روسيا رتّبت احتجاجات وهمية في عواصم أوروبية عقب زلزال تركيا
كشفت وثائق مُسربة، أن المُخابرات الروسية قامت خلال الأسابيع الماضية، وتحديدًا بعد زلزال تركيا وسوريا في السادس من فبراير، بترتيب احتجاجات وهمية في أوروبا، بهدف استفزاز الرئيس التركي رجب طيب أردوغان.
ففي شهر مارس الماضي، دفعت المخابرات الروسية بمجهولين للاحتجاج في مدن أوروبية مختلفة، بما في ذلك باريس وبروكسل ولاهاي، وحمل خطابات معادية لتركيا، ولافتات للعلم الأوكراني، كُتب عليها (أردوغان!.. الزلزال انتقام للسياح الروس).
وفي هذا السياق، انتشرت هذه الاحتجاجات المزيفة عبر مواقع التواصل الاجتماعي، والتي زعمت وزيفت الحقائق، وأظهرت ”ابتهاج“ الشعب الأوكراني إزاء ما جرى في تركيا، التي فقدت آلاف الأرواح جراء الزلزال.
وتضم هذه الوثائق بشكل أساسي خطة لتنفيذ حملة تضليل تستهدف أوروبا وتهدف إلى استفزاز أردوغان، وتتحدث أيضًا عن ما حدث في 5 مارس في العاصمة الفرنسية باريس بحيث قام أشخاص مدربون بالتظاهر بأنهم أوكرانيون وبالتهجم على الرئيس التركي، وبنشر مشاعر مناهضة للأتراك وللمسلمين.
ولكن هذه التظاهرات كانت مزيفة وكانت مدبّرة من قبل وكالة استخبارات روسية.
وبحسب الوثائق المُسربة، فإن الاحتجاجات مرتبطة برجالٍ من شمال إفريقيا، يعيشون في سانت بطرسبرغ، وتُظهر ملفاتهم الشخصية على وسائل التواصل الاجتماعي ارتباطهم بالمخابرات الروسية.
كيفن شاكر، الصحفي الاستقصائي لدى الإذاعة الدنماركية، نشر سلسلة من التغريدات لكشف أسرار هذه الوثائق، وقمنا بإجراء مقابلة معه للحديث عن الأمر وتوضيح العديد من النقاط.
السؤال الأول: أود أن تتحدث عن هذه الوثائق التي حصلت عليها للجمهور العربي ولمن لم يطّلع بعد على قصتك فهلا شرحت لنا باقتضاب ما هي هذه الوثائق؟
الجواب: في الحقيقة لقد حصلنا على بعض الوثائق الصادرة عن وكالة استخباراتية روسية وبالتحديد لقد وصلتنا من مركز أبحاث مدعو (دوسيوس سنتر) والقادر على ولوج قواعد بيانات في روسيا والحصول على وثائق مسرّبة. تضم هذه الوثائق بشكل أساسي خطة لتنفيذ حملة تضليل تستهدف أوروبا وتهدف بحسب مصادرنا إلى استفزاز الرئيس التركي أردوغان وتتحدث أيضاً عن حدث معين حصل في 5 مارس/ آذار في باريس بحيث قام أشخاص مدربون بالتظاهر بأنهم أوكرانيون وبالتهجم على الرئيس التركي وبنشر مشاعر مناهضة للأتراك وللمسلمين. ولكن هذه التظاهرات كانت مزيفة وكانت مدبّرة من قبل وكالة استخبارات روسية كما يمكننا أن نقرأ في هذه الوثائق.
السؤال الثاني: كيف تبدو هذه الوثائق لأنك لم تنشر الوثائق الأصلية على الإنترنت؟
الجواب: تضم هذه الوثائق أبعاداً مختلفة، والأهم في عملية البحث التي نقودها هو أن جزءاً من الوثائق المسربة يضم جزءاً يشبه كثيراً أي وصف لمشروع معين لأنه يضم وصفاً للمشكلة وعرضاً للأسلوب وهدفاً ومكاناً.
مثلاً في الجزء المخصص لوصف المشكلة، يمكنك أن تقرأي تحليلاً قامت به أجهزة الاستخبارات التي تتحدث عن شرخ بين دول حلف شمال الأطلسي (الناتو) وعن ازدياد كره الإسلام في أوروبا. وتعطي أمثلة على ذلك بحيث تتحدث عن حرق القرآن في السويد وعن حدث آخر حصل في هولندا حيث تم تمزيق صفحات من القرآن الكريم والهدف هو تجسيد وجود كره للمسلمين بحسب معتقداتهم.
