منذ انتهاء الهدنة.. قصف أكثر من 400 هدف في غزة
كثفت إسرائيل السبت، قصفها على قطاع غزة لليوم الثاني على التوالي بعد انتهاء الهدنة مع حماس، فيما قرر رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو إعادة فريق جهاز الاستخبارات (الموساد) من قطر بعد بلوغ “طريق مسدود” في المفاوضات مع الحركة.
وقال مكتب نتنياهو في بيان: “بعد بلوغ المفاوضات طريقا مسدودا… أمر رئيس الموساد ديفيد بارنياع فريقه الموجود في الدوحة بالعودة إلى إسرائيل”.
ورأى أن “منظمة حماس لم تنفّذ التزاماتها بموجب الاتفاق الذي شمل الإفراج عن جميع الأطفال والنساء المختطفين وفقا لقائمة تم تحويلها إلى حماس وتمت المصادقة عليها من قبلها”.
ميدانيا، أكد الجيش الإسرائيلي السبت، أنه قصف “أكثر من 400 هدف إرهابي” في قطاع غزة، مشيرا الى أن طائراته الحربية ضربت “أكثر من 50 هدفا في هجوم مكثف في منطقة خان يونس”.
وأوضح أنه استهدف “شمال قطاع غزة” بالمدفعية والغارات، وعلى وجه الخصوص “الخلايا الإرهابية” و”المسجد الذي تستخدمه حركة الجهاد الإسلامي كمركز قيادة عملياتي” و”مستودع أسلحة”.
وأعلنت وزارة الصحة التابعة لحركة حماس، السبت، أن القصف الإسرائيلي من البرّ والبحر والجو منذ صباح الجمعة، أدى الى مقتل 240 شخصا على الأقل وإصابة أكثر من 650 آخرين، مشيرة الى أنه تركّز على مدينة خان يونس بجنوب القطاع.
وقالت إن الجيش الإسرائيلي شنّ “مئات الغارات الجوية والقصف المدفعي ومن البوارج والزوارق البحرية الحربية على مناطق قطاع غزة”، لاسيما في خان يونس حيث “دُمرت عشرات البيوت والبنايات السكنية على ساكنيها”.
وفي إسرائيل، أفادت السلطات السبت، عن صدور أكثر من أربعين إنذارا بشأن إطلاق صواريخ على وسط البلاد وجنوبها، من دون تسجيل ضحايا.
وامتدت الهدنة سبعة أيام وأتاحت الإفراج عن 80 رهينة من الإسرائيليين الذين يحمل بعضهم جنسية أخرى، كانوا محتجزين في قطاع غزة، مقابل إطلاق 240 من الأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية. والغالبية العظمى من هؤلاء من النساء والأطفال.
كما أفرجت حماس عن 25 رهينة إضافية من الأجانب لم يشملهم الاتفاق الأساسي.
وسمحت أيام الهدنة بإدخال مزيد من المساعدات الإنسانية الى القطاع عبر معبر رفح الحدودي مع مصر في ظل الحاجات المتزايدة لسكان القطاع البالغ عددهم 2,4 مليون نسمة.
وتتقاذف إسرائيل وحماس المسؤولية عن انتهاء الهدنة وعدم تمديدها، على عكس الرغبة التي أبدتها أطراف الوساطة، قطر ومصر والولايات المتحدة.
وقالت الحركة الجمعة إنها اقترحت “تبادل أسرى” بـ”مسنّين” من الرهائن وأن تُسلّم جثث رهائن إسرائيليين “قُتلوا في القصف الإسرائيلي”.
وأعلن الجيش الإسرائيلي الجمعة، أنه تأكد من وفاة 5 من الرهائن وأبلغ عائلاتهم، قائلا إن الدولة العبرية استعادت جثة أحدهم.
وأعرب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش عن “أسفه العميق” لاستئناف القتال، آملا في “التمكن من تمديد الهدنة”. وقال إن استئناف العمليات العسكرية “يظهر مدى أهمية التوصل إلى وقف إطلاق نار إنساني فعلي”.
بدوره، دعا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون السبت إلى “مضاعفة الجهود للتوصل إلى وقف دائم لإطلاق النار وللإفراج عن جميع الرهائن الذين ما زالوا محتجزين لدى حماس وتزويد سكان غزة بالمساعدات”.
كما حذّر إسرائيل السبت من أن هدفها المعلن بـ”القضاء بالكامل” على حركة حماس قد يجرّ حربا تمتد “عشر سنوات”.
لكن نتنياهو أعلن السبت أن الحرب في قطاع غزة ستتواصل “إلى أن نحقق كامل أهدافها” بما في ذلك إعادة جميع الرهائن الإسرائيليين والقضاء على حماس.
