منح مجموعة العشرين العضوية الدائمة للاتحاد الإفريقي.. استغلال أم شراكة؟
- نيودلهي تستضيف قمة مجموعة العشرين
تتّجه مجموعة العشرين لمنح العضوية الدائمة للاتحاد الإفريقي خلال القمة التي تستضيفها الهند يومي 9 و10 سبتمبر (أيلول).
القرار لم يصدر عن المجموعة بعد، لكن تبدو الدول الأعضاء في المجموعة شبه متّفقة حول قرار منح الاتحاد الإفريقي صفة “المنظّمة الدولية المدعوّة”، وذلك أسوةً بالاتحاد الأوروبي. وعبّرت دول مثل ألمانيا والبرازيل وكندا عن دعمها لمنح الاتحاد الأفريقي عضوية مجموعة العشرين.
من ناحيته قال اللواء محمد عبدالواحد، خبير الأمن القومي والشؤون الإفريقية، إن “المجموعة الاقتصادية هي أكبر منتدى اقتصادي في العالم. وهذا يمثل حوالي خمسة وثمانين في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، ويمثل خمسة وسبعين في المئة من حجم التجارة العالمية. وكذلك خمسة وستين في المئة من سكان العالم” مضيفا: “تتجه المجموعة إلى أفريقيا لأنها تحتاج القارة الإفريقية بما تملكه من ثروات ومواد معدنية نادرة. هذا التكتل الاقتصادي بمفرده لا يستطيع أن يفعل شيء ما لم يوفر مصادر الإمداد له، وهي كلها في القارة الأفريقية. الدراسات أثبتت أن ستين لسبعين في المئة من المعادن النادرة التي يستخدمها هذا التكتل الاقتصادي كلها من إفريقيا. مثل الكولتان الذي يدخل في صناعة رؤوس الصواريخ وفي الموبايلات وأجهزة الاتصال مثل الكروم والنيكل والبوكسيت وغيرها من المعادن النفيسة بخلاف الذهب والذي مع الألماس الموجود في القارة الإفريقية”.
وأضاف الخبير الأمني في حواره مع “أخبار الآن” أن “هذه العضوية بالنسبة لإفريقيا هي سلاح ذو حدين، فهي تستطيع أن تحقق منها منافع. لكن السؤال المهم الذي يطرح نفسه هل القارة الإفريقية مهيأة للتعامل مع أكبر كيان اقتصادي بهذا الشكل. لكن القارة الإفريقية تستطيع أنها تحقق عدد من الامتيازات خلال الفترة القادمة. أهمها عرض قضاياها الخاصة ومشاكلها والتحديات التي تمر بها سواء الصراعات، أو تحديات الإرهاب، أو تأثرها الشديد بالتغيرات المناخية، لاسيما وأن السبب الرئيس أو ثمانين في المئة من أسباب التغير المناخي سببه هذه الدول الصناعية“.
واستطرد عبدالواحد: “يجب على الدول الإفريقية أن تحدث تكامل اقتصادي بينها، وكذلك تفعيل منطقة التجارة الحرة الداخلية حتى تستطيع أن تعظم من الاستفادة مع هذا التكتل، أيضا القارة الإفريقية في أشد الحاجة إلى توطين التكنولوجيا الحديثة من هذه الدول داخل القارة الإفريقية، خاصة وأنها دائما ما تبيع منتجاتها من المواد الخام، لكن لو استطاعت أن تجذب استثمارات جيدة في القارة توطن التكنولوجيا يمكن أن تقدمها نصف مصنعة أو مصنعة كاملة، وبالتالي تضيف قيمة مضافة على السلع، تستطيع أيضا توفير فرص عمل للشباب الذي يمثل القاطرة الأساسية لإفريقيا”.
وعن استفادة الشعوب الإفريقية من هذه الخطوة، قال الخبير الأمني إن “المواطن العادي سيستفيد من انضمام الاتحاد الإفريقي إلى مجموعة العشرين، وذلك من خلال العمل على تقليل نسبة البطالة بسبب التعاون الاقتصادي، وكذلك العمل على رفع مستوى الأمن الغذائي”. مضيفا: “كل هذ المشكلات تستطيع القارة من خلال عملية التنمية والتنمية المستدامة واستغلال الموارد. تستطيع توفير فرص العمل، وتوفير بنية تحتية وبنية أساسية توفر وظائف عمل للشباب وبالتالي لن يتجه هؤلاء الشباب إلى الانضمام للجماعات الإرهابية أو إلى جماعات الجريمة المنظمة. وبذلك يتوفر الأمن والاستقرار”.
