خبراء: التقلبات الاقتصادية في روسيا تُشكل بداية لأزمة مالية وشيكة
- قيمة الروبل الروسي انخفضت إلى أدنى مستوى منذ أيام الحربِ الأولى
- تراجع النمو معضلة بالنسبة للرئيس فلاديمير بوتين الذي يواصل دعم الإنتاج العسكري
- محللون يقدّرون وقوف النمو المحتمل طويل الأجل للاقتصاد الروسي عند 0.9%.
منذ بداية غزو روسيا للأراضي الأوكرانية في الـ 24 من فبراير عام 2022، لم يسلم نظام الكرملين من خسائر اقتصادية ضخمة، ألقت بظلالها على كافة القطاعات، كما حالت بين أغلب الحلول للخروج من الأزمة، وتحديدًا في ظل العزلة الدولية التي تواجهها روسيا.
وبحسب صحيفة “وول ستريت جورنال”، شهد الاقتصاد الروسي هذا الأسبوع تراجعًا، فيما أغرقت موسكو السوق الداخلية بالنقد للحفاظ على إمداد قواتها في أوكرانيا، في محاولة لتلافي آثار العقوبات الغربية التي تطالها.
وفي هذا السياق، يطمح الكرملين لزيادة الطلب في الاقتصاد، للتعافي من الركود، لكن هذا المسعى لا يزال مُقيدًا بعزلة موسكو عن الأسواق الدولية، ونقص العمال الداخلية على نحوٍ خطير.
انخفاض قيمة الروبل
وخلال الأسبوع الجاري، انخفضت قيمة الروبل الروسي إلى أدنى مستوى منذ أيام الحربِ الأولى، ما يعكس خللًا كبيرًا في الاقتصاد.
وبسبب ذلك، قام البنك المركزي الروسي برفع أسعار الفائدة 3.5 نقطة مئوية – خلال اجتماعٍ طارئ -، ورد ذلك إلى الحاجة إلى استقرار العملة وخفض التضخم، بعدما نما بمُعدل سنوي يبلغ 7.6% خلال الأشهر الـ 3 الماضية.
صعوبات تواجه النمو
ووفقًا لخبراء اقتصاد، فإن: “التقلبات الاقتصادية تلك، تُشكل بداية لأزمة مالية وشيكة، كما أنها تُعد أحد أعراض تراجع الآفاق الاقتصادية بالنسبة إلى روسيا”.
كما أن إمكانية نمو الاقتصاد الروسي دون أن يُخلف تضخمًا، انخفضت فرصه بشكل كبير، مقارنة بما كان عليه قبل العقوبات الغربية.
وفي هذا الإطار، يُعد تراجع معدل النمو المحتمل معضلة بالنسبة للرئيس فلاديمير بوتين، الذي يواصل دعم الإنتاج العسكري، وأيضًا محاولة طمأنة المواطنين قبل الانتخابات الرئاسية المقبلة (مارس 2024).
وكان صندوق النقد الدولي، قدّر معدل النمو في روسيا بنحو 3.5% قبل 2014، وهو العام الذي استولت فيه على شبه جزيرة القرم من أوكرانيا بصورة غير قانونية.
أما اليوم، يُقدر محللون من “رايفايسن بنك روسيا” أن النمو المحتمل طويل الأجل للاقتصاد الروسي سيقف عند 0.9%.
وقالت جانيس كلوج، الخبيرة في الاقتصاد الروسي في المعهد الألماني للشؤون الدولية والأمنية: “يُظهر انخفاض قيمة الروبل أن الدفع نحو ازدهار الإنفاق العام ليس حلا دائما” ثم تابعت “ما يمكن للاقتصاد إنتاجه، هو الوحيد الذي يؤثر في سرعة النمو وليس قرارات الحكومة”.
تداعيات الاعتماد على الواردات
ومن ناحيته، قال رئيس معهد بنك فنلندا للاقتصادات الناشئة، إيكا كورهونين، “إن بناء قدرات مهمة في القطاعات الجديدة يستغرق وقتًا طويلًا”.
وتابع: “أنت بحاجة إلى آلات، تحتاج إلى فنيّين مؤهلين، كل هذا يتطلب موارد”.
ونتيجة لهذا الوضع، تحولت روسيا إلى الخارج، ومن ثم ارتفعت وارداتها من السلع بنسبة 18% هذا العام (حتى يوليو)، وفقا لبيانات من وزارة المالية.
وسبب اعتماد روسيا المتزايد على الواردات مشاكل كبيرة على استقرارها الاقتصادي، الذي اعتمد حتى الآن على عوائد الصادرات التي تفوق ما ينفق على الواردات، لكن هذا الفائض، انخفض بنسبة 85% هذا العام، ما يعني تدفقا أقل للأموال نحو الاقتصاد وانخفاضا للطلب على الروبل.
وضعف الروبل في حد ذاته، يجعل الواردات أكثر تكلفة، ما يؤدي إلى زيادة التضخم، وفق ذات التقرير.
وكانت روسيا أقل نجاحا في العثور على موردين جدد للمنتجات ذات التقنية المتوسطة والعالية مثل قطع غيار الطائرات التي تضررت من العقوبات الغربية.
وانخفضت هذه الواردات بمقدار 7 مليارات دولار في الربع الأخير من عام 2022 مقارنة بالعام السابق، وفقا لتحليل نشره مركز أبحاث السياسة الاقتصادية.
انخفاض العمالة
وبسبب العزلة التكنولوجية المتزايدة في روسيا، فيتوقع تقليص آفاق النمو على المدى الطويل، والتي كانت قاتمة كذلك قبل الحرب.
أيضًا، القوى العاملة في البلاد تتقلص منذ أكثر من عقد، مع تقدم السكان في العمر، في حين أن الإنتاجية ضعيفة بسبب نقص الاستثمار ومناخ الأعمال الملئ بالفساد والبيروقراطية.
وخلال العام الماضي، ساءت كل هذه الاتجاهات، إذ تواجه روسيا أسوأ نقص في العمالة منذ التسعينيات حيث تم حشد مئات الآلاف لجبهات القتال في أوكرانيا أو فروا من البلاد.
ونتيجة لذلك، أشار الاقتصادي الكبير لدى الأسواق الناشئة في كابيتال إيكونوميكس، ليا بيتش إلى أن مشاكل الاقتصاد الروسي سوف تقوده في نهاية المطاف إلى الدخول في دائرة التضخم بشكلٍ متزايد.