صحفية فلبينية شاركت برحلة نظمتها بكين إلى إقليم شينجيانغ تكشف خداع الصين
صحفية فلبينية زارت شينجيانغ تحكي مأساة مسلمي الإيغور.. فماذا رأت؟
- أبرزهم جو حطاب وصحفية فلبينية.. صور وفيديوهات تكشف منع الإيغور من الصلاة والصيام وإجبارهم على التمثيل وخداع الأجانب
“مشاهد مسرحية واستعراضات” تنظمها الصين أمام الوفود الأجنبية، التي تسمح لهم بزيارة إقليم شينجيانغ، في محاولة لاخفاء معاناة أكثر من مليوني مسلم من شعب الإيغور. حيث تدير الصين سلسلة من معسكرات الاعتقال لمسلمي الإيغور في الإقليم، وتتهمها الأمم المتحدة بارتكاب “انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان”.
الصحفية الفلبينية كارلا تنغ (Carla Teng) زارت إقليم شينجيانغ، بدعوة من بكين، لتكتشف بعد الزيارة أن كل ما شاهدته من احتفالات أقلية الإيغور وممارستهم لحياتهم اليومية كان مجرد تمثيل، وهو ما ذكر بعدد من التقارير الدولية من منظمات حقوق الإنسان والنشطاء وصناع المحتوى الذين اتيح لهم زيارة إقليم شينجيانغ من قبل، مثل صانع المحتوى جو حطاب، الذي تطابقت شهادته على ما رأي من اضطهاد بحق الإيغور في الإقليم مع شهادة الصحفية الفلبينية.
وهنا نستعرض معكم تفاصيل زيارة الإعلامية الفلبينية كارلا تنغ إلى شينجيانغ
قابلت المستشارة الإعلامي الفلبينية كارلا تنغ، الناشط الإيغوري عبد الولي أيوب في مدينة أوكلاند خلال لقاء الفريق الإبداعي للفيلم الوثائقي الشهير All Static & Noise. الذي سلط الضوء على محنة شعب الإيغور في منطقة شينجيانغ في غرب الصين.
كان أحد أفراد الإيغور الذين ظهروا في الفيلم. تم اعتقاله من قبل الحكومة الصينية لتأسيسه روضة لأطفال مسلمي الإيغور في كاشغر وأورومتشي. تميزت الفترة التي قضاها في مركز الاحتجاز بالتعذيب، لكنه تمكن من تأمين إطلاق سراحه في عام 2014 ثم فر من الصين في عام 2015.
قبل لقاء تنغ بعبد الولي أيوب الذي يدأب على توثيق جرائم الحزب الشيوعي الصيني بحق أقلية الإيغور. وهو أكاديمي حاصل على درجة ماجستير في اللغويات من جامعة كانساس الأمريكية، وكان سُجن لأكثر من سنة في معتقلات شينجيانغ شخصيًا، كانت تنغ قد شاهدت الفيلم الوثائقي، وعندما علمت بتجارب أيوب، لم تستطيع إلا أن تشارك ملاحظاتها الصحفية الخاص بشينجيانغ.
كان العام الذي غادر فيه أيوب الصين هو نفس العام الذي زرات فيه كارلا تنغ شينجيانغ، ولم يكن لديها سوى إدراك غامض للتوترات بين الحكومة الصينية وأقلية الإيغور.
تقول: “عندما ذكرت معرفتي بكاشغر وأورومتشي لأيوب، بدا حذرًا. في محاولتي للاتصال، عرضت عليه بعض صوري القديمة من شينجيانغ، المنشورة على حسابي على وسائل التواصل الاجتماعي قبل ثماني سنوات”.
أثار هذا التبادل محادثة مثيرة للاهتمام، بين أيوب وتنغ حيث اختلفت رؤيتها لشينجيانغ كصحفية فلبينية زائرة اختلافًا كبيرًا عن الحقائق الصارخة التي تحملها مجتمع الإيغور على الأرض.
في ذاكرتها، كان الوقت الذي أمضته تنغ في شينجيانغ مليئًا بالتجارب الرائعة، ولكن مع مرور السنين، دفعتها التقارير الموثقة عن اضطهاد الإيغور إلى التفكير مرة أخرى.
“بشكل مخيب للآمال”، كانت تنغ قد اقتنعت “عن غير قصد” بالمشاهد المسرحية والروايات التي رأتها، غير مدركة للحقيقة المؤلمة للقلب وراء معاناة شعب الإيغور.
الدعوة
تقول تنغ: “كنت في سنتي الرابعة كمراسلة دبلوماسية لشبكة TV5 في الفلبين عندما سألتني صديقة مقربة، والتي تغطي أيضًا وزارة الشؤون الخارجية الفلبينية، عما إذا كنت مهتمة بحضور ندوة إعلامية حول مشروع الحزام والطريق في الصين. أجبتها دون تردد: بالتأكيد”.
وأضافت: “لقد أوصتني بزيارة السفارة الصينية في مانيلا، وفي 24 يوليو 2015، تلقيت دعوة رسمية عبر البريد الإلكتروني”.
وتقول تنغ إنها ذلك الوقت، لم تكن تمتلك معرفة متعمقة بالقضايا المحلية لجمهورية الصين الشعبية. كمراسلة تغطي الشؤون الدولية في الفلبين، إذ كان تركيزها بشكل أساسي على القصص الأجنبية ذات الأهمية المحلية للجمهور الفلبيني.
ولم تكن الأحداث في أقصى غرب الصين جزءًا من هذا التركيز.
توقعًا لأسئلة مديريها، كانت أفكار تنغ الأولية هي العثور على اتصال بالفلبين يجعل هذه الندوة ذات صلة. وبالتالي، عندما عرضت على مديرها الدعوة، سألها: “شينجيانغ؟ ماذا سنفعل هناك؟ ما هي قصتك؟ هل هي آمنة؟”
أما فيما يتعلق بالجانب الأمني، فلم يكن لدي تنغ أدنى فكرة.
تقول: “قررت التركيز على زاوية بحر الصين الجنوبي. في البداية، اعتبر ذلك امتدادًا، لكنني جادلت بأن شي جين بينغ كان في السلطة كرئيس لجمهورية الصين الشعبية لمدة أربع سنوات فقط في ذلك الوقت. ومع ذلك، كانت سياسته الخارجية بالفعل قوة لا يستهان بها؛ حتى أنه دفع إدارة أوباما في واشنطن إلى إعلان “محور نحو آسيا”، وتجديد الاهتمام بالمنطقة”.
كانت تنغ تنقل قصصًا عن بكين ومشاريعها، لكن تركيزها كان فقط على بحر الصين الجنوبي والمواجهة بين الصين وجيرانها.
أبلغت مديرها أن محور قصتها سيكون طموح شي جين بينغ، ومبادرة One Belt One Road (OBOR) – لربط استعادة طريق الحرير القديم في غرب الصين وتأكيد حضور بكين في بحر الصين الجنوبي من خلال إنشاء طريق الحرير البحري الحادي والعشرين، والذي كان يهدف إلى ترسيخ تصميم الصين على أن تصبح القوة الاقتصادية العالمية الأولى.
تمت الموافقة على قصتها، وذهبت بعدها إلى شينجيانغ.
التعرض
أورومتشي (Ürümqi) مدينة ساحرة تجاوزت توقعات تنغ، بناطحات السحاب الشاهقة وعجائب الهندسة المعمارية الرائعة.
لم تكن تنغ الصحفية الفلبينية الوحيدة التي حضرت الندوة. كان هناك اثنان من الفلبين. إلى جانبهم كان هناك صحفيون من دول آسيوية مختلفة، وكذلك من روسيا ومصر. إذ قام المكتب الإعلامي الصيني بخطوة إستراتيجية من خلال دعوة الصحفيين من الدول التي ستتأثر بشكل مباشر بمبادرة الحزام والطريق بحسب تنغ.
خلال الندوة، ركز الصحفيون من أفغانستان وباكستان وأوزبكستان، الدول المجاورة لشينجيانغ، على الأخبار المتعلقة بالأمن والإرهاب. أثار هذا المنظور اهتمام تنغ، لا سيما في ضوء التهديد العالمي الذي كان يمثله في ذلك الوقت توسع الجماعة الإرهابية المتشددة، تنظيم داعش.
وواجهت الفلبين مشكلة مماثلة مع وجود جماعة أبو سياف الإرهابية في جنوب مينداناو.
خلال جلسة الأسئلة والأجوبة، سأل صحفي باكستاني كيف يمكن للحكومة الصينية المضي قدمًا في مشاريعها في غرب الصين في مواجهة الإرهاب؟
ورد المسؤول الصيني بأنهم “يقضون” على أفراد شينجيانغ الذين أبدوا اهتمامًا بـ”التطرف الإسلامي” أو اعتنقوه. وصرح بحزم أنهم يبذلون جهودًا لتأمين حدودهم.
رفعت تنغ يدها لتوضيح تصريح المسؤول بـ”القضاء عليهم”. إذ كانت فهمته في المرة الأولى، لكنها أردت مقطعًا صوتيًا أوضح. ثم أجاب دون تردد: “نطلق النار عليهم”، مبررًا ذلك على أنه إجراء احترازي استباقي.
كان فهم تنغ للقضايا المحلية في شينجيانغ يقترب من الصفر. لا عجب هناك حيث عملت الحكومة الصينية جاهدة لإخفاء تفاصيل الوضع.
بعد هجمات الحادي عشر من سبتمبر في الولايات المتحدة، كان هناك تركيز جديد على سياسة الحرب على الإرهاب التي استهدفت بوعي السكان المسلمين في العديد من البلدان بحسب تنغ.
تقول: “حدث ذلك في بلدي، ولم تكن الصين استثناء. كان هذا رأيي الشخصي”.
بصرف النظر عن المحاضرات، قام الوفد أيضًا بزيارة مواقع مختلفة في أورومتشي وتشانغ. لقد كانت فرصة لهم بحسب تنغ للانغماس في الأحداث الثقافية والتعرف على خطط التنمية في المنطقة، مثل إنشاء مراكز اقتصادية ومنشآت لتوليد الطاقة، نظرًا لأن المنطقة هي موطن لأكبر احتياطيات الفحم والغاز الطبيعي في الصين.
قم الوفد أيضًا بجولة في محطة تلفزيون شينجيانغ واكتسبنا رؤى حول عملياتها.
الزيارة
كانت الوجهة التالية على خط سير الرحلة، والتي لا شك أنها الأكثر تميزًا بالنسبة لتنغ، هي زيارتهم إلى كاشغر. قدمت تباينًا صارخًا مع أورومتشي، حيث بدا أن غالبية السكان من الهان الصينيين.
في كاشغر، سيطر الإيغور على المنطقة، وما أسر تنغ حينها هو وجود مستوطنة قديمة محاطة بأسوار ضخمة – مدينة كاشغر القديمة.
لم تكن قديمة جدًا، كما اتضح، حيث تم تجديد المنطقة بأكملها. هدمت الحكومة الصينية ببساطة المدينة القديمة الأصلية وبنت مدينة جديدة.
تقول تنغ: “عندما وصلنا إلى البوابة، استقبلنا الإيغور، وهم يرتدون أرقى ملابسهم التقليدية. كانت النساء يرتدين أغطية رأس مذهلة، بينما كان الرجال يرتدون لحى طويلة مزيفة على وجوههم. موكب نابض بالحياة، مصحوب بالموسيقى والرقصات، رحب بقدومنا بحرارة”.
حاولت تنغ الدخول في محادثات مع السكان المحليين، لكن يبدو أنهم كانوا يتجنبون عن قصد التحدث معها، وهو ما كانت تحترمه تمامًا. إذ افترضت أن حاجز اللغة هو المشكلة.
كان المكان نفسه رائعًا، مع تصميماته الجدارية المعقدة التي تعرض أعمالًا فنية لا تصدق. كانت المشاعر التقليدية وأنماط النسيج الملونة والسوق ووجود الجمال واندماج تأثيرات آسيا الوسطى والشرق الأوسط في مكان واحد آسرًا حقًا بوجهة نظر تنغ.
ومع ذلك، برز شيء واحد بالنسبة لها: كانت الشوارع نظيفة تمامًا.
في مناطق معينة، لم تواجه تنغ والوفد المرافق لها من الصحفيين أي شخص على الإطلاق، ثم من العدم، تظهر عروض منسقة بدقة، من بينها حتى حفل زفاف تقليدي في الشارع.
تكهن الصحفيين أن الإيغور أجبروا على الأداء بسبب وجودهم. ووجدت تنغ مثل هذه الملاحظات وقحة، لأنها اعتقدت “بسذاجة” أن هؤلاء الأشخاص قد بذلوا جهودًا للتحضير والأداء فقط للترحيب بنا.
كما أتيحت للوفد الفرصة لتذوق المأكولات المحلية في كاشغر. قام أحد السكان الذين امتلكوا أحد أجمل المنازل في المدينة، بإعداد الغداء بتفضل لهم. وتقول تنغ حتى يومنا هذا، يمكنني القول بثقة إنني تذوق أحلى شمام في شينجيانغ.
كانت زيارة المنطقة تجربة رائعة بالنسبة لتنغ. حيث كانت هناك في مهمة، وركزت بشكل كامل على قصتها الصحفية بينما أقامت علاقات وأستمتعت بالتجربة. كانت هذة رؤيتها الشخصية ذاتها التي شاركتها لاحقاً بعد سنوات مع الناشط الإيغوري عبدالولي أيوب.
ومع ذلك، عندما عبرت عن ذكرياتها العزيزة عن شينجيانغ، فقد شاركت أيوب ذكرياته، والتي كانت مخالفة تمامًا لما لاحظته.
شهادة الصحفية الفلبينية أكدها صانع المحتوى جو حطاب خلال أكثر من فيديو نشره لزيارته إلى إقليم شينجيانغ عام 2019.
وقال جو خلال فيديو نشرة في مايو 2019 بعنوان وين اختفوا مسلمين الصين؟ الإيغور – inside Xinjiang, China: “البلد ممنوع فيه الصيام والصلاة وإطلاق اللحية، كما يجبر المسلمين فيه على أكل لحم الجنزير، وشرب الكحوليات، والزواج من الصينيين، ما يعني أنك لازم تطلع من دينك وتغير نسلك”.
ورصد حطاب خلال رحلته خلال شهر رمضان أيضاً مشاهد مصطنعة لاحتفالات أقلية الإيغور، بالرقص والغناء في الشارع، كما رصد خوف المواطنين الإيغور من الإعلان عن صيامهم، إذ سأل أحد الأشخاص عن ما إذا كان صائما، ليسكت الشخص في توجس، قبل أن يقوم بالأكل ليثبت أنه غير صائم”.
كما استغرب حطاب خلال زيارته للإقليم عدم وجود صائمين أو مصلين خلال شهر رمضان. وهو ما تناولته “أخبار الآن“، إذ أكدت التقارير أن الحزب الحاكم في الصين ينتهز شهر رمضان الكريم، لمزيد من الضغط والتحكم بأقلية الإيغور، ولا يتوانى في استغلال أي مناسبة أو فرصة للتنكيل بالأقليات العرقية أو الدينية.
