قضاة تونس غاضبون بعد صدور الحركة القضائية وبعضهم اعتبرها “انتقامية”
صدرت الحركة السنوية للقضاء العدلي بتونس، بالجريدة الرسمية، ووصفها البعض بأنها غير منصفة ولم تشمل القضاة المعفيين من الرئيس التونسي قيس سعيّد وللحديث أكثر عن هذا الموضوع تواصلت أخبار الآن مع رئيس جمعية القضاة الشبان، مراد المسعودي الذي قال:”تعتبر هذه الحركة القضائية هي أول حركة قضاء وظيفي والذي أصدره رئيس الجمهورية في الدستور الجديد والتي شملت 1200 قاض.”
والجدير بالذكر أن القضاء تدحرج من موضع “السلطة” إلى موقع “الوظيفة” ويمكن اختزال الهدف الأساسي من تغيير تموضع هذه السلطة المرتّبةُ ثالثة كونيًا وجعلها مجرّد وظيفة في أنّ المنظومة الحاكمة اليوم في تونس تعمل على جعل القضاء أداةً تُنفّذ من خلالها إستراتيجيتها، وتُنزِّلُ بواسطتها مشروعها السياسي، وتُدير بها معاركها وفق شرح عدد من القضاة التقت بهم أخبار الآن في وقت سابق لهذا التقرير.
وأضاف المسعودي: “آخر حركة قضائية تمت قبل عامين كاملين رغم أنها حركة سنوية حسب القانون والهدف منها النظر في الترقيات والنقل وكذلك تعيين القضاة المتدربين في المحاكم وما يجعل حركة هذه السنة مختلفة هو أن الذي قام بها هو المجلس المؤقت للقضاء الذي هو مجلس ليس منتخب بل مجلس معين من قبل السلطة.”
وتابع رئيس جمعية القضاة: “أصبح المجلس المؤقت للقضاء من حيث التركيبة مختل لأن السيد أحمد الحافي الذي كان رئيس المحكمة العقارية وعضو المجلس الأعلى للقضاء بهذه الحركة خرج من المجلس وأصبح رئيس التعقيب وكذلك السيد عماد درويش أخذ إجازة وبعدها سيتقاعد ووفق كلام الزملاء ليست له الرغبة في التمديد أما رئيس محكمة التعقيب تراجع في سلمه الوظيفي وبقي في مجلس المؤقت للقضاء فقط 3 قاضيات وهن متقاعدات.”
كما أضاف:”بالنسبة للحركة ككل فإن العديد من الزملاء من المفترض أن يتحصلوا على امتيازات مالية مع كل ترقية لكنهم حرموا منها لمدة سنة كاملة لأن القاضي الذي يترقى من رتبة ثانية إلى ثالثة يتحصل على مبلغ قدره 900دينار (تقريبا 300 دولار) ووصل تعبئة بنزين بقيمة 500 دينار.”
وكشف المسعودي أن رئيس الدولة أراد الانتقام من القضاة بهذه التصرفات كما عاقب القضاة الذين ساندوا زملائهم ولم يساندوه عن طريق نقلهم إلى مناطق بعيدة عن العاصمة بدعوى مصلحة العمل وكافئ في نفس الوقت القضاة الذين ساندوا المسار بترقيات وتعيينات مناسبة.
عبر القضاة التونسيين عن غضبهم من هذه الحركة الغير عادلة وفق تعبير بعضهم عبر منشورات على حساباتهم الشخصية على “فيسبوك” وقال عضو اللجنة المدنية للدفاع عن استقلال القضاء عفيف الجعيدي، نالني شرف النقلة دون طلب مني لاستئناف سليانة، عودة للجذور وجزاء نقبله من حركة لم تنصف زملائنا المعفيين و ذكرتنا بزمن مضى في إشارة للنظام التونسي السابق الذي اشتهر بديكتاتوريته.
كما نشرت القاضية أنيسة تريشلي على حسابها الشخصي منشورا بعد أن تمت نقلتها هي الأخرى دون طلب منها قالت فيه:”حركة جازت قضاة بمسؤوليات و خطط و نكلت بآخرين بإبعادهم تحت مسمى “مصلحة العمل” أو بحرمانهم من مسؤوليات مستحقة لكن تبقى معركة القضاء المستقل خالدة دائمة ولن نتوانى عنها كضمانة لكل متقاض طامع في محاكمة عادلة.”
وبدورها، أعلنت رئيسة جمعية القضاة السابقة روضة القرافي أنه تمت نقلتها من رئيسة دائرة بمحكمة التعقيب إلى رئيس دائرة جنائية بمحكمة الاستئناف بباجة غرب البلاد.
وعلّقت القرافي عبر تدوينة نشرتها على صفحتها بـ”فيسبوك” على قرار نقلتها بالقول: “فخورة بخدمة العدالة في أي شبر من هذا الوطن العزيز… نحن نصنع الحياة من حولنا حيثما كنا… ولا تكسر إرادتنا بما يعتقد البعض أنها عقوبات ظنا منه أنه سيكسر هذه الإرادة التي صنعتها الأيام ونحتتها السنون.”
والجدير بالذكر أنه مرّت أكثر من سنة على عزل 57 قاضياً بقرار من الرئيس التونسي، إثر اتهامه بالفساد وحماية “الإرهابيين”، إثر ذلك رفضت السلطة تنفيذ أحكام صادرة عن المحكمة الإدارية، في أغسطس/آب 2022، لفائدة 49 قاضياً من المشمولين بالعزل، للسماح لهم بالعودة إلى عملهم ومؤخرا.