وعندما نطلع على جزء آخر من الوثيقة وهو يتحدث عن تدبير حادث معين ضد أردوغان، نرى أنه يضم صوراً ولقطات ووصفاً مطولاً للرابط والمنصة الإلكترونية حيث تمت مشاركة هذه الوثائق. عندما قامت مصادرنا وخبراؤنا المتخصصون في مجال التضليل في وكالة الاستخبارات الروسية بتحليل هذا المحتوى توصلوا إلى خلاصة مفادها أن وكالة الاستخبارات الروسية هذه تنظر إلى أوروبا كقارة منقسمة إن تحدثنا عن تركيا وبلدان الاتحاد الأوروبي وحلف الناتو وهي تحاول زيادة هذا الانقسام. كما أنها ترى أن هناك استقطاب وتحاول تضخيمه من خلال تنظيم هذه التظاهرات المزيفة.
السؤال الثالث: أعتقد أن السؤال الأهم هو كيف تعرف أن هذه الوثائق حقيقية؟ أي نوع من العمليات لجأت إليه كي تتأكد من حقيقة الوثائق؟
الجواب: يقول مركز (دوسيوس) إنه استحصل على هذه الوثائق من مصدر موثوق.
السؤال الرابع: كيف نتأكد الآن أن هذه العملية على ارتباط بالدولة الروسية وليس بأحد المواطنين المعزولين؟
الجواب: نحن نعرف هوية ضابط الاستخبارات الروسي الذي يتحمل مسؤولية هذه الوثائق ونعرف موقعه داخل هذه الوكالة الاستخباراتية ولكن كما فعلنا مع الوثائق، نحن لم نكشف هويته لدواعي أمنية تختص بسلامته الشخصية كمصدر ولكننا حصلنا أيضاً على هذه المعلومات من مركز (دوسيوس).
وبفضل هذا التقييم المفصل الذي حصلنا عليه من الوكالات الاستخباراتية الغربية ومن خبرائنا الذين تحدثوا على الملأ عن تحليلهم وتفصيلهم لكيفية صياغة النص وتنسيقه وكيف تم تدوين التقارير، أكدوا لنا أن هذه الوثائق تبدو أصلية وهناك إمكانية للتأكد منها وبالتالي ارتكزنا على ذلك لنقول إننا نملك قصة نريد أن ننشرها. كما أننا قارنا التقارير بالأبحاث التي قمنا بها بناءً على عملية واسعة النطاق في أوروبا والمبنية على انتشار واسع على وسائل التواصل الاجتماعي وهكذا تمكنا من التأكد من أن المصدر يعيش في سان بطرسبورغ.
السؤال الخامس: هل كان هناك أحداث مذكورة في الدراسة أو الخطة التي تتحدث عنها قد حصلت فعلاً على أرض الواقع؟
الجواب: نعم، هناك تقرير موجود في الوثائق الاستخباراتية يتحدث بشكل خاص عن حدث حصل في 5 مارس/ آذار في باريس، ورأينا شخصين وصفهما التقرير على أنهما من التابعية الأوكرانية يقفان أمام لافتة كبيرة كتب عليها ”أردوغان، الزلزال كان انتقاماً للسياح الروس“.
وكانا يؤديان التحية النازية. كما يفيد التقرير أنهما قاما بإحراق العلم التركي والدوس عليه وضم التقرير صوراً لعدة مبان باريسية تحمل شعارات مثل ”أوقفوا أردوغان“ و”أوقفوا الإسلام“. وكل ذلك على ارتباط بالقصة لأن هناك لائحة طويلة بصور وفيديوهات والصور هي نفسها التي وردت في الوثائق الاستخباراتية وقد انتشرت على وسائل التواصل الاجتماعي مثل يوتيوب وتيك توك وتليغرام وفيسبوك.
إذن تمت هذه العملية على الأراضي الأوروبية وفي نهاية المطاف أظهرت تقاريرنا أن هناك وسيلة إعلامية تركية قد كتبت عن هذا الحدث الخاص وبالتالي لم يكن هذا الحدث حدثاً معزولاً حصل في يوم معين في باريس وانتشر على وسائل التواصل الاجتماعي ولكنه وصل إلى وسائل الإعلام التركية.
