أين يمكن توقيف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين؟
أصدرت المحكمة الجنائية الدولية مذكرة توقيف بحق الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بتهمة ارتكاب جريمة حرب في أوكرانيا، في وقت سابق من هذا العام.
فما قيمة هذه المذكرة؟ وهل يمكن جلب بوتين إلى لاهاي لمحاكمته؟ والكثير من الأسئلة المطروحة في هذا الصدد.
“أخبار الآن” أجرت مقابلة مع المحامية السابقة في المحكمة الجنائية الدولية ديالا شحادة للإجابة عن كل التساؤلات الخاصة بهذا الملف.
وقالت شحادة إن: “المحكمة الجنائية الدولية منشأة باتفاقية مستقلة والدول المصادقة عليها ناهزت 130 دولة وبالتالي سلطة الجنائية الدولية صالحة للتطبيق في جميع هذه الدول”.
وتابعت: “ليس هناك اعتبار للجنائية الدولية بالنسبة للحصانات وهذا واضح في ديباجة النظام الأساسي لروما المنشئ للمحكمة، كما أن للمحكمة السلطة على أي أشخاص مهما كانت مناصبهم يشتبه بارتكابهم لجرائم خاضعة لاختصاصها والقصد وقوع الجرائم بعد 2002، وأيضاً نوع هذه الجرائم، والأهم هو الاختصاص المكاني الإقليمي وتعني أن تكون وقعت في أراضي دولة طرف، أو ارتكبت من قبل أشخاص هم مواطنون في دولة طرف”.
وأوضحت: “بالنسبة للملف الروسي فطالما أن الجرائم وقعت في دولة أعلنت قبولها باختصاص الجنائية الدولية وهي أوكرانيا فإن اختصاص المحكمة منعقد لجهة أي أشخاص من الجنسية الروسية مشتبه بارتكابهم لجرائم في أوكرانيا”.
ولفتت إلى أن “القبض على أي شخص يتوقف على السياسة خصوصاً لأن السياسيين هم من يأمرون الأجهزة الأمنية بالتحرك لتنفيذ قرارات قضائية ذات أبعاد سياسية، ولو أن الرئيس الروسي الصادرة بحقه مذكرة توقيف، يدخل إلى دولة قيادتها مستعدة للمواجهة لجهة تنفيذ مذكرة التوقيف وأبعاد ذلك وتداعياته السياسية فهذا ممكن بهذا المنطق، أما إذا كان السؤال هل يوجد دولة طرف في الجنائية الدولية جاهزة من أجل تنفيذ أمر قبض صادر عن هذه المحكمة بحق شخص نافذ بمستوى رئيس دولة روسيا، جواب هذا السؤال يبقى سياسياً ومحكوماً بظروف هذه الدولة أو تلك”.
وأردفت: “القضية التي رفعت حتى الآن تتعلق بنقل قسري جماعي لأطفال في ميتم كان موجود ضمن أوكرانيا، وتمت انتهاكات جسيمة أخرى حصلت في أوكرانيا ما تزال التحقيقات مستمرة بشأنها، من مقابر جماعية، والقتل للأسرى، والاستهداف المباشر للمدنيين.. ومن أجل أن يتوجه مكتب الادعاء بطلب لفتح قضية جديدة بإحدى هذه الجرائم لا بد أن يجمع الأدلة الكافية ليكون طلبه قائماً”.
وبيـّنت المحامية، أن “للجنائية الدولية بالفعل اختصاص على الجرائم الواقعة في ليبيا ولكن لم تحصل محاكمات حتى الآن بسبب خلاف بين المحكمة الجنائية الدولية والحكومة الليبية لجهة تسليم الأشخاص المطلوبين حيث ارتأت الحكومة الليبية إجراء محاكمات بنفسها، وانتهى الأمر بفرار سيف الإسلام القذافي على سبيل المثال”.
وأضافت: “عند تحقيق المحكمة في ملف من الملفات مثل ملف أوكرانيا، فيما لو وجدت خلال التحقيق أدلة على ارتكاب الجرائم في دولة أخرى تخضع أيضاً الجرائم فيها لاختصاص المحكمة يمكن مشاركة هذه المعلومات مع المحققين الخاصين، للبحث عن أساس معقول لطلب فتح قضية جديدة”.
وتابعت المحامية شحادة: “يجب لفت النظر إلى جريمة العدوان التي تحققت عناصرها بالفعل في حالة الملف الأوكراني، فلن يكون صعباً على مكتب الادعاء طلب فتح دعوى جديدة وتوجيه أصابع الاتهام لأعلى المراكز بما في ذلك الرئيس الروسي في جريمة العدوان التي تقتصر عناصرها البسيطة على وجود أدلة على قيام حكومة دولة بتوجيه أو دعم عمليات عسكرية داخل دولة أخرى خلافاً لإرادة هذه الدولة وضد سياستها”.
وواصلت القول: “إذا وجد مكتب الادعاء في الجنائية الدولية أدلة عن مجموعة فاغنر لجهة انتهاكها للقوانين الدولية، فيمكن طلب توجيه اتهامات في زعامة هذه المجموعات ولأشخاص يدعمون هذه المجموعة، متى ما توفرت الأدلة المعقولة لمكتب الادعاء للبدء بهذه المحاكمة”.
وذكرت المحامية شحادة أن “الزعماء على وجه الخصوص في الأنظمة القعمية، إلى الاعتقاد إلى أنهم عصيون على العقاب، ولكنت التاريخ علمنا بأن زعماء كثيرون كانت لهم مواقف معروفة من ملاحقات قضائية من هذا النوع ومنهم الرئيس السوداني السابق عمر البشير، خسروا الحصانة السياسية الداخلية التي كانوا يتمتعون بها والتي جعلتهم محصنين داخل دولهم، وفي الدول الحليفة، وما أريد قوله ليس هناك زعيم سيستمر للأبد، وأهمية إجراءات الجنائية الدولية أنها لا تسقط بالتقادم، وسيأتي يوماً يرى فيه بوتين نفسه خارج منصب الرئاسة وأمام تهم الجنائية الدولية، وسيكثر خصومه السياسيون، ويتعاونون على الأغلب لتسليمه إلى المحكمة الجنائية الدولية، كما رأينا مع زعماء سابقين في ليبيريا وسيراليون وغيرها”.
هوفمانسكي على قائمة المطلوبين
وكانت قد أضافت روسيا الاثنين، رئيس المحكمة الجنائية الدولية البولندي بيوتر هوفمانسكي إلى قائمة الأشخاص الملاحقين لديها، من دون تحديد السبب.
وقالت وزارة الداخلية في قاعدة بياناتها الخاصة بالأشخاص المطلوبين، بحسب وكالتي تاس وريا نوفوستي للأنباء، إنه “مطلوب على خلفية تحقيق جنائي”.
وكانت المحكمة الجنائية الدولية قد أصدرت من جهتها مذكرة توقيف في الربيع تستهدف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والمفوضة الروسية لشؤون الطفولة ماريا لفوفا-بيلوفا لاتهامهما بالاضطلاع بدور في ترحيل أطفال من أوكرانيا، وهو ما تنفيه موسكو بشدّة.
على الرّغم من أن روسيا ليست عضوًا في المحكمة الجنائية الدولية، تُعرقل مذكرة التوقيف الدولية هذه في حق بوتين تحرّكاته الدولية، فاضطر مثلًا إلى عدم المشاركة في قمة في جنوب إفريقيا في آب/أغسطس المنصرم.
ومنتصف أيار/مايو، أدرجت وزارة الداخلية الروسية المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان على قائمة الأشخاص الملاحقين في روسيا.