نظّم سكان درنة تظاهرة للمطالبة بمحاسبة السلطات
قال الدكتور علي أحمد سالم، مدير مكتب شؤون وزارة التعليم العالي والبحث العلمي في ليبيا، إن الفيضانات التي شهدتها مدينة درنة تسببت في مقتل عدد أعضاء من أعضاء هيئة التدريس في جامعة درنة، وكذلك مدراء إدارات، وعدد كبير من طلاب الجامعة.
وأضاف “سالم” في حواره مع “أخبار الآن”، أن وزارة التعليم العالي، شكّلت لجنة على الفور للتعامل مع هذه الأزمة، من خلال فرق الإغاثة والإعانة، من مدراء الإدارات ونقابة الموظفين التابعة للوزارة، وقدمت الدعم للمتضررين في هذه المناطق، بعد جمعها التبرعات.
وأكد أنه تم تنسيق قوافل طبية من كليات الطب في الجامعات الليبية، من أجل تقديم العون، مضيفًا: وصلت فجر الثلاثاء رابع قافلة أرسلتها وزارة التعليم العالي والبحث العلمي والجهات التابعة لها”.
وأوضح أنه تم تشكيل غرف للطواري في جامعتي عمر المختار ودرنة، للتعامل مع المتضررين وأسرهم في المناطق المنكوبة.
وعن وضع الطلاب، قال مدير مكتب شؤون وزارة التعليم العالي، إنه تم “فتح الاستضافة والأقسام الداخلية في كل الجامعات الليبية لاستقبال أعضاء هيئة التدريس، والطلاب في المناطق المتضررة. مضيفًا: “أي طالب في هذه المناطق المنكوبة بإمكانها أن يستكمل دراسته في أي جامعة ليبية من خلال تقديم طلب كتابي، وسيتم تمكينه على الفور من المباشرة في استكمال دراسته”.
سكان درنة يطالبون بـ”المحاسبة”
وفي السياق، نظّم سكان درنة في شرق ليبيا الاثنين، تظاهرة احتجاجية مطالبين بمحاسبة السلطات بعد فيضانات مدمّرة أوقعت آلاف القتلى في المدينة، وفق ما أفاد مراسلو وكالة فرانس برس.
وتجمّع مئات من السكان أمام المسجد الكبير في المدينة هاتفين شعارات مناهضة لسلطات الشرق الليبي التي يجسّدها البرلمان ورئيسه عقيلة صالح.
وهتف متظاهرون “الشعب يريد إسقاط البرلمان” و”لا إله إلا الله عقيلة عدو الله” و”اللي يسرق واللي خان يشنق في الميدان”.
في بيان باسم “سكان درنة” تلي خلال التظاهرة، دعا المتظاهرون “النائب العام في دولة ليبيا بالإسراع بنتائج التحقيق في الكارثة التي حلت بمدينة درنة، واتخاذ الإجراءات القانونية والقضائية كافة ضد كل من له يد في إهمال أو سرقات أدت إلى هذه الكارثة دون التستر على أي مجرم”.
كذلك طالبوا “مكتب الدعم في ليبيا التابع لهيئة الأمم المتحدة بفتح مكتب له بمدينة درنة وبشكل عاجل”، وبـ”البدء الفعلي والعاجل بعملية إعادة إعمار مدينة درنة وتعويض المتضررين”.
إلى ذلك طالب البيان بـ”حل مجلس وحكماء مدينة درنة وإعادة تشكيله من داخل المدينة” وبـ”التحقيق في الميزانيات السابقة التي خصصت للمدينة”.
وتوجّه عدد من المتظاهرين إلى منزل قيل إنه لرئيس البلدية عبد المنعم الغيثي، حيث عمدوا إلى إضرام النار هاتفين “دم الشهداء ما يمشيش هباء”، وفق مشاهد تم تداولها بكثرة على وسائل التواصل الاجتماعي وبثتها وسائل إعلام ليبية.
بعد ساعات قليلة على التظاهرة أعلن رئيس حكومة شرق البلاد أسامة حمّاد حل المجلس البلدي في درنة وأمر بفتح تحقيق بشأنه، وفق ما أفاد تلفزيون “المسار” الليبي.
