2946 قتيلا في آخر حصيلة لزلزال المغرب
- الحكومة تعمل على خطة لمساعدة السكان
على أكوامٍ من الحُطام، وقف الشابة إيمان آيت سعيد، البالغة من العمر 19 عامًا، التي فقدت 10 من عائلتها في منطقة تلات نيعقوب، التي تأثرت كغيرها من المدن بسبب زلزال المغرب.
الفتاةُ التي وقفت تمسح دموعها قالت إنها كانت في المدرسة في فاس، ذهبت قبل يومين من وقوع الزلزال، بعدما ودّعت أسرتها وذهبت للدراسة هناك، لكن أحدهم اتصل بها وأخبرها أن المنزل بأكمله انهار، وعندما عادت إلى قريتها لم تتمكن من الذهاب لرؤية منزلهم.
إيمان تقول: “لقد تحققت لمعرفة ما إذا كان أقاربي يعيشون في الخيام، ولكن هذا هو كل ما رأيته – في إشار إلى الحطام- يا له من شعور غريب. لأن كل ذكرياتي هنا، عائلتي وأصدقائي وجيراني والجميع ماتوا وفقدوا منازلهم في هذه المنطقة، لدينا الكثير من الذكريات في هذه القرية وقد رحل الكثير من الأشخاص الذين نحبهم”.
في اللحظةِ التي كانت تتحدثُ فيها إيمان، كان والدها إبراهيم آيت سعيد، يبحث بين ركامِ المنزل، لعله يجد ما يمكنه الاحتفاظ به، أو شيء يمكن استخدامه في الأيام اللاحقة، أو حتى بعض الصور التي تذكره وإيمان باقي أفراد الأسرة، وهي الصور التي حملتها الابنة بين يديها متحدثة عن شقيقها الذي توفي قائلة: “لقد بحثت ووجدت الصور التي كانت لدينا. وهذا أخي الذي مات وكان عمره 6 سنوات في ذلك الوقت”.
قالت إيمان: “مات عشرة من عائلتي: جدي وجدتي والديّ أمي، وعمي وزوجته واثنتين من بناتهما. توفيت زوجة عمي الآخر؛ ولديها طفلان، وعمي الآخر في المستشفى. لو لم توقف والدتي المروحية لنقله إلى المستشفى لكان قد مات أيضاً. العم والبنتان اللتان حدثتكما عنهما، سحبوه هو وابنته حيّين من تحت الأنقاض ووضعوه بجوار أمي. ولم يأخذوه إلى المستشفى، وكانت والدتي تعتني به حتى وفاته”.
وأضافت الشابة المغربية: “كان أخي ولداً طيباً للغاية، وكان جميع الجيران يعرفونه وبكوا عليه عندما مات لأنه كلما طلب منه أي شخص شيئاً أو يقدم له معروفاً، لم يرفض أبداً. أو حتى إذا رأى امرأة تحمل شيئاً ثقيلاً يذهب لمساعدتها. قبل يومين من وقوع الزلزال، التحق بالمدرسة واشترى الكتب لبدء الدراسة”.
والدها قال إنه يشعر بالألم والحسرة على جميع الضحايا: “ما نشعر به حيال هذا الأمر هو أن قلوبنا مكسورة لأطفالنا ولجيراننا وأقاربنا وجميع الضحايا المتضررين”.
وعن نجله قال: “لقد أخرجته من تحت هنا. لقد وجدته مستلقيا، وأثناء نومه سقطت عليه كل الصخور والطوب والخشب، وانهار المنزل المجاور على منزلنا وتسبب في وفاته”.
فرق الإنقاذ تكثف جهودها
وتواصل فرق الإنقاذ جهودا مكثفة في قرى دمرها الزلزال وإن كانت آمال العثور على ناجين تتضاءل، بعد خمسة أيام على الكارثة التي خلفت قرابة ثلاثة آلاف قتيل.
في موازاة ذلك، تتواصل جهود فتح وتوسعة مسالك جبلية لإيصال المساعدات للقرى النائية.
بلغ عدد ضحايا الزلزال 2946 قتيلا إضافة إلى 5674 جريحا إلى حد مساء الأربعاء، وفق آخر حصيلة أعلنتها وزارة الداخلية، مشيرة إلى أن معظمهم دفنوا.
وأكدت الوزارة أن السلطات “تواصل جهودها للتكفل بالمصابين، وإيواء المتضررين، وإيصال الإعانات الغذائية والصحية لهم”، فضلا عن “تأمين حركة السير بالطرق”
في تلات نيعقوب، إحدى تلك القرى المنكوبة، أخرجت فرق إنقاذ جثمانا من تحت الأنقاض وفق ما أظهرت صور بثها ظهر الأربعاء تلفزيون “الأولى” العمومي، مؤكدا استمرار عمليات البحث.
ويستعين المغرب بفرق إنقاذ من كل من بريطانيا واسبانيا والإمارات وقطر، لكنها تواجه تضاريس وعرة حيث ضرب الزلزال في عمق مناطق جبلية تضم قرى متناثرة ونائية.
وأوضح أحد أفراد فريق الإنقاذ القطري “نتدخل في الكثير من الأماكن التي لا يمكن أن تصلها العربات”.