وأفاد في أول مؤتمر صحافي يعقده منذ انقضاء مهلة هدنة استمرت سبعة أيام “استعد جنودنا خلال أيام الهدنة لتحقيق انتصار كامل على حماس”.
أطفال ونساء
ومنذ صباح السبت، بدأت مستشفيات في غزة بتلقي القتلى والمصابين.
وأفاد الطبيب في مستشفى الأهلي العربي فاضل نعيم وكالة فرانس برس عن وصول جثث 30 شخصا على الأقل “بينهم سبعة أطفال وسبع نساء وأربعة من كبار السن، من (حيّي) الزيتون والشجاعية” في مدينة غزة.
من جهته، قال نمر البل (43 عاما) لفرانس برس “قصفوا بيوتنا بالطيران، قصفوا ثلاثة صواريخ دمروا ثلاثة منازل… نقلنا 10 شهداء كلهم أطفال ونساء ولا تزال 13 تحت الانقاض لا يوجد معدات ولا حفار للبحث عن الناجين”.
وتركزت العمليات العسكرية منذ بدء الحرب في شمال القطاع لاسيما مدينة غزة. ولم تسلم المستشفيات من القصف والاقتحام، وبات عدد كبير منها خارج الخدمة، وفق منظمات دولية.
والسبت، أفادت منظمة أطباء بلا حدود عن “تضرر مستشفى العودة حيث لا يزال يعمل زملاؤنا جراء انفجار وقع بعد ساعات قليلة من انتهاء الهدنة”.
وأشارت عبر “إكس” الى أن المستشفى “هو أحد آخر مستشفيات شمال غزة التي لا تزال عاملة بعد أن دمر القصف العشوائي المنطقة”، محذرة من انخفاض “مخزون الإمدادات الطبية في مستشفى العودة إلى مستوى خطير ما يجعله بأمسّ الحاجة إلى الأدوية والمعدات”.
تضرر مستشفى العودة حيث لا يزال يعمل زملاؤنا جراء انفجار وقع بعد ساعات قليلة من انتهاء الهدنة. مستشفى العودة هو أحد آخر مستشفيات شمال غزة التي لا تزال عاملة بعد أن دمر القصف العشوائي المنطقة.
— منظمة أطباء بلا حدود (@msf_arabic) December 2, 2023
وشكّلت المستشفيات مقصدا لآلاف النازحين جراء الحرب في القطاع.
وبعد انتهاء مفاعيل الهدنة الجمعة، نشر الجيش الإسرائيلي خريطة لما أسماها “مناطق الإخلاء” التي يفترض بسكان قطاع غزة مغادرتها، وذلك بعد مطالبة دولية بإنشاء مناطق آمنة، وطلب أميركي بتجنب قتل المدنيين.
وتقسّم الخريطة غزة إلى مئات القطاعات المرقّمة، ونشرت على الموقع الإلكتروني للجيش الذي قال إن الهدف منها تمكين السكان من “إخلاء أماكن محددة حفاظا على سلامتهم إذا لزم الأمر”.
وعلّق مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة (أوتشا) على الخريطة بالقول إن نشرها “لا يحدد الى أين على الناس أن يذهبوا”. وأضاف “من غير الواضح كيف يمكن للذين يقطنون في غزة أن يطّلعوا على الخريطة بلا كهرباء وفي ظل الانقطاع الحالي في الاتصالات”.
وبعث الجيش الإسرائيلي السبت برسائل نصية قصيرة الى سكان مناطق عدة خصوصا الأحياء الشمالية من خان يونس وبلدات قريبة من الحدود مع إسرائيل وسط قطاع غزة، يطلب فيها منهم الرحيل “فورا”.
#عاجل تمهيدًا للمراحل المقبلة من الحرب ينشر جيش الدفاع خريطة مناطق الاخلاء ("البلوكات") في قطاع غزة: تقسيم أرض القطاع على مناطق حسب التقسيم على الأحياء المعروفة من أجل السماح لسكان غزة بالتوجه وفهم التعليمات والانتقال من أماكن معيّنة في حال طلب منهم القيام بذلك حفاظًا على… pic.twitter.com/HsziUyrU2v
— افيخاي ادرعي (@AvichayAdraee) December 1, 2023
قصف إسرائيلي في سوريا
وفي موازاة الحرب في غزة، تواصل التصعيد في الضفة الغربية المحتلة. ونفذت القوات الإسرائيلية عمليات ليلية في مناطق مختلفة، وفق وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا).
وأحصت وزارة الصحة الفلسطينية مقتل زهاء 240 فلسطينيا برصاص الجيش والمستوطنين الإسرائيليين في الضفة الغربية المحتلة منذ اندلاع الحرب في غزة في السابع من تشرين الأول/أكتوبر.
