استمرار الحرب في غزة وسط مطالبات بوقف إطلاق النار
- تقدّر الأمم المتحدة بأن 2300 شخص ما زالوا في مجمع الشفاء
- بايدن يثير مع أمير قطر الحاجة الملحّة للإفراج عن “كل الرهائن”
أعلنت وزارة الصحة التابعة لحركة حماس الجمعة، وفاة 24 شخصا في مجمع الشفاء الطبي في غزة، خلال يومين بسبب انقطاع الكهرباء، فيما أعلنت إسرائيل أنها ستسمح بدخول شاحنتي وقود يوميا إلى قطاع غزة حيث جددت الأمم المتحدة المطالبة بوقف إنساني لإطلاق النار.
ويأتي ذلك فيما يواصل الجيش الإسرائيلي عملياته العسكرية في القطاع الفلسطيني المحاصر.
وأصبح مستشفى الشفاء، الأكبر في القطاع، محورا للعمليّة العسكريّة التي تنفذها إسرائيل وسط اتهامها حماس باستخدام المستشفى مركزا للقيادة، وهو ما تنفيه الحركة الفلسطينية. واقتحم الجيش المستشفى فجر الأربعاء.
وقالت وزارة الصحة التابعة لحماس إن 24 مريضا توفوا في مجمع الشفاء خلال يومين “لأن المعدات الطبية الحيوية توقفت عن العمل بسبب انقطاع التيار الكهربائي”.
وتقدّر الأمم المتحدة بأن 2300 شخص ما زالوا في مجمع الشفاء، بينهم مرضى وأفراد طواقم طبية ونازحون. وسبق لمدير المستشفى محمد أبو سلمية أن حذّر من أن الوضع في الشفاء “كارثي”.
والجمعة، قال رئيس قسم الجراحة في المستشفى مروان أبو سعدة لوكالة فرانس برس إن جنودا إسرائيليين اصطحبوه معهم إلى الطبقات السفلية للحصول على معلومات بشأن استخدام المعدات الموجودة في القسم.
وأشار “تقدمنا من غرفة لأخرى وكانوا يسالونني عما هي مخصصة له، وقاموا بتفجير شحنات ناسفة” في المكان.
ونفد الوقود لدى معظم مستشفيات غزة ما يحول دون تشغيل مولداتها.
وأتى ذلك بعيد إعلان مستشار الأمن القومي لرئيس الوزراء الإسرائيلي تساحي هنغبي أن مجلس الحرب “وافق بالإجماع على توصية مشتركة للجيش الإسرائيلي والشين بيت (الأمن الداخلي) بالامتثال لطلب الولايات المتحدة والسماح بدخول شاحنتين لوقود الديزل يوميا”.
وذكر المسؤول أن شاحنات الوقود ستمر عبر معبر رفح الحدودي مع مصر من خلال وكالات الأمم المتحدة وصولا إلى السكان المدنيين في جنوب قطاع غزة شرط عدم وصولها إلى حماس.
وذكر مسؤول أمريكي طلب عدم ذكر اسمه أن اتفاق إدخال الوقود ينص على تسليم ما يصل إلى 140 الف لتر كل 48 ساعة، منها 20 الف لتر مخصصة لمولدات الكهرباء للحفاظ على الاتصالات.
ومساء، أعلنت هيئة المعابر في غزة دخول 17 الف لتر وقود للقطاع لضمان تشغيل شبكة الاتصالات المهمة لتنسيق الشؤون الإنسانية.
وكان المفوض العام لمنظمة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) فيليب لازاريني حذّر هذا الأسبوع من أن عمليات الوكالة في القطاع “على وشك الانهيار”.
واندلعت الحرب بين إسرائيل وحماس في أعقاب هجوم غير مسبوق شنّته الحركة على جنوب إسرائيل في السابع من تشرين الأول/أكتوبر، أدى إلى مقتل نحو 1200 شخص غالبيتهم من المدنيين وقضى معظمهم في اليوم الأول للهجوم، وفق السلطات الإسرائيلية.
وتوعدت الدولة العبرية بـ”القضاء” على حماس، وتشنّ حملة قصف جوي ومدفعي كثيف، وبدأت بعمليات برية اعتبارا من 27 تشرين الأول/أكتوبر، ما تسبّب بمقتل أكثر من 12 الف شخص في قطاع غزة غالبيتهم من المدنيين وبينهم خمسة آلاف طفل، وفق أحدث حصيلة أصدرتها حكومة حركة حماس.
