اشتباكات السودان: استهداف الأطباء والنشطاء لمنع توثيق الحرب
- اشتباكات السودان: المستشفيات تتعرض للقصف وفرار عمال الإغاثة
- إجبار الأطباء على ترك المدنيين في المستشفيات لعلاج عناصر الدعم السريع
- أجبر الصراع نحو 200 ألف شخص على الفرار إلى بلدان مجاورة
- نزوح ما يربو على 700 ألف داخل السودان
قبل ثلاثة أيام، دخل السودان شهره الثاني للقتال الذي بدأ في منتصف أبريل الماضي، بين الجيش السوداني بقيادة عبدالفتاح البرهان، وقوات الدعم السريع والتي يقودها محمد حمدان دقلو (حميدتي)، وسط فرار مئات الآلاف من المدنيين، وسقوط مئات القتلى والجرحى.
وبعد أيام من محادثات جدة بين الطرفين، لم تظهر سوى القليل من العلامات على التراجع في الاشتباك الذي أدى إلى فرار حوالي 1 مليون شخص من منازلهم، على الرغم من تعهد كل من الجيش السوادني، وقوات الدعم السريع مرارًا وتكرارًا باحترام وقف إطلاق النار والقانون الإنساني، ويُلقي كل جانب باللوم على الآخر في إشعال الأعمال العدائية واستمرارها.
ويتعرض الأطباء والنشطاء للاستهداف في السودان، على الرغم من توقيع طرفي الصراع على إعلان مبادئ في مدينة جدة السعودية حول ضرورة حماية المدنيين والمنشآت الصحية، وذلك وفق تقرير نشرته صحيفة “واشنطن بوست“.
التقرير ذكر أن القتال الدائر منذ منتصف أبريل، وتسبب في فرار أكثر من مليون شخص من منازلهم، يشهد استهدافًا لأطباء ونشطاء يحاولون توثيق الحرب الدائرة في البلاد.
وتؤكد قوات الجيش بقيادة البرهان، والدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو، بشكل متواصل على احترام القانون الإنساني، ووقف إطلاق النار، لكن كل طرف يتهم الآخر بالاعتداء على المدنيين.
وبحسب مسؤول كبير في الأمم المتحدة، الأربعاء، فإن خطة المنظمة الدولية للاستجابة الإنسانية في السودان تتطلب 2.56 مليار دولار لمساعدة المتضررين من الأزمة داخل السودان، بينما الفارين خارج البلاد في حاجة لمساعدات تقدر بـ470 مليون دولار.
وأوضح رئيس مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية في جنيف، راميش راجا سنجام، أن “25 مليون شخص، أي أكثر من نصف عدد السكان في السودان، بحاجة إلى مساعدات إنسانية والحماية”.
وأضاف أن “متطلبات التمويل التي تبلغ قرابة 2.6 مليار دولار هي أيضا الأعلى بالنسبة لأي استجابة إنسانية خاصة بالسودان”.
قوات الدعم السريع تقول إن الجيش يقصف المناطق المدنية بالطائرات، في حين يؤكد الجيش أنه يستهدف “القوات المتمردة” فقط واتهمها بالتمركز داخل المنشآت الصحية والخدمية ومناطق المدنيين.
ولفت التقرير إلى أن عناصر الدعم السريع تدخل مستشفيات في منطقة بحري وتصطحب أطباء على غير رغبتهم، وتطالبهم بعلاج أفراد من قواتهم، في وقت يوجد فيه مصابون مدنيون بحاجة للعلاج داخل المستشفيات.
من ناحيته قال د. علاء الدين عوض نقد، عضو لجنة الاستشاريين و الاختصاصيين، ومتحدث رسمي باسم تجمع المهنيين السودانيين، إن السودان يعاني شُح ونقصان في المستلزمات الطبية، وكل الأداوت التي تحتاجها المستشفيات للقدرة على تقديم خدمة طبية للمواطنين، كما أن الكثير من المستشفيات أصبحت خارج الخدمة، وبالتحديد حوالي 60 مستشفى في الخرطوم والولايات المجاورة لها، من إجمالي 80 مستشفى عاملة. مضيفًا: “هناك 23 مستشفى تعمل بطاقة استيعابية بسيطة جدًا، ولا يوجد داخل ولاية الخرطوم سوى 10 مستشفيات عاملة”.
وأضاف عوض في حواره مع “أخبار الآن”: “المستشفيات العشرة التي تعمل بطاقة استيعابية بسيطية في السودان، تعاني من مشاكل كبيرة مثل نقص المستلزمات والأدوية وكذلك انقطاع التيار الكهربائي، والماء، وانقطع الكهرباء يدفع بالعاملين في المستشفيات للبحث عن الوقود وهذه مشكلة أخرى، حيث أصبح يباع الوقود في السوق السوداء، وارتفع سعره بشكل كبير، وهناك صعوبة حتى في الحصول عليه”.
