فلاحة تونسية: زيادة الدولة في تسلم القمح لا تغطي خسائر الفلاحين
- سعر استلام القمح الذي حددته الدولة لم يتجاوز 10 دنانير
تعيش تونس أزمة حبوب متفاقمة وواجه الفلاحون موسمًا زراعيًا، وهو ما دفع وزارة الفلاحة التونسية في وقت سابق، لإقرار زيادة استثنائية في سعر استلام القمح الصلب بـ10 دنانير (3,3 دولارات) للقنطار ليصبح السعر عند الاستلام 140 ديناراً (46,6 دولاراً).
القرار الوزاري أثار غضب الفلاحين التونسيين، حيث اعتبر عدد كبير منهم أن هذه الزيادة لا تُوافق تطلعاتهم، ولا تقدم لهم الدعم المنتظر.
والتقت “أخبار الآن” مع الفلاحة ورئيسة مجمع الفلاحات في مدينة السرس نورة القطاري، التي أكدت أنها “سلكت أصعب الطرق واختارت أن تكون الفلاحة مصدر رزقها الوحيد رغم رفض المجتمع لفكرة عمل المرأة في هذا المجال الذي يحتكره الرجال”.
وتعليقا على الزيادة الأخيرة في سعر تسليم القمح، وصفت نورة الزيادة بالمضحكة قائلة: “سعر استلام القمح الذي حددته الدولة لم يتجاوز 10 دنانير وهو شيء مضحك، وفي نفس الوقت مبكي، لأن هذه الزيادة لا تغطي أي من خسائر الفلاحين ونحن نعتبرها بمثابة استهزاء بنا”.
وجاءت هذه الزيادة في سعر استلام القمح الصلب في مراكز التجميع الرسمية، بعد مطالبة الفلاحين بالزيادة لتجميع كامل الإنتاج من القمح الصلب، وقطع الطريق أمام ترويجه في السوق السوداء، وتأمين البذور للموسم المقبل في تونس. إلا أن تواضع حجم هذه الزيادة جعل تجار السوق السوداء يواصلون منافسة الدولة على شراء محاصيل الحبوب هذا العام، حيث يبلغ عرض السعر الحالي في الأسواق الموازية 180 دينارًا للقنطار الواحد، وهو ما يزيد من مخاطر تسرب المحصول خارج مراكز التجميع الرسمية.
وهذا ما أكدته نورة التي صرحت في حديثها مع “أخبار الآن”: “أسعار القمح في السوق السوداء تتراوح بين 200 و220 دينارا وكل فلاح مجبر لا بطل على البيع في السوق السوداء والأمر ليس موضوع اختيار”.
وأشارت الشابة التونسية إلى أن الفلاح يفضل أن يبيع لدولته لو كان ما توفره الدولة من دعم كاف لتسديد ديونه، إلا أن الأمر في الواقع مختلف. لذلك يضطر للجوء إلى السوق السوداء لأن الحل يوجد فيها”.
هذا وكشفت نورة أيضًا أن آلتها الحاصدة للحبوب لم تبارح مكانها منذ السنة الماضية، مضيفة: “خسائري في قطاع الحبوب مفجعة ومخيفة وتقدر بـ100%
ولم أستطع حتى من خلاص أجور من يعملون في أرضي”.
كما أكدت رئيسة مجمع الفلاحات أن ثقل خسارتها مضاعف لأنها امرأة وفلاحة تونسية، ولأن العديد ينتظرون فشلها أو استسلامها لأنهم يعتقدون أنها تنافس الرجال في مجال من المفترض أن لا تنتمي إليه النساء.
هذا وقدّر اتحاد الفلاحة والصيد البحري (منظمة المزارعين) في وقت سابق محصول الحبوب المتوقع جمعه من حقول القمح بنسبة 5.8% فقط من الحاجيات الوطنية، ما يرفع الواردات إلى أكثر من 94% لتحقيق الكفاية من الحبوب خلال الموسم المقبل.
التقت أيضا “أخبار الآن” برئيس الاتحاد الجهوي للفلاحة في الكاف، منير العبيدي الذي قال: “تسعيرة الدولة المقدرة بـ10 دنانير لا تغطي كلفة الإنتاج، وهذه السنة استثنائية، ولما لا يكون هناك تحفيز للفلاح حتى نتمكن على الأقل من جمع البذور ما دمنا لم نتمكن من تجميع محصول محترم”.
وأضاف: “هذه التسعيرة لا تشجع الفلاح على تسليم محصوله لديوان الحبوب ويجب على الدولة أن تأخذ ذلك بعين الاعتبار، وهي تعلم كلفة الانتاج في دراساتها لكن ربما الميزانية العمومية هي التي تقيدها”.
كما أشار إلى أن موسم الزراعات الكبرى كارثي بأتم الكلمة على كل البلاد، مضيفًا: “كانت التوقعات بأن نجمع محصولا يتراوح بين 12 و14 مليون طن، إلا أننا سنجد أنفسنا أمام محصول لن يتجاوز 1,8 مليون طن في أحسن الحالات”.
كما حذر من تسرب المحاصيل خارج ديوان الحبوب الذي يضر بشكل مباشر باقتصاد الدولة التونسية، ويساهم في تأزم القطاع الزراعي أكثر فأكثر، ويفاقم الأزمة المحلية ويتسبب في نقص الكميات المجمعة القليلة أصلا.
عايش الفلاحون التونسيون سنة كارثية، تسببت في إفلاس عدد منهم وبيعهم لأراضيهم للخروج من الضائقة المالية التي وضعتهم فيها أزمة الجفاف وعدم تفاعل الدولة من أجل دعمهم.
وأنتجت تونس في الموسم الماضي صابة حبوب بلغت 1.9 مليون طن (19 مليون قنطار وتم تجميع نحو 700 ألف طن (سبعة ملايين قنطار).
وتعرف تونس حالة من الجفاف تقريباً للعام الرابع على التوالي اتسمت بنقص فادح في الأمطار أثر بشكل سلبي، خصوصاً على موسم الزراعات الكبرى.