إصدار جديد لتنظيم القاعدة في ذكرى هجمات سبتمبر
عشية الذكرى الثانية والعشرين لهجمات الحادي عشر من سبتمبر، نشرت مؤسسة السحاب، الذراع الإعلامية للقيادة العامة في تنظيم القاعدة، إصداراً جديداً من مجلة ”أمة واحدة“ خُصص للمناسبة.
هذا العدد الحادي عشر تضمن ترجمتين لسيرة اثنين من منفذي الهجمات، الأول هو محمد عطا، العقل المنفذ لتلك الهجمات، والذي قاد الطائرة التي هدمت البرج الشمالي في نيويورك، والثاني هو هاني حنجور الذي قاد الطائرة التي هاجمت وزارة الدفاع، البنتاغون.
تضمن العدد أيضاً مقالاً للمدعو أبي خالد الصنعاني بعنوان ”الحادي عشر ورد فعل الرعب المتوالي،“ يصف فيه كيف أن ”الهدف من ضرب البطن الرخو للدول أن يؤدي الهلع والرعب لكسر إرادة العدو على المقاومة وشل قدراته على رد الفعل”.
تأتي هذه المناسبة والقاعدة لا تزال عاجزة عن حسم مصير زعيمها أيمن الظواهري حياً كان أم ميتاً. الولايات المتحدة الأمريكية قالت إنها قتلت الظواهري في غارة على منزل سكنه في العاصمة الأفغانية كابول في اليوم الأخير من يوليو 2022. لا القاعدة كذبت الرواية الأمريكية مثلاً وأكدت أن الرجل حي؛ ولا هي أكدت قتله لتحسم هوية ”خليفة“ الظواهري ومسألة البيعة التي يدّعي الجهاديون قدسيتها. فبات أنصار القاعدة كمن يبايع ميتاً!
إصدارات سابقة ليس لها علاقة بـ 11 سبتمبر
فمثلاً في الذكرى التاسعة عشرة (سبتمبر 2020)، نشرت السحاب تسجيلاً مصوراً لزعيم التنظيم أيمن الظواهري بعنوان ”صفقة القرن أم حملات القرون“ لم يكن لها علاقة بهجمات سبتمبر ولا حتى بتطورات عملية السلام مع إسرائيل.
وفي الذكرى العشرين (سبتمبر 2021)، أصدرت السحاب كتاباً لزعيم التنظيم أيمن الظواهري من 852 صفحة بعنوان ”الكتاب والسلطان“ يتحدث عن ”الفساد السياسي … في تاريخ المسلمين“.
وفي الذكرى الحادية والعشرين (سبتمبر 2022)، أصدرت السحاب مطوية بعنوان ”مكاسب 11 سبتمبر“ لم تحمل توقيع القيادة العامة أو أي شخصية قيادية تنتمي إلى القاعدة.
لكن بعد يوم، أصدرت السحاب كتاباً بعنوان ”عمليات 11 سبتمبر بين الحقيقة والتشكيك“ بتوقيع أبي محمد المصري الذي كان نائب الظواهري حتى قتله في طهران في 2020.إذاً، خلال الأعوام الماضية، لم يجد إعلام القاعدة قيادياً حيّاً يتصدر المشهد.
محاولات لسد الفراغ
ومن ناحية أخرى، وفي ضوء انسلاخ إعلام القاعدة الرسمي عن واقع الحدث، يحاول الإعلام الرديف – إعلام الأنصار – سد الفراغ. فيعيد الأنصار نشر إصدارات ومطويات صدرت في وقت سابق كما حدث في سبتمبر 2020 عندما أعاد الأنصار نشر رسالة من العام 2018، كتبها بلال خريسات أبو خديجة الأردني القيادي في حراس الدين الذي قُتل أواخر 2019.
واليوم، يعيد الأنصار بث مقاطع صوتية لأسامة بن لادن ومطويات من أعوام سابقة بانتظار غيث من السحاب.
ماذا يدور في أوساط القاعدة وأنصارها خلال الفترة الحالية؟ ماذا نعرف عن ذلك الآن؟
الأنصار يعتبرون هجمات سبتمبر انتصاراً للقاعدة وأن كل الأزمات التي عاشتها أمريكا – والعالم حقيقة – مردها إلى تلك الهجمات!
الأهم أنهم يعتبرون الهجمات تثبيتاً لمنهج القاعدة ومن والاها. ولهذا، يربطون بين الهجمات وطالبان الذين عادوا إلى سدة الحكم في أفغانستان في أغسطس 2021، بعد أن طُردوا من كابل في فترة حكمهم الأولى بسبب الرد الأمريكي على تلك الهجمات.
يعتبرون أن زعيم طالبان آنذاك، الملا محمد عمر، كان عراب الهجمات وأنه أوعز لأسامة بن لادن بتنفيذها.
وأزيد من ذلك أنه حمى بن لادن من الأمريكيين. وهذا مهم بالنسبة لأنصار القاعدة لأنه يؤكد العلاقة المتينة بينهم وطالبان. فمن ناحية، يعتبرون أن طالبان الذين لم يسلموا أسامة بن لادن لأمريكا في ذلك الوقت، لن يتوانوا اليوم عن حماية القاعدة مرة أخرى. ومن ناحية أخرى، يعتبرون أن عودة طالبان إلى الحكم اليوم هي دليل نجاح تلك الهجمات ولو بعد حين.
الحقيقة التي رواها قياديون في القاعدة وحتى أسامة بن لادن نفسه هي أن بن لادن خدع الملا عمر.
حقيقة أخرى هي أن الدمار الذي لحق بأفغانستان وشعبها بسبب تلك الهجمات يفوق الدمار الذي لحق بأمريكا. ومن المفارقات أن إعلام القاعدة في تعداد ”مكاسب“ هجمات سبتمبر يذكر القتلى الأمريكيين لكنه لا يذكر الضحايا الأفغان بين قتلى ولاجئين ومشردين ولا يزالون.