خطر الأمراض
بحسب سياسيين ومحللين، أُسقطت صيانة البنى التحتية الحيوية في ليبيا على غرار سدي درنة اللذين انهارا من جراء الفيضانات، من أولويات السلطات بسبب الفوضى العارمة السائدة في البلاد.
في المدينة البالغ عدد سكانها 100 ألف نسمة والمطلة على البحر الأبيض المتوسط في شرق البلاد، تسبّبت الفيضانات الناجمة عن انهيار سدين تحت ضغط الأمطار الغزيرة التي حملتها العاصفة دانيال في 10 أيلول/سبتمبر، في وفاة ما يقرب من 3338 شخص وفقا لآخر حصيلة رسمية موقتة أعلنها وزير الصحة في الشرق الليبي عثمان عبد الجليل، وخلفت مشهدًا يذكّر بساحة حرب طاحنة.
وليبيا غارقة في الفوضى منذ سقوط نظام معمر القذافي في 2011، وتتنافس على السلطة فيها حكومتان، الأولى تتخذ من طرابلس في الغرب مقرًا ويرأسها عبدالحميد الدبيبة وتعترف بها الأمم المتحدة، وأخرى في شرق البلاد الذي ضربته العاصفة، يرأسها أسامة حمّاد وهي مكلّفة من مجلس النواب ومدعومة من المشير خليفة حفتر.
في العام 2018 سيطرت قوات حفتر على درنة التي كانت معقلا لإسلاميين متشددين وكانت المدينة الوحيدة خارج سيطرتها في شرق ليبيا. لكن سلطات الشرق تعتبر درنة معقلا معارضا منذ حقبة القذافي.
وتأتي التظاهرة في حين يواصل عناصر الإغاثة البحث عن آلاف المفقودين الذين يعتقد أنهم باتوا في عداد الأموات من جراء الفيضانات.
الاثنين أعلنت الأممم المتحدة أن وكالاتها وخصوصا منظمة الصحة العالمية تحاول “منع انتشار الأمراض وتجنب أزمة مدمرة ثانية في المنطقة”.
منصة لتسجيل المفقودين
وتوقّعت وكالات تابعة للأمم المتحدة ومسؤولون ليبيون ارتفاع حصيلة القتلى. وقال الهلال الأحمر الليبي إنه أنشأ منصة لتسجيل المفقودين، داعيا السكان إلى تقديم معلومات عمن فُقد أثرهم.
وفي المدينة، شوهدت الإثنين جرافات وعمال يحاولون إزالة الوحول من باحة مسجد وسط رائحة كريهة، وفق ما أفادت مراسلة في وكالة فرانس برس.
في الجانب الآخر، جثت امرأة مسنة تصلي من أجل أبنائها وأحفادها الذين لقوا حتفهم في الكارثة.
وفي ميناء درنة، كان فريقا الإغاثة الليبي والإماراتي ينسّقان جهودهما من أجل انتشال جثث من البحر، وفق صحافية من وكالة فرانس برس في المكان.
في الوقت نفسه، تعمل فرق غوص تركية وروسية على محاولة العثور على جثث في أماكن مختلفة من الميناء حيث صبّت السيول الجارفة مع كل ما حملته في طريقها.
بعد انهيار السدين ليل الأحد الاثنين 11 أيلول/سبتمبر، جرفت المياه التي ارتفعت أمتارًا عدة، أجزاء من المدينة الساحلية في ما وصفه البعض بأنه “تسونامي”. ويتم يوميًا انتشال عشرات الجثث المطمورة تحت أنقاض الأحياء المدمرة أو التي جرفها البحر ودفنها في مشهد مروع.
وذكرت وسائل إعلام مصرية رسمية أن حاملة طائرات هليكوبتر مصرية ستكون بمثابة مستشفى ميداني وصلت الأحد إلى شرق ليبيا وعلى متنها فرق إغاثة وإنقاذ.
والإثنين أعلن الرئيس الأميركي جو بايدن في بيان عن مساعدات إنسانية لليبيا بـ11 مليون دولار.
كذلك، أعلنت فرنسا التي نشرت مستشفى ميدانيا وأرسلت عمال إنقاذ إلى درنة، أنها ستخصص أيضا “4 ملايين يورو للأمم المتحدة للمساعدات الطارئة وإعادة الإعمار في ليبيا”.
وأعلن الاتحاد الأوروبي من جهته صرف 5,2 ملايين يورو للمساعدات الإنسانية في ليبيا.