ترسل الصين سرا المعدات العسكرية إلى روسيا

أرسلت لروسيا معدات عسكرية تكفي لتجهيز جيش، وذلك من خلال ثغرة في العقوبات الغربية التي فرضت على الأولى عقب اندلاع الحرب في أوكرانيا، وذلك وفقًا لصحيفة “بوليتيكو”.

وجاء في تقرير الصحيفة أن شركة شنغهاي أتش وين الصينية نشرت في آذار/مارس على موقعها: “هذا الربيع جاء واحد من زبائننا إلى الشركة للتأكيد على أسلوب ونوعية الستر الواقية من الرصاص، وفحص بشكل جيد كفاءة الستر”، وأكد الزبون “مباشرة كمية الستر الواقية والرغبة الفورية بالشراء”.

لم يتم التأكد من هوية الزبون، لكنه على الأرجح روسي، وبحسب سجل الزبائن الذي حصلت عليه الصحيفة، فإن المشترين الروس أعلنوا عن طلبات بمئات الآلاف من الستر الواقية من الرصاص والخوذ من شركة شنغهاي أتش وين.

وتكشف أدلة كهذه أن الصين، رغم دعوتها للسلام إلا أنها تقترب من الخطوط الحمر في تقديمها سلعا غير فتاكة ولكنها مفيدة للجيش الروسي، وتترك أثرها على الحرب التي بدأها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ضد أوكرانيا قبل 17 شهرا.

وتضيف المجلة أن ستر الحماية والخوذ كافية لحماية معظم الجنود الذين تم حشدهم للحرب في أوكرانيا.

وهناك أيضا المسيرات التي يمكن استخدامها لتوجيه الطلقات المدفعية أو إسقاط قنابل، والمعدات البصرية الحرارية من أجل استهداف العدو ليلا.

الصين ترسل سرًا ما يكفي من المعدات إلى روسيا لتجهيز جيش

سجلات الجمارك كلمة السر

واعتمدت الصحيفة في معلوماتها على سجلات الجمارك، التي أوضحت أن المصنعين الصينيين يقدمون كميات كبيرة من المساعدات العسكرية لروسيا، بما في ذلك الطائرات من دون طيار والمعدات الوقائية والمناظير الحرارية التي يمكن من خلالها رصد الأهداف ليلا.

ومنذ بداية هذا العام، استوردت روسيا طائرات من دون طيار من الصين بقيمة أكثر من 100 مليون دولار، كما أنفقت 225 مليون دولار لشراء السيراميك المستخدم في صناعة الدروع الواقية للبدن من بكين، بزيادة 69 بالمئة عن عام 2022.

وتعبر الصين من ثغرة أن تلك المعدات يمكن أن تستخدم في أغراض مدنية، لا عسكرية فقط، لتجنب الدخول في صدام مع الغرب.

ونفت الصين مرارا إرسال معدات عسكرية إلى روسيا، منذ بدء الحرب الأوكرانية أواخر فبراير 2022.

ورسميا، اعتمدت بكين موقفا محايدا منذ بدء الحرب في أوكرانيا، لكنها تعرضت لانتقادات غربية على خلفية عدم إدانتها العمليات العسكرية الروسية، كما شهدت علاقتها بموسكو تقاربا في الأشهر الماضية، مما أثار مخاوف الغرب من أن توفر دعما عسكريا لروسيا.

قالت الخبيرة في السياسة الخارجية بمعهد مركاتور الألماني للدراسات الصينية هيلينا ليغاردا: “واضح جدا أن الصين، رغم ادعاءاتها بأنها جهة محايدة، تدعم في الواقع مواقف روسيا في هذه الحرب”.
يشار إلى أن أوكرانيا أيضا مشتري للأسلحة الصينية، رغم أن “بوليتيكو” ذكرت أن وارداتها من أنواع عديدة من المعدات الصينية تراجعت في عام 2023.

إزدهار الشركات بسبب الغزو الروسي لأوكرانيا

وشهدت شركة شنغهاي أتش وين مثل غيرها من الشركات، التي تنتج معدات ذات استخدام مزدوج، زيادة في التجارة مع روسيا منذ بداية الغزو الشامل لأوكرانيا. وقال ممثل مبيعات في الشركة “بسبب الحرب، فإن الكثير من الشركات التجارية بحثت عنا وسألتنا؟ هل تصنعون هذا النوع من الستر؟ وجاءتنا الكثير من الاستعلامات”. وقال الممثل إن الشركة لم يسمح لها بالتصدير المباشر إلى روسيا وبدون موافقة من الجيش وحصولها على وثيقة تظهر الجهة التي ستنتهي إليها السلع.

وتشير السجلات التي توثق إعلانات المطابقة ومن أي شخص له قدرة على الوصول إلى الإنترنت الروسي ومطلع على تصنيفات الجمارك الدولية إلى هذا الواقع.

وكشفت المجلة في تقرير سابق عن توفر رصاص القناصة الأمريكي لدى الجيش الروسي، إذ تم الحصول عليه من السوق السوداء.

ولكن البيانات تعطي المشتري فرصة للتأكد من أن المنتج أصلي، ويمكن بالتالي استيراد السلع بدون موافقة الصانع. ولو تم التبادل عبر وسطاء، فالجهة المنتجة قد لا تكون على علم بأن بضائعها تصل إلى روسيا. لكن السجل، يمكن البحث فيه ويمكن العثور على المشتري الحقيقي للمنتجات الصينية.

