريبة”.