بعد تمرد فاغنر.. أي مستقبل أمام بوتين مع بريغوجين والجنرالات الثلاثة؟
بعد التمرد المسلح الذي استمر 24 ساعة ووصلت خلاله قوات فاغنر إلى بُعد أقل من 400 كيلومتر من موسكو، وانتشرت في عدة مدن روسية، وتحدى خلاله زعيم المرتزقة، يفغيني بريغوجين، مباشرة سلطة الرئيس الروسي قبل أن يسحب رجاله تدريجياً إلى بيلاروسيا المجاورة.
التقى بوتين وبريغوجين لثلاث ساعات في الكرملين يوم 29 حزيران/يونيو بحسب الرئاسة الروسية. بعد أن ساهم التمرد في انهيار صورة بوتين الذي صور نفسه حاكما لا يقهر.
الأكيد أن تبعات هذا التمرد وضعت بوتين في مأزق كبير فهل يخضع لطلبات بريغوجين ويتسبب في انشقاقات في القيادة العليا للجيش؟ أم يتجاهل التمرد ويظهر بشكل ضعيف أمام بقية العالم؟
ماذا لو تخلى بوتين عن حلفاءه في قيادات الجيش؟ أو تخلوا هم عنه؟ أين سيذهبون؟ وما هو مصيرهم؟ وماذا عن بريغوجين؟ ما الذي سيفعله؟
خسارة الحرب ضد أوكرانيا ليست أسوأ سيناريو بالنسبة لروسيا، لأن الطريق الذي فتحه تمرد بريغوجين؟ يمكن أن يؤدي إلى انهيار الاتحاد وظهور مناطق مستقلة أو ذاتية الحكم يقودها أمراء حرب أقوياء.
أي نوع من أمراء الحرب يمكن أن يظهروا من القادة العسكريين الحاليين إذا سئموا وتعبوا من مؤامرات الكرملين. قد يسعون إلى تحالفات جديدة في موسكو، لكنهم قد يبحثون أيضًا عن فرص في أي من أقاليم روسيا.
سيرغي شويغو Sergei Shoigu
أول وأبرز اسم في هذه القيادات هو سيرغي شويغو، وزير الدفاع الذي يتهمه بريغوجين بقصف مواقع عسكرية لفاغنر.
اتبع شويغو خطى بوتين في رؤيته لغزو أوكرانيا ويُنسب إليه الفضل في الاستيلاء العسكري على شبه جزيرة القرم في 2014.
لكن مصير وزير الدفاع الروسي بات على المحك بعد التمرد، ويطرح أكثر من احتمال لما قد يحصل له.
هل يقوم بوتين باستبداله بعد فترة كيلا يبدو أنه خضع لضغط بريغوجين؟ إذ بحسب العديد من المصادر يقال أن بوتين يبحث عن بديل منذ فترة أم يبقيه بوتين في مركزه؟ أي خيار من الاثنين يضع بوتين في أزمة؟
في حال أن تخلى بوتين عن شويغو ورحل عن وزارة الدفاع فما هو مصيره وإلى أين سيتجه؟
ينحدر شويغو من منطقة سيبيريا وهو ينتمي إلى إثنية التوفيين. ويعيش غالبية التوفان في جمهورية توفان وهم في الأساس من الرعاة. وينتمي معظمهم إلى العقيدة البوذية اللامية. وينحدر طوفان بشكل أساسي من مجموعات بدوية من المغول التركيين ويتحدثون لغة تركية، وتم تحويل لغتهم الأدبية إلى نص سيريلي في عام 1943.
وهم شعب أورو آسيوي من السكان الأصليين لسيبيريا ويمتدون إلى مونغوليا والصين، وهو ما يفتح باب التوقعات حول أن يستقر شويغو في هذه المنطقة وأن يبسط نفوذه عليها خاصة وأن سيبيريا منطقة غنية بالمعادن وتساهم بشكل كبير في الناتج العالمي من الماس.
فاليري غيراسيموف Valery Gerasimov
ثاني أسم هو قائد القوات المسلحة فاليري غيراسيموف.
طوال أشهر كان بريغوجين يوجه الانتقادات لوزير الدفاع سيرغي شويغو وقائد القوات المسلحة فاليري غيراسيموف.
