آلاف المدنيين عالقون في مستشفيات غزة
- تتعرّض مناطق مختلفة في قطاع غزة لقصف إسرائيلي
- ارتفاع حصيلة القتلى في غزة إلى 11 الفا و180 فلسطينيًا
كشفت صور الأقمار الصناعية التي وفرتها شركة “ماكسار” الأمريكية، حجم الدمار في المستشفيات في قطاع غزة، فيما تتواصل عمليات القصف والمعارك في محيط المستشفيات الأحد بين حركة حماس، والجيش الإسرائيلي الذي يحاول التوغل في أحياء شمال القطاع، ما يهدّد حياة آلاف العالقين في مرافق صحية واضطر مستشفيات أخرى لإجلاء المرضى الذين صاروا “في الشوارع دون رعاية طبية”، بحسب مسؤول محلي.
وتتعرّض مناطق أخرى في قطاع غزة لقصف إسرائيلي، بعضها في الجنوب حيث وصل عشرات آلاف الفلسطينيين خلال الأيام الماضية، ويصعب عليهم كما على من وصل قبلهم، إيجاد مأوى وغذاء ودواء وماء للشرب أو للاستحمام في ظل الحصار المطبق الذي تفرضه إسرائيل ردّا على الهجوم غير المسبوق الذي نفذته حركة حماس ضدها في السابع من تشرين الأول/أكتوبر وأودى بنحو 1200 إسرائيلي.
وفي حصيلة جديدة، أعلنت حكومة حماس الأحد أن 11 الفا و180 فلسطينيا قتلوا في القصف الإسرائيلي المستمر على قطاع غزة، ومن بين القتلى 4609 أطفال و3100 امرأة، فضلا عن إصابة 28 الفا و200 شخص.
وأعلن وكيل وزارة الصحة التابعة لحركة حماس يوسف أبو الريش أن إسرائيل دمّرت “بالكامل مبنى قسم القلب في مستشفى الشفاء”، حيث لا يزال عشرات الآلاف من النازحين والجرحى والمرضى عالقين.
وقال أبو الريش أن “خمسة أطفال رضع” و”سبعة مرضى في العناية المكثفة” توفوا بسبب انقطاع الكهرباء في المستشفى الأكبر في قطاع غزة الذي يتعرض لقصف إسرائيلي مستمر، مضيفا “نتوقع أن يتضاعف عدد الشهداء حتى الصباح”.
وكان المستشفى أعلن أن 39 طفلا رضيعا لا يزالون فيه وأن ممرضين يلجأون إلى التنفس الاصطناعي اليدوي لإبقائهم على قيد الحياة، فيما أشار طبيب في منظمة “أطباء بلا حدود” إلى أن 17 مريضا موجودون في قسم العناية المركزة.
وأكد شهود داخل المستشفى وقوع غارة لم تتمكّن فرانس برس من التحقّق منها بشكل مستقل. ولم يردّ الجيش بعد على طلب التعليق.
وكان الجيش نفى في وقت سابق استهداف المستشفى بشكل متعمد، لكنه كرّر اتهام حماس باستخدام المرافق الطبية مقار لها ولقيادييها وبنيتها العسكرية، وهو ما تنفيه الحركة.
ولفت رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في مقابلة مع قناة “سي إن إن” إلى أنه تم إجلاء حوالى مئة مريض من مستشفى الشفاء.
وكان مدير مجمّع الشفاء محمد أبو سلمية حذّر من أن “الطواقم الطبية عاجزة عن العمل، والجثث بالعشرات لا يمكن التعامل معها أو دفنها”.
وطالب مدير مستشفيات قطاع غزة محمد زقوت “بإنقاذ الأطفال في الحضانات لأن الوقت ينفد لإنقاذ أرواحهم”.
من جهتها، قالت مديرة جمعية العون الطبي للفلسطينيين (ماب) ميلاني وارد “سيارات الإسعاف عاجزة عن الوصول إلى المستشفى، خصوصًا تلك التي لديها المعدات اللازمة لنقل هؤلاء الأطفال، ولا يوجد أي مستشفى لديه القدرة على استقبالهم، لذلك ليس لدينا ما يشير إلى أن عمليات النقل هذه يمكن أن تتم بأمان”.
وأعرب المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبرييسوس عن قلقه الأحد بعد “فقدان الاتصال” مع محاوريه في الشفاء.
وأكد زقوت أن “الإخلاء القسري لمستشفيي النصر والرنتيسي للأطفال أخرج المرضى للشوارع دون رعاية طبية”، مضيفا “فقدنا الاتصال تمامًا بالكادر الطبي بمستشفيي النصر والرنتيسي للأطفال”.
وفي وقت سابق الأحد، تحدث الجيش الإسرائيلي عن فُتح “ممرّ آمن يمكّن السكان المدنيين من الخروج مشيا أو بواسطة سيارات الإسعاف من مستشفيات الشفاء والرنتيسي وناصر”.
اتفاق تبادل محتمل
ويتصاعد الدخان من مناطق عدة في قطاع غزة، كما تظهر صور ومقاطع فيديو لوكالة فرانس برس تسمع فيها أصوات رصاص وانفجارات في اليوم السابع والثلاثين من الحرب.
وتعهدت إسرائيل القضاء على حركة حماس المصنفة إرهابية من الدولة العبرية والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي.