وأعلن الجيش الإسرائيلي السبت أن جنوده قتلوا بالرصاص فلسطينيا عند نقطة تفتيش قرب مدينة نابلس بعد أن “سحب سكينا وبدأ بالتقدم نحوهم”.
على الحدود الشمالية لإسرائيل، استؤنف تبادل إطلاق النار بين الجيش الإسرائيلي وحزب الله اللبناني الذي تربطه علاقة وثيقة بحماس.
وأكد الحزب الجمعة مقتل اثنين من عناصره جراء عمليات قصف إسرائيلي على جنوب لبنان حيث قتل مدني أيضا. وأعلن الحزب شنّ هجمات على مواقع عسكرية إسرائيلية عند الحدود مع لبنان.
الى ذلك، أعلنت وزارة الدفاع السورية أن الجيش الإسرائيلي نفذ ضربات فجر السبت في محيط دمشق.
وقضى أربعة مقاتلين موالين لإيران بالغارات الإسرائيلية التي استهدفت مواقع لحزب الله اللبناني قرب دمشق، وفق المرصد السوري لحقوق الإنسان.
من جهته، أعلن الحرس الثوري الإيراني السبت مقتل اثنين من عناصره في هجوم إسرائيلي في سوريا، مشيرا الى أنهما كانا يؤديان “مهمة استشارية”.
وقال إن “محمد علي عطائي شورجه وبناه تقي زاده استشهدا على يد العدو الصهيوني الغاصب أثناء أدائهما مهمة استشارية لصالح جبهة المقاومة الإسلامية السورية”، من دون تفاصيل.
وتثير حرب غزة مخاوف من اتساع التصعيد ليطال جبهات أخرى في الإقليم، خصوصا بين إسرائيل وحليفتها الولايات المتحدة من جهة، وإيران وأطراف حليفة لها من جهة أخرى.
وأسفر هجوم حماس على جنوب إسرائيل عن نحو 1200 قتيل غالبيتهم مدنيون قضى معظمهم في اليوم الأول للهجوم، حسب السلطات الإسرائيلية.
وأوقع القصف المكثف على غزة حتى الآن أكثر من 15 ألف قتيل، معظمهم مدنيون وبينهم أكثر من ستة آلاف طفل، وفق حكومة حماس.
وفي نيويورك، قالت المديرة العامة لليونيسف كاثرين راسل “إذا استؤنفت أعمال العنف بهذا الحجم وهذه الشدة، يمكننا أن نفترض أن مئات الأطفال الآخرين سيُقتلون ويصابون كل يوم”.
“تحرير جميع” الرهائن
كما تخلل هجوم حماس أخذ نحو 240 رهينة بينهم أجانب من جنوب إسرائيل ونقلهم الى قطاع غزة. ووفق المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي الجمعة، لا يزال “137 رهينة من بينهم 17 من النساء والأطفال” محتجزين في القطاع.
وغداة زيارته إسرائيل قال وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن إن الولايات المتحدة، حليفة الدولة العبرية، ما زالت “تركز” على إطلاق الرهائن.
ودعت قطر المجتمع الدولي إلى التحرك لأن استئناف القصف “يفاقم الكارثة الإنسانية” في غزة.
دخول مساعدات
أتاحت الهدنة فترة هدوء لسكان غزة وسرّعت وتيرة دخول المساعدات. وبعدما توقف الجمعة تدفق المساعدات التي سبق للأمم المتحدة أن قالت إنها غير كافية، أعلنت جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني السبت بدء تسلّم مساعدات.
وكتب الهلال الأحمر عبر “إكس” إن طواقمه “تستلم الآن شاحنات المساعدات عبر معبر رفح من الأشقاء في الهلال الأحمر المصري”.
وكان الهلال الأحمر أكد الجمعة أن الجيش الإسرائيلي أبلغ الجمعية والمنظمات “منع دخول شاحنات المساعدات من الجانب المصري الى قطاع غزة بدءاً من اليوم (الجمعة) وحتى اشعار آخر”.
باتت الاحتياجات هائلة في القطاع الخاضع لحصار إسرائيلي، حيث تعرض أكثر من نصف المساكن لأضرار أو دُمّر ونزح 1,7 مليون شخص بسبب الحرب وفق الأمم المتحدة.
ويشهد الوضع الصحي تدهورا، إذ تحدثت منظمة الصحة العالمية عن وجود 111 ألف إصابة بالتهاب الجهاز التنفسي الحاد و36 ألف حالة إسهال لدى أطفال دون الخامسة بين النازحين في غزة.