محللة أوكرانية: هناك فجوة بين موقف روسيا دولياً قبل غزو أوكرانيا والآن ما يدل على عزلة روسيا
- محللة أوكرانية لـ “أخبار الآن”: روسيا لا تمتلك هذا النوع من النفوذ الذي تتظاهربه
اُختتمت الأحد مباحثات جدة، المعنية بمناقشة الغزو الروسي لأوكرانيا، بإبداء الرغبة في عقد اجتماع آخر بعد حدوث توافق في الآراء بشأن إيجاد صيغة مقبولة للسلام.
وشارك في الاجتماعات، – التي لم تحضرها روسيا -، نحو 40 دولة من بينها الولايات المتحدة، كما حضر أعضاء كتلة “بريكس” التي تضم البرازيل والهند وجنوب أفريقيا.
وفي كلمته خلال الاجتماعات، قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي أن: “الوفد الأوكراني يدفع بصيغته للسلام المكونة من 10 نقاط والتي تدعو إلى الانسحاب الكامل للقوات الروسية من الأراضي الأوكرانية”.
كيف أثبتت روسيا عدم جديتها في السلام بغيابها عن محادثات جدة؟
وحول هذا الموضوع، – وتحديدًا مدى جدية روسيا في تحقيق السلام -، أجرت “أخبار الآن” مقابلة مع المحللة السياسية الأوكرانية ماريا زولكينا Mariia Zolkina، التي أكدت أن: “روسيا لم تشارك في هذه القمة، كونها لن توافق على عودة سيطرة أوكرانيا على الأراضي السيادية لها”.
وأوضحت في معرض حديثها، أن: “السلامة الإقليمية هي في الأساس شيء توافق عليه الأغلبية المطلقة لدى أعضاء الأمم المتحدة”.
وفي هذا السياق، وفيما يخص الاتفاقات الثنائية التي أُبرمت بين روسيا وأوكرانيا منذ سنوات، والتي وقعها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين حول الحدود بين الدولتين، أشارت زولكينا إلى أن: “روسيا انتهكت هذا بالفعل، كما أنها ليست مستعدة لمغادرة أوكرانيا التي احتلتها العام الماضي، أو جزئيًا في عام 2014، مثل شبه جزيرة القرم أو دونباس الأوكرانية”.
وأضافت: “أوكرانيا لن تتفاوض بشأن بيع أراضيها”.
توسيع دبلوماسية أوكرانيا
وأوضحت المحللة السياسية الأوكرانية أن: “أهمية هذا النوع من المحاولات تكمن في المقام الأول في توسيع دبلوماسية أوكرانيا بالعالم”، مشيرة: “موسكو تتظاهر بروايتها حول أن الحرب تدور حصريًا بين روسيا والغرب، وأن أوكرانيا ليست لاعبًا سياديًا على الإطلاق”.
واستكملت: “وحتى الآن، هذه هي النقطة الأولى لإظهار أن أوكرانيا تُعامل تمامًا باعتبارها لاعبًا مستقلاً في السياسة الدولية، ليس فقط من جانب الدول الغربية، ولكن أيضًا من جانب عدد من الدول المهمة في آسيا وإفريقيا والشرق الأوسط وأمريكا اللاتينية”.
كما استطردت قائلة: “ثانيًا، لإظهار أن فكرة السلامة الإقليمية، وفكرة محاكمة مجرمي الحرب وتحقيق العدالة، وتقديم التعويضات، على سبيل المثال، من روسيا”.
وأشارت زولكينا: “هذا لا يُعد رغبة من جانب أوكرانيا فقط، هذا مجرد شيء يمكن تطبيقه ويجب تطبيقه على أي نوع من الصراع يحدث في أي مكان في العالم”.
وأضافت في هذا الصدد: “من المهم جدًا أن تشارك دول مثل الهند والصين وعدد من دول الشرق الأوسط والمكسيك وجنوب إفريقيا في هذه المحادثات”.
مكاسب المحادثات وكيف تشير إلى عزلة روسيا؟
وفيما يخص مكاسب محادثات جدة، رأت زولكينا أن: “المشاركون في القمة اتفقوا على أن أوكرانيا يجب أن تستعيد وحدة أراضيها بحدود عام 1991، والتي تم انتهاكها في عام 2014 عندما غزت روسيا شبه جزيرة القرم ودونباس الأوكرانية، وثانيًا، في عام 2022”.
وتابعت: “بعد توافق الآراء، آمل أن تعقد بعض الاجتماعات التنفيذية على المستويات الفنية الإقليمية بشأن المزيد من الخطوات العملية”.
