صراع فاغنر والجماعات الإرهابية يمزق مالي ومنطقة الساحل
منذ اختفائه عقب التمرد الفاشل.. ظهر زعيم مرتزقة فاغنر يفغيني بريغوجين، في مقطع فيديو نشره على قناته في “تليغرام”، ملمحاً فيه إلى أنه موجود في إفريقيا حيت يتمدد نشاط المجموعة.
وقال بريغوجين في الفيديو المقتضب: بأنه يعمل في درجة حرارة تفوق الخمسين درجة مئوية وأن مرتزقته تجري أنشطة الاستطلاع والبحث، ما يجعل روسيا أكثر قوة في كل القارات.
وهدد في الفيديو تنظيمي القاعدة وداعش وقُطّاع طُرق آخرين.
وأكد زعيم المرتزقة بأنه ماض في عمليات التجنيد وسيستمر في تنفيذ المهام التي تم تكليفه بها.
بريغوجين لم يذكر صراحة أين سجّل الفيديو ولا متى، لكنه في حديثه ألمح إلى أنه في إفريقيا حيث الحرارة المرتفعة هذه الأيام وحيث تنشط مرتزقة فاغنر، التي برز اسمها على السطح مجددًا بعد الانقلاب العسكري في النيجر.
رد الجماعات الإرهابية
جماعة ما تُسمى بـ “نصرة الإسلام والمسلمين“ في الساحل، التابعة لتنظيم القاعدة، دعت إلى “النفير والجهاد” ضد جيش مالي ومرتزقة فاغنر الروسية، في منشور مطول نشرته مؤسسة الزلاقة، الذراع الإعلامية للجماعة.
ووصفت قائد جيش مالي الكولونيل أسيمي غويتا ومرتزقة فاغنر بالعصابة، داعية أنصارها إلى استهدافهم، كما عّددت الجماعة بما أسمته جرائم وفضائع الجيش وفاغنر في مالي وشعبها.
وتمتلك هذه الجماعة الإرهابية التابعة للقاعدة أتباعًا كثر منتشرين في كل الساحل، فلها ميليشيات وخلايا بدأت تتوغل في النيجر المجاورة بعد هيمنته الواسعة في مالي وبوركينافاسو.
وتعمل، منذ يوليو 2022، على استهداف الجيش المالي وعناصر فاغنر بالاضافة إلى نقل هجماتها تجاه جنوب مالي وذلك لتحقيق عدد من الأهداف في مقدمتها تشتيت جهود قوات الجيش المالي ودفعها إلى نقل جزء من قواتها من الشمال إلى الجنوب وبالتالي تخفيف الضغط على معاقل الجماعة وملاذتها في شمال البلاد.
كما تحاول، في الوقت الراهن، استقطاب وتجنيد أبناء القبائل والمكونات المالية في الجنوب ومن توسيع عملياتها في هذه البقعة الجغرافية وفتح طريق للتمدد وزيادة رقعة نفوذ وانتشار الجماعة.
ووصفت جماعة نصرة الاسلام والمسلمين في إصدارات سابقة “مرتزقة فاغنر” بأنهم مجموعة من اللصوص الذين يستهدفون الشعب المالي ويقتلون سكانه في القرى والمناطق المختلفة، ويسلبون أمواله ويحرقون أسواقه، مردفًا أنهم ينهبون الأموال والممتلكات العامة.
حصار تمبكتو
وفي سياق متصل، فرض مقاتلون متطرفون منذ أيام حصارًا على مدينة تمبكتو المالية الأثرية، بحسب ما أفاد مسؤولون محليون.
وقال مسؤول محلي في تصريح لوكالة “فرانس برس” طالبًا عدم كشف هويته إن إرهابيين “أغلقوا كل طرق” الدخول إلى المدينة الشمالية الواقعة على أطراف الصحراء، والخروج منها.
وتابع “لا شيء يعبر بين تمبكتو والجنوب”، مشيرًا إلى أن المواصلات على طول نهر النيجر مقطوعة.
وقال مسؤول في بلدية المدينة طالبًا هو أيضًا عدم كشف هويته إن “كل شيء مكلف في تمبكتو لأن المنتجات لم تعد تدخل المدينة. لقد أغلق الإرهابيون الطرق. الأمر صعب حقًا”.
وشدّد صاحب محطة وقود على أن ارتفاع الأسعار له وقعه، وقال “ارتفع ليتر البنزين من 845 فرنكًا إفريقيًا (نحو 1,40 دولار) إلى 1250 فرنكًا في أسبوع”.
فاغنر في مالي
مجموعة فاغنر الروسية، تنشط بشكل علني في مالي و3 دول إفريقية أخرى، لدعم أنظمة هشة مقابل معادن وموارد طبيعية أخرى.
في مالي يقدم عناصر فاغنر الحماية للنظام وينفذون عمليات عسكرية ويشرفون على تدريبات، كما يقدمون المشورة بخصوص مراجعة قوانين التعدين بل حتى الدستور.
ويقول النظام في باماكو إن المدربين العسكريين الأجانب في مالي لا ينتمون لمجموعة فاغنر بل للجيش الروسي النظامي.
الصراع على الثروات
حملت أعلام روسيا، التي رفعها متظاهرون في النيجر، والهتافات باسم موسكو، والتنديد بباريس ودورها في البلد الأفريقي، دلالة على صراع نفوذ ممتد في القارة السمراء، بين قوى دولية وأطراف إقليمية، في ضوء ما تزخر به من ثروات.
ويأخذ الصراع طابعاً مختلفاً في المرحلة الراهنة، لاسيما في ظل تعقد العلاقات الروسية-الغربية، ضمن تبعات الحرب الأوكرانية، والعقوبات على روسيا، ما يزكي نيران المنافسة على جبهات أخرى.
وتعمل روسيا على توسعة نفوذها في أفريقيا، وعبرت عن ذلك بصورة مباشرة باحتضانها في سوتشي عام 2019 “القمة الروسية الأفريقية” الأولى، ثم القمة الثانية في سان بطرسبيرغ.
وأبدت موسكو رغبة واسعة في تعزيز علاقاتها التجارية، والاقتصادية، مع دول غرب أفريقيا بشكل خاص، في خط متواز مع تعزيز وجودها العسكري من خلال مجموعة فاغنر.