ردة الفعل
“أعتقد أن هؤلاء الأشخاص لم يرتدوا الملابس النموذجية خلال تلك الفترة لأن (الإيغور) يرتدون ملابس عادية، فهم (فقط) يرتدون تلك الملابس (التقليدية) عندما تقام أعياد الإيغور، وهم عادة لا يرتدونها. لذلك، تم تنظيمه. بالطبع، لأنك (كنت) صحفية، قمت بزيارتها هناك، واستعدت الحكومة الصينية لكل شيء قبل أن تصل إلى هناك”. كان هذا رد عبد الولي أيوب بعد أن عرضت عليه تنغ صورها.
عندما ذكرت تنغ لعبد الولي أنها حاولت التحدث مع السكان المحليين، لكن يبدو أنهم يتجنبونها، لم يتفاجأ، مما يشير إلى أنه ربما تم توجيه الإيغور بعدم التعامل مع الوفد الصحفي.
بناءً على تجربته في عام 2012 تقريبًا، بدأت الحكومة الصينية في فرض إجراءات “تجميل” صارمة في شينجيانغ. منعت هذه الإجراءات الإيغور من ارتداء الملابس الإسلامية التقليدية، ومُنعت النساء من ارتداء الحجاب أو الملابس التي تغطي الجسم بالكامل. ومُنع الرجال من إطالة لحاهم، وحُظرت الصلاة العامة.
تجربة عبدالولي وتنغ، تمثالت مع تجارب صانع المحتوى جو حطاب خلال زياراته لإقليم شينجيانغ.
ففي فيديو نشره خلال زيارته لكاشغر في 2019، بعنوان: الصلاة ممنوعة في هذه المدينة – منطقة مسلمين الصين والايغور – Xinjiang، قال صانع المحتوى إن كل من قابلهم كان لديهم تخوف كبير من الحديث عن الإسلام أو الصيام أو رمضان.
وتفاجئ حطاب عندما حاول زيارة مسجد في كاشغر، يعد الأكبر في إقليم شينجيانغ بأن بوابة المسجد مزودة بـ17 كاميرا، تصور كل من يقترب منه. هذا بجانب تحويل المسجد لمزار سياحي يجب أن يدفع كل من يريد الدخول إليه.
ورصد حطاب خلال زيارته أيضا، إغلاق مساجد الإقليم بوجه المصليين في شهر رمضان، حتى باتت الصلاة ممنوعة.
ليست المساجد فقط هي التي تعرضت للرقابة من قبل الصين، إذ تعرض الأدب والأفلام الإيغورية للرقابة أيضا. وفقًا لعبد الولي أيوب، كان هذا بمثابة بداية محوالة اندماج الإيغور القسري في ثقافة الهان الصينية.
كما افترض أنه يمكن ربط مشروع الحزام والطريق بهذه الإجراءات، بهدف لجذب المزيد من المستثمرين إلى المنطقة من خلال تحويل الإيغور إلى “الهان”.
بعد أعمال الشغب التي اندلعت عام 2009 في أورومتشي، حيث احتج المتظاهرون الإيغور على هجرة الصينيين الهان إلى شينجيانغ، تحولت بكين إلى العداء تجاه الإيغور.
عندما أبلغت كارلا تنغ أيوب بتصريحات المسؤول الصيني “نطلق النار عليهم” خلال الندوة التي حضرتها في شينجيانغ، لم يتفاجأ.
وقال إن “بكين مصممة على استئصال ما اعتبرته الشرور الثلاثة: الإرهاب والانفصالية والتطرف الديني”. و”هذه الأيديولوجيات تعتبرها الحكومة من الأمراض المعدية”.
وأوضح أيوب أن المدينة القديمة التي أعيد بناؤها والتي فتنتني، والتي ادعى منظمونا أنها جزء من خطط تطوير الإسكان لمجتمعات الإيغور، كانت تكتيكًا لتقييدهم ومراقبتهم.
إذ يجب أن يعيش الإيغور في الحي المحاط بالجدران لأنهم في ذلك الوقت بدأوا سياسة أن الإيغور يجب أن يكونوا داخل هذا الجدار. لا يمكننا التحرك (بحرية). إذا كنت من الإيغور، فيجب أن تكون داخل هذا الجدار. يجب أن يعرفوا (الشرطة الصينية) مكان وجودك 24 ساعة في اليوم”.
وأضاف أن الإيغور اضطروا إلى تمرير هوياتهم كلما أرادوا الدخول أو الخروج من المنطقة المجاورة. كما طُلب منهم حمل بطاقة خضراء مميزة تحتوي على جميع معلوماتهم.
“يجب أن نحصل على البطاقة الخضراء، بدون البطاقة الخضراء، لا يمكنك الذهاب إلى أي مكان، وكانت تلك البطاقة الخضراء مثيرة للاهتمام، فهي تجمع التفاصيل الخاصة بك، حتى خريطة شقتك، صورتك، حمضك النووي، كل شيء، في ذلك الوقت، اعتقدت أنهم ربما سيقتلوننا بطائرة بدون طيار، فلماذا لديك خريطة منزلي؟”
في عام 2014، نشرت بكين مسؤولين في قرى الإيغور، وحولتها إلى ما وصفته أيوب بـ “منطقة حرب”.
“بدأ في عام 2014، في يونيو، أرسلوا مسؤولين إلى قرى الإيغور، إنها تشبه منطقة حرب … كانت هناك دبابتان ومدرعتان، وهؤلاء المسؤولون الحكوميون كانوا في القرية”.
بعد ذلك، صادرت السلطات كتب تاريخ الإيغور وأدوات دينية وأقراص مدمجة وأقراص DVD وUSB وأجهزة كمبيوتر محمولة. حتى أن الحكومة أجرت استبيانات على الأطفال، تسأل عما إذا كانوا قد شاهدوا والديهم يصلون أو يتفاعلون مع الأئمة.
وتبع ذلك اعتقالات جماعية.
في ذلك الوقت، كان أيوب لا يزال محتجزا.
كنت في أورومتشي، يقول أيوب للصحفية تانغ، ويضيف: في مركز الاحتجاز. 90٪ من سكان أورومتشي هم من الهان الصينيين، والباقي من السكان العرقيين. لذا في السجن، معظمهم السجناء من الهان الصينيين – قتلة ، كل شيء. لكن في حزيران (يونيو) 2014، فجأة أصبحوا جميعًا في السجن من الإيغور، واختفى سجناء الهان الصينيون “.
غالبًا ما كانت الاعتقالات الجماعية للأيغور مرتبطة بممارستهم للإسلام.
عندما تم إطلاق سراح أيوب في وقت لاحق من ذلك العام، لاحظ تغييرات كبيرة في أورومتشي وكاشغر.
في عام 2015، بدأت الحكومة الصينية في تركيب كاميرات مراقبة في جميع أنحاء شينجيانغ، وفي العام التالي، كانت نقاط التفتيش في كل مكان، مع ظهور الشرطة والجنود الصينيين باستمرار.
بحلول عام 2017 ، تم إنشاء مخيمات في جميع أنحاء المنطقة.
المعسكرات
قدم أيوب شرحًا لأنواع المعسكرات الخمسة في شينجيانغ: المدرسة الليلية، معسكر إعادة التثقيف، مركز الاحتجاز، السجن، ومعسكر العمل.
المدارس الليلية ومعسكرات إعادة التعليم تنطوي على تلقين أيديولوجي. ومع ذلك، في المدارس الليلية، يُسمح للأفراد بالعودة إلى منازلهم، بينما تشبه معسكرات إعادة التأهيل السجون.
تم الإبلاغ عن التعذيب في معسكرات إعادة التثقيف ومراكز الاحتجاز والسجون ومعسكرات العمل.