في مدينة بني سهيلا في جنوب قطاع غزة، أفاد مراسل لوكالة فرانس برس عن تدمير عشرات المنازل ومقتل عدد من الأشخاص وإصابة العشرات بجروح في غارة إسرائيلية الأحد.
في الأثناء، تحدث رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في مقابلة مع شبكة “إن بي سي” الأميركية الأحد عن احتمال التوصل إلى اتفاق للإفراج عن رهائن تحتجزهم حركة حماس.
ويقدّر الجيش الإسرائيلي أن أكثر من 240 شخصا اقتيدوا رهائن إلى قطاع غزة بعد هجوم حماس، وبين هؤلاء 30 طفلا على الأقل، وفق وسائل إعلام إسرائيلية.
واعتبر نتنياهو أن الأمور تتقدم بفضل الضغوط العسكرية الإسرائيلية، قائلا “لم نكن قريبين على الإطلاق (من التوصل إلى اتفاق)، حتى بدأنا العمليات البرية. في اللحظة التي بدأنا فيها العمليات البرية، بدأت الأمور تتغير”.
ويخوض الجيش الإسرائيلي معارك شرسة مع مقاتلي حماس في قلب مدينة غزة حيث تتركّز، وفق إسرائيل، قيادة حماس التي يتحصّن مقاتلوها في شبكة أنفاق.
وتقول حركتا حماس والجهاد الإسلامي إنهما تمكنتا من تدمير عدد من الآليات العسكرية الإسرائيلية.
من جهته، قال مسؤول فلسطيني في غزة لوكالة فرانس برس طالبا عدم الكشف عن هويته إن نتنياهو “مسؤول عن تعطيل وإعاقة الوصول لاتفاق مبدئي للإفراج عن عدد من أسرى المقاومة”، مضيفا أن “المقاومة في الميدان لا تتأثر بسير المفاوضات”.
نزوح كثيف
وأعلن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي الأحد، مقتل وإصابة “عدد كبير” من الأشخاص جراء قصف طال مقرا له في مدينة غزة كان قد أخلي من الموظفين تمهيدا لاستقبال النازحين.
وأظهرت مقاطع مصورة لوكالة فرانس برس حفرة في وسط باحة مدرسة تديرها وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “أونروا” في مدينة بيت لاهيا بشمال قطاع غزة.
في الجنوب الذي نزح إليه عشرات آلاف الفلسطينيين بعد إنذارات من الجيش الإسرائيلي، أصبح الوضع الإنساني كارثيا.
وتجلس مئات العائلات على جانبي الطريق ويبدو على أفرادها التعب، ويتصبّب العرق من البعض، وينام أطفال على الأرض بينما يتكئ آخرون على أمهاتهم.
وقال يوسف مهنا الذي نزح من جباليا في شمال القطاع لفرانس برس إلى خان يونس “زوجتي مريضة، وأصبتُ بجروح مع ابنتي حين قُصف منزلٌ مجاور ودمّر منزلنا، ونحن محاصرون منذ 25 يومًا دون أكل ولا شرب ولا شيء”.
أما أم يعقوب أبو جراد (42 عامًا) فنزحت من حي الشجاعية شرق مدينة غزة. وقالت بالم “أبنائي مَرِضوا. لا أجد لهم حتى رغيف خبز. من أين أحضر لهم طعامًا، أشحذ منذ الساعة السادسة صباحًا لأجد لهم ربطة خبز”.
وبحسب بيان عسكري إسرائيلي الأحد، فُتح “ممرّ آمن يمكّن السكان المدنيين من الإخلاء مشيا على الأقدام أو بواسطة سيارات الإسعاف من مستشفيات الشفاء والرنتيسي وناصر”.
وأشار الجيش إلى ممر بالتحديد من “مجمع الشفاء الطبي عن طريق شارع الوحدة ومن ثم إلى طريق صلاح الدين والانتقال إلى جنوب وادي غزة”.
وردت شاينا لو من منظمة “أن آر سي- فلسطين” غير الحكومية “كيف يمكن للجرحى أن يمشوا لكيلومترات من أجل بلوغ مكان آمن؟ “.
وأضافت أنه في حال وصولهم إلى الجنوب، “كل المستشفيات هناك تشكو من نقص”.
وكان الجيش ذكر السبت أن مئتي الف فلسطيني نزحوا خلال ثلاثة أيام من الشمال إلى الجنوب، عبر “ممرات” تفتح يوميا لبعض الوقت.
وأعيد بعد أيام من الإقفال فتح معبر رفح مع مصر، المنفذ الوحيد للقطاع إلى العالم الخارجي.
وخرج الأحد 800 من حاملي جوازات السفر الأجنبية و20 جريحا فلسطينيا من قطاع غزة في اتجاه مصر، وفق ما أكد مسؤولون على الجانب الفلسطيني من المعبر.
وتمرّ كميات محدودة من المساعدات عبر معبر رفح إلى القطاع البالغة مساحته 360 كيلومترا مربعا، والذي يقطن فيه قرابة 2، 4 مليون شخص.
وقامت طائرة عسكرية أردنية بإنزال “مساعدات طبية عاجلة” فوق غزة مخصصة للمستشفى الميداني الأردني، وذلك للمرة الثانية منذ بدء الحرب، وفق ما أعلن الجيش الأردني الأحد.وأكدت إسرائيل تنسيق العملية معها.