وقد سويت العديد من القرى بالأرض، خصوصا وأن معظم الأبنية طينية، كما في قرية إنغيد حيث قال المزارع محمد المتوكل لفرانس برس “فقدنا كل شيء”.
وتقوم مروحيات عسكرية بنحو 35 إلى 40 مهمة يوميا منذ السبت بين مطار في مراكش والأماكن الجبلية المعزولة، تشمل إجلاء جرحى ونقل مساعدات، بحسب ما أضاف تلفزيون “الأولى” الأربعاء.
تضامن واسع
أطلق الصليب الأحمر الدولي نداء لجمع أكثر من 100 مليون دولار لتوفير الاحتياجات العاجلة للمغرب، فيما تتواصل حملات تضامنية واسعة من مختلف مدن المملكة لإيصال مساعدات للمناطق المنكوبة.
وصادف مراسلو وكالة فرانس برس على الطريق المؤدية لبلدة أمزميز، على بعد نحو 60 كيلومترًا جنوب مراكش، عدة شاحنات محملة بأغطية وأفرشة.
في المقابل، توجهت قوافل مساعدات نحو قرى أبعد باتجاه الغرب، مثل قرية تيخت حيت توصل السكان بأغذية وأسرة وأغطية وحفاظات للرضع.
وتقول فرح فوزية (18 عاما) “نأكل بفضل المحسنين”، وهي تقيم في خيمة عند سفح جبل بعدما هدمت بيوت القرية تماما وقتل نحو ستين شخصا من سكانها.
في قرية أداسيل، المنكوبة هي الأخرى، تجمع ناجون حول متطوعين يوزعون المساعدات، وقد جاؤوا من مدينة تيزنيت البعيدة بنحو 400 كليومتر.
وأوضحت إحدى المتطوعات مريم بكريم (38 عاما) “أطلقنا نداء على فيسبوك وبدأت التبرعات تصل بعد أقل من نصف ساعة”، مشيرة إلى أن المبادرة مكنت من إرسال نحو أربعين شاحنة محملة بالأغذية والملابس نحو المناطق المتضررة.
فيما أقيمت ثلاثة مستودعات بإقليم تارودانت (جنوب مراكش) لتجميع المساعدات ونقلها عبر شاحنات أو جوا إلى القرى المنكوبة، وفق ما نقلت وسائل إعلام محلية.
وهذا الإقليم هو ثاني المناطق تضررا من الزلزال بعد إقليم الحوز، وكلاهما يضمان قرى متناثرة على الجبال.
ومنذ اهتزاز الأرض في هذه المساحات الشاسعة ليل الجمعة تواجه عمليات الإغاثة وإيصال المساعدات طرقا قطعت بسبب انهيارات صخرية، وعلى الخصوص المسالك غير المعبدة التي تخترق الجبال.
وقال مسؤول في وزارة التجهيز الأربعاء لوكالة فرانس برس إن فرقا متخصصة تواصل العمل على فتح العديد من تلك المسالك الثانوية وسط الجبال، لتأمين الوصول إلى قرى صغيرة.
وأكد أن “الطريق الرئيسية المؤدية لجماعة (دائرة) إغيل حيث مركز الزلزال قد فتحت وأيضا لقرية أغبار المجاورة”.
لكن تلك العمليات تواجه تحدي تكرار انهيارات صخرية بسبب هزات ارتدادية، وفق ما أضاف المسؤول في الوزارة.
الأربعاء أدت هزة ارتدادية في قرية إيمي نتالا (نحو 70 كيلومتر جنوب غرب مراكش) إلى تهاوي صخرة أصابت شخصا إصابات خفيفة وتمّ نقله في سيارة إسعاف إلى المستشفى، بحسب مراسلي فرانس برس.
وهذه القرية قريبة من مركز الزلزال.
وكان رئيس الوزراء عزيز أخنوش أكد الاثنين إن السكان الذين هدمت بيوتهم “سيتلقون تعويضات”، موضحًا “سيكون هناك عرض واضح سنحاول تحضيره هذا الأسبوع” في هذا الشأن.
ولفت إلى أنه يتمّ النظر حاليًا في حلول لإيواء المشرّدين، بينما أنشئ صندوق خاص لمواجهة تداعيات الكارثة، وهو مفتوح لتلقي التبرعات.
وقد أقامت القوات المسلحة الملكية التي تشارك في عمليات الإنقاذ منذ صباح السبت، مستشفيات ميدانية للتكفل بالجرحى.
والزلزال الذي وقع ليل الجمعة السبت، بقوة 7 درجات بحسب المركز المغربي للبحث العلمي والتقني (6,8 وفق هيئة المسح الجيولوجي الأميركية)، هو أقوى هزّة يتمّ قياسها في المغرب على الإطلاق.
واعتبر الأعنف من نوعه في المغرب.
فيما يبقى الزلزال الأكثر فتكًا حتى الآن هو ذلك الذي دمر مدينة أغادير الساحلية (نحو 250 كيلومتر جنوب غرب مراكش) في 29 شباط/فبراير 1960، مخلفا ما بين 12 ألى 15 ألف قتيل، هم ثلث سكان المدينة.