لا يزال معظم أقارب أيوب في معسكر إعادة التأهيل، وفقًا للأيغور الذين تحدث معهم والذين نجوا من ذلك. بصرف النظر عن التعذيب الجسدي، يمكن للمعسكر تحطيم الشخص عقليًا.
وقال أيوب: “يريدونك أن تعرف أنك لست إنسانًا بعد الآن. أنت كائن. أول شيء، أنت لست إنسانًا لأنك مجرد رقم … ثم يطلبوا منك خلع ملايسك بالخارج، هناك قاعة، هناك سجناء، ثم رجال ونساء في القاعة، رجال في هذا الجانب، نساء في هذا الجانب، وعليك أن تتجرد – هذا إذلال.
“ثم يطلبوا منك ارتداء الزي الرسمي، زي السجناء، وسوف يتغير شعورك لأنك بالفعل مختلف، مع الرقم، والزي الرسمي، ومن ثم عليك التوقيع على أن” آتي إلى هنا حسب رغبتي”. هناك تلك الاتفاقية التي يجب عليك التوقيع عليها”.
لم تكن تجربة أيوب في مركز الاحتجاز مختلفة عن تجربة معسكرات إعادة التأهيل.
في الداخل، لم يكن عبد الولي أيوب. كان رقم 9-2-1-5.
الأمل
منذ عام 2019، حظيت شينجيانغ باهتمام عالمي وواجهت بكين إدانة دولية للفظائع التي ارتكبت ضد الإيغور في غرب الصين. تضاعف عدد المخيمات، ولا تزال انتهاكات حقوق الإنسان مستمرة في المنطقة.
على الرغم من هذا الواقع الشرير، لا يزال أيوب يأمل في أن مستقبلًا أفضل ينتظر شعب الإيغور.
وهو يعتقد اعتقادا راسخا أن تصرفات الصين تغير النظام العالمي، الذي يراقبه المجتمع الدولي عن كثب. ويؤكد أنه مع نمو الصين، فإنها تولد أيضًا خصومًا على جبهات مختلفة.
“ليس فقط لديهم نزاع مع الفلبين في بحر الصين الجنوبي- لديهم نزاع مع الهند. لديهم نزاع مع طاجيكستان وكازاخستان وضد اليابان مع جزيرة سينكاكو – أعتقد أن لديهم مشاكل مع الجميع لأن الحكومة الصينية لا تعترف بالقانون الدولي”.
“أمل آخر هو، أن البشر لم يفقدوا ضميرهم، أعتقد أننا نفعل ذلك، ونحن نحاول، ونحن نقاتل، وأعتقد أن العالم يراقب – كل الأشخاص الذين يتمتعون بالكرامة سيفعلون اعمل معنا. سنحل المشكلة”.
بدت شينجيانغ مكانًا صورته الحكومة الصينية في ضوء إيجابي – منطقة تقدمية ومليئة بالإمكانيات.
خلال زيارت تنغ التي استغرقت أسبوعين، أصبحت مقتنعة بالفرص الاقتصادية التي يمكن أن تنشأ من استعادة طريق الحرير، والتي تعود بالفائدة على الصين ككل.
ومع ذلك، ترى الصحفية الفلبينية أنه بالتأمل في تجربتها والأخبار ومحادثاتها مع أيوب، فإنها منجذبة للنظر مرة أخرى في طموح بكين للعظمة، والذي لا يتناسب مع اضطهاد الأقليات في شينجيانغ.
تشير أحدث التقارير الواردة من شينجيانغ إلى أن الأسوأ قد يكون الآن وراء الإيغور، مع بقاء معسكرات إعادة التعليم فارغة الآن، واستمرار أسوأ تدابير الرقابة الاجتماعية.
لكن الذاكرة لا تزال قائمة، ومعها صدمة أقلية الإيغور، التي يبدو من المرجح أن تكون دائمة بحسب كارلا تنغ.