من أعضاء في القاعدة إلى قادة في طالبان.. من سهل لهم الطريق؟
قبل عامين بالضبط بسطت جماعة طالبان سيطرتها على العاصمة الأفغانية كابول ومن ثمة كامل البلاد، إثر انسحاب القوات الأمريكية وأعادت الجماعة فرض قوانين صارمة غيرت شكل الحياة في أفغانستان وحدت من الحريات، بالاضفة الى تازم الوضع الاقتصادي وانتشار الفقر وتنامي القمع.
العلاقة بين طالبان والقاعدة لا تزال وثيقة
يعمل العديد من أعضاء القاعدة كقادة وموظفين رئيسيين داخل حكومة طالبان من بينهم اثنان من حكام المقاطعات، وهما نائب مدير المديرية العامة للاستخبارات، ومدير تدريب في وزارة الدفاع.
تم الكشف عن تفاصيل قادة القاعدة العاملين في حكومة طالبان من قبل فريق الأمم المتحدة للدعم التحليلي ومراقبة العقوبات، الذي أصدر أحدث تقرير له عن أفغانستان في 9 يونيو من العام الحالي ٢٠٢٣.
وقد قدر فريق الدعم التحليلي ومراقبة العقوبات أن “العلاقة بين طالبان والقاعدة لا تزال وثيقة، حيث تعتبر القاعدة أفغانستان ملاذًا آمنًا”، في المقابل يقدم التنظيم الدعم لطالبان.
وأكدت تقارير سابقة أن العلاقات بين طالبان والقاعدة قد توطدت أكثر منذ أن سيطرت طالبان على أفغانستان بعد الانسحاب الأمريكي في أغسطس 2021.
إن وجود قادة القاعدة في المناصب الحكومية والإدارية ليس مفاجئًا على الإطلاق إذ بدأت طالبان في دمج أعضاء الجماعات الإرهابية في الحكومة والجيش في أوائل عام 2010.
وبدأ الجيش الأمريكي في تحديد واستهداف ما أسماه المتواطئين وقادة جماعة طالبان والقاعدة المزدوجين، فضلاً عن أعضاء من جماعات مثل “الحركة الإسلامية” في أوزبكستان.
غالبًا ما تم تعيين هؤلاء النشطاء المزدوجين في مناصب إدارية وعسكرية على مستوى المقاطعات، لكن بعضهم شغل مناصب رفيعة المستوى داخل جماعة طالبان، مثل فاضل الطول الشيخ أبو محمد أمين البيشواري الملقب بالشيخ محمد أمين الله، الذي قاد المجلس العسكري الإقليمي لطالبان في بيشاور، وقاري ضياء الرحمن، الذي قاد القوات الإقليمية في شمال شرق أفغانستان.
يعتبر العديد من قادة شبكة حقاني، بما في ذلك زعيمها سراج الدين حقاني، الذي يشغل منصب أحد نائبي أمراء طالبان ووزير الداخلية، قادة مزدوجين لهم علاقات معقدة وطويلة الأمد بالقاعدة.
قادة مزدوجون يخدمون في حكومة طالبان
حدد تقرير الأمم المتحدة زعيمين مزدوجين يعملان كحاكمين، قاري احسان الله بريال وحافظ محمد آغا حكيم بالإضافة إلى ذلك، تم تعيين تاج مير جواد نائب مدير المديرية العامة للاستخبارات.
وأشار التقرير إلى القادة الثلاثة على أنهم “منتسبون إلى القاعدة”، وهم عملاء مزدوجين بين طالبان والقاعدة.
قاري احسان الله بريال الذي يشغل حاليًا منصب حاكم ولاية كابيسا، وهو عضو مزدوج فهو قائد عسكري سيئ السمعة في طالبان نظم هجمات في العاصمة كابول وحولها، بما في ذلك هجمات مميتة على جنود ومدنيين أمريكيين كان قائدًا كبيرًا لما كان يعرف باسم شبكة هجوم كابول.
وصف الجيش الأمريكي “باريال” سابقًا بأنه “زعيم طالبان ومرتبط بالقاعدة تلقى بانتظام أموالاً من فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني لتنفيذ هجماته وفي يوليو 2013، وصف المركز الوطني للاستخبارات البرية التابع للجيش الأمريكي “باريال” بأنه “قائد المنطقة الشمالية” لطالبان، وأشار إلى أنه “قائد منطقة باروان وكابيسا وبنجشير الشمالية”، خطط لهجمات في هذه المقاطعات وكذلك “الهجمات في مدينة كابول”.