السؤال السادس: كل الصور المزيفة لتظاهرات مناهضة لتركيا ولأوكرانيا ظهرت على وسائل التواصل الاجتماعي ولكن كيف لنا أن نعرف أنها تكللت بالنجاح وأنها حصلت على التغطية التي كانت تريدها؟
الجواب: ثمة عدة طرق للإجابة على هذا السؤال.. فمن جهة عندما ننظر إلى الوثائق الاستخباراتية، نرى أن التقرير الذي يتحدث بشكل خاص عن التظاهرة في باريس والتي كانت مزيفة والتي لم يقم بها الأوكرانيون يتضمن أمثلة عما فعلوه في الأجزاء الباقية من التقرير التي توجز هذا المشروع وتبين الدوس على العلم التركي وتوجيه إهانات وكلمات نابية لأردوغان بهدف استفزاز تركيا وهم قاموا فعلاً بكل هذه الأمور وقاموا بنشرها على وسائل التواصل الاجتماعي وقد ظهرت في إحدى الصحف وهذا الأمر كان هدفاً مبيناً في الوثيقة كي يتم تنفيذه في 4 أو 5 دول أوروبية.
السؤال السابع: ولكن هل تمكنوا من الذهاب أبعد من ذلك والوصول إلى جمهور أكبر؟
الجواب: نعم، أظهر بحثنا أن القصة نفسها قد نشرت باللغة الفرنسية والعربية والإنكليزية على صفحات مجموعات تملك مئات ألوف المتابعين. وبالتالي ربما إن نظرت إلى منشور واحد، قد يصعب عليك أن تقرري إن كان حقيقياً أم لا. ولكن إن نظرت بشكل إجمالي إلى منشور قد نشر قرابة 60 مرة، ترين أن هناك حفنة من الأفراد المسؤولين عنه وهم يكتبون الرسالة نفسها ويحاولون الوصول إلى مئات آلاف الأشخاص وهكذا تتأكدين أن هناك تنسيق كبير وراءها.
لقد قوبلت بعض المنشورات بردات فعل غاضبة ولكن بشكل إجمالي لم يكن هناك تفاعل كبير حول كل المنشورات ولكن مصادرنا قد قالت أن العملية يمكن أن تكون قد نجحت بالرغم من عدم وجود نسبة تفاعل كبيرة معها لأن محتواها يمكن استعماله في سياق مختلف أو يمكنه استفزاز مجموعات أخرى أو يمكن مشاركته مع منصات إعلامية أخرى كما رأينا مع الوسيلة الإعلامية التركية.
السؤال الثامن: أود أن أسألك أيضاً عما إذا كان هناك ارتباط ما بالعالم العربي؟ أو هل تضمنت الوثيقة أو الخطة أي نشاطات محددة كانت ستنفذ في المجتمعات العربية؟
الجواب: كلا، لا نشاطات محددة تستهدف أمراً محدداً وتقول صراحة إنه لا بدّ من تنظيم تظاهرات في العالم العربي ولكنه من المثير للاهتمام النظر إلى حصول ازدياد في كره الإسلام وكما تقول مصادرنا محاولة زيادة الاستقطاب الحاصل على يد وكالة استخباراتية ولكن ما لاحظناه هو أن هذه المعلومات قد انتشرت على نطاق مجموعات على فيسبوك ناطقة باللغة العربية وتتناقش في العلاقات العربية بين بلدان مختلفة أو بين مجموعات نقاش على ارتباط بالدول العربية.
نضيف إلى ذلك أن بعض المنشورات قد كتبت باللغة العربية وبالتالي يبدو وجود اهتمام ما في الوصول إلى مجموعات مستهدفة ناطقة باللغة العربية.
السؤال التاسع: هناك رجلان من أصول عربية تمكنتم من ترصدهم في هذه العملية الروسية. لقد ذكرت رجلاً جزائرياً وآخر مغربياً يعيشان في سان بطرسبورغ. فهل تمكنتم من الاتصال بهم ولماذا تعتقدون أنهم متورطون؟
الجواب: نعم، لقد اتصلنا بهم بالفعل وتمكنت من التحادث مع أحدهما وتواصلت مع الآخر وأرسل لي جواباً.
السبب الذي مكننا من الحديث عن البروفايل الذي يقف وراء نشر هذه المعلومات هو وجود 3 بروفايلات على صفحة فيسبوك قامات بنشر هذه المنشورات ضد أردوغان وحول التظاهرة ضد الأوكرانيين. ونحن قد تمكنا من الحصول على بيانات خاصة بهذه البروفايلات الموجودة على وسائل التواصل الاجتماعي مثل عنوان البريد الإلكتروني وأرقام الهاتف.
