ما زالت تداعيات الفيضان الكبير الذي ضرب مدن ليبيا الساحلية تتوالى، وتستمر عمليات البحث عن جثث الضحايا التي جرفها السيل إلى البحر والساحل، في ظلّ ضعف الإمكانات لدى فرق البحث، فيما يستمر الجدل بين النواب والمسؤولين حول الأسباب وسط تراشق الاتهامات وتقاذف المسؤوليات عن انهيار سدي وادي درنة وأبو منصور.

ففي حين رأى عدد من النواب على رأسهم رئيس البرلمان عقيلة صالح، أنّ الكارثة وقعت بسبب عوامل طبيعية فاقمها الإعصار دانيال، اعتبر آخرون أنّ سبب الكارثة هو إهمال صيانة السدّين، وسرقة الأموال التي رصدت لذلك الغرض.

العرفي: الكارثة أكبر من ليبيا بحد ذاتها

أخبار الآن” أجرت لقاء مع رئيس لجنة شؤون الجرحى والمفقودين في البرلمان الليبي عبد المنعم العرفي، الذي أوضح أنّه حتى الآن لم يتسلّموا إحصائيات دقيقة عن عدد الجرحى والضحايا والمفقودين، قائلاً: “طالبنا في مجلس النواب بالحصول على أعداد الجرحى من شهداء ومفقودين لأنّنا نحن كلجنة برلمانية لا بد أن تأتينا إحصائيات صحيحة بعيدة عن تهويل الموقف، لكن لا إحصائات حتّى الآن. فالكارثة أكبر من الحكومة أو حتى دولة ليبيا نفسها لا يمكن لها أن تدير ذلك النوع من الأزمة، بالتالي لا بدّ من تكاتف الجهود الدولية من أجل تخفيف أعباء  تلك الكارثة”.

وتابع: “حتّى أنّ المسؤولين أنفسهم ارتبكوا، وكان الإرباك واضحاً في عدم إيصال مواد الإغاثة أو حتّى المياه، وكذلك  مياه الشرب بحكم أنّ التلوث طال المياه الجوفية، علماً أنّه ثمّة مشكلة حقيقية في تنسيق تقديم الإعانات الدولية، مع أيّ حكومة يتمّ التعامل معها، وبالتالي وبالتالي مَنْ يمكن أن يتسلّم تلك المساعدات ليتمّ إيصالها إلى مستحقيها بشكل صحيح”؟

مؤخراً أقال رئيس الحكومة الليبية المكلف من البرلمان أسامة حماد، المجلس البلدي لمدينة درنة بالكامل وأحاله على التحقيق، بعد أيّام من الفيضانات التي قتلت الآلاف في المدينة الواقعة شرق البلاد. يأتي ذلك وسط تصاعد دعوات سكّان المدينة للكشف عن نتائج التحقيقات في الكارثة ومحاسبة المسؤولين، وكذلك البدء السريع في عملية إعادة الإعمار.

ضحايا درنة ما زالوا في قاع البحر والمسؤولون يتقاذفون الاتهامات

 

العرفي: فرص العثور على ناجين أصبحت أمراً شبه مستحيل

وأوضح العرفي لـ”أخبار الآن” أنّ “فرص العثور على ناجين أصبحت أمراً شبه مستحيل، بالتالي يتمّ التركيز الآن على البحر، فميناء درنة يقع بين المدينة والطريق المزدوج، وبالتالي ليس هناك من شاطئ في درنة، فثمّة مياه عميقة يصل عمقها إلى أكثر من 12 متراً، ومن هنا فإنّ كلّ ما يسقط في ذلك الجرف العميق يكون مصيره مجهولاً.

وأضاف: “لا بدّ من البحث والوصول إلى حصيلة نهائية، إذ أنّ أرقام الوفيات التي أعلنت عنها الأمم المتحدة والمنظمات الدولية تبقى غير صحيحة تماماً، لناحية أنّ أعداد الوفيات تجاوزت11 ألف، وبالتالي هي مازالت في متوسط 3300 إلى أن مسح الشاطئ الذي المقابل للمدينة، ونحن نعتقد أن الكثير من الأشخاص توفّوا في سياراتهم التي جرفتها السيول، ولم يتمكن البحر من قذفهم إلى الشاطىء. فبعد إنهاء عملية المسح والبحث، يمكننا أن نعلن الرقم الصحيح”.

وكان مئات الليبيين الغاضبين نظموا، مساء الاثنين الماضي، احتجاجات في مدينة درنة للتعبير عن غضبهم، مطالبين بمحاسبة المسؤولين بعد أكثر من أسبوع على مقتل وفقدان الآلاف من سكان المدينة في سيول وفيضانات أتت على أحياء بأكملها وجرفت أسراً وعائلات برمتها إلى البحر .

ضحايا درنة ما زالوا في قاع البحر والمسؤولون يتقاذفون الاتهامات

احتجاجات خارج مسجد الصحابة في درنة للمطالبة بمحاسبة المسؤولين عن كارثة الفيضانات – Reuters

وفي معرض ردّه على الجهات التي تتحمل مسؤولية تلك الكارثة، قال العرفي لـ”أخبار الآن“: “حتّى لو أردنا أن نتحدث عن رئيس مجلس النواب عقيلة صالح، فعميد البلدية عبد المنعم الغيثي محسوب عليه بحكم أنّه من قبيلته… ورغم أن له حضوراً في مدينة درنة، إلّا أنهم كانوا رافضين في الأساس تكليف الغيثي في رئاسة المجلس التسييري، وكانت هناك مطالبات من أهالي المدينة في انتخاب مجلس بلدي جديد، وقاموا بإعداد القوائم وتمّت الانتخابات في درنة، لكن من دون التمكّن من تشكيل المجلس البلدي الجديد، وهم يرون أنّ رئيس مجلس النواب عقيلة صالح يدعم بقاء الغيثي”. وأوضح: “لا بدّ من الإشارة إلى أنّ صندوق أعمال درنة رصدت له 400 مليون دينار، فأين ذهبت؟ كيف تمّ إقفال قضية السد؟

ضحايا درنة ما زالوا في قاع البحر والمسؤولون يتقاذفون الاتهامات

جثث ملقاة على الرصيف بعدما كان تمّ تجميعها في مدينة درنة – Reuters

وأضاف: “هناك تقارير من الخبراء يعود تاريخها للعام 2002، وأعطي السد العام 2009 أو 2020 إلى شركة أجنبية وتم رصد لها 44 مليون يورو، لم تتمكن من فعل شيء بشأن السد، وبالتالي أين ذهبت تلك الأموال؟ أيضاً أعدّت دراسة وتقارير العام 2021 ورصدت مبالغ لترميم هذا الس، وحتى إقامة سد جديد، بالتالي أيضاً لا نعرف أين ذهبت تلك المبالغ”. واعتبر أنّ ثمّة مسؤولية تقع على رئيس الحكومة والمجلس البلدي، والذي كان عليهما استباق حصول الكارثة”، مشيراً إلى أّن رئيس مجلس النواب ايضاً لا يمتلك عصا سحرية”.

شاهدوا أيضاً: فيضانات درنة.. كشفت الفساد الحكومي والإهمال التي تعاني منه ليبيا