لمواجهة أزمة المناخ.. 100 مليار دولار قيمة المساهمة السنوية المستهدفة
في قرار وُصف بـ”التاريخي”، تبنّى مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ “COP28” المنعقد في دولة الإمارات، قرار تنفيذ وتفعيل إنشاء صندوق “الخسائر والأضرار” المناخية للتعويض على الدول الأكثر تضررا من أزمة المناخ.
واتُخذ القرار، في اليوم الأول لانعقاد المؤتمر بمدينة إكسبو دبي، واعتُبر خطوة إيجابية في اتجاه تخفيف التوترات المتعلقة بالتمويل بين دول الشمال والجنوب.
وقد وصف مسؤولون مشاركون في المؤتمر هذا القرار بـ”التاريخي”، لأن الإعلان عن هذا الصندوق تم في مؤتمر الأطراف “كوب27” الذي عقد في شرم الشيخ، عام 2022، لكن قرار تشغيله وبدء الإعلان عن تلقيه التبرعات لم يصبح حقيقة إلا في مؤتمر “COP28“ بدولة الإمارات.
The world stands united.
Now is the time to act and deliver a new era for climate action. #COP28 #UniteActDeliver pic.twitter.com/zilh8ceXHi
— COP28 UAE (@COP28_UAE) December 1, 2023
وقال رئيس “COP28” الإماراتي سلطان الجابر، بعد اعتماد قرار “تشغيل” الصندوق: “أهنئ الأطراف على هذا القرار التاريخي. إنه يبعث إشارة زخم إيجابية للعالم ولعملنا”.
ومن الممكن أن يساعد تحقيق انفراجة مبكرة بشأن صندوق الأضرار، الذي طالبت به الدول الفقيرة منذ سنوات، في تمهيد الطريق أمام تسويات أخرى سيتم التوصل إليها خلال القمة التي تستمر أسبوعين.
ما أهداف الصندوق؟
ويهدف الصندوق إلى تقديم الدعم المالي والمعرفي للبلدان الأكثر تضررا من أزمة المناخ. وتشمل الأنشطة التي يمكن أن يدعمها الصندوق ما يلي:
مساعدة الدول على التكيف مع آثار أزمة المناخ، مثل بناء السدود أو الجسور لحماية المجتمعات من ارتفاع مستوى سطح البحر.
تعويض الدول عن الأضرار التي سببها تغير المناخ، مثل فقدان الأراضي أو البنية التحتية.
تمويل البحوث والتطوير في مجال تغير المناخ.
ويُمول الصندوق من خلال مساهمات من الدول، بالإضافة إلى الموارد الأخرى، مثل رسوم الطرود الجوية. وتبلغ قيمة المساهمات السنوية المستهدفة للصندوق 100 مليار دولار.
ومن المأمول أن يؤدي صندوق “الخسائر والأضرار” المناخية إلى تخفيف المعاناة التي يعاني منها الأشخاص في البلدان الأكثر تضررا من تغير المناخ. ومع ذلك، لا يزال هناك الكثير من العمل الذي يتعين القيام به لضمان أن يكون الصندوق فعالا في تحقيق أهدافه.
مساهمات الدول في الصندوق
وبدأت المساهمات المالية الأولى تتدفق في صندوق “الكوارث المناخية”، حيث قال وزير الخارجية الإماراتي، الشيخ عبد الله بن زايد، الخميس إن بلاده ستساهم بمبلغ 100 مليون دولار في ترتيبات صندوق الكوارث المناخية.
نهنىء كافة الأطراف على إطلاق هذا الصندوق المهم لتقديم استجابة فعّالة لتداعيات تغير المناخ… ويسرنا أن نعلن مساهمة دولة #الإمارات 🇦🇪 بمبلغ 100 مليون دولار، وندعو جميع الدول القادرة إلى المساهمة في هذه الجهود وتكريس روح التكاتف بين البشر.
We congratulate all parties on the…
— عبدالله بن زايد (@ABZayed) November 30, 2023
وكتب على منصة التواصل الاجتماعي إكس بعد أن وافق مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ كوب28 رسميا على ترتيبات صندوق الكوارث المناخية “نهنىء كافة الأطراف على إطلاق هذا الصندوق المهم لتقديم استجابة فعالة لتداعيات تغير المناخ… ويسرنا أن نعلن مساهمة دولة الإمارات بمبلغ 100 مليون دولار، وندعو جميع الدول القادرة إلى المساهمة في هذه الجهود وتكريس روح التكاتف بين البشر”.
BREAKING: The UAE is committing $100 million to Loss and Damage, an important milestone in delivering for vulnerable communities and building resilience for people suffering the devastating impacts of climate change.
We encourage leaders to raise ambition and unlock the crucial… pic.twitter.com/1q2jopFuok— COP28 UAE (@COP28_UAE) November 30, 2023
ووفق حساب المؤتمر، ستقدم كندا 16 مليون دولار لمعالجة آثار أزمة المناخ من خلال الخسائر والأضرار.
Canada will provide $16 million to tackle the impacts of the climate crisis through Loss and Damage.