إطلاق “كل الرهائن”
في غضون ذلك، لا تزال قضية الرهائن المحتجزين في غزة، وبينهم أجانب، مدار بحث بين عدد من الأطراف. وبحسب الجيش، خطفت حماس نحو 240 رهينة.
وأثار الرئيس الأمريكي جو بايدن مع أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، الحاجة الملحّة للإفراج عن “كل الرهائن” الذين احتجزتهم حماس.
وأوضح البيت الأبيض أن بايدن والشيخ تميم بحثا خلال اتصال هاتفي “الحاجة الملحّة لإطلاق سراح كل الرهائن الذين تحتجزهم حماس من دون أي تأخير”.
وكان بايدن أبدى الأربعاء “تفاؤلًا معتدلًا” بإمكان توصّل إسرائيل وحماس لاتفاق حول إطلاق سراح قسم من الرهائن. وتقود قطر وساطة بين الطرفين في هذا المجال، لم تحقق بعد نتائج ملموسة.
كما جدد منسق الشؤون الإنسانية في الأمم المتحدة مارتن غريفيث الدعوة إلى إطلاق سراح جميع الرهائن المحتجزين في غزة دون شروط.
وكانت السلطات الإسرائيلية ربطت بين مستشفى الشفاء والبحث عن الرهائن.
وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو لشبكة “سي بي أس” التلفزيونية الأمريكية “لدينا مؤشرات قوية على أن الرهائن كانوا محتجزين في مستشفى الشفاء، وهذا أحد الأسباب التي دفعتنا لدخوله. لكن إذا كانوا هنا، فقد نُقلوا إلى مكان آخر”.
وأعلن الجيش الإسرائيلي الجمعة أنه عثر في مبنى محاذ للمستشفى على جثة الجندية نوعاه مارسيانو (19 عاما) التي كانت رهينة لدى حماس وسبق وأعلن مقتلها الثلاثاء.
وكانت حركة حماس نشرت الاثنين، صورة لمارسيانو تظهرها ميتة، مشيرة إلى أنها قتلت في قصف إسرائيلي.
وخطفت مارسيانو من قاعدة ناحل عوز العسكرية قرب قطاع غزة في اليوم الأول من هجوم حماس الدامي على جنوب إسرائيل.
وهي ثاني جثة رهينة يعلن الجيش العثور عليها في قطاع غزة في أقل من 24 ساعة، إذ أعلن مساء الخميس أنه عثر قرب مستشفى الشفاء أيضا على جثة الرهينة يهوديت فايس البالغة 65 عاما، متهما حماس بـ”اغتيالها”.
من جهته، قال أبو عبيدة، المتحدث باسم كتائب عز الدين القسام، الجناح العسكري لحماس، أن الحركة عرضت “اتمام صفقة تبادل منذ بداية المعركة لحل هذه القضية الإنسانية”.
وأضاف في كلمة صوتية متوجها إلى الرأي العام الإسرائيلي “حاولنا ونكافح للحفاظ على حياة أسراكم، فنجحنا أحيانا ولم ننجح في أحيان أخرى بفعل القصف الهمجي لجيشكم”، متابعا “يبدو أن قيادتكم قررت أن تجعل مصير أسراكم الفقد والضياع. أو القتل. أو النسيان والإهمال”.
لا نطلب المستحيل
ونزح أكثر من 1,65 مليون شخص داخل القطاع الذي يعد 2.4 مليون نسمة منذ اندلاع الحرب، خصوصا بعدما أنذر الجيش الإسرائيلي سكان شمال غزة بضرورة النزوح إلى جنوب القطاع.
إلا أن الفلسطينيين لا يزالون يواجهون القصف المتواصل حتى بحال النزوح.
فجر الجمعة، كان مخيم النصيرات وسط القطاع هدفا لقصف نفذه سلاح الجو الإسرائيلي، أدى إلى تدمير سبعة منازل ومبانٍ سكنية، ومقتل 18 شخصا بينهم ثلاثة أطفال، وفق مسؤولين صحيين.
