يونيو 2023 استهدفت “القوات الديمقراطية المتحالفة” الموالية لداعش مدرسة بتفجير أوقع 41 قتيلًا
- هجمات داعش أصبحت أكثر تشتتًا بعد القضاء على بؤر التنظيم في سوريا والعراق
بصورة مُتسارعة، وعلى نحوٍ خطير، ينمو فرعًا محليًا يتبع تنظيم داعش الإرهابي، داخل الوديان الضيقة الممتلئة بالأحراش، في جمهورية الكونغو الديومقراطية، حيث تسعى الجماعة المتطرفة إلى تضخيم صفوفها من خلال تجنيد الأطفال، وصقل مهاراتهم في صُنع القنابل، ومن ثم شن هجماتٍ وحشية على القرى والكنائس والمدارس والمرافق الطبية، حسبما ذكرت صحيفة “واشنطن بوست“.
واستنادًا للصحيفة الأمريكية، فإن القوات الديومقراطية المتحالفة، وهي مجموعة مُتمردة تعمل شرقي الكونغو – وصُنفت إرهابية من قبل الولايات المتحدة بعد مبايعتها لتنظيم داعش -، قامت بتوسيع عمليات تجنيد المقاتلين بأماكنٍ أخرى في أفريقيا والشرق الأوسط.
وترتبط المجموعات الإرهابية تلك، بشبكات تمويل أجنبية تُسهم في توفير الأموال المستخدمة في التفجيرات، بحسب محققين من الأمم المتحدة، فيما لم تجتذب القضية الكثير من الاهتمام الدولي.
ووفقا للصحيفة فقد كان هذا العام الأكثر دموية في تاريخ المجموعة حتى الآن.
وبالعودة إلى الوراء، فقد تأسست جماعة “القوات الديومقراطية المتحالفة” قبل عقودٍ في أوغندا المُجاورة، بُغية الإطاحة بحكومة ذلك البلد، ما دفع في النهاية مقاتليها لعبور الحدود باتجاه الكونغو الديومقراطية.
وفي أعقابِ اعتقال مؤسس الجماعة في عام 2015، زاد الطموح وتولى زعيم جديد حينها يُدعى موسى بالوكو Musa Baluku، مقاليد الأمور، مُتعهدًا بالولاء لتنظيم داعش، في محاولة منه للحصول على التمويل.
وعلى إثر ذلك، نفذت جماعة “القوات الديومقراطية” المتطرفة، موجة من التفجيرات والهجمات، لتُسفر عن مقتل آلاف المدنيين الأبرياء.
أيضًا، في يونيو الماضي، استهدفت المجموعة مدرسة بالقرب من الحدود بين أوغندا والكونغو، ليوقع الحادث 41 قتيلًا، أغلبهم من الأطفال الذين أُحرقوا وهم أحياء.
تجنيد الأطفال
ونقلًا عن صحيفة “واشنطن بوست”، روى طفل كونغولي فرّ من المجموعة على وقع الأفعال الوحشية التي كانوا يرتكبونها بحق المدنيين، قصته مع تلك المجموعة المسلحة.
وقال إنه كان يبلغ من العمر 12 عامًا فقط، عندما أغار مقاتلون على بلدته، وقطّعوا والدته ووالده حتى الموت أمامه، قبل أن يقبضوا عليه وشقيقه.
وأشار الصبي – الذي رفضت الصحيفة كشف اسمه خشية تعرضه لأعمالٍ انتقامية -، إلى أن المجموعة الإرهابية اقتادوه وشقيقه إلى الغابة، ليتلقوا تدريباتٍ عسكرية تركزت على كيفية قتل الناس.
كان الصبي من بين 11 من الهاربين الذين تمت مقابلتهم من قبل الصحيفة أثناء إعداد هذا التقرير إلى جانب ضحايا هجمات وضباط عسكريون كونغوليون ومسؤولون أمنيون وزعماء دينيون وآخرين.
قال بعض الهاربين إن أطفالا لا تتجاوز أعمارهم 10 أعوام يتدربون على القتال وأن الفتيات في الغالب يستعبدن جنسيا أو يتعرضن لاغتصاب جماعي أو يتم تزويجهن قسرا لأحد القادة.