كرئيس للأركان، كانت وظيفته غزو أوكرانيا وإكمال المهمة بسرعة، وبهذا المعيار، لم ينجز المهمة بالشكل المطلوب.
ما هو مصيره؟ هل يقيله بوتين من منصبه أم يبقيه يعمل في الخفاء؟ من الممكن أنه قد تم القبض على غيراسيموف ويتم التحقيق معه بعد التمرد وإذا كان له علاقة أو صلة بما حصل.
ينحدر غيراسيموف من قازان، تتارستان ويمكن أن ينتقل هناك أو من الممكن أن يخلق جماعة مسلحة آخرى بما أنه كان السبب وراء تعرف بوتين على يفغيني بريغوجين وإنشاء ميليشيات فاغنر.
سيرغي سوروفيكين Sergey Surovikin
ثالث الجنرالات هو سيرغي سوروفيكين.
الجزار والملقب بالجنرال ”هرمغدون”، أو “جنرال يوم القيامة” وبحسب أخر المستجدات كشفت أنه كان عضوًا سريًا ومن كبار الشخصيات في مجموعة “فاغنر”.
وأظهرت الوثائق أنه تم إدراجه مع حوالي 30 من كبار المسؤولين العسكريين والاستخباراتيين الروس كأعضاء مهمين في فاغنر.
ولا يزال الغموض يحيط بمصيره حيث لا يعلم أحد أين هو منذ تمرد فاغنر، ورفض الكرملين الرد على كل الأسئلة حول مكان تواجده.
في حال غادر سوروفيكين منصبه بعد تمرد فاغنر من الممكن أن يتحالف مع بريغوجين بشكل علني وينضم إلى رئيس المرتزقة، خصوصاً بعد التسريبات التي ترجح أنه بالفعل كان متواطئاً مع الأخير.
أو من الممكن أن يعود إلى سوريا ويستغل علاقاته مع النظام السوري في وقت التدخل العسكري الروسي وينضم إليه أو يخلق جماعات إرهابية مشابهة لفاغنر.
يفغيني بريغوجين Yevgeny Prigozhin
بينما بريغوجين الذي تحدى بوتين بعد انقلابه مع قواته وأثبت ضعف وهشاشة النظام الروسي بالكامل، سيذهب إلى أين؟
بريغوجين شخصية معقدة، يصفه العديد بأنه سفاح وحشي عديم الرحمة.
والملاحظ في خطابات بريغوجين هجومه الدائم على “النخبة الفاسدة” وادعاءه بأنه البطل الذي يدافع عن الناس رغم أنه قضى عدة سنوات في السجن بسبب جرائم عديدة منها السرقة والاعتداء. فهل يمهد الطريق أمام مستقبله السياسي في البلاد؟ هل نشاهده مرشح رئاسي مستقبلا بعد الإطاحة ببوتين؟
أم ينتقل هو ومرتزقته إلى مكان آخر ليدير العمليات العديدة التي تتكفل بها فاغنر؟ فبعيداً عن أوكرانيا لا تزال المرتزقة تحصد الأرواح في دول إفريقية وعربية وتحاول السيطرة على ثرواتها.
ماذا عن بوتين؟
يمتلك فلاديمير بوتين قصرًا يطل على ساحل البحر الأسود، بتكلفة 1.37 مليار دولار، في “أكبر رشوة في التاريخ” بحسب وصف المنشق الروسي البارز أليكسي نافالني، Alexei Navalny، الذي كشف قصة القصر ثم كاد أن يفقد حياته في محاولة اغتيال ولا يزال في السجن لكشفه أسرار بوتين.
يحتوي قصر بوتين على جدران منيعة، وميناء خاص، وقوات أمن خاصة، وكنيسة، ونظام تصاريح خاص، ومنطقة حظر طيران، وحتى نقطة تفتيش حدودية خاصة به. لكن من غير المرجح أن يجد بوتين السلام سواء في قصره على البحر الأسود أو في أي مكان آخر في العالم.
فبسبب غزوه غير الحكيم لأوكرانيا، قام بتنشيط آليات قوية قد تؤدي إلى تفتيت الاتحاد الروسي، مما يؤدي إلى عقود من عدم الاستقرار والصراع في المنطقة، ما سيجعل من الصعب عليه التمتع بالتقاعد بسبب كونه الرئيس الذي دمر روسيا.