اختبرت ندى أبو حية القصف للمرة الثالثة وهي لم تتجاوز الثامنة من عمرها. وأوضحت لفرانس برس “كنا في بيت سيدي (جدي) بغزة، وقصفوا البيت. بعدها جئنا إلى دير البلح، ضربونا في الدير. بعدها جئنا إلى النصيرات”.
وتابعت “في كل مكان ضرب وقصف (.) ستي ماتت، وأمي ماتت. سيدي استشهد، وعمي يحيى استشهد.قصفوا بيتنا، الدار التي في جوارنا دمروها بالقصف، وكلهم ماتوا”.
وفي ظل الحصار الذي تفرضه الدولة العبرية على القطاع منذ بدء الحرب، لا يجد الآلاف مأوى، كما توجد أزمة إنسانية كبيرة ونقص حاد في المواد الغذائية وانقطاع في مياه الشرب.
في هذا الصدد، جدد غريفيث الجمعة الدعوة إلى “وقف إنساني لإطلاق النار” للسماح بإيصال المساعدات.
وقال أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة “سموها ما شئتم، لكن الطلب بسيط من وجهة نظر إنسانية. أوقفوا القتال للسماح للمدنيين بالتحرك بأمان”.
وتابع نائب الأمين العام للمنظمة الدولية “نحن لا نطلب المستحيل”، مضيفا “إننا نطالب باتخاذ الإجراءات الأساسية اللازمة لتلبية الاحتياجات الأساسية للسكان المدنيين ووقف مسار هذه الأزمة”.
من جانبه، طالب الرئيس الفلسطيني محمود عباس في رام الله خلال استقباله مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل الجمعة “بالضغط على سلطات الاحتلال الإسرائيلي لوقف عدوانها المتواصل على الشعب الفلسطيني، وتسريع إدخال المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة”.
ومع ارتفاع عدد الضحايا، طلبت خمس دول موقعة على معاهدة إنشاء المحكمة الجنائية الدولية إجراء تحقيق بشأن “الوضع في دولة فلسطين”، حسبما أعلن المدعي العام للمحكمة كريم خان مؤكدًا أن مكتبه كان قد فتح تحقيقًا في الوضع.
والتقى خان الجمعة، عائلات للضحايا الإسرائيليين التي تعمل على أن تصدر المحكمة مذكرات توقيف دولية بحق قادة في حركة حماس، وفق ما أكد محاميهم.
مواجهات في الضفة الغربية
وتتواصل المواجهات اليومية والعمليات العسكرية الإسرائيلية في الضفة الغربية المحتلة.
قتل الجمعة، سبعة فلسطينيين برصاص الجيش الإسرائيلي في مدينة جنين وفي مدينة الخليل، بحسب ما أفاد الجيش الإسرائيلي ووزارة الصحة الفلسطينية.
أعلن الجيش الإسرائيلي الجمعة أنه قتل “خمسة إرهابيين على الأقل” في جنين، فيما أعلنت حماس مقتل ثلاثة من مقاتليها.
وقالت وزارة الصحة إن القتلى الثلاثة هم “الشهيد بهاء جمال لحلوح (23 عامًا)والشهيد محمد جمال فلو (28 عامًا)الشهيد محمد عزمي الحسنية (34 عامًا)”.
وشيعت جثامين الثلاثة التي لفت براية حماس الخضراء في المخيم وسط إطلاق نار في الهواء.
كما نقلت وزارة الصحة عن الهيئة العامة للشؤون المدنية “استشهاد محمد كامل عوني أبو ميزر وعبد الرحمن طلال أبو سنينة برصاص الاحتلال صباح الجمعة عند مدخل مدينة الخليل الشمالي”.
وفي الضفة الغربية التي تحتلها إسرائيل منذ العام 1967، قتل أكثر من 190 فلسطينيا في مواجهات مع القوات الإسرائيلية أو المستوطنين منذ السابع من تشرين الأول/أكتوبر، وفق بيانات وزارة الصحة في مدينة رام الله.
على الحدود بين لبنان وإسرائيل، أعلن حزب الله الجمعة شن هجمات على عدد من المواقع وتجمعات جنود على الجانب الإسرائيلي من الحدود، مؤكدا أنه استعمل في إحداها “محلقتين انقضاضيتين هجوميتين”.
وأعلن الجيش الإسرائيلي في بيان قصف “بنى تحتية” و”مراكز قيادة عملياتية” لحزب الله باستعمال مروحيات ومقاتلات.