عامان على سيطرة طالبان في أفغانستان … قلق مستمر ويأس من العيش في البلاد
بعد عامين على سيطرة جماعة طالبان على السلطة في أفغانستان، تغيرت الحياة بشكل دراماتيكي بالنسبة للعديد من الأفغان وخصوصا النساء.
شعرت “أريزو عثماني” “بالهلع والحزن” لعودة طالبان إلى السلطة متعهدين بتطبيق تفسير صارم للشريعة مُنعت بموجبه النساء من عدة مجالات في العمل والتعليم.
وقالت السيدة البالغة 30 عاما والتي أسست شركة لإنتاج الفوط الصحية في 2021 “لم أغادر غرفتي لعشرة أيام، ظننت أن كل شيء انتهى بالنسبة لي وأن الأمر كذلك لجميع الأفغان”.
وأضافت “لكن عندما خرجت ورأيت الناس يواصلون أمور حياتهم، أعطاني ذلك الأمل وقلت لنفسي أن علي أن أبقى هنا أنا أيضا”.
أغلقت مشغلها الذي كان يوظف 80 امرأة في ذروة نشاطه وسط إرباك ألمّ بالبلاد عقب سيطرة طالبان.
غير أنها أعادت فتح أبواب المرفق بعد شهرين لأنه كان أحد الأماكن القليلة المتبقية “حيث بإمكان النساء أن يعملن”.
تحت حكم طالبان أُخرجت النساء من غالبية الوظائف في الحكومة وفي منظمات غير حكومية. والشهر الماضي أغلقت صالونات التجميل، مصدر الدخل الآخر الرئيسي للنساء المضطرات لكسب لقمة العيش.
وشرحت “تكيفنا ببطء مع هذه الظروف، ولحسن الحظ كوننا شركة تعمل في مجال الصحة تمكنّا من مواصلة العمل، أشعر بارتياح الآن”.
ولكن الحد من أنشطة المنظمات غير الحكومية في هذا البلد من جانب سلطات طالبان، كانت له تداعيات حادة على شركتها، كما قالت. ولا تزال عثماني توظف 35 امرأة لكن المشترين قلائل.
وقالت “حاليا ليس لدينا عقود، ولا مشترين … وإذا لم نتمكن من بيع الفوط الصحية سيكون من الصعب مواصلة العمل، لكننا نبذل جهدنا للصمود”.
ورغم التحديات تقول إنها ما زالت مصممة على بذل إمكانيتها من أجل وطنها ونسائه بشكل خاص.
وشددت على أن “أفغانستان ومجتمعنا يحتاجان لأشخاص يبقون هنا مثلنا”.
المزارع الساعي لكسب قوته
اقتصاد أفغانستان المنهك، تعرض لأزمة بعد وقف مساعدات دولية بمليارات الدولارات عقب استيلاء طالبان على الحكم.
وانهار الانتاج الاقتصادي وغرق قرابة 85 بالمئة من السكان في براثن الفقر، وفق التقرير الأخير لبرنامج الأمم المتحدة للتنمية. كما اجتاح الجراد والجفاف المحاصيل.
وقال المزارع “راحة الله عزيزي”: “الناس ما عادوا يشترون الكثير من منتجاتنا” مشيرا إلى أنه يستأجر أرضًا تزيد مساحتها قليلًا عن هكتار ويزرعها.
وأضاف “كنت أبيع سبعة كيلوغرامات من الطماطم لقاء 200 من عملة أفغاني المحلية (دولاران)، لكني اليوم أبيع تلك الكمية مقابل 80 أفغاني”.
وأوضح أنه كان يكسب مدخولا من محاصيل الحبوب، لكن ذلك توقف.
وشرح قائلا “اليوم لدي بالكاد ما يكفي لكسب لقمة العيش، لا أستطيع الادخار”. ويأمل عزيزي في إرسال طفليه إلى الجامعة ليحصلوا على التعليم الذي لم يتلقاه.
طالبة الطب السابقة الباحثة عن مستقبل جديد
كانت “همسة بوار” تتوق لأن تصبح طبيبة في أفغانستان، ولكن منذ سيطرة طالبان على الحكم ومنعها النساء من التعليم الجامعي، لا ترى أملا إلا في الخارج.
قالت الشابة البالغة 20 عاما والمقيمة في مزار شريف بشمال أفغانستان إن “إغلاق الجامعات أمر مروع، ليس فقط لي إنما لجميع زملائي. إننا محطمون وهذا أسوأ ما نتخيل أن يحدث لنا لكنه حصل”.
وتابعت “إذا كانت الفتاة متعلمة تكون أسرتها كلها متعلمة، وإذا كانت الأسرة متعلمة يكون المجتمع كله متعلما … إذا لم نكن متعلمين يصبح جيلا بأسره أميّا”.
وتشرح “لأنني أريد مستقبلا تعليميا أفضل لي، لا خيار لي سوى مغادرة أفغانستان”.
وقالت بوار إن هناك “فرقا كبيرا” بين الحكومة السابقة المدعومة من الولايات المتحدة وحكومة طالبان التي لم يعترف بها المجتمع الدولي.
وأوضحت “كانت هناك مساحة كبيرة من الحرية، الآن لا يمكننا الذهاب إلى المسجد الأزرق (ضريح شهير تحيط به حدائق) للترفيه … معظم الأنشطة محظورة على النساء والفتيات حاليا”.
والدة بوار معلمة في مدرسة ابتدائية، المستوى الذي يتوقف عنده تعليم الفتيات.
وقالت “هذا ليس فقط ما أريده، بل جميع الفتيات والنساء في أفغانستان يردن أن تعاد لهن حريتهن”.