الثانوية العامة.. قلق يرافق الأسر العربية
بالتزامن مع ظهور نتائج الثانوية العامة، وتعرض عدد كبير من الطلاب إلى الرسوب، أو عدم الحصول على الدرجات المرجوة، يتعرض بعضهم إلى “أزمات نفسية”، وربما يُقدم آخرون على “الانتحار”؛ كما حدث في مصر، والتي شهدت عد حالات خلال الأيام الماضية.
أسماء أشرف محمد عبدالجواد، وهي الآن تعمل مدرس مساعد بكلية البنات في جامعة عين شمس، تروي قصتها لـ”أخبار الآن”، حيث أكدت أنها مرت بتجربة سيئة مع الثانوية العامة حيث قالت: “الثانوية العامة لها رهبة ورعب، نحن خلقناه بشكل عام والكثير يظنون أنها نقطة فاصلة في حياتهم وهذا أمر خاطئ”.
وأضافت المدرس المساعد بكلية البنات في جامعة عين شمس أنها دخلت الثانوية العامة، والتحقت بقسم “علمي علوم”، تحقيقًا لرغبة والدها، وكان اختيارًا سيئًا لأنها لم تختّر ما يناسبها وينفعها في دراستها.
واستطردت “أشرف” في حوارها مع “أخبار الآن”: “مع ظهور نتيجة ثانية ثانوي كان المجموع صادمًا، وإذا أكملت على هذا النحو في ثالثة ثانوي فإنه لن يؤهلني للدخول إلى أي من الكليات”.
وأشارت إلى أنها أقدمت على تغيير القسم والتحقت بالقسم الأدبي، ومع مجموع العامّين بلغ 80%، وهذا أيضًا لم يؤهلها للحصول على الكلية التي كانت ترغب بها وهي “تربية ألماني”. مضيفة: “شعرت هنا بالانهيار والضعف والحيرة وظننت أن مستقبلي انتهى”.
وأضافت في حوارها مع “أخبار الآن” “لم يكن لديّ رغبة في الدخول إلى الجامعة، ولم تعد لدي قابلية للتعليم ولكن بعد ذلك التحقت بكلية الآداب قسم جغرافيا ومع مرور الوقت أحببت الكلية وأصبحت من المتفوقين وفي المراكز الأولى، وتم تعييني مدرس مساعد في الجامعة”.
ضغط الأسرة
وعن ضغط الأسرة؛ قالت أسماء أشرف: “كان هناك بعض العتاب من العائلة والمجتمع حول الدرجات غير المرضية، أو توقعات الأهل، وهذا يحبط الطالب ويحطم نفسيته”.
ووجهت رسالة للطلاب بضرورة اختيار ما يناسبهم ويلبي طموحاتهم ورغباتهم وعدم الالتفات لما يقوله الأهل أو الأقارب والجيران، وعدم الخضوع لهذه الأحاديث التي تسبب ضغطًا على الطالب وتتسبب في فشله”. موضحة أن الكثيرين يريدون أن يصبح أبناءهم أطباء أو مهندسين ويظنون أن النجاح يكون بمثل هذه الكليات التي تسمى كليات القمة، ولكن الظروف تغيّرت والأحوال تبدلت والتخصصات كثيرة ومجالات النجاح أصبحت أوسع والثانوية العامة ليست نهاية المطاف ولا نهاية المسيرة.
أزمات نفسية
وكشفت الدراسات العلمية التي أجريت في مختلف دول العالم أن طلاب المرحلة الثانوية العامة يعيشون ضغوطاً نفسية كثيرة، بجانب مشكلات فترة المراهقة، وأن الأزمات النفسية تقود الطلاب إلى الهدر التربوي وإهمال التعليم وعدم الاستفادة منه بمراحله المختلفة، فهناك “أكثر من ثلاثين مشكلة نفسية” تتعلق بالمدرسة وبالدراسة في الثانوية العامة.
وأكد علماء النفس والاجتماع أن أكثر مشكلات هذه المرحلة انتشاراً “عدم التكيف مع العمل المدرسي، الخوف من الامتحانات، عدم الميل لبعض المواد الدراسية، القلق من الفشل في الدراسة، صعوبة الفهم، التأخر الدراسي، الخوف من المستقبل، الحاجة إلى الإرشاد العام، ضعف الثقة بالنفس، العصبية والميل إلى العنف، عدم قبول الذات الاجتماعية”.
إعلان النتائج
وبسبب نتائج الثانوية العامة ورسوب البعض في بعض المواد وعدم حصول بعضهم على المجموع المناسب لدخول الكليات الجامعية، أقدم 6 طلاب وطالبات مصريين على التخلص من حياتهم – حسب مواقع محلية.
في القاهرة، قفزت طالبة من شرفة غرفة نومها بالطابق الثالث بمنطقة مدينة نصر، في محاولة للتخلص من حياتها خوفاً من النتيجة قبل إعلانها بساعات، وتم نقلها إلى المستشفى في حالة حرجة مصابة بعدة كسور متفرقة وسحجات متفرقة بجسدها، وأكدت التحريات أن الفتاة أصيبت بحالة خوف شديد مع قرب إعلان نتيجة الثانوية العامة، فأقدمت على الانتحار من شرفة منزلها.
قانون الثانوية العامة
قانون الثانوية العامة قائم على أن صاحب المجموع الأعلى هو الأوفر حظاً في الحصول على مقعد جامعي، أو بداية السلم للحصول على وظيفة، وأن الطالب غالباً ما يتعرض لضغوط من الأهل بسبب حرصهم على أن يجمع الطالب أكبر قدر من الدرجات، وهناك ضغوط أخرى تتعلق بصعوبة بعض المواد وعدم تعاون بعض المعلمين، هذا بالإضافة إلى عقدة الفشل، وهي الخوف الزائد من الفشل في تحقيق المجموع اللازم للالتحاق بالكلية التي يرغب الطالب أو أسرته في التحاقه بها.
وأثبتت الدراسات أن الذكور أكثر قلقاً تجاه الفشل الدراسي من الإناث، بالإضافة إلى وجود المعوقات الاجتماعية والاقتصادية التي تحول دون قيام الطلاب بدورهم بصورة كاملة، منها ما يتعلق بالحالة الاقتصادية والاجتماعية للأسرة .
فهناك أسر تعطي أهمية كبيرة للتعليم، ولا توفر المصروفات اللازمة لأبنائها مما يضطر الطلاب للعمل أثناء الدراسة، على عكس أسر أخرى تركز كل اهتمامها في تفوق أبنائها وتوفر لهم معظم احتياجاتهم .
وهناك المواقف الضاغطة الناتجة عن التعرض لضغط المحيطين الذين يحاولون صياغة حياة الطلاب، ما يشعرهم بعدم الحرية المنوطة بهم سواء عن أنفسهم أو مصائرهم، كل هذه تمثل ضغوطاً عليهم قد تدفعهم إلى الوقوع في العديد من المشكلات كالعزلة أو الوحدة أو الشعور بالاغتراب .