Very encouraged to see the presidency of the #COP28 show leadership to ensure the adoption of the fund yesterday. pic.twitter.com/cu1UoGcbg4
— COP28 UAE (@COP28_UAE) December 1, 2023
وقالت الولايات المتحدة إنها ستسهم بمبلغ 17.5 مليون دولار في صندوق كوارث المناخ، فيما تعهدت اليابان بتقديم 10 ملايين دولار.
وأعلنت بريطانيا أنها ستسهم بما يصل إلى 60 مليون جنيه إسترليني في الصندوق، بينما قالت ألمانيا إنها ستسهم بـ100 مليون دولار في ترتيبات صندوق كوارث المناخ.
ويرى خبراء أن هذه المبالغ لا تزال قليلة جداً مقارنة بعشرات مليارات الدولار الضرورية لتمويل الأضرار المناخية للدول الضعيفة.
ورحبت مادلين ضيوف سار، رئيسة مجموعة الدول الأقل تقدما التي تضم 46 من الدول الأشد فقرا، بالقرار معتبرة أنه يحمل “معنى كبيرا بالنسبة للعدالة المناخية”. لكنها أضافت أن “صندوقا فارغا لا يمكن أن يساعد مواطنينا”، في حين تسجل خسائر بقيمة مئات المليارات جراء التغير المناخي.
وستتيح المساهمات الأولى “تمويل مشاريع تجريبية” واختبار أداء الصندوق “قبل جولة تمويل أكبر خلال سنة أو سنة ونصف”، بعد أن يثبت مصداقيته في عيون الجهات المانحة.
هل المساهمة بالصندوق إلزامية؟
بعد عام من التجاذب، توصلت دول الشمال ودول الجنوب في الرابع من نوفمبر في أبوظبي خلال اجتماع وزاري تمهيدي لكوب28، إلى تسوية بشأن قواعد تشغيل الصندوق الذي يُتوقع أن يتمّ إطلاقه بشكل فعلي العام 2024.
وتمت صياغة الاتفاق على مدى أشهر عديدة من المفاوضات الصعبة التي شملت الدول الغنية والنامية.
وقد رفضت الدول المتقدمة، وفي مقدّمتها الولايات المتحدة، جعل المساهمات إلزامية، ودعت إلى توسيع قاعدة المانحين لتشمل الدول الناشئة الغنية مثل الصين.
ووفق النص المعتمد، سيستضيف البنك الدولي الصندوق مؤقتاً لمدة 4 سنوات، وفي البداية، كانت الدول النامية تعارض ذلك بشدة، وانتقدت البنك لكونه في أيدي الدول الغربية معتبرةً أن ذلك لا يناسب احتياجاتها.
وبحسب بيانات المنظمة العالمية للأرصاد الجوية التابعة للأمم المتحدة خلال الخمسة عقود التي تمتد بين عام 1970 وحتى عام 2021، أبلغ عما يقارب 12 ألف كارثة ناجمة عن ظواهر متطرفة مرتبطة بـ”الطقس والمناخ والماء”.
وتسببت هذه الكوارث بأكثر من مليوني حالة وفاة، أكثر من 90 في المئة منها في دول نامية، وخسائر اقتصادية ناهزت الـ4.3 تريليون دولار، 60 في المئة منها في اقتصادات نامية.
وخلال العقدين الماضيين بلغت تكلفة الأضرار الناتجة عن أزمة التغير المناخي حوالي 16 مليون دولار لكل ساعة عند حدوث كارثة، بحسب ما نقلت صحيفة “الغارديان” عن دراسة نشرتها مجلة “نيتشر”، في أكتوبر الماضي.
وتعتبر هذه الدراسة الأولى التي تحسب تكلفة الأضرار المتزايدة المرتبطة بالاحتباس الحراري، إذ يمكن اعتماد بياناتها من أجل حساب ما يحتاجه صندوق “الخسائر والأضرار” لمساعدة الدول المتضررة.
وخلال الأعوام 2000 وحتى 2019 تشير التقديرات إلى أن متوسط التكلفة السنوية تبلغ حوالي 140 مليار دولار، ولكنه ارتفع في عام 2022 إلى أكثر من 280 مليار دولار.
مفاوضات ماراثونية في “كوب28”
وتستعد الحكومات في “كوب28″، لإجراء مفاوضات ماراثونية على ما إذا كان من الواجب الاتفاق، للمرة الأولى، على التخلص التدريجي من استخدام العالم للفحم والنفط والغاز الذي ينبعث منه ثاني أكسيد الكربون، وهو المصدر الرئيسي للانبعاثات المسببة لظاهرة الاحتباس الحراري.
ومن المهام الرئيسية الأخرى في القمة أن تقوم الدول بتقييم التقدم الذي أحرزته في تحقيق أهداف المناخ العالمية، وعلى رأسها هدف اتفاق باريس المتمثل في الحد من ظاهرة الاحتباس الحراري إلى أقل من درجتين مئويتين.
وقد تسهم الانفراجة المبكرة في إنشاء صندوق الخسائر والأضرار، الذي طالبت به الدول الفقيرة لسنوات، في تمهيد الطريق أمام تسويات أخرى سيجري التوصل إليها خلال القمة.