نيودلهي تستضيف القمة
وفي السياق، بدأ زعماء دول مجموعة العشرين الوصول إلى نيودلهي اعتبارا من الجمعة، فيما يأمل مضيفهم رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي إظهار النفوذ الدبلوماسي المتنامي لبلاده وتسهيل الحوار بشأن أوكرانيا وتغيّر المناخ في غياب الرئيسين الصيني شي جينبينغ والروسي فلاديمير بوتين.
وخلال القمة التي تستمر يومين بدءا من السبت، ستناقش العديد من القضايا الخلافية مثل الحرب الروسية على أوكرانيا والتخلص التدريجي من الوقود الأحفوري وإعادة هيكلة الديون، ما سيصعّب إصدار إعلان ختامي الأحد.
ووصل رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك المتحدر من أصول هندية، الجمعة إلى نيودلهي ترافقه زوجته أكشاتا مورتي، إبنة أحد كبار أثرياء الهند، وفق ما أظهرت مشاهد تلفزيونية.
وانطلق الرئيس الأمريكي جو بايدن الجمعة من قاعدة أندروز الجوية قرب العاصمة الأمريكية قرابة الساعة 21,30 ت غ، متّجها إلى نيودلهي حيث من المتوقع أن يصل عند الساعة 18,15 بالتوقيت المحلي (13,25 ت غ).
ولدى وصوله إلى نيودلهي سيلتقي بايدن رئيس الوزراء الهندي الذي استقبله في حزيران/يونيو في البيت الأبيض.
وتسعى الولايات المتحدة لتعزيز علاقاتها مع الهند في للتصدي للصين، في حين تحاول نيودلهي ترسيخ دور رائد على الساحة الدولية، وذلك رغم خلافاتهما بشأن روسيا إذ لم تنضم الهند إلى الدول التي فرضت عقوبات على موسكو بعد غزو أوكرانيا، كما بشأن احترام حقوق الإنسان.
قوة النمو العالمي
ويحتلّ الرئيس الأمريكي مركز الصدارة في قمة مجموعة العشرين في غياب نظيريه شي وبوتين.
وسيرأس وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف الوفد الروسي، فيها يرأس رئيس الوزراء الصيني لي تشيانغ الوفد الصيني.
وتأتي زيارة الرئيس الأمريكي (80 عاما) في لحظة حاسمة في لعبة التحالفات على خلفية حرب أوكرانيا، في وقت يتصاعد نفوذ الصين التي تتحدّى على نحو متزايد الهيمنة الأمريكية.
ويعتزم بايدن استغلال القمة التي يرأسها مودي لإثبات أنّ الكتلة تبقى المنتدى الرئيس للتعاون الاقتصادي العالمي، رغم انقساماتها.
وقالت وزيرة الخزانة الأمريكية جانيت يلين خلال مؤتمر صحافي على هامش القمة في الهند، إن الصين تواجه “مشكلات اقتصادية مختلفة”، لكن لديها أيضا “هامش مناورة معين للتعامل معها”.
وأضافت “نحن ندرك المخاطر التي تهدد النمو العالمي”، مشددة على أن “التأثير السلبي الأكبر يأتي من حرب روسيا ضد أوكرانيا”، لكنها أضافت أنه رغم ذلك “فوجئت بقوة النمو العالمي والصمود الذي أظهره الاقتصاد العالمي”.
حصار
وتبدو مجموعة العشرين منقسمة حول الغزو الروسي لأوكرانيا، إذ إن العديد من الدول النامية تهتم بأسعار الحبوب أكثر من الإدانات الدبلوماسية لموسكو.
وخلال الاجتماعات الوزارية التي سبقت القمة، فشلت جهود مودي في دفع زعماء مجموعة العشرين إلى تجنب انقساماتهم لمعالجة قضايا عالمية حاسمة، بما فيها إعادة هيكلة الديون العالمية وارتفاع صدمات أسعار السلع الأساسية عقب غزو روسيا لأوكرانيا.
وفي هذا الصدد، قال رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشال للصحافيين في نيودلهي الجمعة إنه “من المخزي أن تقوم روسيا، بعد الانسحاب من مبادرة تصدير الحبوب في البحر الأسود، بمهاجمة الموانئ الأوكرانية”.
وكرر مودي الخميس رغبته في توسيع الكتلة “بضم الاتحاد الإفريقي كعضو دائم”.
وقال ميشال “يسعدني أن أرحب بالاتحاد الإفريقي كعضو دائم في مجموعة العشرين، وأنا فخور بأن الاتحاد الأوروبي تفاعل بشكل إيجابي لدعم هذا الترشيح”، قبل أن يضيف “لننتظر القرار. لكنْ هناك شيء واحد واضح: الاتحاد الأوروبي يدعم عضوية إفريقيا في مجموعة العشرين”.
كما دعا رئيس الوزراء الهندي قادة مجموعة العشرين إلى مساعدة الدول النامية ماليا وتقنيا لمكافحة تغير المناخ.