الصين ترسل سرًا ما يكفي من المعدات إلى روسيا لتجهيز جيش

ازدهار الشركات بسبب الغزو الروسي لأوكرانيا

واحدة منها هي شركة سيلفا التي تتخذ من شرق سيبيريا مقرا لها. وقدمت بيانات في كانون الثاني/يناير من هذا العام تقدم تفاصيل حول طلب من 100 ألف سترة واقية و100 ألف خوذة، والجهة المصنعة؟ هي شنغهاي أتش وين. وتظهر البيانات أن عمليات الاستيراد ربما تمت عبر شركة وهمية ومبيعات “ليوم واحد” المعروفة في روسيا والتي يقوم بإنشائها لاعبون يريدون التستر على التعاملات المالية. وعادة ما تكون جديدة ومسجلة في مكان سكني غامض ولديها طاقم عمل صغير وأرصدة قليلة. وعادة ما لا تحمل البيانات المالية أي معلومات عن الأرباح. وبحسب السجلات العامة، سجلت سيلفا في نهاية أيلول/سبتمر ولم تعلن عن أي موارد لعام 2022. وحاولت المجلة الاتصال هاتفيا مع الشركة باستخدام الرقم المذكور في بيانات التسجيل لكنه حولها إلى بريدها الإلكتروني.

وهناك شركة أخرى روسية اسمها ريكا والتي أعلنت عن شراء كمية قليلة من الستر الواقية من شركة شنغهاي أتش وين. وقبل كانون الثاني/يناير، أعلنت ريكا عن شحنة من الخوذ من شركة اسمها ديكون شنغهاي والتي اشتركت بنفس العنوان مع شنغهاي أتش وين. وقال ممثل للشركة إن الشركتين هما تابعتان لبعضهما البعض. وقال امرأة من ريكا “نحن نشتري داخل روسيا وليس الصين. ولكن الإنكار لم يكن ممكنا لأن ريكا اشترت إلى جانب سترا واقية، معدات حرارية بصرية من الصين.

وتم التأكد من ذلك من خلال بيانات الجمارك التي حصلت عليها صحيفة “بوليتيكو” والتي كشفت أكثر من 220 شحنة بقيمة 11 مليون دولار للمعدات الحرارية البصرية والستر الواقية. وهناك شركة روسية ثالثة وهي ليغيتيلكوم والذي يظهر موقعها على الإنترنت أنها شركة شحن في موسكو ويبدو أنها اشترت 100 ألف خوذة و100 ألف قطعة من الملابس الخارجية وأنتجتها ديكون شنغهاي.

ولم يقل رجل اتصلت الصحيفة به إن كانت شركة ليغيتيلكوم قد زودت الجيش الروسي: “هذا نشاط تجاري ولا نكشف عن نشاطاتنا التجارية”. وهناك شركة بوزيترون ومقرها في روستون اون دون، في جنوب روسيا، واستوردت خوذ لينة بقيمة 60 مليون دولار من شركة بيجين كي أر ناتشرال في الفترة ما بين تشرين الثاني/نوفمبر وكانون الأول/ديسمبر 2022.

وإلى جانب الستر الواقية التي تكفي لإمداد جيش بأكمله، بدا استيراد المسيرات موزعا على عدة شركات وأفراد، فإلى جانب بوزيترون، اشترت دي جي أي وتوابعها مثل غيغانتشينا وفوجوك مسيرات تجارية. وتكشف التكنولوجيا المزدوجة ذات المصدر الصيني مكامن الضعف في نظام العقوبات الغربي ضد روسيا، وعدم قدرته على اتخاذ إجراءات ذات معنى. وهناك التكنولوجيا الغربية التي تصل إلى روسيا عبر الصين. وتعرف روسيا الثغرات الصينية وتقوم باستخدامها من أجل مواصلة حربها في أوكرانيا. وهذا موضوع كان محل اهتمام وزير الخارجية الأمريكي أنطوني بلينكن الذي أكد أن بيجين تعهدت بعدم تزويد روسيا بأسلحة فتاكة لاستخدامها في أوكرانيا، لكنه لم يخف قلقه من هذا الوضع. وعبرت فرنسا عن قلقها من تزويد الصين تكنولوجيا ذات الاستخدام المزدوج لروسيا.

الصين ترسل سرًا ما يكفي من المعدات إلى روسيا لتجهيز جيش

هل سلمت الصين معدات عسكرية إلى روسيا لاستخدامها في أوكرانيا؟

وفي وقت سابق قال إيمانويل بون، كبير مستشاري السياسة الخارجية للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، إن الصين تسلم معدات عسكرية إلى روسيا لاستخدامها في أوكرانيا.

وأجاب بون، خلال حديثه في منتدى آسبن الأمني بالولايات المتحدة ردا على سؤال من جيم سيوتو مراسل شبكة CNN، عما إذا كان الغرب قد رأى أي دليل على أن الصين قد سلحت روسيا بأي شكل من الأشكال في الحرب في أوكرانيا، بقوله: “نعم، هناك مؤشرات على أنهم يقومون بأشياء نفضل ألا يفعلوها”، وأضاف: ” قدموا معدات عسكرية”، وعندما سُئل بون عن الأشياء التي لا ينبغي للصين أن تفعلها؟، أجاب: “تسليم الأسلحة بالتأكيد، دعم اقتصادي”.

شكوك أوكرانيا

قالت أوكرانيا في وقت سابق من هذا العام إنها عثرت على أجزاء صينية في الأسلحة الروسية التي وقعت عليها، مثل الطائرات من دون طيار والدبابات.
وأظهرت وثائق الاستخبارات الأمريكية التي حصلت عليها صحيفة “واشنطن بوست” في أبريل، أن الصين تخطط لإرسال معدات عسكرية متخفية في شكل بضائع مدنية ,لكن الولايات المتحدة قالت إنها لم تر أي دليل على أن الصين قدمت لروسيا أسلحة أو مساعدات فتاكة.