كما قمنا بعملية تدقيق حول إسم المستخدم المستعمل على وسيلة تواصل إجتماعي روسية تدعى (في كاي). وفيها تمكنا من ايجاد هذين الرجلين ودققنا في الاسم المستخدم نفسه المستعمل في عملية تسجيل الدخول أو رقم الهاتف أو البريد الإلكتروني المستعمل للدخول إلى البروفايل الذي نشر المعلومات المضللة سواء كان كل بروفايل يحمل الاسم الحقيقي للرجل كما حصل في بعض الحالات ولكن كان هناك بروفايلات مزيفة أخرى موجودة على منصات أخرى.
وبالتالي بناءً على هذه الأبحاث تمكنا من تحديد هويتهما. كما أخذنا المعلومات المتعلقة باسمهما وتاريخ ميلادهما اللذان سجلاهما على وسائل التواصل الاجتماعي إلى مركز (دوسيوس) ووجدناها في بيانات سفر خاصة بهما وعلمنا متى دخلا البلاد في العامين 2018 و2019 بهدف الدراسة في سان بطرسبورغ.
السؤال العاشر: ماذا قلت لهما عندما أرسلت لهما رسالة؟ ”هل أنت جاسوس روسي؟“ وما كان الجواب؟
الجواب: عندما يكون هناك معلومات من هذا النوع، يحق لأي كان أن يفسر حقيقة ما جرى نظراً لوجود تفسيرات أو دوافع نود أن نعرف بها بكل سرور. فأرسلنا لهما ملخصاً عن القصة وعما وجدناه وعما بيّنه بحثنا وعما قاله خبراؤنا وبالطبع كان لديهما بضعة أيام للرد على المعلومات التي أرسلناها لهما. فقام أحدهما بالاتصال بنا بسرعة كبيرة وهو المواطن المغربي. واعترف أن البروفايلات التي وجدناها تعود له ولكن رداً على كل بروفايل كنت أعرضه عليه كان يجيب أن البروفايل قد تعرض للقرصنة وهلم جراً. هو يزعم أن لا علاقة له إطلاقاً بأجهزة الاستخبارات الروسية وأن لا علم له بهذه الحملة ولكنه قادر من جهة أخرى على التفسير لماذا كان النوع نفسه من المعلومات التي نستعملها للتواصل قد استعمل للنشر عبر هذه الحسابات على وسائل التواصل الإجتماعي. أما الرجل الآخر أي الجزائري فلم يجب على أي نقطة محددة عرضتها عليه وقال إن هذه حملة تشهير ضده ولكن ما حصل بعد أن تحدثت إلى المغربي وإلى الجزائري ببضع ساعات في المساء هو أنه تم محو كل البروفايلات الموجودة على وسائل التواصل الإجتماعي والتي عرضناها عليهما وتمّ ذلك على يد أصحابها.
السؤال الحادي عشر: يا لها من مصادفة! ولكن السؤال الذي يعود ويبرز من جديد هو كيف لنا أن نعرف أن المسؤول عن ذلك هو الدولة الروسية وليس أي مواطن عادي يعيش في (سان بطرسبرغ) عن طريق الصدفة؟ هل الدلائل كافية بنظرك؟
الجواب: كنا نقول إن هناك رجلين من المغرب والجزائر يعيشان في (سان بطرسبورغ ولديهما بروفايلات تقف وراء نشر هذه المعلومات ولم نقل أنهما يعملان.
السؤال الثاني عشر: هل المنشور هو نفسه بالضبط على البروفايلين؟ هل المحتوى هو نفسه؟
الجواب: نعم، لقد كان المنشور هو نفسه أحياناً ولكن كان بامكاننا أن نلاحظ أنه تمت ترجمته على محرك غوغل للترجمة لأننا حاولنا أن نختبر ذلك بنفسنا فوجدنا الجمل نفسها والصور نفسها وأحياناً تم نشرها بشكل منهجي في اليوم نفسه وفي الساعة نفسها.
وهذا ما أردنا أن نعرفه؟ من يقوم بذلك بالضبط؟ لأن مصادرنا تزعم بأن هذا العمل هو ثمرة تنسيق كبير وتقول أيضاً إن أجهزة الاستخبارات الروسية تؤمن التمويل له.
لذلك أردنا أن نسمع هذين الرجلين ونفهم منهما كيف تم تنظيم ذلك وكيف قاما بنشر هذه المعلومات على مر أشهر وليس على مدى يوم واحد فقط. هناك أمثلة تمتد من ديسمبر/ كانون الأول حتى أبريل/ نيسان وبالتالي حصل ذلك بشكل منهجي على مر فترة طويلة.
