طارق العنابي يبادر إلى تدريس أطفال نازحين في قطاع غزة
- تدمير 266 مدرسة بشكل جزئي
- 67 مدرسة غير صالحة للاستخدام
رصف مدرّس اللغة الإنكليزية طارق العنابي مقاعد أخرجها من مخزن مدرسة تحوّلت مركزًا لإيواء النازحين في قطاع غزة، وجلس إليها أطفال يحاولون معه استعادة بعضٍ من حياة طبيعية خسروها منذ اندلاع الحرب بين إسرائيل وحماس.
شكّل الأطفال حلقة دائرية حول العنابي الذي اشترى طباشير وممحاة وسبّورات بعدما جمع الأموال من متبرعين، في باحة المدرسة التابعة لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) في مدينة رفح بجنوب قطاع غزة.
في درسهم الأول، طلب الأستاذ البالغ 25 عاما من الأطفال، وهم في المرحلتين الابتدائية والإعدادية، كتابة جمل مثل “أنا أحب فلسطين” باللغة الإنكليزية.
انقلبت حياة العنابي وهؤلاء الأطفال رأسا على عقب مع اندلاع الحرب في السابع من تشرين الأول/أكتوبر، يوم شنّت حركة حماس هجوما مباغتا على بلدات في جنوب إسرائيل، أدى إلى مقتل نحو 1200 شخص معظمهم من المدنيين، قضت غالبيتهم في اليوم الأول، وفق السلطات الإسرائيلية.
وردّت الدولة العبرية منذ ذلك الحين بقصف مكثف على قطاع غزة، وبدأت بتنفيذ عمليات برية اعتبارا من 27 تشرين الأول/أكتوبر، ما أدى إلى مقتل أكثر من 15 الف شخص بينهم أكثر من ستة آلاف طفل، وفقا لحكومة حماس التي تدير القطاع منذ العام 2007.
ومنذ 24 تشرين الثاني/نوفمبر، هدأ دوي القصف مع بدء سريان هدنة موقتة.
أدت الحرب إلى توقف المدارس وانقطاع الطلاب عن التعليم. وأصبحت المرافق التربوية مراكز موقتة لإيواء عشرات الآلاف من الفلسطينيين، من نحو 1.7 مليون شخص اضطروا للنزوح عن منازلهم، خصوصا في شمال غزة حيث تركزت المعارك العسكرية خلال الأسابيع الماضية.
قبل اندلاع الحرب، كان العنابي أستاذا للغة الإنكليزية في مدرسة “الحرية” التابعة للأونروا في منطقة الزيتون بجنوب شرق قطاع غزة. وخلال الهدنة الموقتة، قرر العودة إلى التدريس.
إيصال صوتهم
ويقول الأستاذ ذو اللحية السمراء والذي كان يرتدي سروالا من الجينز وسترة رمادية من الصوف، إن مبادرته شخصية وفردية، مؤكدا أن التعليم في زمن الحرب هو جزء من تحدي مواجهتها.
ويأمل العنابي أن “نساعدهم (الطلاب) أن يوصلوا صوتهم إلى العالم”.
ويضيف “نوفر للتلاميذ سبورات خشبية وممحاة ونحاول أن ندخل البهجة والسرور إلى هؤلاء الأطفال والا ينقطعوا عن الدراسة”.
يقدم الأستاذ دروسه على فترتين، في الصباح وبعد الظهر، ويقول إنه يحاول جلب المزيد من المعلمين لمساعدته وبالتالي توسيع مبادرته التي لاقت إقبالا من الأهالي والتلامذة الذين باتوا نازحين في هذه المدرسة.
وتقول ليان (10 سنوات) التي ارتدت ملابس باللونين الرمادي والزهري “عمو طارق يدرسنا الإنكليزية وعندما أكبر أريد أن أصبح معلمة لغة إنكليزية”.
وتضيف “جئت من مدينة غزة لأن الاحتلال قصف بيتنا في شارع العيون في منطقة النصر. (بتنا) نازحين ننام في هذه المدرسة”.
ودفعت الحرب النازحين إلى افتراش الغرف الصفية في المدارس والممرات التي باتت تشهد تكدسا لهؤلاء مع دخول فصل الشتاء والأجواء الباردة.
حرمان من التعليم
ويقطن قطاع غزة 2.4 مليون نسمة أكثر من نصفهم دون الخامسة عشرة من العمر، وفق أرقام الأمم المتحدة. وفي القطاع الذي تحاصره إسرائيل منذ 2007، يعيش 5.81 بالمئة من السكان وسط فقر مدقع، وتبلغ البطالة 6.46 في المئة.
وتقول حكومة حماس التي تسيطر على القطاع منذ 2007، إن الحرب الحالية التي دخلت في هدنة موقتة اعتبارا من 24 تشرين الثاني/نوفمبر، أدت إلى تدمير 266 مدرسة بشكل جزئي، فيما أصبحت 67 مدرسة غير صالحة للاستخدام.
ويقول المسؤول في المكتب الإعلامي الحكومي في غزة وسام رضوان إن “التعليم أصيب في مقتل بسبب الحرب الإسرائيلية والعدوان على قطاع غزة”.
ويضيف “غالبية المدارس تحولت إلى مراكز لإيواء النازحين وبالتالي تعطلت العملية التعليمية، ما سيحرم مئات آلاف الأطفال من حقهم في التعليم”.
ويشدد على أن “أكثر من 300 الف أسرة في القطاع تضررت منازلها وباتت دون مأوى، ولجأوا للمدارس والمستشفيات والكنائس للاحتماء”.