وأكد عوض: “القطاع الصحي يوسك على السقوط، وعلى الانهيار الكامل، والمساعدات الطبية التي وصلت السودان، لم تصل حتى الآن إلى المستشفيات، فقط شحنة الصليب الأحمر التي وصلت في 30 أبريل، وهناك شحنات وصلت من دول عربية لا تزال في مخازن الإمدادات الطبية في بورتسودان”.
وعن عدد غرف العناية المركزة التي تعمل في السودان – لا سيما مناطق الصراع- أكد عضو لجنة الاستشاريين و الاختصاصيين، أنه “كان يوجد في الخرطوم ما يقرب من 10 غرف للعناية الفائقة أو المركزة، كانت تعمل بكامل طاقتها وبكفاءة عالية، ولكن الآن لا يوجد سوى 3 غرف للعميات الفائقة تعمل بطاقة جيدة، لكن انقطاع الكهرباء يهدد عملها لأيام”. مشيرًا إلى مشكلة أخرى تواجه عمل غرف العناية الفائقة، وهي عدم وجود الأطباء المتخصصين، الذين انتقلوا إلى أماكن بعيدة عن الصراع.
وأضاف: “هناك استهداف للأطباء في السودان، وذلك بعد ظهور جهات حكومية تعمل على إحصاء ضحايا القتال، وتُقدم بيانات غير دقيقة، وبها أرقام أقل من الأرقام الحقيقية، وهو ما دفع لاستهداف الأطباء التي تعمل على توثيق ضحايا الحرب”.
وأكد مقتل 13 طبيبًا في الخرطوم والولايات الأخرى، منهم من توفي أثناء تأدية عمله، ومنهم من قُتل في بيته، إثر قصف جوي مثل الدكتورة ماجدولين يوسف غالي، استشارية التخدير والإنعاش، والتي تم دفنها داخل باحة منزلها لعدم القدرة على الوصول إلى المقابر.
وعن وضع الدواء في السودان، أكد عوض، أن “تقليل الميزانية من قبل الحكومة إلى النصف تسبب في أزمة دوائية، وأصبح الوضع كارثيًا، وهناك ندرة في الأدوية، حتى وصلت الألف صنف، من أهمها أدوية التخدير، و هو الأمر الذي يزيد من معاناة المستشفيات”.
وعد سوق الدواء خارج المستشفيات “الصيدليات”، قال: “السوق السوداني يعاني شحًا كبيرًا في الإمدادات، لا سيما في أدوية السكر (الإنسولين)، وأدوية ارتفاع ضغط الدم، وأدوية أمراض القلب، بسبب استمرار الحرب، وانقطاع الإمدادات عن الصيدليات”.
لا ينكر الطرفان أن المؤسسات الصحية تعاني في الحرب الدائرة لكن كل منهما يتهم الآخر، فقد ذكرت قوات الدعم السريع في بيان، الثلاثاء، أن “القوات الانقلابية والفلول الإرهابيين، استمروا في الهجوم بالطيران والمدافع الثقيلة على المستشفيات والمناطق المأهولة بالسكان، من بينها الهجوم الجوي على مستشفى شرق النيل ما أدى إلى تدمير مباني المستشفى”.
فيما قال الجيش إن وزارة الخارجية السودانية أرسلت مذكرة رسمية إلى منظمة الصحة العالمية، تتهم فيها قوات الدعم السريع “بمواصلة نهجها المخطط في ممارسة سلوكها الإرهابي البربري كاتِّخاذ المرافق الصحية والخدمية ثكنات عسكرية بالعاصمة القومية الخرطوم”.
وأوضح بيان للجيش، صدر الثلاثاء، أن عدد المرافق الصحية “التي تعدت عليها المليشيات متخذة منها ثكنات عسكرية وأخرجت منها المرضى والحوامل مع الاعتداء على الكوادر الطبية، بلغ 22 مرفقا”.
وأجبر الصراع نحو 200 ألف شخص على الفرار إلى بلدان مجاورة، وأسفر عن نزوح ما يربو على 700 ألف داخل السودان، مما فجر أزمة إنسانية تنذر بزعزعة استقرار المنطقة.
وكانت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، قد أفادت أن أكثر من 70 ألف شخص عبروا إلى مصر من منفذي قسطل وأرقين خلال الفترة من 15 أبريل إلى 7 مايو، هربا من الحرب في السودان.
وذكرت المفوضية أن وكالات الأمم المتحدة تعمل على الحدود بالتعاون مع الهلال الأحمر المصري على تقديم المساعدة المنقذة للحياة، ومواد الإغاثة الأساسية للوافدين الجدد.