كنت لأتمنى لو فسرا بشكل واضح أو أوضح دوافعهما ولكن ما يمكننا استخلاصه هو أن هناك هذه الوثائق الصادرة عن وكالة استخباراتية روسية عن حملة التضليل المعينة هذه وهناك تظاهرة تمّ وصفها في إحدى الوثائق وهناك رجلان موجودان في سان بطرسبورغ يقومان بشكل منهجي بنشر هذه المعلومات.
السؤال الثالث عشر: كيفن، أنت صحفي فما هي نصيحتك لوسائل الإعلام كي نكتشف على التو حملات من هذا النوع إن حصلت مجدداً؟ كيف يمكن التحقق منها؟
الجواب: بالنسبة إلى وسائل الإعلام والأشخاص الذين يطلعون على هذه الحملات، من الضروري أن ينظر المرء إليها دائماً بطريقة مشككة وأن يفكر جيداً بما يقال وما يكتب ويصرّح به إن كان هناك أمر يبدو غريباً.
عندما ننظر إلى هذه الحملة، نجد فيها تظاهرات في عدة مدن أوروبية ضد أوكرانيا وتظاهرات شرعية أخرى عن البيئة بينما نراهم يتظاهرون فجأة مع لافتات مناهضة للرئيس زيلينسكي. وتتردد فيها الرسائل نفسها في لاهاي وبروكسل ومدريد وباريس.
عندما ينظر المرء إلى إحدى هذه الصور، يمكنه أن يفهم إن كانت هذه التظاهرة الكبيرة حقاً ضد زيلينسكي كما يُزعم على وسائل التواصل الاجتماعي أم أنها مدبّرة؟ عندما ننظر إلى الصورة الكبرى ونقارن كل الصور يمكننا أن نرى أن هناك خطباً ما.
وهذا النوع من التفكير النقدي والتشكيك في محاولة لفهم نوع هذه الرسائل ضروري. لذا لا بد من التفكير إن كانت وسائل الإعلام تتداول هذه المسألة وهل هناك صحفي مستقل قد تناولها. لذلك أنصح دائماً بضرورة التدقيق في وسائل الإعلام المستقلة والنقدية لفهم الحدث الملموس الذي يثير اهتمام المرء والذي يشكك به.
السؤال الرابع عشر: أريد العودة إلى الأمثلة التي وجدتها في الخطة لأنك تحدثت عن أمثلة عن كيفية بث شعور بكره الإسلام عبر حرق القرآن الكريم في الدنمارك وهولندا على ما أعتقد. لم يكن هذان المثلان جزءاً من هذه الحملة ولكنني فهمت أن هناك نية في افتعال أحداث مماثلة.
الجواب: يمكنني أن أقول إن طريقة الإشارة إلى حرق القرآن في الوثائق بحسب مصادرنا هو مصدر للإيحاء وأنه لا إشارة إلى أن أجهزة الاستخبارات الروسية هي التي تقف وراء حرق القرآن أو التي تقترح حرقه ولكنها استغلت هذه الأحداث المحددة لبرهنة ازدياد كره الاسلام وتقول مصادرنا أنها استعانت بهذه الرسالة الحساسة بغية الاستفزاز واقتراح الدوس على العلم التركي أو استفزاز أردوغان وتوجيه إهانات له.
السؤال الخامس عشر: ماذا قد يستفيد الروس من ذلك؟
الجواب: قالت مصادرنا المطلعة على العلاقات الجيوسياسية الروسية التركية وحملات التضليل الروسية إنهم يرون وجود انقسام في حلف الناتو وأوروبا ويحاولون زيادة الانقسام والاستقطاب لأنه إن ضعفت أوروبا، تزداد روسيا قوةً بحسب المنطق الروسي كما تقول مصادرنا.
إذن هكذا تستفيد روسيا من ذلك. ولكن مصادرنا كانت مهتمة أيضاً بالسبب وراء اختيار أوكرانيين بالتحديد لتوجيه الاهانات لأردوغان ويقولون في تحاليلهم إنه إن رأت تركيا ووسائل إعلامها أوكرانيين يؤدون التحية النازية ضد تركيا، قد ترتمي تركيا أكثر في أحضان روسيا علماً بأن تركيا حاولت لعب دور الوسيط في النزاع بين أوكرانيا وروسيا.
وبالتالي نقول في النهاية إنه هذه عملية تضليل روسية بنفس النمط المعتاد ولكن على أرض الواقع في الأراضي الأوروبية.