أما حافظ محمد آغا حكيم ، فيشغل حاليا منصب حاكم طالبان لإقليم نورستان وهو مساعد رئيسي لقاري ذاكر، الرئيس السابق للهجمات الإرهابية لشبكة حقاني، يمكن القول إن قاري ذاكر كان زعيما في تنظيم القاعدة ويعتقد أنه قتل إلى جانب حمزة بن لادن، نجل أسامة بن لادن في غارة أمريكية بطائرة بدون طيار في مقاطعة كورام القبلية الباكستانية في سبتمبر 2019.
كان حافظ محمد آغا حكيم أيضًا زعيمًا رئيسيًا ساعد في تشكيل “كتيبة بدري 313″، هي قوة عسكرية أفغانية تابعة لجماعة طالبان وكانت الكتيبة مسؤولة عن النجاحات الرئيسية التي حققتها في ساحة المعركة خلال الاستيلاء على أفغانستان، كما أجرت هجمات الإرهابية متعددة ويعتقد أن شبكة حقاني والقاعدة لعبتا دورًا رئيسيًا في تشكيل “بدري 313”.
كما أشارت الأمم المتحدة إلى أن “أعضاء القاعدة الآخرين تلقوا تعيينات وأدوار استشارية في الهياكل الأمنية والإدارية لطالبان” بما في ذلك “مدير تدريب لم يذكر اسمه في وزارة الدفاع”
كما تزود طالبان أعضاء القاعدة بـ “مدفوعات الرعاية الاجتماعية الشهرية” و”جوازات السفر الأفغانية وبطاقات الهوية الوطنية” إذ تصدر وزارة الداخلية، التي يسيطر عليها سراج الدين حقاني، جوازات السفر وبطاقات الهوية لأعضاء القاعدة.
وأشار تقرير الأمم المتحدة إلى أن القاعدة تعتبر أفغانستان “ملاذا آمنا”نظرا لادماج طالبان قادة القاعدة وأعضائها داخل حكومتها وجيشها، والدعم المتبادل بينهما ماديًا ولوجيستيًا.
ولا تزال القاعدة تهدف إلى تعزيز موقعها في أفغانستان وتتفاعل مع طالبان ودعم النظام وحماية كبار شخصيات طالبان.
ويحافظ التنظيم على مكانة منخفضة، ويركز على استخدام البلد كمركز إيديولوجي ومركز لوجستي لتعبئة وتجنيد مقاتلين جدد مع إعادة بناء القدرة على العمليات الخارجية.
ويمول التنظيم أنشطته من قلب القاعدة ومن التبرعات، بما في ذلك من خلال خدمات الحوالة والعملات المشفرة.
دخلت العلاقات بين شبكة حقاني، التي تتبنى أيضًا نهج الجهادية العالمية، وتنظيم القاعدة طورًا جديدًا بعد مرض ثم وفاة جلال الدين حقاني، والتي أعلنت جماعة طالبان عنها عام 2018، إذ احتفظ خليفته ونجله سراج الدين حقاني بعلاقات وثيق مع تنظيم القاعدة وخلاياه المنتشرة في منطقة الحدود الأفغانية الباكستانية وغيرها.
واتسم سراج الدين حقاني باتباع نهج متشدد، بشكل واضح، بصورة تفوق حتى والده ومؤسس الشبكة جلال الدين حقاني، ووقف “حقاني” الابن وراء العديد من الهجمات الدامية التي استهدفت القوات والمصالح الأجنبية في أفغانستان، كما خطط لمحاولة اغتيال الرئيس الأفغاني (الأسبق) حامد كرازي عام 2008، وغيرها.
وشارك مقاتلو وقادة القاعدة في عمليات تمويل وتدريب وتأهيل مقاتلي شبكة حقاني، وأشارت مصادر أمريكية إلى أن تنظيم القاعدة أدار مجموعة من معسكرات التدريب التابعة لشبكة حقاني في 12 ولاية أفغانية، وضمت تلك المعسكرات أكثر من 600 مقاتل.
واستفادت شبكة حقاني من المقاتلين الذين تلقوا تدريبهم على يد عناصر القاعدة، في مرحلة ما بعد الانسحاب الأمريكي من أفغانستان والتي سعت الشبكة خلالها للسيطرة على مراكز القوى الرئيسية في البلاد والاستئثار بالسلطة والنفوذ على حساب مكونات/ تيارات طالبان الأخرى.
شاهد أيضًا: وزير الداخلية الأكثر وحشية في العالم.. من هو سراج الدين حقـانـي؟