هل اعتقل قائد هيئة تحرير الشام أبو ماريا القحطاني؟ولماذا؟
الصراعات داخل المشهد السوري دائمًا ما تكون مليئة بالأحداث المعقدة والتطورات غير المتوقعة. ومن بين أهم الكيانات التي تثير اهتمام المتابعين على مستوى الشرق الأوسط تأتي هيئة تحرير الشام، المعروفة سابقًا باسم جبهة النصرة.
تُعتبر هذه الجماعة من بين اللاعبين الرئيسيين في المشهد السوري، وقد تعرضت للعديد من الانقسامات والتحولات على مر السنوات. في هذا السياق، تأتي مزاعم اعتقال أبي ماريا القحطاني كمفاجأة جديدة تُلقي الضوء على تعقيدات وألغاز الوضع المعقد داخل الهيئة.
فعلى مر العقود الماضية، شهد الصراع في سوريا تحولاتٍ وتطوراتٍ متسارعة. وفي ظل هذه الظروف الصعبة، تعد هيئة تحرير الشام إحدى الكيانات الرئيسية التي شاركت في الصراع وأثرت في المشهد السوري والإقليمي.
ومع ذلك، لم تكن هيئة التحرير بعيدة عن الانقسامات الداخلية والتحديات التي تشكلت على خلفية اختلافات في الرؤى والأجندات. لذلك وفي هذا السياق الدقيق، تتصاعد الشكوك حول اعتقال الجماعة لأحد قادتها البارزين، أبو ماريا القحطاني، وهذا ما سنبحر فيه في هذا المقال.
سنتناول في هذا المقال التسلسل الزمني المحيط بمزاعم اعتقال هيئة تحرير الشام لأبو ماريا القحطاني، كما سنسلط الضوء على تأثير هذا الحدث المزعوم على الجماعة وعلى المشهد السوري بشكل عام. سنستكشف الأدلة المتاحة ونناقش الردود والتفسيرات المختلفة، مما سيساهم في تقديم صورة أوضح حول هذا الحدث.
والبداية كانت في 11 أغسطس، حين أفاد صاحب حساب “أبو هادي”، وهو أحد الحسابات العاملة على منصة إكس (تويتر سابقًا) والمختص بالشأن في سوريا، بأن الجولاني (زعيم هيئة تحرير الشام) تدخل شخصيًا للإفراج عن القحطاني.
وفي 12 أغسطس، نشر القحطاني نفسه في حسابه على تليغرام أنه مريض، حيث لم يكتب على حسابه لأكثر من 10 أيام.
وفي أعقاب ذلك وتحديدًا في 13 أغسطس، أفاد حساب (مزمجر الشام) وهو أحد الحسابات التابعة للتيار الجهادي في سوريا على منصة إكس، أن هيئة تحرير الشام دحضت كل الأنباء المتعلقة باعتقال أبو ماريا القحطاني، ولكن في 16 أغسطس، أكد صاحب نفس الحساب أن القحطاني قد اعتقل بالفعل في 15 أغسطس.
وأتبع ذلك شرح تفصيلي نشره حساب أبو هادي عن اعتقال القحطاني، حيث كتب أن القحطاني غادر إلى مدينة الباب السورية طالبًا المساعدة من أحد الزعماء القبليين هناك، وبالرغم من ذلك فقد تم استدعاؤه إلى إدلب من قبل الجولاني، قبل أن يعتقله قائد هيئة تحرير الشام هناك.
ورجوعًا إلى 16 يوليو الماضي، فلقد اعترفت هيئة تحرير الشام بتعرضها لانتهاك أمني كبير، وفي أعقاب ذلك الإعلان أكدت “تحرير الشام” احتجاز “خلية” من أعضائها عديمو الخبرة، والذين يعملون لصالح “جهات خارجية”. وسبق هذا الإعلان وتحديدًا في شهر يونيو الماضي، حديث وأقاويل معارضو هيئة تحرير الشام عن وجود انتهاك أمني كبير يقوده كبار قادة هيئة تحرير الشام.
وفي يناير الماضي، كشف “أبو يحيى الشامي” عبر حسابه على منصة إكس النقاب عن وجود مجموعتين متضاربتين داخل هيئة تحرير الشام: المجموعة الأولى بقيادة أبو ماريا القحطاني، وأبو أحمد زكور، ومظهر الويس فيما يقود المجموعة الثانية كلًا من حدود، وأبو ماجد، وعبد الرحيم عطون.
