قاسم سليماني.. تمثال رمزي يفتح باب التساؤلات
أعلن الاتحاد الآسيوي لكرة القدم إلغاء مباراة سيباهان الإيراني والاتحاد السعودي في دوري أبطال آسيا، بسبب “ظروف غير متوقعة” الإثنين، بينما ذكرت تقارير أن لاعبي الفريق السعودي رفضوا مغادرة غرفة تغيير الملابس، بسبب وضع تمثال للجنرال الإيراني الراحل قاسم سليماني عند مدخل الملعب.
وأظهرت صور من الملعب نشرت عبر وسائل التواصل الاجتماعي تمثالاً نصفيًا لسليماني وضع عند مدخل الملعب، وكان على مرأى ومسمع من اللاعبين عند خروجهم من النفق.
وذكر مصدر في نادي الاتحاد لوكالة الأنباء الفرنسية، أن إداريي النادي السعودي استاؤوا من وجود تمثال نصفي داخل الملعب، للجنرال الإيراني قاسم سليماني، الذي قُتِلَ في ضربة أمريكية في العراق عام 2020.
ونقلت وكالة إيسنا الإيرانية عن نادي سيباهان، أن المباراة ألغيت بعد قرار من الحكم، وأوضح: “سنجهز شكوى حول الحادثة، ونقدمها للاتحاد الآسيوي لكرة القدم”.
وقال الاتحاد الآسيوي عبر موقعه الرسمي: “تم إلغاء المباراة في دوري أبطال آسيا 2023-2024 ضمن المجموعة الثالثة، التي كان من المقرر أن تجمع بين سيباهان الإيراني والاتحاد السعودي على ستاد نقش جاهان في أصفهان مساء يوم الإثنين، وذلك بسبب ظروف غير متوقعة”.
وشدد الاتحاد الآسيوي لكرة القدم على التزامه بضمان أمن وسلامة اللاعبين والمسؤولين والجماهير وكل أطراف اللعبة. وسوف تتم إحالة الأمر إلى اللجان المعنية.
ما هي الأهمية الرمزية لقاسم سليماني؟
كان سليماني قائد فيلق القدس وحدة النخبة المكلفة العمليات الخارجية للحرس الثوري، ومهندس استراتيجية إيران في المنطقة.
ولا يُنظر إلى سليماني على أنه مجرد قائد لفيلق القدس وجنرال عسكري، بل كان مسؤولاً عن نشر الأجندة الإيرانية في الشرق الأوسط.
وكان قاسم سليماني يوصف بأنه أقوى شخصية في إيران، بعد المرشد الإيراني، وكان سليماني العقل المدبر لأنشطة إيران في الشرق الأوسط.
واُعتبر سليماني وزير خارجية إيران الفعلي فيما يتعلق بشؤون الحرب والسلام، كما يُنظر إليه على أنه المسؤول عن صعود الميليشيات المسلحة الموالية لإيران في العراق أيضًا.
وكان سليماني يتمتع بلا أدنى شك بشعبية كبيرة، وفي تشرين الأول/أكتوبر أكد معهد الدراسات الدولية والأمنية في جامعة ميريلاند (الولايات المتحدة) أنه كان حتى الشخصية الأكثر تقديرًا في البلاد مع تأييد ثمانية أشخاص من أصل عشرة لشخصه.
وحتى قبل اغتياله أطلق المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي على سليماني اسم “الشهيد الحي”، وهو ينظر إليه في بلاده كبطل عسكري.
تأثير يمتد بعد وفاته
ومن المؤكد أن سليماني كان يحمل راية التدخل الإيراني الإقليمي، والمسؤول عن محاولات تصدير الأجندة الإيرانية في الشرق الأوسط ومناطق أخرى، وكذلك محاولتها نشر التلقين الطائفي على نطاق واسع.
وحتى بعد وفاته، استخدم النظام الإيراني ذكرى سليماني في جهود التلقين العقائدي العالمية من باكستان إلى تنزانيا.
وفي مقدمة العلامات على ذلك، يأتي نشيد “سلام فرمانده” (سلام أيها القائد)، الذي أُطلق في ربيع 2022 بناءً على فكرة للمرشد الأعلى للثورة الإيرانية علي خامنئي. وتم تصدير هذا النشيد إلى العالم وبالأخص التجمعات الشيعية.
ويستهدف نشيد “سلام فرمانده” جمهور الأطفال تحديدًا، والذين يشكلون النواة الأساسية للمشروع الإيراني المستقبلي، حيث يسعى نظام طهران إلى تأسيس جيلي متشبع بأجندته بشكل كامل.
والنشيد يطرح أمام جيل الأطفال بلغاتهم ولهجاتهم المختلفة فكرة انتظار “المهدي” مع ربطها بالزعيم الإيراني علي خامنئي، وكذلك ربطها مع مجموعة من القادة الإيرانيين سواء الأحياء أو الموتى ومن بينهم سليماني، بهدف اختراق عقولهم والسيطرة عليهم منذ صغرهم.
ومع انتشاره الكبير والحملة الترويجية الضخمة التي صاحبته، تم ترجمة النشيد الذي يأتي باللغة الفارسية إلى لغات عديدة حول العالم، من الإنجليزية إلى العربية والأردية ولغات أخرى مثل التركية، التركمانية، الأذرية، السواحلية، والروسية، حتى تصل معانيه إلى أكبر عدد ممكن.
وتشير بعض الأسماء المذكورة في النشيد، كقادة كبار، إلى شخصيات من بينها قاسم سليماني، ما يبرهن على مدى الرمزية التي يتمتع بها لدى النظام الإيراني، بل والمشروع الإيراني بالكامل، وما يفسر الجدل الكبير الذي يرافق ذكره دائمًا، وما يمثله لنظام طهران والحرس الثوري.