ولأن صيغة السلام التي تبنتها أوكرانيا، لا تخصها وحدها، ولكنْها تتعلق أيضًا بأمن المنطقة، أشارت زولكينا خلال حديثها لـ “أخبار الآن“، إلى أن: “أزمة الغذاء العالمية هي نتيجة مباشرة لنقص تصدير الحبوب من أوكرانيا، ونقص تصدير الحبوب من أوكرانيا هو التهديد القادم رسميًا من وزارة الدفاع الروسية بأن أي سفينة قادمة إلى الميناء البحري الأوكراني ستعتبر كهدف من قبل البحرية الروسية”.
وواصلت: “لهذا السبب، حتى الآن، يخشى الجميع في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا ووسط إفريقيا من نقص الحبوب والقمح وأنواع الزراعة الأخرى التي تم تصديرها من أوكرانيا، لذلك كل شيء مترابط، وهكذا نرى أن الدول الأخرى في مكان ما في مناطق أخرى بعيدة عن أوروبا يجب أن تكون مهتمة بقدر اهتمام أوكرانيا بدفع روسيا للعودة إلى القانون الدولي، مما يعني أنه يجب استعادة الأمن في البحر الأسود وحول أوكرانيا بشكل عام”.
تظاهر روسيا بالنفوذ
وأشارت أيضًا المسؤولة الأوكرانية إلى أن: “إحدى الرسائل الرئيسية التي تروج لها روسيا دوليًا، هي أنها ليست معزولة تمامًا لأن لديها العديد من الروابط والعلاقات مع بعض البلدان في العالم”.
وحول هذه النقطة، كذبت زولكينا الادعاء الروسي، قائلة: “القمة بين الدول الإفريقية وروسيا فاشلة دبلوماسيًا تمامًا لأنها لم تصل إلى توقعات روسيا، لا من حيث عدد رؤساء الدول الممثلة في القمة من أفريقيا، ولا من حيث المضمون”.
واستطردت: “حتى رئيس جنوب إفريقيا قال صراحة إنهم لا يحتاجون فقط إلى وجود من روسيا من حيث العديد من السفن المحملة بالحبوب، بل إنهم بحاجة إلى استعادة ممر الحبوب الخاص بهم من أوكرانيا بشكل كامل”.
لذلك هناك نقطة واحدة يمكن ملاحظتها الآن في جدة بالسعودية مفادها – بحسب زولكينا – أن روسيا لا تمتلك في الواقع هذا النوع من النفوذ الذي تتظاهر بامتلاكه.
وأرجعت السبب قائلة: “السياسيون في البلدان بمناطق أخرى مهتمون بإجراء محادثات مع أوكرانيا ليس باعتبار أن أوكرانيا طرفًا متساويًا في هذه الحرب وتتحمل نفس المسؤولية مثل روسيا عن هذه الحرب، ولكن لكونها ضحية تسعى إلى السلام واستعادته”.
كما أضافت – تعليقًا على عزلة روسيا -: “هناك فجوة كبيرة بين موقف روسيا دولياً قبل غزو أوكرانيا وموقفها المعزول الآن”.
خسائر روسيا بالداخل والخارج
وبعد عامٍ ونصف على نشوب الحرب منذ فبراير من العام 2022، فقدت روسيا جميع صادراتها تقريبًا وعليها إعادة توجيهها فقط إلى عدة دول مثل الهند والصين وبخصم كبير، حسبما ذكرت المحللة الأوكرانية لـ “أخبار الآن“، التي أشارت إلى أن موسكو: “فقدت إمكانية الاستيراد، الأمر الذي يتعلق مرة أخرى بقرارهم الاقتصادي وعليهم إيجاد طرق أخرى لاستيراد أشياء مهمة إلى بلادهم عبر كازاخستان أو عبر الصين مرة أخرى”.
وواصلت حديثها: “ثالثًا، دبلوماسيًا، لم تتلق روسيا أي دعم من أي منظمة دولية بشأن حربها في أوكرانيا، وأساسًا بيلاروسيا فقط حتى الآن وسوريا تدعمان حرب روسيا على أوكرانيا. لا توجد أي دولة أخرى، وربما تسعى فقط للحصول على بعض الفوائد الاقتصادية من روسيا، التي تضعف سياسيًا واقتصاديًا”.
وأكدت: “روسيا لم تعد بالقوة العالمية التي عرفت بها بعد الآن”.
استعداد دولي لمواصلة المباحثات بخصوص أوكرانيا
وبدا خلال مباحثات جدة أن معظم الدول المشاركة، مستعدة للاجتماع مرة أخرى خلال الأسابيع المقبلة، مع استبعاد روسيا، وفقا لأشخاص مشاركين، أو تم إطلاعهم على هذا الأمر، بحسب صحيفة “وول ستريت جورنال”.
وجاءت المحادثات في أعقاب محادثات أخرى أجريت في يونيو في كوبنهاغن، لم يصدر في ختامها بيان رسمي.
وأوضحت وول ستريت جورنال أن الاختلاف الأكبر بين اجتماعات كوبنهاغن وجدة هو الحضور، فقد بلغ عدد المشاركين في الأخيرة أكثر من الضعفين.