يؤكد الصبي أنه أُجبر على المشاركة في هجوم على قرية، حيث يذكر أنه شاهد صانع قنابل تنزاني يوجه تعليمات إلى مجندين آخرين بشأن المتفجرات.
كما قام التنزاني ويدعى أحمد محمود بقيادة طائرات مسيرة تستخدم لمراقبة الأهداف والهجمات، وفقا للصبي.
الصبي ذكر كذلك أن المجندين الأجانب كانوا يحتشدون في معسكر أطلق عليه اسم المدينة المنورة، مشيرا إلى أن معظم القادة كانوا من الأوغنديين، وبينهم أيضا صوماليون وروانديون وتنزانيون.
يقول إن الصبي إن أحمد محمود هدده في إحدى المرات وقال له بالحرف الواحد: “أمك ماتت، إذا حاولت الهرب، فسوف تُقتل أيضا”.
وفي إطار جرائم داعش، فهجمات التنظيم الإرهابية أصبحت أكثر تشتتًا – بحسب تقارير – خلال السنوات الأخيرة، بعد القضاء على بؤر التنظيم في سوريا والعراق.
وفي محاولة لتعزيز صفوفه، سارع التنظيم عبر فروعه في أفغانستان ومنطقة الساحل الأفريقيا وبشكلٍ أقل في وسط القارة، إلى استعادة قوته مُجددًا، وفي عام 2017، أجريت أول تحويلات نقدية موثقة مرسلة من قبل داعش إلى القوات الديومقراطية المتحالفة.
وفي عام 2019، أعلن داعش عن ظهور فرع له وسط أفريقيا، وكانت تلك القوات المتحالفة جزءًا منه، لتفرض وزارة الخزانة الأمريكية عقوباتٍ عليها، بعام 2021.
واجه قرار انضمام “القوات الديمقراطية المتحالفة” إلى تنظيم داعش في البداية معارضة داخلية.
وقالت فتاة تبلغ من العمر 16 عاما، كانت قد أمضت ثماني سنوات مع “القوات الديمقراطية المتحالفة” قبل الهروب، إن محمود وصل إلى الكونغو حاملا علما أسود وطلب أن يتعهد الجميع بالولاء للتنظيم أو التعرض للهجوم.
وتبين الصحيفة أن مؤسس “القوات الديمقراطية المتحالفة” جميل موكولو لطالما عارض تنظيم داعش، وكذلك فعل ابنه موسى.
وأضافت الفتاة أن مقاتلين في “القوات الديمقراطية المتحالفة” قطعوا رأس موسى وتعرض اثنان من كبار القادة اللذين عارضا تنظيم داعش للضرب حتى الموت.
تلقي الدعم
وفي يونيو الماضي، أكدت لجنة من خبراء الأمم المتحدة، – للمرة الأولى – أن المجموعة تلقت الأموال من خلية جنوب أفريقية، عملت مع أحد عناصر داعش في السودان.
وبينت الصحيفة الأمريكية أن هذا العنصر المعروف باسم بلال السوداني قتل في غارة عسكرية أمريكية، على مجمع كهوف في الصومال في وقت سابق من 2023.
واستنادًا لتقرير “واشنطن بوست”، فإن العبوات الناسفة التي تستخدمها القوات الديومقراطية المتحالفة كانت بدائية وغير فعّالة في بادئ الأمر، بعكس الوضع الراهن، حيث أن قدرتها على صنع القنابل آخذة في التصاعد.
وفي عام 2022، نفذت الجماعة أولى هجماتها الانتحارية، بما في ذلك هجوم نفذته امرأة أسفر عن مقتل ثمانية أشخاص في حانة عسكرية.
وفي يناير الماضي، قصفت الجماعة كنيسة في كاسيندي، وهي بلدة صغيرة على الحدود بين الكونغو وأوغندا مما أسفر عن مقتل 16 شخصا وإصابة 62 آخرين.
كذلك ازداد تأثير المجموعة في أماكن أخرى في أفريقيا، حيث وثق مراقبون أمميون سابقون صلات بينها وبين جماعات متمردة مسؤولة عن قتل وتشريد آلاف المدنيين في موزمبيق.