ومنذ ذلك الحين، قيل إن عطون قد غادر بالفعل هيئة تحرير الشام. فيما لم يتم التأكد من ذلك خاصةً بعدما ظهر عطون في مؤتمر هيئة تحرير الشام في حلب.
لتبقى الأسئلة مطروحة حول ما إذا تم أعتقال أبو ماريا القحطاني فعليُا من قبل الجولاني أم تبقى كل هذة الأقاويل تندرج تحت كلمة تكهنات، هذا ما ستكشفه لنا الانقسامات داخل هيئة تحرير الشام في الأيام المقبلة.
أبو ماريا القحطاني وحل تنظيم القاعدة
وقبل عام من الآن، بدأ أبو ماريا القحطاني دعوته لحل تنظيم القاعدة، وهي الدعوة التي تكررت لاحقا في مناسبات عدة.
القيادي في هيئة تحرير الشام، فتح ملف علاقة القاعدة مع إيران من خلال سيف العدل، في وقت سابق حيق قال في حسابه على التيلغرام: “قلناها سابقاً بعد أن استلم سيف العدل، القاعدة بدأت العلاقة الحميمة بين تنظيم قاعدة اليمن والحرس الثوري الإيراني اجتماعات في طهران وفي بيروت.“ لا يوضح أبو ماريا ماذا يقصد بـ ”اجتماعات في طهران وفي بيروت”.
في فبراير الماضي، نشرت الأمم المتحدة تقريرها الدوري الذي قالت فيه إن سيف العدل هو الأرجح من تسلم زعامة القاعدة خلفاً لأيمن الظواهري الذي قتلته أمريكا في كابول في يوليو العام الماضي.
ولا أدل على الرابط الإيراني مما يحدث في اليمن. يسأل أبو ماريا: ”هل يقبل هذا عاقل في يمن الحكمة أن تكون القاعدة مطية للحرس الثوري الإيراني، خالد باطرفي بعد أن دمر اليمن يحاول تحريك فلول تنظيمه المسخ في الشام للتحالف مع النطيحة والمتردية لتكون خلايا تخدم مصالح إيران والنظام”.
ويبدو أن القحطاني هنا يشير إلى سرايا درع الثورة السورية، وهو تشكيل عسكري معارض أعلن عنه في 15 يونيو الماضي، وشنّ حتى الآن هجومين ضد الجهاز الأمني في الهيئة.
هجوم التنظيم
وفي مارس الماضي، هاجمت قناة محسوبة على تنظيم القاعدة في إصدار مرئي، أبو ماريا القحطاني، بعد دعوته أفرع التنظيم بتركه، وذلك على إثر علاقة القيادي الأول في التنظيم سيف العدل بالحرس الثوري الإيراني.
الإصدار المرئي، والذي يحمل عنوان “وإن هم إلا يخرصون” نشرته مؤسسة كتائب، والتي أنشئها تنظيم القاعدة مؤخرًا للرد على الأحاديث التي تشير إلى علاقة التنظيم بالنظام الإيراني والحرس الثوري.
وفي ردود الفعل، توافق أنصار القاعدة ومعارضو الهيئة على رفض تصريحات القحطاني.
أبو يحيى الشامي، وكان قاضياً في الهيئة قبل أن يستقيل منها في 2019، وصف ما كتبه القحطاني بأنه ”انفصام“ نظراً إلى أن القحطاني كان ”متصدراً“ التنظيمين في وقت من الأوقات.
حساب أبي هادي علّق: ”القاعدة تتحالف مع إيران لقتال النظام في سوريا! هذا ليس فيلماً ولكنه تنظير من … (القحطاني) ليقدم نفسه للمخابرات الأمريكية أنه معتدل، وأنه يحارب الدواعش والقاعدة”.
أنصار القاعدة قالوا الشيئ ذاته من حيث أن القحطاني إنما يريد أن يخاطف التحالف الدولي“. الأنصار لم يلتفتوا إلى مسألة سيف العدل. فهم لا يتحدثون فيها وإن فعلوا أنكروا أن سيف العدل موجود أصلاً في إيران!