أزمة السودان بدأت في منتصف أبريل الماضي
تستأنف المفاوضات بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، طرفا الحرب الدائرة في السودان منذ أكثر من ستة أشهر، برعاية أمريكية-سعودية في جدة، بحسب ما أعلن الجانبان الأربعاء.
ومنذ 15 نيسان/ أبريل، أدى النزاع بين الجيش بقيادة عبدالفتاح البرهان ونائبه السابق قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو إلى سقوط أكثر من تسعة آلاف قتيل، وفق حصيلة للأمم المتحدة، ونزوح أكثر من 5،6 مليون شخص داخل البلاد أو إلى دول مجاورة.
ولم تنجح حتى الآن كل محاولات الوساطة، بما فيها الأمريكية-السعودية، في إحراز أي تقدم على طريق وقف الحرب، وأقصى ما توصلت اليه هو فترات وقف إطلاق نار قصيرة.
من ناحيتها، أعلنت قوات الدعم السريع، مشاركتها في المفاوضات التي تعقد في جدة، لإنهاء الصراع المستمر منذ أكثر من 6 أشهر.
وقالت قوات الدعم السريع، التي يرأسها محمد حمدان دقلو “حميدتي”، على حسابها بمنصة “إكس”، إن مشاركتها تأتي “تقديراً للظروف القاسية التي يعيشها الشعب السوداني جراء الحرب (..) ورغبة من قوات الدعم السريع في رفع المعاناة عن كاهل شعبنا، وتسهيل وصول المساعدات الإنسانية للمدنيين، وتلبية لدعوة المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة الأمريكية لاستئناف التفاوض.
وأشارت إلى أن وفدها وصل إلى مدينة جدة السعودية ودعت “الطرف الآخر” (قوات الجيش) للتحلي بالمصداقية والواقعية والإرادة في الوصول إلى حل يوقف الحرب وينهي معاناة الشعب السوداني.
وقالت “نأمل أيضاً أن يكون وفد الطرف الآخر قد جاء إلى جدة موحداً ومستقلاً برأيه عن إملاءات حزب المؤتمر الوطني، كما نأمل أن يملك التفويض اللازم للحديث باسم القوات المسلحة لا عن أجندة الفلول، من أجل مناقشة قضايا شعبنا المتطلع لبناء دولة جديدة على هدي الديمقراطية والسلام المستدام والمساواة”.
تقديراً للظروف القاسية التي يعيشها الشعب السوداني جراء الحرب التي أشعلها فلول النظام البائد وعناصرهم في قيادة القوات المسلحة، ورغبة من قوات الدعم السريع في رفع المعاناة عن كاهل شعبنا، وتسهيل وصول المساعدات الإنسانية للمدنيين، وتلبية لدعوة المملكة العربية السعودية والولايات…
— Rapid Support Forces – قوات الدعم السريع (@RSFSudan) October 25, 2023
وكانت قوات الجيش السوداني قد أعلنت الأربعاء، قبول دعوة السعودية لاستئناف العملية التفاوضية مع قوات الدعم السريع.
وأكد الجيش السوداني في بيانه أنه “استجابة لدعوة كريمة من دولتي الوساطة بمنبر جدة (المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة الأمريكية) باستئناف العملية التفاوضية مع ميليشيا الدعم السريع المتمردة، وإيمانا من القوات المسلحة السودانية بأن التفاوض من الوسائل التي ربما تنهي الحرب، قبلنا الدعوة بالذهاب إلي جدة”.
وأكد الجيش السوداني أن قبوله الدعوة يأتي “إيمانا من القوات المسلحة السودانية بأن التفاوض من الوسائل التي ربما تنهي الحرب”.
وشدد الجيش على أن “استئناف التفاوض لا يعني توقف معركة الكرامة الوطنية”.
وأعرب عن أمله في أن تلتزم قوات الدعم السريع “هذه المرة بما تم الاتفاق عليه سابقا”، لافتا إلى أن “استئناف التفاوض لا يعني توقف معركة الكرامة الوطنية، فالقضاء على المتمردين ودحرهم هو هدف الشعب السوداني والقوات المسلحة السودانية وهي ملتزمة بهذا الهدف لوضع البلاد في مسارها الصحيح”.
“لا استراحة” من إراقة الدماء
وتعتبر الأمم المتحدة أن الحرب في السودان، أحد “أسوأ الكوابيس الانسانية في التاريخ المعاصر” وهي تحقق في احتمال وقوع “ابادة جماعية” في دارفور خلال الشهور الأخيرة.
وتسببت الحرب في السودان بتدمير البنية التحتية المترهلة أساسا وإقفال 80% من مستشفيات البلاد ودفع الملايين إلى حافة الجوع.
ويحتاج أكثر من نصف السكان إلى مساعدات إنسانية للبقاء على قيد الحياة، وفق الأمم المتحدة.
ويتعرض ملايين الأطفال لأمراض مختلفة، مثل الكوليرا وحمى الضنك والحصبة والملاريا، في حين يواجه النظام الصحي ضغوطا كبيرة بسبب الهجمات والقتال، حسب منظمة الصحة العالمية ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف).
وقال منسق الشؤون الإنسانية في الأمم المتحدة مارتن غريفيث “على مدى ستة أشهر، لم ينعم المدنيون — خاصة في الخرطوم ودارفور وكردفان — باستراحة من إراقة الدماء والترويع”.
وفي غرب دارفور، دفعت الهجمات التي تشنها قوات الدعم السريع والميليشيات المتحالفة معها بدوافع اتنية بالمحكمة الجنائية الدولية إلى فتح تحقيق بجرائم حرب محتملة.
ووفقا للأمم المتحدة، فإن السودان يمثل الآن أكبر أزمة نزوح داخلي في العالم، حيث اضطر أكثر من 7,1 مليون شخص داخل البلاد إلى ترك منازلهم.
وأضاف غريفيث من الأمم المتحدة أنه بعد مرور ستة أشهر على النزاع “تنهار الخدمات الأساسية” و”لا يزال عمال الإغاثة يواجهون عقبات في الوصول إلى الأشخاص الذين يحتاجون المساعدة”.
وتشير توقعات جامعة جونز هوبكنز الأمريكية إلى أن “ما لا يقل عن 10 آلاف طفل دون سن الخامسة قد يواجهون الموت بحلول نهاية عام 2023”.
وقبل عامين، قاد البرهان ودقلو انقلابا في 25 تشرين الأول/أكتوبر 2021 عرقل عملية الانتقال إلى الحكم المدني في البلاد، لكنهما بعد ذلك دخلا في صراع على السلطة تحول إلى حرب شاملة في 15 نيسان/أبريل.
وحضت الولايات المتحدة على العودة إلى المسار الديموقراطي، لكنها لم توجه دعوات إلى مدنيين للمشاركة في مفاوضات جدة.
وقال مسؤول أمريكي آخر “إنهم بحاجة إلى مزيد من الوقت للاستعداد وتنظيم أنفسهم داخليا”.