تونسيون فقدوا الشعور بالانتماء بعد تعرضهم للعنصرية
- يمثل السود ما بين 10 و15% من مجموع السكان في تونس
تتواصل في تونس حملات طرد أفارقة جنوب الصحراء من مدينة صفاقس بعد حادثة قتل أقدم عليها مهاجر أفريقي.
ومع أن هذه الحادثة هي جريمة لا يتحمّل مسؤوليتها إلا صاحبها وفق تأكيدات المهاجرين، إلا أنها كانت منطلقا لتعنيف وطرد أعداد كبيرة من أفارقة جنوب الصحراء.
وفي الأثناء لم يسلم التونسيون من أصحاب البشرة السمراء من العنف والعنصرية.
وفي هذا الإطار التقت “أخبار الآن” بعدد كبير من التونسيون من أصحاب البشرة السمراء بعضهم قبل التصوير، والبعض الآخر رفض خوفًا من العنف، لكنهم شاركوا معنا تفاصيل مريرة من تعرضهم للعنصرية.
ومن بين الذين التقتهم “أخبار الآن”، إسلام بن عبدالله، شابة تونسية لم تخفي تعرضها للتنمر والعنصرية إذ قالت: “أنا أشعر بالخوف خاصة حين أسير في الشارع لوحدي أو حين أمر بجانب مجموعة من البيض، ينظرون لي نظرات احتقار وفي مرات عديدة قاموا بمهاجمتي إلا أن ما ينقذني في كل مرة هو أنني أسارع بقول كلمة تونسية حتى يصدقوا أنني ابنة نفس الأرض التي تجمعنا”.
كما أشارت الشابة إسلام وهي رياضية تونسية أن ما يحميها في الفترة الأخيرة هو ارتدائها المتواصل لقميص مكتوب عليه شعار النادي التونسي الذي تلعب في صفوفه.
وأكدت أن العنصرية ليست وليدة اللحظة وأنها منذ الطفولة تعاني من مظاهر التمييز، إذ إن الأطفال كانوا يرفضون اللعب معها بسبب تنبيهات أوليائهم.
كما أشارت إلى أن الزواج من رجل أبيض أو العكس بالعكس يعتبر أمرا محظورا اجتماعيا في تونس، ويرفضه البيض بشدة لأن أكبر مخاوفهم تتمثل في أن يكون لهم أحفاد سود البشرة وفق تعبيرها.
ألفة أيضا تشعر بالخوف مؤكدة: “أشعر بالخوف، مع توافد أفارقة جنوب الصحراء أصبحنا لا نصف كتونسيين وأصبح العنف منتظرا ومتوقعا في أي لحظة”.
وواصلت: “أشعر بعدم الانتماء بشكل كبير، وعدم الأمان في تونس، نحن تونسيون وجميعون إفريقيون وننتمي لنفس القارة مهما كان لون بشرتنا لا يحق لأحد ترهيبنا.”
أما ياسمين بن بشير فروت روت لـ”أخبار الآن” واحدا من المواقف العنصرية العديدة التي تعرضت لها إذ كشفت أنها كانت تتسوق رفقة أمها في محل تجاري ليظهر رجل فجأة ويقوم بإهانتها أمام الجميع.
قال الشخص وفق روايتها: “انظروا يا ناس، من فضلكم أبعدوهم، إنهم غير مرحب بهم وصلنا لهذا الوضع بسببهم، إنهم يقاسموننا أكلنا، يجب طردهم من بلادنا”.
فأجابته والدتها: “لكننا تونسيون”. فتمتم بكلمة: “أعتذر” وغاب في الزحام وفق رواية ياسمين.
لكنها أكدت أن الاعتذار لم يمحي الإهانة التي تعرضت لها وأن “التحقير العلني” الذي قام به الرجل خلّف وجعا كبيرا في قلبها.
وختمت حديثها بالقول: “ما مررت به من عنصرية موجع ولا أتمنى لأي أحد أن يمر به”.
جيهان الحمروني، ناشطة في المجتمع المدني، تونسية خرجت في وقت سابق في مسيرة للتنديد بتوافد أفارقة جنوب الصحراء في تونس، إلا أنها روت هي الأخرى تعرضها المستمر للعنصرية، حتى حين خرجت في المسيرة التونسية لتسوية وضعية المهاجرين.
وقالت جيهان: “العنصرية أصبحت خبزي اليومي منذ أن بدأت التجاذبات بين سكان مدينة صفاقس، وأفارقة جنوب الصحراء، أصبحنا نتعرض للعنصرية في كل مكان في سيارة الأجرة، في المقاهي، عند بائع الخضر وفي كل مكان، يجب أن نتكلم بالعربية حتى ننقذ أنفسها من العنف وهذا يؤلمني ويؤلم بناتي”.
كما ذكرت جيهان تعرض ابنها للعنف الشديد في الفترة التي قام بها التونسيون بحملات ضد أفارقة جنوب الصحراء قائلة: “ضربوا ابني لأنهم ظنوا أنه مهاجر من جنوب الصحراء وهذا أمر مخجل ومؤلم”.
رانية طالبة قانون وحقوقية قالت: “في الإيقافات التعسفية التي شهدها متساكنو جنوب الصحراء، رأينا تونسيين تم إيقافهم بسبب لون بشرتهم
وأضافت: “رأينا صورا مضحكة لتونسيين يخرجون للشارع وعلى جبهتهم جواز سفرهم التونسي، حتى لا يتم إيقافهم وكأن البشرة السمراء أصبحت جريمة أو تأشيرة لممارسة الاضطهاد”.
كما أكدت أن ما يحدث في تونس مخجل وأن تونس، أرض التعايش والتسامح بدأت تفقد صورتها الجميلة أمام العالم بسبب الحملات المسعورة ضد أفارقة جنوب الصحراء الذي يعتبر وجودهم في تونس حقا كونيا يتمثل في حق التنقل والبحث عن أرض أكثر أمانا.
في عام 2018، كانت تونس أول دولة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا تسن قانوناً يعاقب التمييز العنصري ويسمح لضحايا العنصرية بإلتماس الإنصاف عن الإساءة اللفظية أو الأفعال العنصرية الجسدية ضدهم مع ذلك يعاني عدد كبير من السكان السود في تونس من التهميش منذ أجيال ولا توجد أرقام رسمية عن الرقم الدقيق للتونسيين السود.
ووفقا لجمعية منامتي يمثل السود ما بين 10 و15% من مجموع السكان ومع ذلك لا يزالون غائبين تماما عن الحياة العامة بما في ذلك المناصب الحكومية كما أن وضعيتهم ازدادت سوءا في الفترة الأخيرة مع تصاعد الحملات العنصرية ضد أفارقة جنوب الصحراء.