نفوق أطنان من الأسماك في العراق بسبب الجفاف
مع تراجع نسبة هطول الأمطار وارتفاع درجات الحرارة تصنّف الأمم المتحدة العراق من بين الدول الخمس الأكثر تأثرًا بالتغيّر المناخي، في حين تندد بغداد بالسدود التي تبنيها تركيا وإيران المجاورتان والتي تسبّبت بنقص ملحوظ في منسوب أنهار العراق.
وفتحت السلطات العراقية، تحقيقًا لتحديد أسباب نفوق “أطنان” من الأسماك في نهر بجنوب البلاد، في ظاهرة قد تكون مرتبطة بالجفاف الذي يتعرّض له هذا البلد.
وأظهرت فيديوهات منشورة على مواقع التواصل الاجتماعي مياه نهر المجر في محافظة ميسان الجنوبية مغطاة بآلاف الأسماك النافقة الطافية على سطح النهر.
ومنذ سنوات، تحاول بغداد الحصول على إطلاقات مائية أكبر من الأنهار التي تنبع من إيران وتركيا، لكن مشاريع السدود التي يقيمها البلدان على تلك الأنهار تسبب بانخفاض وارداته المائية بشكل كبير.
وتمثل عدة أنواع من الأسماك، تعيش في المياه، موردا اقتصاديا وغذائيا مهما لسكان البلاد.
لكن الأسماك ليست وحدها المهددة، حيث إن نقص المياه، واستمرار تلويثها بالفضلات البشرية والصناعية، يؤدي إلى وصول مياه سامة ملوثة بالمعادن الثقيلة إلى النباتات والحيوانات التي تشرب تلك المياه، وأيضا إلى البشر الذين يأكلون تلك الحيوانات والنباتات ويشربون تلك المياه.
وفي إحاطتها لمجلس الأمن في مايو الماضي، قالت ممثلة الأمين العام للأمم المتحدة في العراق، جينين بلاسخارت، أن “المياه تمثل أهم أزمة مناخية للبلد”.
وأضافت: “بحلول عام 2035، تشير التقديرات إلى أن العراق سيكون لديه القدرة على تلبية 15٪ فقط من احتياجاته من المياه”، مؤكدة أن نسبة التلوث في أنهار العراق تبلغ “90٪”، كما “يعاني 7 ملايين شخص حاليا من انخفاض إمكانية الحصول على المياه”.
ونقلت فرانس برس عن مدير شعبة الأهوار والتراث العالمي في مديرية بيئة ميسان خضر عباس سلمان إنّه “تبيّن من خلال الاختبارات الحقلية التي أجريناها أنّ نسبة الأوكسجين تساوي صفر في المياه بالإضافة إلى ارتفاع نسبة الملوحة”.
وشهدت بغداد عام 2018، حادثة مماثلة وقعت في محافظة بابل (وسط) عندما تفاجأ مربّو الأسماك بنفوق الآلاف من أسماك “الكارب”، دون أن يتمكنوا من معرفة السبب، وقد رجّح بعضهم يومها وقوف فيروس أو مواد كمياوية خلف ما جرى.
حلول عاجلة
في مقابلة سابقة مع أخبار الآن قال وزير الموراد المائية السابق حسن الجنابي إن العراق يحتاج إلى استراتيجيات طويلة المدى لمعالجة أزمة المياه كما أن القطاع الزراعي خاسر والفلاحين الصغار على حافة الفقر
وأضاف: “لم يعد أمام المزارعين في العراق سوى النزوح من أراضيهم نحو المدن للعمل في مهن أخرى غير الزراعة، فالمياه باتت شحيحة إلى أقصى درجة وتحولت مساحات خضراء كانت تسر الناظرين إلى صحارى جرداء بسبب الجفاف وندرة المياه”.
وأشار الجنابي إلى أن هناك خطر حقيقي يهدد المياه العراقي حيث أن حصص العراق من المياه انخفضت طوال السنوات الماضية.. والآن لا يحصل العراق سوى على ثلث حصته من مياه نهر الفرات ولا يوجد ضمان لاستمرار هذه الحصة أيضا.
وأوضح الدكتور الجنابي أن العراق كان يعتبر بلدا زراعيا ونسبة سكان الريف في السابق تجاوزت 70 في المئة أما الآن فالنسبة انخفضت إلى نحو 30 في المئة أو أقل بسبب الهجرة الكبيرة والمتواصل من الريف إلى المدينة نتيجة الشحة المائية.
ويعانى العراق منذ القرن الماضي تزايد مستوى الجفاف وارتفاع درجات الحرارة، فضلاً عن تراجع المسطحات المائية وتناقص الأمطار وشح المياه بشكل عام، وكذلك سوء إدارة الحكومات المتعاقبة لأزمة المياه وعدم اتخاذ أية إجراءات تتصدى لإنشاء دول المنبع، مثل تركيا وإيران، سدوداً أثرت بشكل واضح في الخزن المائي ومن ثم في الخطة الزراعية التي تعتمد جذرياً على الوفرة المائية.