تأثير هولندا كان محدودًا مقارنة بدول مثل البرتغال وبريطانيا
- ساهمت العبودية في تمويل “القرن الذهبي” الهولندي
- أُلغيت العبودية رسمياً في الأول من يوليو 1863
اعتذر ملك هولندا فيليم ألكسندر، السبت، عن تورط بلاده التاريخي في العبودية وما ترتب عليها من آثار حتى اليوم.
أدلى الملك بهذا التصريح في أمستردام في الذكرى 160 للإلغاء القانوني للعبودية في هولندا، بما يشمل المستعمرات السابقة في منطقة البحر الكاريبي.
وقال العاهل الهولندي “أقف اليوم أمامكم كملككم وكجزء من حكومتكم. اليوم أنا أعتذر شخصيا”.
في النصف الأخير من شهر ديسمبر من العام الماضي (2022)، قدم رئيس الوزراء الهولندي مارك روته، في خطاب في لاهاي اعتذارات رسمية باسم الحكومة عن دور الدولة الهولندية في العبودية، معتبرا أنها جريمة ضد الإنسانية.
وقال “روته” في خطاب عن العبودية -حينها- “اليوم، أقدم اعتذارات باسم الحكومة الهولندية عما قامت به الدولة الهولندية في الماضي: لجميع العبيد في جميع أنحاء العالم الذين عانوا من هذا النشاط. لبناتهم وأبنائهم ولكل أحفادهم”.
وكان هذا الخطاب حول ضلوع هولندا في 250 عامًا من الاتجار بالبشر في المستعمرات السابقة منتظرًا بفارغ الصبر. في الوقت نفسه، كان عدة وزراء هولنديين حاضرين في سبع مستعمرات سابقة “لمناقشة” القضية مع مواطنيها.
وأثارت رغبة الحكومة في الاعتذار والذي تسرب خبرها إلى الصحافة الهولندية في تشرين الثاني/نوفمبر 2022، جدلًا حادًا في هولندا وخارجها لأسابيع.
وقد أرادت المنظمات المختصة في بحث تاريخ العبودية وإرثها أن يتم تقديم الاعتذار في الأول من يوليو، وهو التاريخ الذي يوافق 150 عامًا على انتهاء العبودية في احتفال سنوي يسمى “كيتي كوتي” (كسر القيود) في سورينام.
القرن الذهبي الهولندي
ساهمت العبودية في تمويل “القرن الذهبي” الهولندي، وهي فترة ازدهار من خلال التجارة البحرية في القرنين السادس عشر والسابع عشر. وقامت البلاد بالاتجار بنحو 600 ألف افريقي خصوصا نحو أمريكا الجنوبية والكاريبي.
في أوج امبراطوريتها الاستعمارية، كانت للمقاطعات المتحدة المعروفة حاليا باسم هولندا، مستعمرات مثل سورينام وجزيرة كوراساو الكاريبية وجنوب إفريقيا وإندونيسيا حيث كان مقر شركة الهند الشرقية الهولندية في القرن السابع عشر.
وفي السنوات الأخيرة، بدأت هولندا النظر في إرث دورها في العبودية وتاريخها الاستعماري والتي بدونه لم تكن المدن الهولندية ومتاحفها الشهيرة لتصبح ما هي عليه اليوم.
مع نشوء حركة “حياة السود مهمّة” في الولايات المتحدة، تجدد النقاش في هولندا حيث لا تزال العنصرية تطبع حياة مواطني المستعمرات السابقة.
وسبق أن قدمت مدن أمستردام وروتردام وأوترخت ولاهاي اعتذارًا رسميًا عن دورها في تجارة الرقيق.
أبدى مارك روته لفترة طويلة تحفظات بشأن إصدار اعتذار رسمي، قائلاً في السابق إن عصر العبودية قديم جدًا وأن الاعتذار من شأنه أن يذكي التوترات في بلد حيث لا يزال اليمين المتطرف قوياً، قبل أن يغير رأيه في نهاية المطاف.
وأظهر استطلاع أن 38 بالمئة فقط من السكان البالغين في هولندا يفضلون إصدار الدولة اعتذارا رسميا عن العبودية.
أُلغيت العبودية رسمياً في سورينام ومستعمرات هولندية أخرى في الأول من يوليو 1863، لكنها لم تنته فعلاً حتى عام 1873 بعد فترة “انتقالية” دامت 10 سنوات.
وكانت هولندا تنافس الدول الأخرى في الاستعمار، بما في ذلك البرتغال وإسبانيا وبريطانيا. لكنها أصبحت واحدة من الدول الأكثر نجاحًا في هذا المجال، وحققت ثروة كبيرة من التجارة والاستعمار.
ومع ذلك، فإن تأثير هولندا الاستعماري كان محدودًا مقارنة بدول أخرى مثل البرتغال وبريطانيا. رغم ذلك، تاريخ الاستعمار الهولندي يظل جزءًا هامًا من تاريخ البلاد وقد ترك آثاره على الثقافة والاقتصاد والمجتمع في هولندا والمناطق التي استعمرتها.
أبرز المستعمرات
مستعمرة نيو أمستردام
في عام 1626، أسس الهولنديون مستعمرة نيو أمستردام في ما يعرف الآن بمدينة نيويورك في الولايات المتحدة. كانت هذه المستعمرة تعد قاعدة هامة للتجارة والاستكشاف في المنطقة.
الهند الشرقية الهولندية
أسس الهولنديون مستعمرات في مناطق مختلفة من شرق الهند الحالية. وقد سيطروا على جزر جاوة وباتافيا (الآن جاكرتا)، وأقاموا نظامًا استعماريًا هناك يعتمد على زراعة القصب وتجارة التوابل.
جزر الكاريبي
كانت هولندا تمتلك مستعمرات في جزر الكاريبي، مثل سورينام وكوراساو وأروبا. استخدمت هذه المستعمرات لإنتاج المحاصيل الاستوائية والتجارة البحرية.
جنوب أفريقيا
استعمرت هولندا منطقة الرأس الجيد في جنوب أفريقيا في القرن السابع عشر، وأسسوا مستوطنات هناك. وقد كانت هذه المستوطنات بداية للتواجد الأوروبي في المنطقة والصراعات التي أعقبتها.