مريم بريبري.. شابة تونسية تتحدى ظلم النساء والتوريد العشوائي من الصين
- لم تعتمد على أي شخص في تأسيس مشروعها وعلامتها التجارية
- محلها كان من صنعها اليدوي ومن المواد التي أعادت تدويرها من النفايات
تغزو السلع الصينية وفق الخبراء الاقتصاديين الأسواق التونسية وتؤثر سلبا على الاقتصاد التونسي ما دفع عددا كبيرا من الحرفيين التونسيون يتخلون عن حرفتهم ويغلقون أبواب محلاتهم للأبد.
“أخبار الآن” التقت بشابة تونسية تدعى مريم بريبري، وهي حقوقية وناشطة نسوية وحرفية تونسية تقاوم عبر علامتها التجارية “بريبري” السلع الصينية ولا تستخدمها أبدا في صناعة الملابس التي تبيعها ولا في تلك التي ترتديها منذ سنوات طويلة، كما أنها تحاول عبر علاماتها تخليد النساء المناضلات والدفاع عن المستضعفين والمستضعفات.
وتعتبر بريبري قصة نجاح إذ لم تعتمد على أي شخص عدا نفسها في تأسيس مشروعها وعلامتها التجارية، مؤكدة أن محلها كله كان من صنعها اليدوي ومن المواد التي أعادت تدويرها من النفايات.
وصرحت مريم لـ”أخبار الآن”: “دائما كنت أحتج على الملابس المستوردة من الصين، وأحتج أيضا على الموضة القادمة من الخارج وأعتبر أنه من العيب والمضحك أننا نملك في تونس موروثا ثقافيا هائلا لكننا نقلد العالم ونرتدي ملابس صينية مضرة بالصحة والاقتصاد”.
وأضافت :”بريبري هي علامة مقاومة السائد، مقاومة الصور النمطية التي يرسمها المجتمع على النساء وعلى الموضة وعلى الجسد”.
وتعتمد بريبري على عارضين وعارضات يقطعون مع الصورة النمطية للجمال أو للمعايير العالمية التي تحدده، حيث تقاوم أيضا كل ما هو مدمر للحرف والنسيج الحرفي في تونس خاصة ما يتم استيراده من الصين”.
وكشفت مريم أن المحلات التجارية الكبرى في تونس ومن بينها علامات تونسية معروفة تستورد منتوجاتها من الصين، وتصنعها فيها ثم تقوم بمغالطة المواطنين وتكتبت على ملصقات الملابس بأنها “صناع تونسية”.
واستطردت الحرفية التونسية: “أنا مثلا والدي كان يصنع الجبة والبرنوس لكنه تخلى عن كل شيء لأنه أصبح غير قادر على مقاومة الاستعمار الاقتصادي الصيني الذي حدث حتى قررت افتتاح بريبري كان رفضه قاطعا بسبب مخاوفه من فشلي بسبب الغزو والاستعمار الصيني لتونس”.
لم تخف البريبري أن الطريق الذي اختارته كان محملا بالصعوبات، خاصة أنها انطلقت بمفردها دون أي سند مادي.
وعدّدت الشابة لـ”أخبار الآن” التحديات التي واجهتها في رعاية “طفلها الصغير” في طرقها نحو بناء علامتها التجارية.
إذ قالت البريبري: “تحديات عديدة واجهتني وأول تحد واجهته هو أنني امرأة لأنه ليس من السهل أن نكون نساء في مجتمعاتنا وأنا امرأة خريجة قانون..كنت الفتاة الهادئة التي لديها طموح المحاماة أو القضاء التي لا يجب أن تتبع طريق الحرف اليدوية أو الخياطة لأنها حرف تم تقزيمها وعانت من الوصم”.
وأضافت: “نحن نعتبر أن الخياطة أقل رتبة من الأستاذ أو المعلم أو الطبيب وهذا خطأ كبير”.
كما ذكرت أنها كانت تعمل في الأسواق الشعبية التي تخلو من النساء كليا.
وكشفت أنها كانت تحمل مسؤولية كبيرة باعتبارها الطفلة الوحيدة لعائلتها.
وأضافت مريم أن التحدي الثاني الذي واجهته يتمثل في الغزو الصيني لتونس، لأنها لا تجد المواد الأولية التونسية وحين تجدها تكون باهظة الثمن”.
لا يخلو محل مريم من الشباب التونسي الحالم بغد أفضل، إذ يجتمعون في محل مريم من أجل مشاهدة الأفلام وقراءة الكتب ومناقشة الأفكار الفلسفية والحقوقية والسياسية. كما أنهم يرون في المحل ملجئًا لهم وفضاء يعبرون فيه عن أنفسهم بحرية.
ومن بين الشباب الذين التقت بهم “أخبار الآن” في المحل بومدين النصيري وهو طالب قانون صرح: “مريم اختارت أن تكون التغيير الذي تريد أن تراه في العالم عبر اختيارها أن تكون حرفية وعبر افتتاحها لمشروع في قلب المدينة العتيقة مع أنها غير آمنة، ليس هذا فقط بل اختارت أن يكون محلها حاملا لرسالة وقضايا إنسانية ووطنية وليس مجرد محلا لبيع الملابس فقط”.
كما أن الشاب بومدين يحمل نفس نظرة بريبري للسلع الصينية إذ قال: “الهجمة التجارية الصينية تنتهك الهوية التونسية ويجب تشجيع الماركات التونسية ومن بينها بريبري”.
هذا وتعيش تونس وضعية تثير قلق المختصين والمسؤولين في تونس، وانشغالهم بمصير الصناعة التونسية وإمكانية اندثار قطاعات عدة في المجال التجاري، مع تزايد الضغط من المهنيين عبر منظماتهم من أجل وقف نزيف التوريد أساساً من الصين التي أغرقت تونس بالعديد من السلع التي يشدد بشأنها المسؤولون والتجار على أنها غير ضرورية للبلاد وأن نظيرتها يتم تصنيعها في البلاد.
هذا إلى جانب الحجم الهائل من السلع الصينية المهربة التي تدخل البلاد التونسية بطريقة غير شرعية والتي يرجح الخبراء كونها سلعا مسرطنة وخطرة إذ أنها لا تتوافق مع معايير الجودة العالمية ولا التونسية.