ما هي أهمية بورتسودان بالنسبة للصراع في السودان؟
يتصاعد القلق في السودان من فتح احتمالات تفجر الأوضاع في مدينة بورتسودان شرق البلاد، بعد اندلاع اشتباكات مسلحة محدودة، بين الجيش السوداني ومليشيا مسلحة، في المدينة الاستراتيجية.
وكانت اشتباكات قد وقعت بين الجيش ومليشيا تتبع للقائد القبلي شيبة ضرار، وذلك بعد أن حاول عناصر من المليشيا إقامة حواجز في وسط المدينة لتفتيش سيارات الإغاثة التي ترد للسودان عبر موانئ على البحر الأحمر، وذلك بحجة أنّ بعضها لا يحمل أوراقاً رسمية، عدا عن حجز بعض السيارات.
وأثارت هذه الحادثة غضب الجيش الذي هاجم تلك الحواجز وسط تبادل لإطلاق النار استمر لدقائق، ما أثار هلع المواطنين، قبل أن يعود الهدوء إلى المدينة في بقية ساعات الليل، وتعود الأوضاع لطبيعتها بالكامل.
من جهته قال اللواء محمد عبدالواحد المتخصص في الأمن القومي والشؤون الإفريقية، إن الحرب في السودان ستخلف عددا من المشاكل الكبيرة وهناك مستفيدين من الحرب ومستغلين للأحداث لتحقيق منافع شخصية.
وأضاف في حواره مع “أخبار الآن”، أن وجود الجيش السواداني في بورتسودان تسبب في إزعاج بعض المستفسدين في المنطقة لذلك حدثت المشاكل.
وأشار عبدالواحد إلى أن الحرب السودانية ضاعفت الانشقاقات الداخلية على أساس عرقي وطائفي ومناطقي ورسخت لفكرة انقسام الدولة وهذا مؤشر خطير وعلى المجلس السيادي احتواء هذه الاشكالية وحصر السلاح بيد الدولة لينجو السودان من التقسيم.
قرب انتهاء الحرب
قال عبدالواحد إنه لا توجد مؤشرات أو بوادر لقرب انتهاء الحرب في ظل وجود تحديات أبرزها أن كلا الطرفين يريد أن يحول الصراع إلى معادلة صفرية والتخلص من الطرف الآخر. كما أنهما يعتقدان أن هذا الطريق الوحيد للسيطرة على السلطة، بالإضافة إلى وجود تدخلات إقليمية ودولية تغذي هذا الصراع وهناك تدخلات خارجية خبيثة ستؤدي إلى تقسيم السودان.
وتوقع الخبير العسكري، استمرار الحرب في ظل الدعم الخارجي السلاح المتدفق، وهناك سيناريوهات لاتساع المعارك وانتقالها من مكان إلى آخر.
بداية الأزمة
الاشتباكات اندلعت بعدما أقامت ميليشيا يتزعمها القيادي في قبيلة البجا، شيبة ضرار، نقطة تفتيش “غير رسمية” وسط بورتسودان، لتتدخل إثرها قوات الجيش وتدور اشتباكات وإطلاق نار.
وكان المسؤول الإعلامي بمكتب صندوق الأمم المتحدة للسكان في السودان، سفيان عبد المعطي، قد ذكر في تصريحات للحرة، أن منظمته انتقلت إلى العمل من المدينة، في أعقاب القتال الدائر في الخرطوم.
قبائل البجا
يقود ضرار مجموعة مسلحة من قبيلة البجا شرقي السودان، والتي اشتكت من التهميش. وطالما نفذ السكان في المنطقة إضرابات، وهددوا بمنع حركة الملاحة من الموانئ.
وقال في تصريحات عقب الاشتباكات، إن الدافع وراء إقامة النقطة الأمنية كان “مواجهة عمليات تهريب في المنطقة، بعدما تعرضت قواته أيضًا لإطلاق نار من قبل مهربين”.
وأكد الرجل أيضًا على “دعمه القوات المسلحة السودانية، التي تقاتل في الخرطوم، لا المتواجدين هنا (بورتسودان) في الغرف المغلقة”.
أهمية بورتسودان
مدينة بورتسودان باتت تشكل مقرا بديلا للحكومة السودانية منذ الأسابيع الأولى لاندلاع المعارك بين الجيش وقوات الدعم السريع، كما انتقلت إليها بعض البعثات الدبلوماسية والمنظمات الإنسانية.
تبعد نحو 800 كيلومتر عن الخرطوم، وهي ثاني أكبر مدن السودان وأكثرها أهمية اقتصادية، حيث تعد البوابة البحرية الأكبر للبلاد بمينائها الذي يعد منفذا رئيسيا لاستيراد السلع الإستراتيجية وتصدير نفط دولة جنوب السودان.
تحولت المدينة المطلة على البحر الأحمر إلى مقر للحكومة السودانية منذ أيار/مايو الماضي، وبقيت بمنأى عن أعمال العنف والقتال المتركز في العاصمة الخرطوم وضواحيها وإقليم دارفور غربي البلاد.
وبعد تأمين المدينة بشكل كامل انتقلت إليها بعثات دبلوماسية دولية ومنظمات إنسانية، وتحولت إلى ملاذ آمن للأجانب الراغبين في مغادرة السودان، سواء بالبحر عبر ميناء المدنية أو كان جوا عبر مطارها.
ومع توسع رقعة القتال وتقطع السبل أمام السودانيين، شكلت بورتسودان إحدى محطات النزوح الداخلي للفارين من الخرطوم ومدن مجاورة.