تتواصل معاناة أفارقة جنوب الصحراء في صفاقس
تتواصل فصول أزمة المهاجرين من أفارقة جنوب الصحراء في مدينة صفاقس التي تعد ثاني أكبر مدن البلاد التونسية، حيث يتجمع المهاجرون الذين طُرد بعضهم من المنازل التي كانوا يستأجرونها في حديقة بباب الجبلي ويتخذون منها مأوى لهم، حيث ينامون في العراء دون سقف يحميهم من حر الشمس الحارقة.
وانتقلت “أخبار الآن” لقلب مدينة صفاقس حيث يتجمع المهاجرون بأعداد كبيرة، وحاولت التواصل مع عدد منهم.
ومع أن أغلبهم يرفضون الظهور الإعلامي خوفا من التعرض للعنف، إلا أنهم أكدوا صعوبة الظروف التي يمرون بها.
ومن بين الذين تواصلت معهم “أخبار الآن”؛ دانمبيلي، مهاجر من بوركينا فاسو الذي صرح: “وصل العديد من الأفارقة منذ أشهر قليلة، لكني وصلت تقريبًا منذ شهرين، ولم نقم بإيذاء أحد ورغم ذلك نتعرض إلى المطاردات والطرد ويرفض المواطنين السماح لنا بالعمل، وتأجير المنازل لنا، وعندما تعترضنا قوات الأمن كثيرا ما تقبض علينا وتسجننا لشهرين أو ثلاثة دون أن نعرف السبب”.
وأضاف :”كلنا هنا، ولا نعرف إلى أين سنذهب، ننام حاليًا في الخارج، أنظر إلى قدمي العارية، كنت في البحر تم الاعتداء علي شخصيا من طرف قوات الأمن، هم لا يسمحون لنا بالهجرة إلى إيطاليا ولا بالعودة لبلداننا، وإن كنت لا أستطيع العمل فعلي توفير الطعام للأكل”.
كما وجه رسالة للتونسيين: “أطلب من التونسيين أن يشفقوا علينا، نحن أفارقة مثلهم لم نأتي هنا للسرقة أو الاعتداء بل لنعيش في سلام، شخصيا هربت من الإرهاب وعدم الاستقرار الذي نعيشه في بلادي بوركينا فاسو”.
كان دانمبيلي مرفوقا بصديقه غوامدي القادم من بوركينا فاسو أيضا والذي أكد لـ”أخبار الآن” أنه يعيش معاناة حقيقية إذ قال: “نحن نعاني لأننا نعيش حالة خوف نحاول الوصول لإيطاليا لكننا لم نستطع بلوغها، حرس الحدود يلقي القبض علينا عندما نحاول السفر إلى إيطاليا ويعنفنا لإرجاعنا إلى تونس ثم يتركوننا في هذه الحالة، كنا لمدة 5 ساعات في البحر ولم يكن لدينا ماء ولا أي شيء آخر لقد تركونا كالحيوانات وهذا ليس مقبولا”.
أما إسماعيل، المهاجر السنغالي فقد أكد أن وضعية المهاجرين تحسنت في الفترة الأخيرة وقال في حواره مع “أخبار الآن”: “عمل الشباب (في إشارة لمتطوعي الهلال الأحمر التونسي) هنا جيد جدًا ولم يعتدوا على أي شخص، يعطوننا الماء والطعام، الوضع هنا في تونس أفضل، يوجد الطعام وكل شيء لكن لا أعلم ما سيكون عليه الوضع غدا”.
ورغم قسوة الظروف التي يعيش فيها المهاجرون إلا أن وضعيتهم تحسنت نسبيا وفق رواية بعضهم، لأنهم في الأيام الأولى من أحداث الطرد من المنازل كانوا عاجزين حتى على الحصول على الماء والغذاء إلا أن المنظمات الحقوقية والإنسانية والتي من بينها الهلال الأحمر التونسي عملت عن طريق متطوعيها على توفير وجبات يومية للمهاجرين إلى جانب توفير الرعاية النفسية والجسدية.
وفي هذا الإطار صرح المتطوع في الهلال الأحمر محمد جراية لـ”أخبار الآن”: “الهيئة الجهوية للهلال الأحمر التونسي بصفاقس انطلقت منذ تاريخ 7 يوليو في توفير عدد من المتطوعين يوميًا يقومون بتوزيع الوجبات التي تقدمها المنظمة الدولية للهجرة بعدد 4500 وجبة يوميا مقسمة على فطور صباح و غداء وعشاء”.
وأضاف: “بالنسبة لنا هناك إحاطة صحية يومية بدعم من منظمة أطباء العالم وإعادة روابط عائلية عن طريق إجراء المهاجرين لمكالمات هاتفية مع أهاليهم وذويهم لطمأنتهم فكل من يطلب الاتصال مباشرة بأهله نوفر له هاتفا نقالا ليجري مكالمته”.
ومع أن الرئيس التونسي، قيس سعيد، قال في وقت سابق، إنّ المهاجرين يتلقّون “معاملة إنسانيّة نابعة من قيمنا ومن شيمنا”، متّهما “دوائر استعماريّة وعملاءها” بترويج عكس ذلك.
لكنّ منظّمات محلّية، من بينها المنتدى التونسي للحقوق الاقتصاديّة والاجتماعيّة، اتّهمت السلطات التونسية بـ “خلق بيئة طاردة للمهاجرين” وتفتقد لمقومات العيش الكريم كما أكد الناطق باسم المنتدى أن “الخطاب الرسمي يتنكّر لحقيقة ما يحصل في صفاقس”.
للمزيد عن أزمة المهاجرين في صفاقس: